تفاصيل اجتماع "عرس قانا" بـ14 كنيسة بالقاهرة والإسكندرية

العدد الأسبوعي



محررة "الفجر" ذهبت لأحدها للفوز بعريس


بدأت الفكرة فى 12 كنيسة بالقاهرة، وكنيستين بالإسكندرية، وكانت كنيسة مارمرقس المعادى صاحبة المبادرة، حيث اعتمد القس باخوميوس كامل، على بعض الخادمات «متطوعات» لتنفيذ الفكرة، تحت إدارة إيزيس حبيب.

ذهبت محررة «الفجر» إلى كنيسة مارمرقس، فى مهمة للبحث عن عريس، فى موعد الاجتماع المعلن عنه بكنائس المعادى، هناك التقت بالمهندس صبرى، أحد المسئولين عن اللقاء، وفى الفيللا المواجهة للكنيسة انتقلنا للطابق العلوى، حيث غرفة كبيرة تتوسطها طاولة بيضاوية ضخمة، التف حولها بعض الحضور من الشبان والشابات، وبينهم دار حديث يبدو أنه استكمال لاجتماعات سابقة، فيما وجهتنى إيزيس حبيب، المسئولة عن الاجتماع بملء استمارة تضمنت المعلومات الأساسية، مثل السن، والمؤهل الدراسى، والدخل الشهرى، والإمكانيات المادية، والطول، والوزن، ولون البشرة، والإجابات على بعض الأسئلة الشخصية، من نوعية مدخن أم لا، هل تخدم بالكنيسة؟ ثم بعض الأسئلة حول مواصفات شريك الحياة المطلوب.

بعد ذلك بدأ اللقاء بصلاة قصيرة، ثم التعارف، حيث يقوم كل شخص بالتعريف بنفسه بشكل واضح، سنه، وعمله، ومؤهله، وكنيسته «كوسيلة للتعريف بالمنطقة التى يسكن بها».

يضم اللقاء حوالى 15 شابا، تتراوح أعمارهم بين 30 وحتى نهاية الأربعينات، و3 فتيات فى نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات، متواضعات الجمال، ومن طبقات اجتماعية تبدو فقيرة، فى حين بدا على غالبية الحضور من الرجال أنهم ينتمون لطبقة اجتماعية متوسطة، وما فوقها، ومن خريجى ما تسمى بكليات القمة، مثل العلوم، والألسن، والصيدلة، وطب الأسنان، والبيطرى، وقلة منهم من خريجى الحقوق، والتربية، أو ما يطلق عليها الكليات الشعبية، بعضهم يعمل بشركات عالمية، والبعض يمتلك مشروعه الخاص، ويبدو أن الظروف المادية ليست سبب تأخر زواج الكثير منهم.

انتقل اللقاء لمرحلة جديدة، حيث توزع ورقة تحمل لكل شخص سؤالا، عليه الإجابة عنه، ثم تبدأ النقاشات كنوع من تقريب المسافات، وتتنوع الأسئلة حول رأيه فى الزواج، وطموحاته فى شريك الحياة، لكن الغريب والصادم أن أفكار الأغلبية كانت معلبة، لا تخرج عن نطاق التوصيف الدينى، ولم تخرج الخبرات الحياتية عن هذا النطاق.

قال أحدهم: أهم شرط فى شريكة حياتى، أن تكون خادمة بالكنيسة، وتواظب على القداسات، وإلا فكيف سأّتمنها على أبنائى، وتوافق الجميع مع هذا الرأى، حتى الفتيات، ثم تدخلت إيزيس لتسأله: هل أنت مواظب على حضور القداسات؟ فأجاب بالطبع لا، فأنا رجل منشغل بعملى، قد أحضر حينما تتاح لى الظروف، لكن دور المرأة هو تربية الأبناء، ولذا يجب أن تكون متدينة.

العيون تتفحص الحضور بعمق، فالجميع يبحث عن نصفه الآخر، فيما حرصت الفتيات على تفحص بعضهن البعض، فى محاولة لاكتشاف الأجمل، ومن لها حظ الفوز بالعريس، خلال ذلك بدا أننى حصلت على عريس، حيث بدأ أحدهم بالتركيز معى، كونى الأقل اهتماما بالذكور المتواجدين، ما يعنى فى رأيه أننى مؤدبة، وعندما حان دورى للحديث قررت طرح أفكار تغير جميع الحسابات، وعنما سئلت عن ما هو الزواج فى رأيى، أجبت بأنه شركة بين اثنين، يقرران العيش معا، وهو قرار فردى لا يصح أن يتدخل فيه الأهل، أو الكنيسة، أنا وحدى من يقرر هل الشخص يصلح لى أم لا.

إجابتى أثارت حفيظة الجميع، ويبدو أننى خسرت العريس المنشود الذى قال لى «دا كلام العالم مش كلام ولاد المسيح»، فيما سعت الفتيات بالمزايدة على رأيى لجذب اهتمام الحضور، الجميع رأى أن الاختيار لابد أن يكون كنسيا، ويكون للأهل دور كبير فيه.

ثم طرح للنقاش معنى الزوجة الصالحة، فاتفق الجميع على أن تكون هادئة ومطيعة ومحتشمة، ولا تصادق سوى أبناء الكنيسة، وتعلى شأن الأسرة أمام طموحاتها المهنية، والغريب أن الفتيات اتفقن أيضا على هذا التوصيف.

وصفت «م،أ» 29 عاما، الحياة بأنها أصبحت رتيبة ومملة، وظروف العمل قلصت الفرصة أمام الفتيات للتعارف، وقالت: أعود من العمل مساء، لأنام حتى أتمكن من الذهاب لعملى مبكرا فى اليوم التالى.

وما إن انتقل الحديث إلى متطلبات الزواج، حتى أكد جميع الذكور أن الفتيات وأسرهن يغالين فى الشروط، خاصة الشبكة التى هى مجرد شكليات، فى حين تمسكت الفتيات بأهميتها قائلات إنها تعبر عن قيمة العريس، وقيمة عروسه فى نظره، وحاولت إحداهن أن تكون أكثر حيادا مؤكدة «الشبكة متهمنيش، لكن والدى بالطبع سيتمسك بها».

وعن عمل الزوجة قال البعض إنه لا يفضل الزوجة العاملة، لأنها ستكون بالقطع مقصرة فى حق أسرتها وأبنائها، فى حين قال آخرون إنها إذا استطاعت التوفيق بين عملها وأسرتها فلا مانع، وحرصت أغلب الفتيات على أن يكن على الحياد فى تلك النقطة، قائلات إنه لا شيء أهم من الأسرة يسعين لأن تكون كنيسة صغيرة للرب، وإذا لم يستطعن التوفيق بين الاثنين، فستختار أسرتها على الفور.

انتهى اللقاء ونزل الجميع إلى حديقة الفيللا، مكان متسع، يمتلئ بالخضرة والأشجار، وعدد من الكراسى والمناضد البلاستيكية التى تعلوها «شماسي»، المكان يشبه «البلاج»، كل من وجد فتاته بدأ بالحديث معها، فيما تحدث الغالبية حول أمور عامة، وفوجئت بنصائح كثيرة تمطرنى بضرورة التقرب من الكنيسة والله، حتى لا أنجرف فى تيار العالم على حد وصفهم، وأكد بعضهم أن شخصيتى تشير إلى زوجة مستقبلية قوية وناجحة، لكن الرجال يفضلون الأضعف، ولكن يبدو فى النهاية أننى حصلت على عريسين.

همست لى إيزيس بأن اثنين يرغبان فى التعرف إلىّ، التقيت بالأول، كان وسيما للغاية، يعمل مهندس بترول، فى بداية الثلاثينات، قال لى بوضوح: أنا أرفض الزواج بهذه الطريقة، ولا تعجبنى آراء الأغلبية، ووصفهم بالرجعيين، ثم بدأ يشيد بأفكارى، مؤكداً أن حضوره تم بالصدفة بعد إلحاح أحد أصدقائه، وجاء من قبيل الفضول ليس إلا، وخلال الحديث علمت أنه من أسرة متواضعة تعيش بحى شعبى، لكنه يشترط فى العروس أن تكون بالغة الجمال، من أسرة راقية، وأن هذا سبب فشل خطبتين له، وخسارة شبكة ألماس باهظة الثمن.

العريس الثانى، يدعى ماجد، تجاوز عمره 41 عاما، قال إن والده كان وكيل وزارة، لهجته شعبية، وتعليمه متوسط، يسكن بحى فيصل، ويملك شركة خاصة تعمل بمجال الكمبيوتر، بدا من كلامه أنه بخيل، وصارحتنى إيزيس فيما بعد بذلك، تحدثنا طويلاً وصارحني: «لو أنا مش عاجبك هاتيلى عروسة صاحبتك»، تقبل ظروفى الصعبة، فأنا أنفق على شقيقاتى البنات، ووالدتى المسنة.

فى النهاية يتم جمع الاستمارات، مرفق بها صورة شخصية، ويقوم الخادم بتنسيقها حسب توافق الشخصيات مع بعضها، من حيث السمات المشتركة، ثم يستدعى الشاب، وتعرض عليه صورة الفتاة دون ذكر اسمها، وفى حال قبلها يتم ترتيب موعد، ويستبعد الخادم الاستمارات التى نالت موعدا مؤقتاً، حتى تتم الخطبة، أو تعاد الكرة مرة أخرى.

استحدث الاجتماع، نشاطا على الفيس بوك، بعمل جروب تجرى خلاله المناقشة، للمزيد من التواصل، ويسمح بـ«الشات» الجماعى.