أحمد شوبير يكتب: سلامتك يا بيبو

الفجر الرياضي





لم أر شخصا فى المجال الرياضى فى العصر الحديث مثار اهتمام واحترام الناس مثل النجم محمود الخطيب، فعندما كان لاعبا كانت القلوب والأنظار تتجه إليه، إما لتحيته أو للاستمتاع به كلاعب كرة قدم ناهيك عن الخطيب الإنسان، الذى لا يعرفه الكثيرون ولم يتعرض أحد لظلم من الطبقة المحيطة به مثل محمود الخطيب فقد كنت أسمع بأذنى بعضا من زملائه وهم يتهمونه بالتمثيل واصطناع الإصابة وعلى الرغم من أن بعضهم كان يدعى أنه قريب جدا منه إلا أن غيرة النجوم المعتادة كانت ومازالت تطارده.

ومع ذلك لم أذكر أننى سمعت منه طوال حياتى كلمة أو لفظا ضد أحد من زملائه وكان أكثر ما يصدر منه هو التجاهل أو الصمت، لعلى لا أنسى أبدا يوم أن ظهر لاعب رائع ومتميز فى مركزه اسمه محمد عباس تحدث الجميع عنه بأنه سيصبح اللاعب الأول فى مصر وتوقعت أن يغير الخطيب منه، وأن يسعى لتدميره أو على الأقل إبعاده عن النجومية والإعلام، وقد كان يستطيع فى ذلك الوقت لأن الخطيب كان دائما وأبدا أمل لكل الإعلاميين والكل يتمنى مجاملته إعلاميا، إلا أننى فوجئت بالعكس تماما فقد كان يساعده بشكل لافت للنظر بل الأكثر من ذلك أنه سعى لضمه لمنتخب مصر إيمانا منه بإمكانياته الرائعة وأذكر أن هذا اللاعب تعرض لمحنة أخلاقية عنيفة وكان قرار النادى الأهلى بالاستغناء عنه إلا أنه صمم على إعطائه الفرصة للعلاج والعودة وساعده بكل الطرق للعودة للملاعب، ورغم أن المسافة كانت بعيدة جدا بينى وبين الخطيب فى ذلك الوقت فإننى تجرأت وسألته عن السبب فى هذه المساندة الكبيرة فكان جوابه قاطعا مصلحة الأهلى والمنتخب فى الحفاظ على هذا اللاعب ولم يلتفت أبدا إلى أى مقارنات فقط كان حرصه على النادى الأهلى ومنتخب مصر، وأذكر مرة أننا كنا فى مدغشقر فى مباراة فى تصفيات كأس العالم ويومها اجتمع الخطيب باللاعبين وكان قائدا للمنتخب طالبا منا بذل كل الجهد ثم فوجئت به فى نهاية الاجتماع يقول لو أن صعودنا لكأس العالم يكون المقابل له اعتزال الكرة أو إصابته إصابة شديدة فى المباراة لن يتوانى عن ذلك وكالعادة سألته كيف ولماذا وكانت إجابته وكم يساوى صعود مصر إلى نهائيات كأس العالم إن كان على حساب استمراره كلاعب المهم أن تصعد مصر إلى نهائيات كأس العام وأذكر أيضا يوم أن أصيب إصابة بالغة فى إحدى عينيه وخضع لعملية جراحية دقيقة وطلب منه الطبيب عدم التعرض لأى مجهود لمدة شهر وتصادف أن كان للأهلى مباراة فى البطولة الإفريقية أمام رينجرز بطل نيجيريا بعد أسبوعين فقط وفوجئنا جميعا بالخطيب يحضر إلى التمرين ويغير ملابسه وينزل إلى أرض الملعب وجاهد الكابتن محمود الجوهرى رحمه الله لمنعه من المجازفة ولكنه صمم على التدريب بل صمم على الاشتراك فى المباراة وفزنا يومها 4/صفر سجل الخطيب منها ثلاثة أهداف معرضا نفسه لمخاطر كان منها فقدان البصر تماما بإحدى عينيه إلا أن انتماءه وحبه للنادى الأهلى جعله ينسى الإصابة والمرض تماما ويشارك ويساهم فى الانتصار وبعدها فى الفوز بالبطولة كلها والأمثلة كثيرة جدا مع محمود الخطيب والمواقف أكثر من أن تعد أو تحصى ولكنى سأتجاوز كل ذلك وأذهب إلى المشهد قبل الأخير وهو انتخابات النادى الأهلى وقد كنت شديد القرب من الرجل طوال هذه الفترة ووقتها بدأت حملات التجريح اللا معقولة فى محمود الخطيب وقررنا جميعا التصدى لهذه الحملة، فإذا به يهدد بالانسحاب من المعركة الانتخابية لو أن أحدا تطاول على أى من المرشحين وكان شعاره أننا ندخل مباراة تنافسية فى حب الأهلى باحترام ويجب أن تكون صورة الأهلى هو الأفصل أمام الجميع وأنه لن يسمح أبدا بأى خروج عن النص ويومها راهن الخطيب على الجمعية العمومية واحترامها له ولتاريخه وعطائه وقد كسب الخطيب الرهان بفارق كبير ومريح مؤكدا أن الاحترام هو الأساس وأن اسم الأهلى ومبادئه تظل فوق الجميع عملا لا قولا، وقد كان أداء الخطيب مبهرا كرئيس للنادى الأهلى حيث راهن البعض على إخفاقه وأنه يحتمى خلف اسمه الكبير إلا أن ما حدث للأهلى من انتصارات وإنشاءات فى شهور قليلة أكد أن الخطيب إدارى فوق العادة وأن إخلاصه واحترامه كان سببا كافيا لمزيد من النجاحات ثم كان المشهد الأخير مع محنة المرض والتى طالت أكثر من المتوقع ثم خضوعه لعملية جراحية دقيقة للغاية خارج مصر ومع تهافت الجميع للوقوف على حالته وزيارته إلا أنه صمم على الابتعاد تماما خشية أن يسبب إجهادا لأحد قائلا: إنه من الأفضل أن يعالج فى هدوء بعيدا عن قلق الناس والجماهير ومحبيه بالملايين من الشعب المصرى ورفض الإدلاء بأى أحاديث بل إنه فى عز مرضه صمم على عقد مؤتمر عالمى للحديث عن خطة الأهلى القادمة وتدشين باكورة إنجازات مجلس الإدارة بقيادة محمود الخطيب لذلك لا أجد سوى كلمات الشكر والحب والامتنان لهذا النجم الكبير داعيا الله من قلبى وقلوب كل المصريين أن يمن عليه بالشفاء العاجل وأن يعود سريعا إلى أرض الوطن وإلى بيته المفضل النادى الأهلى ليواصل إنجازاته وبطولاته وسلامات يا كابتن مصر.. سلامات يا بيبو.