منال لاشين تكتب: مفاجآت الولاية الثانية

مقالات الرأي



كبار السن والفلاحون والمرأة الأكثر تضرراً من الإصلاح الاقتصادى والأكثر تصويتاً!

شريف إسماعيل باقٍ فى منصبه

اتجاه لتأجيل رفع أسعار الكهرباء والبترول لمدة عام

اجتماع عاجل مع قيادات الأحزاب


بنسبة كاسحة غالبة يدخل السيسى ولاية ثانية ولمدة أربع سنوات مقبلة وحاسمة. بنسبة 97% يحصد الرئيس ثقة وتأييدا واستفتاء غير مباشر على سياساته فى السنوات الأربع المقبلة، وتحتاج هذه النسبة إلى تحليل من نوع خاص لأن بعض الأرقام مثل العملة لها وجهان وكلاهما صحيح وشرعى، ولكن الزاوية التى تنظر منها إلى هذه النتيجة قد تأخذك أو بالأحرى تأخذ مصر إلى مسار وطريق مختلف.

حتى نسب تصويت المصريين ودلالتها وتوابعها ينطبق عليها نفس النظرية، نظرية القراءة المزدوجة وأحيانا المتناقضة. خاصة لو طبقنا قانون الانتخابات على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.فنحن ننظر للمشاركة فى الانتخابات على أنها واجب وطنى فقط ودليل على حب الوطن، وهذا صحيح ولكن الانتخابات فى العالم كله وفى علم السياسة لها دلالات وتوابع أخرى، والتصويت هو عقد بين الناخب والمرشح، عقد غير مكتوب ولكنه له التزاماته وله قوة فعالة تكاد تعادل قوة القانون. بموجب هذا العقد فإن الكتل الأكثر تصويتا يجب أن تحصد ثمار دعمها لهذا المرشح أو ذاك أو حتى دعمها للنظام السياسى فى الدولة.وفى علم الانتخابات الأغلبية الكاسحة قد تصبح عبئا شعبيا أو قوة سياسية داعمة للمستقبل. وربما تمنح الصورة شكلا من الثبات أو الاستقرار.


1- الكتل الداعمة

يميل أكثر من محلل سياسى لنتائج الانتخابات الأخيرة إلى التأكيد أن القوى الداعمة فى الانتخابات كانت أربع فئات. كبار السن والنساء والفلاحين والصعايدة، ومعظم هذه الأصوات تميل إلى الفقر أكثر من الغنى. بل إن التصويت فى المناطق الشعبية والقرى الفقيرة كان الأكبر من حيث التصويت.

إذن نحن أمام انتخابات دعمها الفقراء وكبار السن والنساء. وبلغة الانتخابات هذه الكتل الداعمة للدولة المصرية تحتاج إلى أن تكون على رأس أولويات الدولة والحكومة معا.هذه هى لغة وقانون الانتخابات.ونحن أمام مشهد متناقض فمعظم المشروعات فى الولاية الأولى مشروعات للمستقبل والمستقبل يعنى الشباب، ولكن كبار السن وليس الشباب كانوا فئة داعمة للدولة. وكبار السن من أصحاب المعاشات ينتظرون الآن على أحر من الجمر أن تنفذ الحكومة حكم القضاء بضم العلاوات إلى المعاش.والطعن على الحكم سيكون بمثابة طعنة لكل كبار السن بعد أيام من دعمهم للدولة.

وبالمثل فإن المشروعات العملاقة التى شهدتها الولاية الأولى لم تستفد منها النساء. لأن مشروعات البنية الأساسية هى مشروعات للرجال فقط.

ولذلك من العدل الاجتماعى والسياسى أن تتضمن موازنات السنوات الأربع مشروعات وخطط وخدمات لسيدات مصر اللاتى ساندن الدولة المصرية فى كافة المواقف الصعبة. ولا يجب الاكتفاء بتخصيص عام للمرأة فقط.وبالمثل يجب أن تتضمن الموازنة كل عام حصصا لدعم الفلاحين والصعايدة. هذا حق لهم دستورى وحق سياسى فى إطار الانتخابات.


2- الاكتساح الثاني

فى زاوية أخرى من التحليل نتوقف عند الاكتساح الثانى للرئيس السيسى. فقد حصد للمرة الثانية نسبة خرافية، ودخل ولايته الثانية بنسبة 97%. وذلك على الرغم من الإجراءات الاقتصادية القاسية والصعبة التى اتخذها الرئيس السيسى، وعلى الرغم من غياب العمل السياسى فى أجندة الرئيس فى الولاية الأولى. على الرغم من هذا وذاك فإن الرئيس السيسى حافظ على شعبيته دون نقصان. وهذا الوضع قد يدفع بعض المحللين إلى توقع أن يبقى الرئيس على سياساته دون تغيير، وأن تستمر الولاية الثانية على غرار ونمط الولاية الأولى. بل إن بعض المحللين يتوقعون أن يبقى الرئيس السيسى على رئيس حكومته المهندس شريف خلال الفترة الأولى من الولاية الثانية.فالنسبة التى حصدها تدفع إلى الاستمرار واستقرار السياسات والأشخاص. وبالمثل يتوقع البعض فى ظل هذه النسبة الكاسحة أن يحتفظ الرئيس السيسى باتجاه ووتيرة الإصلاح الاقتصادى كما هو، لأن فى إعادة انتخابه بهذه النسبة تأييد لهذه السياسات.هكذا تمثل النظرة الأولى أو المبدئية للنسبة التى فاز بها الرئيس. ولكن ثمة طريق آخر فى تحليل هذه النسبة.وبناء على هذا التحليل قد تسير مصر فى مسارات أخرى وأفكار أخرى.

فالبطولة التى أبداها الفقراء والطبقة المتوسطة فى الانتخابات ومساندة الدولة المصرية أن نحترم صبرهم على الغلاء والظروف من ناحية وإصرارهم على مساندة الدولة من ناحية أخرى. ولذلك فإن هذه النسبة قد تكون داعما للرئيس وحكومته فى مواجهة صندوق النقد.ومد الفترة الزمنية للانتهاء من التزامات الحكومة للحصول على الشريحة الثالثة لصندوق النقد. باختصار وعلى بلاطة هذه النسبة الكاسحة يجب أن تدفع الحكومة لطلب تأجيل زيادة أسعار الوقود وكل المواد البترولية والكهرباء وتذاكر السكة الحديد. مرة أخرى وباختصار وعلى بلاطة وقف أى أعباء جديدة على المواطنين كى يستطيعوا التقاط أنفاسهم من الأعباء الشديدة التى عانوا منها.

يرتبط بهذه النقطة ضرورة أن تجد حكومة الرئيس طريقا محددا وحاسما لوقف استغلال المحتكرين والتجار لضبط الأسعار. وبالضرورة أن يكون إصلاح التعليم ومنظومة الصحة على قمة أولويات الولاية الثانية للرئيس، وألا يتكبد المواطن أعباء مالية نتيجة الحصول على هاتين الخدمتين، لأن التعليم والصحة هما أفضل استثمار فى البشر.


3- إصلاح سياسي

نأتى إلى الملف السياسى، ومرة أخرى يجب أن ننظر بصورة مختلفة وإبداعية للنسبة الكبرى التى حصدها السيسى ونحن نتناول الملف السياسى.فالنظرة التقليدية أن رجلا فاز للمرة الثانية بأصوات 97% من الأصوات لا يحتاج إلى أحد لا أحزاب ولا معارضة. فقد هزم بهذه النتيجة الإخوان والمعارضين والمقاطعين. ولذلك فعليه إبقاء الملف السياسى بدون تعديل. ولكن النظرة الإبداعية تأخذنا إلى مسار آخر. فحين يتحاور الرئيس مع الأحزاب والمعارضين فهو يفعل ذلك من منطلق القوة وليس الضعف. ولكنه بهذه الخطوة فإن الرئيس يفتح بابا جديدا للمستقبل. بابا يضمن زيادة المشاركة فى كل انتخابات قادمة، وأن نصل من نسبة 41% إلى 60% أو 70% مثل كل الدول الديمقراطية. لقاء الرئيس مع كل القوى السياسية الشرعية هو بداية لخطاب سياسى جديد. وبالمثل أعتقد أن رجلا أو رئيسا بكل هذه الشعبية لن يتأثر لو فتح المجال أمام العمل المدنى والحقوقى رغم مخاطر الإرهاب. لأننا لن ننجح فى حربنا ضد الإرهاب بالسلاح فقط، ولكن بحوار كل فئات المجتمع وتكاتفها معا رغم اختلاف الرؤى والآراء.

فى قلب الملف السياسى تأتى العلاقة بين الرئيس والإعلام كأحد الأسئلة الملحة والمثيرة.حينما اختار الرئيس مخرجة سينمائية لتجرى معه حواره الوحيد، فإن بعض الخبثاء اعتبر هذا الاختيار رسالة غير مباشرة أو علامة على غضب الرئيس أو عدم رضاه عن الإعلام والإعلاميين فى مصر، وبعيدا عن الحوار فإن الرئيس يقدم من حين إلى آخر إشارات عن عدم رضاه عن الإعلام أو بعض ما يقدمه الإعلام. وضيق الرئيس فى دولة مثل مصر ينتشر ويتوغل فى مؤسسات عديدة، وذلك دون أدنى تدخل أو رغبة من الرئيس فى هذا الانتشار والتوغل فضلا عن توابعه. ولذلك اعتقد أن ملف الإعلام يجب أن يأخذ أولوية فى الولاية الثانية. ربما من الأفضل أن يلتقى الرئيس بكبار الصحفيين والكتاب ومجلس نقابة الصحفيين. وأن يتم التعامل بتسامح مع بعض ما يكتب أو يقال. وأن نتقبل الرأى المعارض بصدر أكثر رحابة، وبعيدا عن نظريات المؤامرة أو الخوف من المؤامرة.وأن نتقبل أن كل المشروعات والرؤى تخضع للاختلاف.أعتقد أن الولاية الثانية تحتاج إلى إعادة لم شمل كل رفقاء 30 يونيو الذين فرقتهم الاختلافات والتهميش أحيانا. نحتاج إلى نفس سياسى جديد وخطاب سياسى جديد. ورؤية أخرى للإعلام لا تقوم على الشك فقط، نحتاج إلى رؤية رحبة للإعلام. نحتاج إلى جرأة فى فتح الملفات السياسية بنفس الجرأة فى فتح الملفات الاقتصادية.