محمد مسعود يكتب: هل يحتاج الرئيس إلى تعديل الدستور؟

مقالات الرأي



السيسى لم يطلب سلطة ولم يكن ينوى الترشح منذ البداية لولا نداء المصريين.. ونتيجة الانتخابات أكدت حفاظه على الظهير الشعبى

لا تشغلوا الرئيس بنفاق لا يحتاجه.. ودعوه يعمل لبناء مصر وتطهيرها من الإرهاب.. وافتحوا الملف قرب انتهاء الولاية الثانية

مناقشة التعديلات الدستورية فى توقيت خاطئ نفاق لا يرضى عنه الشعب ولا الرئيس

الوجوه التى تطالب بـ«الولايات المتعددة» نافقت مبارك ثم انقلبت عليه.. وراجعوا تصريحاتهم عن صياغة الدستور


1- توقيت خاطئ

انتهت الانتخابات، وأعلنت النتيجة، وحسم الرئيس عبدالفتاح السيسى معركة سهلة، ومن جانب واحد، كما كنا نعلم جميعا، عكست مدى شعبية الرئيس عند الغالبية العظمى من الشعب المصرى.

ومثلما رفض المشير عبدالفتاح السيسى أن يخذل المصريين، أو يتخلى عنهم فى رفع مقصلة الإخوان من فوق رءوسهم، كان الشعب أيضا عند حسن ظن الرئيس فى انتخابات ولايته الثانية، فحقق نجاحا ساحقا بواقع 97%، وهى نسبة إن دلت فإنما تدل على الشعبية والثقة التى مازال يحظى بها الرئيس من الغالبية العظمى للمصريين.. دون وسطاء من أهل السياسة، أو كهنة الإعلام، أو حتى الألاعيب الانتخابية، فالعملية الانتخابية الأخيرة.. شهد لها الجميع بالنزاهة.

ورغم تضرر شريحة مجتمعية كبيرة من الإصلاحات الاقتصادية، إلا أن الشعب المصرى، يثق أن السيسى سيصل بالبلاد إلى بر الأمان، لذا لم يبخلوا بأصواتهم التى كانت رسالة لأعداء مصر، بأن الرئيس لم يفقد ظهيره الشعبى مثلما زعموا وحاولوا تصدير ذلك إلى العالم.. وجاءت المعارضة فى صيغة راقية، عبارة عن أصوات أبطلها أصحابها – وهو حق أصيل لهم – كونهم إما غير راضين عن الوضع السياسى، وإما تابعون لجماعة الإخوان المسلمين.

كل ذلك طبيعى، طبيعى أن يؤيد المصريون أو يرفضوا أو يختاروا مرشحا آخر، لكن كان غير الطبيعى خروج أصوات تنادى بتعديل الدستور مؤكدة أن الدستور ليس نصا إلهيا كى لا يتم تغييره، وطالبوا بتغيير مواد الحكم، حتى يحكم الرئيس السيسى مصر، مدى الحياة، ولو راجعت أقوالهم عند صياغة الدستور لشاهدت العجب.


2- الله.. وشعب مصر

قد يفسر البعض دعوات تغيير الدستور لنوع من التقرب إلى السلطة، وقد يفسرها آخرون بأنها بمثابة الضغط على الشعب ورئيسه معا، لكن المؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لا تجدى معه محاولات التقرب والتملق، كونه رجلا جادا ذا خلفية عسكرية يهمه العمل الجاد لبناء وطن كان مخترقا، ولو عاد أصحاب محاولات مغازلة وتملق السلطة عن طريق فتح ملف تعديل الدستور، لتصريحات الرئيس وقت ترشحه الأول للانتخابات، ما طالبوا الآن بتعديل الدستور.

فمنذ سنوات ليست بعيدة، وبالتحديد فى مايو من العام 2014، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقائه بالإعلاميين: «أنا محسوب على اثنين فقط، ربنا سبحانه وتعالى، والشعب المصرى، ليس لأحد جمايل علىّ.. ومعنديش فواتير أسددها».

كانت الرسالة صريحة وواضحة، والحقيقة أنها حتى الآن لم يصبها تغيير، أو يتلفها هوى، لكن يبدو، رغم صراحة الرئيس، ووضوح الرسالة، فإن هناك من لم يفهمها حتى الآن!

الرئيس قال أيضا فى نفس التصريحات للإعلاميين عن ترشحه الأول للانتخابات الرئاسية: «تم استدعائى من شعب مصر لأداء مهمة، فلبيت أمر الوطن».

إذن، كان ترشحه منذ البداية، لمهمة إنقاذ الوطن، وأنقذه بالفعل من الإخوان، ولايزال يحارب الإرهاب، والتكتلات الدولية، ومهمته لم تنته بعد، خصوصاً بعد إعلانه عن بناء الوطن اقتصادياً، أما عن فكرة السلطة فى حد ذاتها فقد قال أيضا: «لم أكن راغبا فى الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، بينما هناك مصريون بسطاء جدا شعروا بالخوف من بكرة، فأمرونى بشكل أو بآخر بتحمل المسئولية».

الرئيس وافق على خوض الانتخابات وأن يكون رئيسا لأن الشعب طالبه بذلك، كمنقذ لوطن كاد يضيع مثلما ضاع غيره، كانت الظروف والوضع يحتاجان لتدخل بطولى، ولم يكن الرئيس شخصيا ساعيًا لسلطة، لكن.. بعد سنوات الحكم الأربع، هل تغيرت النظرة إلى الرئيس؟.

نتيجة الانتخابات الرئاسية أجابت عن السؤال.. والنتيجة أن الشعب جدد الثقة فى رئيسه، فلماذا يتدخل الدخلاء فى العلاقة بين الرئيس والشعب، خاصة أن الرئيس نفسه قال فى أكثر من مناسبة إنه لن يجلس فى حكم مصر دون رغبة الشعب، فهل هى محاولات منهم للتأثير على الشعب؟، وهل محاولاتهم سيكون لها اعتبار أو تأثير عند المجتمع المصرى؟، الحقيقة لم يكن لها أى تأثير أو اعتبار، حتى إن تلك الدعوات أفسدت فرحة المصريين بنتيجة الانتخابات التى لعب فيها أفراد الوطن فى الداخل والخارج دور البطولة.


3- المادة 226

المادة 226 من الدستور المصرى تنص على : «لرئيس الجمهورية، أو لخٌمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل. وفى جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه. وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى. وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذاً من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات».

إذن ليس هناك سبيل لبقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حكم مصر بعد نهاية ولايته الثانية فى 2022، بحكم السطر الأخير من نص المادة 226، سوى بتعطيل العمل بالدستور، أو إلغائه، ليتولى الرئيس الحكم لفترات غير محدودة، وهذا فى حد ذاته ليس غريبا على مصر، فقد حدث قبل ذلك، ولن تكون المرة الأولى أن يتم إلغاء الدستور أو وقف العمل به لبقاء الرئيس على رأس السلطة.

المادة 77 من دستور 1971، كانت تنص على أن يتولى الرئيس الحكم لمدتين رئاسيتين، ووقتها تقدم ثلثا أعضاء البرلمان بطلب لتعديل المادة، وهو ما حدث بالفعل، وأصبحت تنص على توليه فترات غير محدودة، وعلى ذلك بقى الرئيس مبارك خمس فترات فى الحكم.


4- حروب.. ومشروعات

منذ ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسى الأولى فى 2014، ومصر تخوض الحرب على الإرهاب، الذى طال العديد من الدول الأوروبية، ورغم ذلك، افتتح العديد من المشروعات التى تعد إنجازات كبيرة حدثت فى عهده، مثل عمل 14 مدينة، وعاصمة إدارية، ومشروعات للطرق تزيد على 7 آلاف كيلو متر، ومشروع الاستزراع السمكى ورءوس الماشية، علاوة على تسليح الجيش الذى زاده قوة فوق قوته وتأثيرا فوق تأثيره.

والحقيقة، وبغض النظر عن إنجازاته فيكفى أن يكون واجهة مشرفة لمصر بدلا من المختل الذى حكمت جماعته مصر بمنطق إما أن نحكمكم وإما أن نقتلكم.

إذن شهدت الولاية الأولى، مشروعات كبيرة وحروبًا شرسة على الإرهاب، حتما ستستمر فى الولاية الثانية، وربما تحتاج لفترة طويلة بعد الولاية الثانية، وسيكون وقتها الشعب والرئيس نفسه أصحاب القرار.. لا المنتفعون ولا المتملقون المنافقون لهم دخل فى ذلك خاصة أنهم ويا للعجب نفس الوجوه التى نافقت مبارك، ثم انقلبت عليه، والمعادلة الآن لا تحتمل ثقلهم، فهى معادلة بين طرفين، لا ثالث لهما، الشعب.. والرئيس.