طارق الشناوي يكتب: لطيفة وسميرة.. (أنا مش عارفنى)!!

الفجر الفني



الزمن يطل على وجوهنا ومشاعرنا، وعلينا فقط أن نحيله إلى قوة إيجابية تعمل لنا لا علينا.

 

أعلم جيدا أنكم تقولون بعد قراءة العنوان، الكل يفعل مثل لطيفة وسميرة، فلماذا تصبحان فقط هما العنوان، لكم طبعا كل الحق، ولكن لى عندكم أيضا حقا.

 

أنغام وشيرين ونانسى وهيفاء وإليسا ونوال وأحلام وأصالة وغيرهن يفعلن أيضا ذلك، حقنة هنا، وضربة مشرط هناك، وحشو هنا وإلغاء حشو هناك، ولا تسألنى صراحة عن مكان هنا وهناك، فأنت تعرف وأنا أعرف أنك تعرف والعارف لا يُعرف، إلا أن الفارق بين كل ما ذكرت، وما لم أذكر من المطربات، أنك فى نهاية الأمر تستطيع أن تُشير وأنت مطمئن بدرجة لا بأس بها من اليقين إلى أن هذه نانسى وتلك هيفاء.

 

فى السنوات الأخيرة وجدت صعوبة بالغة فى التعرف على سميرة ولطيفة، وكأنك لا تعيد سنفرة الملامح وإعادتها لحالتها الأولى، ولكنك تغير تماما الوجه وتعيد بناءه من أول وجديد.

 

من الذى أوعز إليهما بإجراء كل تلك التغييرات الاستراتيجية، التى نالت منهما كثيرا، فصار ينطبق عليهما مقولة عبدالباسط حمودة الخالدة (أنا مش عارفنى)؟، إنه الإحساس العميق بأن الزمن يتغير والذوق يتغير، وهما حريصتان على أن تظلا على الموجة مع الناس.

 

الحقيقة أن كلا منهما لم تفقد على المستوى الغنائى تواصلها مع الجمهور، المشوار تجاوز الـ35 عاما، وفى دنيا الطرب والغناء مجرد أن تظلا فى الدائرة هذا يعد إنجازا ضخما، كل منهما عيناها وأذناها ونبضها على اللحظة الراهنة المليئة بعدد كبير من الأصوات وعدد أكبر من الأمزجة.

 

هناك أكثر من جيل تتابع عليهما ولا تزالان داخل الدائرة، نعم فى سوق العرض والطلب يتفوق عليهما رقميا عدد من الأسماء الأصغر عمرا، وهذا طبيعى، وهو أيضا سنة الحياة، إلا أنهما لا تزالا قادرتين على المعافرة. لا أحد يطلب قطعا من فنان ألا يساير الموضة فى الأغنية التى يرددها والملابس التى يرتديها، ولكن عليه أن يظل كما نعرفه، فلا يضع وجها آخر على وجهه.

 

نتابع حرص سميرة على انتقاء الفكرة (الروشة) وهى تتمتع بهذا الحس العالى فى انتقاء بعض المفردات، ولها رأى معتبر فى الجملة الموسيقية، فهى تعيش 24 ساعة فى اليوم من أجل فنها، لطيفة، والتى لا تقل عنها اهتماما بكل تلك المفردات، إلا أنها تبدد طاقة كبيرة فى الدعاية، ولديكم مثلا مسلسلها الأخير والوحيد الذى عُرض قبل عامين فى رمضان (كلمة سر)، والذى كان له نصيب من اسمه، فكان يبدو وكأنه مسلسل سرى، بينما على المقابل تمكنت لطيفة من الحصول على عدد من الجوائز يزيد على عدد جمهور المسلسل، وفى بلادنا العربية مع تعدد الجرائد والمواقع وغياب عدالة التقييم من الممكن ببعض الجهد الحصول على أكثر من جائزة تُشير إلى أنك الأفضل.

 

المطرب صوت وحضور، هذا حقيقى إلا أنه لا يكفى، يجب أن تضع أيضا الملامح طرفا أساسيا فى المعادلة، وهذا قطعا صحيح جدا، ولكن مشكلتى معهما أننى عندما أطالع الصورة أجد صوت عبدالباسط يباغتنى (أنا مش عارفنى / أنا تهت منى / أنا مش أنا / لا دى ملامحى / ولا شكلى شكلى / ولا ده أنا)، أخشى مع استمرار كل منهما فى عمليات التجميل أن أجد- عندما أتطلع إلى سميرة ولطيفة- أن عبدالباسط قد أصبح (صوت وصورة)!!.