طارق الشناوي يكتب: الإعلام والناس والرئيس

الفجر الفني



هل يقول الناس الحقيقة أمام الكاميرا؟! الرئيس عبدالفتاح السيسى استطاع أن يُمسك بالتركيبة المصرية التى تتردد أمام الكاميرا عن قول كل اللى فى قلبها، ولهذا دائما يعلنون الرضا، بل أضاف يقرأون بذكاء من طريقة السؤال أن هناك إجابة ترضى السائل فيعلنونها أمامه.

لمحة صحيحة تماما، التقطها الرئيس فى حواره (الشعب والرئيس) مع ساندرا نشأت، وعلينا أن نبحث عن الأسباب.

نحن ورثنا (جينات) الخوف من السلطة، والإعلام فى الضمير الجمعى هو وجه السلطة، فلقد ظل تابعا للدولة هى التى تملكه وتوجهه، حتى منتصف التسعينيات، عندما بدأ إيقاع الزمن يفرض قانونه على حسنى مبارك، وقرر وقتها أن يفتح الباب لرجال أعمال يضمن أولا ولاءهم، وهكذا بدأت قناتا (دريم) و(المحور) منفصلتين كرأس مال عن الدولة، لكنهما جناحان تابعان سياسيا للدولة، وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف كانت له اليد العليا فى كل التفاصيل، حتى اختيار القيادات والمذيعين، طبعا هناك مساحة من الكفاءة الإعلامية، سُمح بها، إلا أن شرط التوافق السياسى ظل هو المسيطر والملزم، وعندما خرج أحمد بهجت، صاحب (دريم)، عن الخط أو لعله لم يخرج، وتصور أن هذا هو المطلوب تم عقابه، تعبير محمد حسنين هيكل الذى ألقاه فى الجامعة الأمريكية (السلطة شاخت فى مقاعدها) متناولا مباشرة مقام الرئيس، أنهى مباشرة شهر العسل مع الفضائية، لأنها لم تلتزم بأول بند فى التعاقد، هاجم كما يحلو لك، ولكن ابتعد عن دائرة السلطة.

الرئيس كان مباشرا عندما قال، فى حواره لساندرا، إن المذيع الذى يتحدث ساعتين أو ثلاثا يوميا للجمهور، هل سيجد ما يقوله أم أنه سيبحث عن أى إثارة.

نعم هناك الكثير من الثرثرة وأصبح البحث عن (لايك) عبر الميديا هو الهدف الأثير، إلا أن الكشف بل وفضح السلبيات التى يعيشها المجتمع واجب الإعلام المقدس، أدافع عن الحرية بكل ما أوتيت من حرية، إلا أن البعض يزايد فى كل شىء حتى فى إثبات الولاء، سقف الحرية ليس له أدنى علاقة بالتطاول، لدينا عدد معتبر من سليطى اللسان، المحسوبين على السلطة، يستمدون قوتهم منها، فلماذا لا تعلن السلطة أنها لا تحميهم؟!

المذيعة التى أهانت بلدين عزيزين على كل مصرى: المملكة المغربية وسلطنة عمان، تصورت أنها بهذا التطاول ترضى السلطة، ولأنها بالفعل تابعة لتلك الدائرة، فلقد تم الحفاظ عليها، ولا أستبعد أن تكرر ذلك قريبا مع دولة عزيزة أخرى، وسوف تجد أحضان السلطة الدافئة تنتظرها.

الإعلام المصرى يتحرك فى مجمله وفقا لما يتصور أنه يرضى الرئيس، حتى إنهم اخترقوا بغشومية قبل ساعات الصمت الانتخابى، معتقدين أنه دلالة عملية على الولاء.

أنتظر ونحن على مشارف الولاية الثانية للرئيس أن أرى أبواب الحرية مفتوحة أو على الأقل مواربة، الناس يا سيادة الرئيس كما قلت أنت لا تقول كل اللى فى قلبها، كبت الرأى هو بنزين الغضب، إعلام المرحلة القادمة يجب أن يتغير تماما عن إعلام مرحلة الستينيات، كان الجميع بحكم الظرف التاريخى والسياسى يتحركون جميعا وفقا لخط واحد ويكررون نغمة واحدة، الزمن الآن لا يعترف سوى بالتعددية، هم يريدون العودة بنا للخلف دُر 60 عاما (وعايزنا نرجع زى زمان/ قول للزمان ارجع يا زمان).. والزمن لا يعود كما قالت (ست الكل)!!