"بورتون داون".. الحرب الكلامية بين لندن وموسكو تعيد الجدل حول المختبر السرى البريطانى

عربي ودولي



أعادت الحرب الكلامية بين لندن وموسكو حول سبب تسميم الجاسوس الروسى المزدوج سيرجى سكريبال فى مدينة سالزبورى، بمادة كيميائية سامة، الجدل حول مختبر "بورتون داون" الإنجليزى، وفى ضوء اتهامات روسيا للحكومة البريطانية بتصنيع مواد كيميائية جديدة فى ذلك المختبر.


كما يأتى ذلك وسط تصعيد الغضب البريطانى-الغربى ضد ما وصفوه بأول استخدام لسلاح كيميائى روسى على أرض بريطانية منذ الحرب العالمية الثانية.

 

ويسلّط هذا التقرير الضوء على سبب نشأ وتاريخ مختبر "بورتون داون"، وهو موقع مختبر العلوم والدفاع التابع لوزارة الدفاع البريطانية، وأكثر منشأة أبحاث عسكرية سرية وإثارة للجدل بالمملكة المتحدة.

 

وعادة ما يتم الخلط بين إسم الموقع والمرفق الكيميائى البيولوجى الإشعاعى فى مركز "وينتربورن جانر"، وتقع "بورتون داون" شمال شرق قرية بورتون قرب سالزبورى، فى إنجلترا، وتعرف الأرض المحيطة بالمجمع بأنها "منطقة خطر".

 

سبب إنشائه

 وافتتُح "بورتون داون" عام 1916 بإسم محطة الحرب التجريبية، التي أعيدت تسميتها إلى المحطة التجريبية للمهندسين الملكيين، لاختبار الأسلحة الكيميائية، رداً على الاستخدام الألماني لهذه الحرب في عام 1915.

 

وكان اختصاص المختبر، هو إجراء البحوث والتطوير فيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، المواد التى استخدمتها القوات المسلحة البريطانية في الحرب العالمية الأولى، مثل الكلور وغاز الخردل والفوسجين.

 

بدأ العمل في بورتون في مارس 1916، وفي ذلك الوقت، كان هناك عدد قليل من المنازل الريفية والمزارع في بورتون وإدميستون.

 

تطورات البحث الكيميائى فى بورتون داون

 

-بعد الحرب العالمية الأولى

 

في عام 1919 ، أُنشيء مكتب الحرب ما يُسمى بـ"لجنة هولاند" للنظر في مستقبل الحرب الكيميائية والدفاع، وبحلول عام 1920، وافق مجلس الوزراء على توصية اللجنة بضرورة استمرار العمل في بورتون داون.

 

وفى عام 1929 أصبحت محطة تجريبية للحرب الكيميائية، وفى عام 1930 صدّقت بريطانيا على بروتوكول جنيف عام 1925 مع تحفّظات سمحت باستخدام عوامل الحرب الكيميائية فى حالة الثأر فقط.

 

وفى أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضى، كان البحث والتطوير فى بورتون داون، يهدف إلى تزويد بريطانيا بالوسائل اللازمة لتسليح نفسها بقدرات حديثة  تعتمد على غازات عصبية وتطوير وسائل دفاع محددة ضد هذه العاومل، واختبار وتطوير وسائل وقاية وإزالة التلوث وحماية أكثر فاعلية للجسم ذد تلك العوامل، لكن تلك الاختبارات أدّت لوفاة بشرية بسبب تجربة غير أخلاقية فى بورتون داون، وهو "رونالد ماديسون".

 

وبعدها، تمّ تسمية المحطة بـ"المؤسسة التجريبية للدفاع الكيميائى" ، وتطوير مواد لمكافحة الشغب، حيث كان معمل بورتون داون، أكثر أهمية بسبب الاضطرابات والعنف المتزايد فى أيرلندا الشمالية، كما طوّرت مواد فى أعمال الجراحة.

 

وفى عام 1970 أعيد تسمية المؤسسة العليا فى بورتون داون، إلى مؤسسة الدفاع الكيميائى وخلال السنوات الـ21 المقبلة، ولكن خلال فترة السبعينات والثمانينات كان أيضاً مهتمة بدراسة الحرب الكيميائية المبّلغ عنها من قبل العراق ضد إيران.

 

وكان بورتون داون المختبر حيث تم إرسال عينات أولية لفيروس الإيبولا في عام 1976 خلال أول ظهور للمرض في أفريقيا، ويحتوي المختبر الآن على عينات من بعض مسببات الأمراض الأكثر عدوانية في العالم ، بما في ذلك الإيبولا والجمرة الخبيثة والطاعون ، ويقود البحث الحالي في المملكة المتحدة إلى التلقيح الفيروسي.

 

وفي عام 2013 ، اختبر علماء بورتون داون عينات من غاز سارين، التى استخدم فى الحرب السورية.


السرّية


وقال بروس جورج، عضو البرلمان ورئيس لجنة الدفاع ، لشبكة "بي بي سى" فى 20 أغسطس 1999، إنّع معظم العمل الذى تمّ إنجازه فى بورتون داون، حتى الأن يظلّ سرياً.