منال لاشين تكتب: الولاية الثانية للرئيس

مقالات الرأي



بدء تنفيذ تطوير التعليم الجامعى والكليات العملية فى المقدمة

الإسراع بتنفيذ التأمين الصحى على غرار قناة السويس الجديدة

الحريات وفتح المناخ العام قضية أولوية فى العهد الجديد

والحفاظ على مؤسسات الدولة لا يعنى تركها بلا إصلاح


تشير كل المؤشرات إلى فوز ساحق للرئيس عبد الفتاح السيسى، وولاية ثانية للرئيس، ولكن قبل أن أتحدث عن ملامح الولاية الثانية يجب أن نتوقف أولا عن المشاركة فى التصويت، فالمخاوف من اطمئنان المواطنين لنجاح السيسى قد تؤثر بقوة على شكل الانتخابات بل سيمتد تأثيرها على الدولة المصرية كلها، ولذلك فإن إقناع المواطن بالمشاركة فى انتخابات بلا تنافسية حقيقية هو الأمر الأصعب من الفوز بالرئاسة، وعلى الرغم من موقفى المعارض للكثير من سياسات الحكومة إلا أننى اعتبر المشاركة فى الانتخابات فرض عين، وليس فرض كفاية.. ولا يكفى فى هذه الانتخابات التمثيل المشرف أو الاعتماد على احتمالات أكيدة لفوز الرئيس السيسى، لأن انتخابات بلا إقبال كبير تؤثر على وضع الدولة المصرية بعد 30 يونيو، وقدرة هذه الدولة على التفاوض والصمود أمام الأزمات.

أما بالنسبة للمعارضين فأنا أدعوهم للنزول حتى لو أبطلوا صوتهم، فلو كانت نسبة الأصوات الباطلة مؤثرة فلعل هذه النسبة تدفع القائمين على الدولة لمراجعة ما جرى فى السنوات الأربع الأخيرة أو الولاية الأولى للرئيس السيسى للبحث عن أسباب غضب البعض. كثر هذا العدد أو قل.

المثير أن الكثير من الناخبين لا يسألون كثيرا عن الانتخابات، بل إن بعض المواطنين كان يريد أن نلغى الانتخابات من أساسه، ونوفر تكلفتها، لأن رغبة المصريين فى اختيار السيسى واضحة وضوح الشمس.


1- ولاية سياسية

ولعل المفهموم السابق تحديدا هو أحد التحديات التى يجب أن تكون على أجندة الولاية الثانية، فلا يمكن أن ننسى السياسة بل نحتقر العمل السياسى أربع سنوات، ثم نتوقع من المواطن أن يهرول لأهم مناسبة سياسية وهى الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو المحليات. إعادة فتح المجال العام وإعادة الاعتبار للعمل السياسى أولوية مهمة فى بناء مواطن مصرى يدرك حقوقه وواجباته، مواطن يعى أهمية الاستحقاقات الدستورية وخطورة الاستهانة بالعملية الانتخابية أياً كان نوعها ومقامها. لقد عصف الخوف من الحرب الأهلية على غرار دول عربية مجاورة بالعمل السياسى فى عقول نسبة لا يستهان بها من المواطنين، ولاشك أن هناك من سعى بقصد أو حسن نية لتضخيم هذه المخاوف المشروعة، ولذلك اصبح كل خلاف أو تنوع هو رجس من عمل الشيطان، وكل حديث عن مراجعة يجب أن تتم هنا أو هناك حديث شيطانى، وغالى بعض الإعلاميين من المحسوبين على دولة 30 يونيو فى الهجوم وتحقير السياسيين المصريين، فتحول كل معارض لخائن، وكل ناشط حقوقى إلى عميل، لأن غريزة الخوف من الحرب الأهلية دفعت الناس إلى اتجاه رفض كل تنوع فى الآراء أو الأفكار.

وهذا التوجه يحتاج إلى مواجهة شاملة وعاجلة لإنقاذ مستقبل العمل السياسى والحقوقى فى مصر، وإحياء الأحزاب والحياة السياسية فى مصر، وضم شتات تحالف 30 يونيو على ثوابت الدولة المصرية. هذه أولوية أتمنى أن تكون على قمة أولويات الولاية الثانية للرئيس السيسى، لان الوضع لا يحتمل تأجيلا أو إطالة أو انتظاراً للانتهاء من ملفات أو مشروعات أخرى، بما فى ذلك ملف القضاء على الإرهاب، نحن بحاجة إلى روح جديدة تبث فى المجتمع، وتعيد لمفهوم المشاركة السياسية للكبار والشباب معا الثقة والاعتبار والأهمية لدى المواطن، نحن بحاجة إلى تقبل فكرة محورية، وهى أن الحفاظ على المؤسسات لا يعنى عدم إصلاحها أو توجيه النقد وتبادل الآراء تجاه عملها، مرة ثانية وعاشرة نحن بحاجة لنوافذ وأبواب مفتوحة.. ساعتها لن ينتابنا القلق من حجم المشاركة فى أى انتخابات، سواء كانت انتخابات رئاسية أو برلمانية أو محلية.


2- مصرى جديد

وبعيدا عن رؤيتى أو قناعاتى فى أولويات الولاية الثانية، فإن ثمة تأكيدات أن أجندة الولاية الثانية تميل إلى الجمع بين بناء الإنسان والتنمية البشرية وبين استكمال ملف المشروعات، فهناك مشروعان يخدمان المواطن بشكل مباشر وأساسى ومؤثر جدا، والملفان اللذان سيظهران بقوة فى الولاية الثانية، هما ملفا التعليم والصحة، إذن نحن أمام أهم أعمدة التنمية البشرية، وأكثر هموم الأسرة المصرية والمواطن المصرى ثقلا وتكلفة.

فى الملف الاول.. ملف الصحة، رفض الرئيس أن يستغرق تطبيق قانون أو بالأحرى نظام التأمين الصحى إثنى عشر عاما أو حتى عشر سنوات، وأصر الرئيس على أن يتم تطبيق النظام على كل المصريين فى أقل فترة ممكنة، ربما تكون خمس أو سبع سنوات، وهذا إنجاز كبير على غرار قناة السويس الجديدة لأن بعض الدول الأوروبية طبقت نظام التأمين الصحى الشامل بالتدريج وعلى مدى زمنى يصل إلى 12 عاما أو 15 عاما، ولاشك أن تطبيق نظام التأمين الشامل على كل المصريين يعد إنجازا طالما حلم به المصريون جميعا، وانتظروه سنوات طوال عبر أنظمة سياسية عديدة، بل إن انهيار وتدهور الخدمات الصحية كان أحد أهم منابع الغضب على نظام الرئيس السابق حسنى مبارك.

وللانتهاء من منظومة التأمين الصحى فى أقرب وقت يجرى العمل على تحسين وإعداد البنية التحتية بالمستشفيات فى عدد كبير من المحافظات بالتوازى وفى نفس الوقت.

ومن الصحة للتعليم حيث ستشهد الولاية الثانية للرئيس السيسى بدء إجراءات إصلاح أو بالأحرى بناء نظام جديد للتعليم خاصة الجامعى، ونقطة البداية هى الكليات العلمية الطب والعلوم والزراعة والهندسة. نظام تعليمى جديد بالجامعات يرفع مستوى التعليم فى مصر، ويوفر لكل المصريين فرصة عادلة فى الحصول على خدمات تعليمية راقية، لأن النهوض بالتعليم الجامعى سيتيح للطبقة الوسطى أن يتلقى أبناؤها تعليما راقيا وعالميا، وبهذا التعليم سينفتح أمام هؤلاء الشباب أبواب المستقبل، ولكن من المهم دراسة طرق تمويل بناء نظام تعليمى جديد، وذلك فى إطار الالتزام الدستورى والاجتماعى بمجانية التعليم الجامعى، ولكن التحرك تجاه خطوات على أرض الواقع فى منظومة التعليم الجامعى هو تحرك مهم جدا لأننا نحتاج لإنسان مصرى جديد يسكن ويعمر العواصم الجديدة فى مصر.