طارق الشناوي يكتب: تبديد الطاقة فى حفل الافتتاح!!

الفجر الفني



من الواضح أنه رغم الجهد الذى تبذله إدارة مهرجان الأقصر فى التواجد والصمود، متحدياً كل المعوقات المادية والأدبية، إلا أنه كان ولا يزال لدى القائمين عليه مفهوم خاطئ لحفل الافتتاح، فلديهم إصرار أن يصبح هو الأكبر والأطول، وكأنه تُقاس قوة المهرجانات بقدرتها على الصمود فى الوقوف على خشبة المسرح فترات زمنية قياسية.

يجب أن أذكر أولاً أنى أُثمِّن صعود مذيعة التليفزيون السودانى، تسنيم رابح، للاشتراك مع جاسمين طه زكى لتقديم حفل الافتتاح، لاشك أنها لمحة رائعة، الدولة سياسياً تسعى لرأب الصدع فى العلاقات مع السودان الشقيق، ويعزف المهرجان لحناً مواكباً لتلك النغمة الصحيحة، وهكذا يتحقق عمقه الأفريقى، وأيضاً يعلن أن السودان له مكانة خاصة فى القلب.

كل هذا كان ينبغى- حتى لا تُهدر الطاقة- أن يواكبه ضبط المواعيد، وبسبب الانفلات الزمنى شاهدنا غضب الوزيرة د. إيناس عبدالدايم عندما اعتذرت للجمهور عن التأخير، وأضافت أنها تعتذر أيضاً لنفسها لأنها انتظرت ساعة ونصف الساعة، كما أنه تم عزف السلام الوطنى قبل أن يتم إخبارها، وهو خطأ سياسى جسيم لا مبرر له، وهو الموقف نفسه الذى تكرر مع محافظ الأقصر، محمد بدر، الذى لم تفلح معه كل محاولات الترضية، ورفض حضور حفل الافتتاح.

المهرجان يبلغ من العمر 7 سنوات، وهو أولى ثمار ثورة 25 يناير، فهو يعبر عن مجتمع مدنى قرر أن يلعب دوره الحقيقى، إلا أن حفل الافتتاح تتخلله دائماً فقرات متعددة، محاكياً برامج الـ(توك شو)، زادت المساحات كثيراً فى العام الماضى، وزادت أكثر هذا العام، وكأنه سباق اختراق حواجز، فى كل مرة يشغل مساحة زمنية أطول.

لو راجعتَ جدول المواعيد، كان من المفترض أن يبدأ الحفل السابعة وألا يزيد الأمر على ساعة ونصف الساعة، وهى حتى بمقياس المهرجانات تُعد مساحة عريضة، لأن (دى إم سى)، القناة الفاعلة والراعية، وضعت جدولاً زمنياً يقضى بأن تنتهى الفعاليات الثامنة والنصف، فبدأ الثامنة والنصف، انطلقت فقرات الافتتاح بفريق (بلاك تيما)، ليستمر أكثر من 20 دقيقة حتى لو قلنا إننا فى مهرجان غنائى، فهو لا يسمح بكل هذا الزمن، وهو ما يتكرر أيضاً فى الكلمة الطويلة التى ألقتها ماجدة الرومى، وتم تسجيلها ببيروت، تحية ليوسف شاهين بمرور 10 سنوات على غيابه، الكلمات التلغرافية موحية أكثر، ومن الممكن مثلاً مشاركة يسرا وليلى علوى وعزت العلايلى ومحسنة توفيق ويسرى نصرالله وخالد يوسف وغيرهم مع ماجدة الرومى، وأيضاً بمساحة زمنية أقل بكثير.

مَن الذى حدد تلك الفقرة الثابتة، التى لا تجد لها مثيلاً فى مهرجانات مثل (برلين) و(كان) و(فينسيا)؟، الكاتب الكبير الراحل سعدالدين وهبة باجتهاد شخصى عندما تولى مسؤولية مهرجان القاهرة السينمائى، منتصف الثمانينيات، كان يضع كل عام فكرة لها بُعدها السياسى لاسكتش استعراضى يسبق بدء الفعاليات، ومن بعدها صارت قاعدة لكل المهرجانات المصرية وكأنها (فرض عين) على كل المهرجانات، بل عدد من المهرجانات العربية لم تسلم من العدوى. لسنا بصدد حفل الأوسكار، فهو مسابقة وليس مهرجاناً يمتد زمنياً فقط ليلة واحدة.

ليلة الافتتاح يجب أن تحمل منهج الومضة السريعة فى كل شىء، أنت لا تستعرض قوتك، عليك أن توحى بها، ولكن تقول لمين، (ولا الهوا)!!.