طارق الشناوي يكتب: صبحى وألقاب "كاريوكا" الثلاثة!!

الفجر الفني



قبل عام فى إطار تكريم تحية كاريوكا بمهرجان الأقصر أصدرت كتاب (زمن تحية كاريوكا)، تضمن رأياً خصنى به الفنان الكبير محمد صبحى، وبسبب عمق الرأى وتفرده قررت أن أترك له هذه المساحة.

ثلاث كلمات رأيت فيها تحية كاريوكا الجدعة والشهمة والفنانة، وثلاث كلمات رأتها فى شخصى المتواضع ولقبتنى بها تباعا الواد والأستاذ والرجل.

وأنا طفل كنت أراها فتاة أحلامى.. وكنت أشاهد أفلامها عشرات المرات، كنت أسكن فى شقة مطلة على سينما «الكرنك» وكأنى أجلس فى آخر صف.. أحببت قوتها وكبرياءها وسحرها، وعندما أصبحت شابا رأيتها امرأة جميلة.. صلبة.. عنيدة.. وأحيانا شريرة.. عشقت حتى شرها.

وعندما بدأت دراسة فن التمثيل حلمت أن أقف أمامها.. كنت أمثل جميع أدوار الرجال، دور شكرى سرحان فى «شباب امرأة».. ونجيب الريحانى فى «لعبة الست»، وعماد حمدى فى «أم العروسة».. وغيرها الكثير، كنت أشعر بأنها تلعب أدواراً تتقنها.. وأن شخصيتها مختلفة، تابعتها فى كل أعمالها ولقاءاتها ومواقفها وآرائها السياسية.. قرأت عن حياتها وعالمها الكثير، سمعت قصصاً وحواديت ولكنى لم أستسلم لها كثيراً.

تخرجت فى المعهد العالى للفنون المسرحية، وبدأت أشق طريقى ولم أتخل عن حلمى أن أمثل أمام هذه المرأة العملاقة.. مع الزمن

خفت هذا الحلم، وأصبح مجرد تمنٍ أن أقابلها فقط وأتحاور معها.. ثم أصبح مجرد أمل أن تكون متابعة لموهبة جديدة.. عندما أقدم ولو دوراً صغيراً أدعو الله أن ترانى فيه..

قدمت أول بطولة مسرحية «انتهى الدرس يا غبى» عام 1975 فتم ترشيحى لفيلم «الكرنك» أمام سعاد حسنى، وعندما سألت على استحياء عن المشاركين فى الفيلم، ذكر لى جميع الأسماء لنجوم عظماء، وفجأة نطقوا اسم تحية كاريوكا، الحلم الذى انتظرته سنوات، تبدد جزء كبير من الفرحة عندما عرفت أنها ستقوم بدور أم سعاد حسنى ولن يجمعنا مشهد واحد.

ثم حدث اللقاء فى جلسة مع المخرج على بدرخان، فى بيت صلاح جاهين، ولم أكن قد وقعت العقد بعد.. وقطعت الحوار الدائر بجملة: أنا لى طلب لكى أقوم بدور حلمى، بادر صلاح جاهين بالسخرية: تحت أمرك.. طلباتك مجابة.. عايز تشترط تلعب دور سعاد حسنى سعادتك؟؟؟!!!. لا يا أستاذ صلاح.. أنا قرأت قصة نجيب محفوظ وقرأت السيناريو وشايف عشان أأدى دور حلمى الشيوعى صح.. لازم يتلغى مشهدين من دورى، وفجأة نهض صلاح جاهين وقبّـلنى وقاللى قول للى كتب السيناريو ممدوح الليثى، وفجأة صاحت تحية كاريوكا بعنفوانها وقالت لى: واد يا صبحى.. إنت محترم.. وأصبحت بعد ذلك تنادى عليّـا دائما: واد يا صبحى.. وكنت أحب لقبها لى يا واد، هذا كان اللقب الأول (يا واد)، ثم بعد الفيلم تكاثرت اللقاءات، وفى يوم أطلقت علىّ لقبها الثانى (يا أستاذ).. كنت أبهر بحوارها وحواديتها وآرائها، وكنت أستمتع بقدرتى على إضحاكها.. لمست جانبا آخر حقيقيا أنها تمتلك قلباً يحب ويعطف ويربت على أوجاع من حولها.. وتمتلك عقلاً ذا ثقافة إنسانية شاملة، هى بحق أم غالية وأنا كسبتها

هذه الأم الحانية، هكذا لقبتنى بالواد، ثم بالأستاذ، ثم قبل رحيلها بشهور منحتنى اللقب الثالث بعد موقف لا أريد الحديث عنه.. اتصلت بى تليفونيا وكانت تعانى من المرض، وقالت واد يا صبحى إنت أستاذ.. لأ خد لقبك الجديد.. إنت «راجل»، وظلت بالنسبة لى وللملايين هى المرأة الجدعة والشهمة والفنانة الكبيرة ولاتزال فتاة أحلامى، وحتى الآن أمثل أمامها أدوار شكرى سرحان ونجيب الريحانى وعماد حمدى!!.