تطهير الإسكندرية.. الرقابة الإدارية تنفذ قرارات إزالة لـ 100 عقار مخالف فى 3 أيام فقط

منوعات



 شهيرة النجار

ليس لدى كلام أقوله غير «الله يبارك فى الرجالة ويثبت عزيمتهم»، جزء عزيز من أرض الوطن تحول إلى عشوائية كبيرة وفقدنا الأمل فى إعادة حتى ولو جزء بسيط منه، جزء عزيز من أرض مصر كان درة التاج عشرات السنوات وعلى مر العصور، وهو مدينة الإسكندرية.

سرق فيها من سرق، رافعين شعار «التنمية والتعمير والاستثمار» وبنوا وحولوا المدينة لعشوائية كبيرة، وظهر الفساد فى البر والبحر، وقال الرئيس السيسى كلمته الشهيرة قبل عامين إن الفساد الذى فى الإسكندرية أضعاف الفساد الموجود فى أى مكان آخر بأرض مصر، وقبل عامين فقط كان يوجد بها 60 ألف مخالفة بناء.

تم البناء أيام الثورة وتم تسكين الغالبية، وهى عمائر مخالفة دون تراخيص هدم ولا بناء، تم تسكينها وبيعها مع الأسف للسوريين والليبيين المقيمين فى الإسكندرية، وأصدر رئيس الوزراء قبل ثلاثة أعوام قرارا بإدخال عدادات الكهرباء والمياه للعمائر المخالفة، وهى خطوة كانت من أسوأ الخطوات، «زادت الطين بلة» كما نقول بالبلدى.

تسارع المقاولون فى البناء المخالف، لأنهم عرفوا بالبلدى «دية» الموضوع، فظهرت شرائح جديدة من المقاولين بالإسكندرية، بل زاد الطمع وعمى قلوب أصحاب عمائر كبيرة كانت مبنية قبل ثورة يناير بسنوات، استغلوا هوجة الثورة وقاموا ببناء طوابق زيادة ومثال صارخ على ذلك أشهر عمارتين على الكورنيش، العمارة الأولى كان يتم البناء فيها من عشرين عاماً مضت فى كامب شيزار، على البحر، وأطلق عليها عمارة الفارسى، نسبة لصاحبها الذى كان محافظ جدة الأسبق سعيد الفارسى.

العقار تم بناء طوابق أخرى به أيام الثورة، رغم اكتمال بنائه قبل الثورة بسنوات طويلة، كذلك العمارة الأشهر فى كورنيش لوران، التى تعد الثانية فى ارتفاع الثمن بعد شقق الفورسيزونز واستيفانو، وهى عمارة النحاس الشهيرة التى كانت أرض فضاء حتى 2005، وقام أولاد النحاس وهم أصلاً من طنطا وأصحاب سيارات نقل قاموا ببناء عمارة فاخرة قبلها على الكورنيش أمام نادى المهندسين فى سابا باشا، فسكن فيها أشهر الاسماء، مثل الدكتور حسن عباس حلمى، صاحب فاركو، وعلى وصلاح أبوزيد، تجار الأخشاب الشهيرين، وأحمد زكى، مستورد اللحوم المعروف.

قام أبناء النحاس بشراء أرض لوران وبنائها وقتها وعرضوا فى 2007 المتر بـ2000 جنيه، وكان هذا هو الأعلى سعراً فى الإسكندرية آنذاك، وبالبلدى «ولع الأسعار»، وعند قيام أحمد عز برفع أسعار الحديد فى ذلك التوقيت 2007 قام أصحاب العمارة رغم بنائها بالكامل برفع سعر المتر لأربعة آلاف دفعة واحدة، يعنى الضعف، واستمر الارتفاع فى سعرها حتى وصل بتاريخ اليوم لـ30 ألف جنيه، صاحب العمارة التى سكن فيها مقاولون كبار ومستشارون وصاحب قرية مشويات وصاحب مستشفى شهير للولادة بنى خمسة طوابق دفعة واحدة وعرض المتر «بحاجة وعشرين ألف جنيه» وتم البيع وتهافت الناس على الشراء، فى ذلك الوقت تم القبض عليه، وتم توقيع غرامة عليه، لكنه أكمل البناء.

الآن وبكل قوة وحزم استلم رجال الرقابة الإدارية بالإسكندرية الملف الخاص بالعمائر المخالفة المبنية دون تراخيص، والعمائر التى استغلت الغياب الأمنى وقت ثورة يناير وقاموا بعمل طوابق زيادة، قام أسود الرقابة باستلام الملف لأن بالبلدى المحافظة لا تستطيع وحدها تنفيذ ذلك وعلى بلاطة فيه بعض ناس من داخل الموظفين والأحياء عيون للمقاولين، ناس بتاكل مال حرام، فقام رجال الرقابة بتسلم الملف وتفنيد المخالفات ما بين طوابق زيادة وعمائر كاملة.

الإسكندرية كلها لا يخلو فيها شارع دون عقار مخالف وفيللا مهدمة والصعود ببرج، وفى هذه الصفحة كثيراً ما صرخت لمحافظين سابقين، «نفذوا القانون انقذوا ما تبقى من أشلاء الإسكندرية» ولكن دون جدوى؛ لأن مافيا المقاولين ومعاونيها من بعض فسدة الموظفين فى الأحياء والمحافظة أقوى.

السبت الماضى استيقظت الإسكندرية على قرار إزالة لـ40 عقاراً فى كل أنحاء المدينة، صرخ المقاولون وهرول بعضهم إلى بعض أعضاء مجلس الشعب، الذين لهم مهمة سوى خدمة هؤلاء من تلك الفئة، طبعاً لوجه الله!! وإلا كان لزاماً عليهم التوسط لموظف فقير لا يجد قوت يومه أو سيدة تبحث عن علاج، ما علينا هرول هؤلاء من بعض أعضاء الشعب لإيقاف قرارات الإزالات ولكن دون جدوى، كل ما تم الاستفادة منه هو أن رجال الدولة «علمت» على كل واحد جاء للتوسط لمقاول جشع أو.... أو...، وكانت عمارة الفارسى على الكورنيش أشهر تلك النماذج، ليجىء اليوم التالى ويتم التنفيذ فى عمارة النحاس بكورنيش لوران.

وفى ذات الوقت إزالة المخالفات الموجودة فى منطقة العجمى التى بشهادة الجميع تحولت لعشوائية كبيرة وعمائر بالعشرين طابقاً فى شوارع لا تتعدى عرض مترين، التوكتوك لا يعرف الدخول لها، فقام أصحاب تلك العمائر التى بنيت فى غفلة من الزمن باستحضار بلطجية وهرول بعضهم أيضاً لبعض أعضاء الشعب والبلد والناس والسكان، بل جرى بعضهم لشد الناس من المقاهى وجعلهم يقيمون فى الطوابق الخالية، حتى لا يتم هدمها، وفى اليوم الثالث وهو الإثنين كانت المفاجأة، بقرار إزالة العقار الثالث الأشهر على الكورنيش بإستانلى، الملاصق لقصر سباهى، ذلك العقار الذى كان حتى ست سنوات مضت مجموعة من الكبائن وأصحابها الأصليين عائشة فهمى، وهذه لها قصة سوف أحكيها فى عدد منفصل، حول أملاكها التى تم الاستيلاء عليها وبحركات معروفة من وضع يده ومن باع لمن، حتى قام أصحاب العقار الحاليون بالبناء وهم أصدقاء كاتب شهير جداً قبل ثورة يناير يتردد أنه كان يشاركهم فى العقارات التى يتم بناؤها فى العصافرة قديما.

المهم بنوا وطلعوا بكام طابق زيادة، وفى الأرض تم التأجير لاثنين من الكافيهات التى كادت قبل عام تتسبب فى حريق العمارة بأكملها، وجاءت المطافى والدنيا ولعت، المهم يوم الاثنين تم التنفيذ فى إزالة الطابقين الأخيرين بالإضافة لعدد آخر من العقارات فى كل أنحاء الإسكندرية، الحقيقة لا أملك سوى الانحناء شكراً لله أن بالبلد رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجال لا يخشون فى الحق لومة لائم، رجالا تتعرض لكم من الضغوط والممارسات لو كان ملاكاً من السماء مكانهم لرضخوا، لكنهم تربوا فى بيوت شريفة وأقسموا على خدمة ذلك الوطن.

لم يكن ليحلم أحد فى الإسكندرية يوماً أن يلقى أحد طوبة فى تلك البحيرة الراكدة ذات الروائح النتنة، وهى ملف العمائر المخالفة، ولكن الكارثة بكل أسف أن بعض فاسدى الضمائر جاءوا يهرولون الآن لتسكين العقارات الخالية، حتى يكون الأمر تحصيل حاصل ولا تقترب بلدوزرات التطهير منهم، كما يقومون بنشر أخبار كاذبة منسوبة لمحافظ الإسكندرية، مثل أن قرارات تنفيذ الإزالات قد تم وقفها وجار توفيق الأوضاع بأن يتم دفع مستحقات الطوابق المخالفة، تحية واجبة لأسود الرقابة الإدارية بالإسكندرية الذين مدوا أيديهم فى أكبر «جحر فساد» طوال السنوات الماضية والذى حول الإسكندرية إلى عشوائية كبيرة.