طارق الشناوي يكتب: الجيش فى القلب والحرية أيضا!!

الفجر الفني



لا توجد مفاضلة ولا مقايضة بين الاعتزاز برجال ودور القوات المسلحة ورجال الشرطة وبين الإيمان بالحرية، وتقف فى المقدمة قطعا وبنص الدستور حرية الإبداع، لسنا أمام طرفين متعارضين، كما يحاول البعض اختلاق معركة، هما يسيران معا على نفس الدرب، قلوب المصريين، وأكرر المصريين، فمن لا يعشق أرض الوطن، ولا يشعر بالانتماء إلى ترابه ليس مصريا، قلوب المصريين تقف مع القوات المسلحة وهى تطهر الأرض من تلك النباتات الشيطانية السامة، هؤلاء البواسل الذين يحمون شرف الوطن بيد ويضعون فى الأخرى أرواحهم على أكفهم، مدافعين عن وجودنا وحياتنا، دائما لهم مساحة دافئة فى قلوبنا، من حقك أن تختلف سياسيا مع الرئيس، ولكن لا خلاف مع أو على الوطن.

من المؤكد أن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى باعتبار الإساءة للجيش أو للشرطة بمثابة خيانة عظمى، لا تعنى على الإطلاق أن تقديم أى إشارات سلبية لمن ينتمى للمؤسستين فى عمل درامى يعنى خيانة الوطن، من ينتمى لمؤسسة حساسة مثل القضاء، مثلا عندما تتناول الدراما انحراف قاض، لا يعنى هذا أنها تسىء للسلطة القضائية، العمل الفنى فقط يتناول حالة فردية، ولا تضع ظلالا سلبية على الكل، مع الأخذ فى الاعتبار أن القوات المسلحة عبر الزمان تحظى بقدر لا ينكر من دفء المشاعر مع الشعب، الجيش المصرى طوال التاريخ لم يرفع السلاح يوما ضد الشعب، لولا موقف الجيش الذى أعلن فى أول بيان له فى ثورة 25 يناير عن تعاطفه مع أمنيات الشعب، لولا ذلك ما كان من الممكن أن تنجح الثورة فى إزاحة مبارك عن السلطة، والحيلولة دون تنفيذ سيناريو التوريث لابنه جمال، ولولا أن الجيش مجددا تبنى أمنيات الناس فى إقصاء الإخوان عن الحكم، ما كان من الممكن أن تعيد ثورة 30 يونيو مصر للمصريين، وتنتزعها من أيدى الإخوان، الذين أرادوا إلغاء الإحساس بالوطن من أبجدية مشاعر المصريين.

فى الضمير الجمعى الجيش له مكانة استثنائية، وتستطيع أن ترى على الشاشة فى (رد قلبى) مثلا كيف أن الضابط (على يا ويكا) شكرى سرحان، ابن الجناينى الريس عبدالواحد (حسين رياض)، هو النموذج الذى تمناه كل المصريين، ووجدوا أن مشاعر الحب المتبادلة مع الأميرة الجميلة إنجى (مريم فخر الدين) هى المكافأة المستحقة له، تذكروا مثلا كيف قدم فيلم (نهر الحب) ضابط الجيش (عمر الشريف) الذى ارتبط بقصة عاطفية مع فاتن حمامة المتزوجة من زكى رستم. المعالجة السينمائية حرصت على شيئين، الأول التأكيد على أن العلاقة بينه وبين فاتن غير كاملة، تذكروا مشهد سفرهما معا إلى بيروت، كان عمر يضع جسده كاملا فى الجبس، كما أن المخرج عز الدين ذوالفقار قدم لنا مشهدا يتم فيه حجز غرفتين فى الفندق، وهى ليست معلومة مجانية، وفى النهاية يأتى استشهاده فى حرب 48 وكأنه تطهير لأى ضعف بشرى.

فى فيلم (البرىء) عسكرى الأمن المركزى أحمد زكى (أحمد سبع الليل) كان يعتبر تمرده دفاعا عن البراءة، وربما أثار وقتها حفيظة قطاع فى المؤسسة العسكرية، وشاهد الفيلم قبل أكثر من 30 عاما، وزير الدفاع الأسبق المشير أبوغزالة حتى يتم التصريح بعرضه، والفيلم متوفر على الفضائيات، ولا يمكن أن يعتبره أحد يحمل إساءة للشرف العسكرى. الحرية لا تعنى أبدا الإساءة لا للجيش أو الشرطة، ولكن هى سياج ضرورى لصحة المجتمع، ولا مقايضة ولا تناقض بينهما!!..