بيزنس شركات الأدوية والأطباء على حياة المصريين

العدد الأسبوعي



رحلات ومؤتمرات دولية مقابل تسويق علاجات بعينها.. و20 % نسبة الطبيب من المبيعات


نسى أطباء قَسم أبوقراط الشهير، الذى يرددونه لإعلان تخرجهم فى كلية الطب، والبدء فى رعاية مصالح الناس، وبدأوا فى العمل لصالح شركات الأدوية، مستغلين تعلق المريض بهم. ملائكة الرحمة، أجهز على بعضهم بيزنس شركات الأدوية، فأصبحوا واجهة للجشع وانعدام الضمير، مقابل الرحلات، والمصايف، والمؤتمرات الدولية، التى تنظمها شركات الأدوية، مقابل تسويق منتجاتهم. خاضت «الـفجر» تجربة مع أحد إخصائى العظام، فى عيادته الخاصة، لتخرج بعدة مفاجآت وقعها الطبيب بأحرف واثقة على روشتته الطبية.



توجه محرر «الفجر» لطبيب العظام «محمد.أ» بمنطقة فيصل بالجيزة، شاكيا من ألم شديد بركبته، وعدم قدرته على الوقوف، وبدأ الطبيب الكشف الطبى عليه، بأن طلب من المحرر الجلوس، ثم لمس الركبة، بعدها طلب إجراء أشعة رنين، وأشعة مقطعية، فى المركز «الفلانى»، لأنه لا يثق فى سواه، رغم أسعاره المرتفعة جدا، وعدم حساسية المطلوب بحيث لا يمكن لغير العاملين بالمركز المحدد القيام به.

خلال نفس جلسة الكشف، وصف الطبيب رغم عدم إجراء الأشعة المطلوبة، 3 أنواع دواء متشابه الخواص والتأثير، ومرفق بالروشتة المطلوب من مركز الأشعة المختص، ومنح المريض كتيباً مختوما بخاتمه الخاص، بأنواع «رُكب» طبية، عليه شراءها من أحد مكاتب المستلزمات الشهيرة، بمنطقة الدقى.

بسؤال الطبيب عن سعر «الركب» المطلوبة تبين أنه 500 جنيه، وفى مكتب المستلزمات، تبين أنها تخص الذين أجروا عمليات جراحية.

أحد مندوبى المبيعات بشركة أدوية، يدعى إبراهيم عبدالحميد، أكد أن بعض الأطباء يقومون بالترويج لمنتجات شركته مقابل عروض قيمة، مثل الرحلات، والهدايا، والسفر لمؤتمرات داخلية وخارجية بأماكن سياحية فاخرة، موضحا أنه كلما زادت المبيعات كثرت العروض، وعلى حسب قدرة الطبيب على تسويق المنتج.

وأشار إلى أن بعض الصيادلة يقومون بدور المخبر الخاص للشركة، وعن طريقهم تعرف حجم مبيعات الطبيب، وبعضهم يقوم بنسخ الروشتات صورة ضوئية، وعلى أساسها يتم تحديد المكافآت. 

تجربة أخرى خاضتها «الفجر» بأحد مراكز بيع الأجهزة الطبية، ذهب إليه المحرر طالباً العمل، ونال ما أراد فى اليوم التالى، دون سابق خبرة، بسبب قبوله الراتب الضعيف جدا، واشترط المركز «يومين تحت التدريب».

قال أحد العاملين بالمركز: «مينفعش دكتور يبيع بخمسين ألف جنيه فى الشهر، يتساوى مع واحد بيبيع بـ5000 جنيه بس»، موضحاً أن النسبة تصل إلى 20% بحد أقصى. 

الدكتور محمود فؤاد، رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء، قال إن هذا البيزنس يجرى فى الدول التى لا يتوافر بها نظم وقوانين صحية واضحة، لكنه يحدث أيضا فى مصر بالتحايل على القانون، وأوضح أنه يوجد ميثاق شرف لشركات الأدوية، يمنع تلك التعاقدات، وأضح أن حادثة شهيرة وقعت فى الصين، كشفت عن فضيحة مدوية، عندما تبين أن بعض الأطباء يطلبون علاج لشركة بعينها رغم وجود بديل بسعر أقل، وبعد التحقيق اكتشفت السلطات أن الشركة المنتجة عقدت اتفاقا مع أطباء لتسويق علاجها مقابل الهدايا، والمؤتمرات الخارجية، وتم توقيع غرامة على الشركة بلغت 70 مليون دولار، مع نقل جميع موظفيها من الصين.

كما أوضح أن هناك قوانين تحظر تنظيم مؤتمرات علمية بالمنتجعات السياحية، وترفض الشركات الدولية التى تحافظ على سمعتها الوجود بمثل تلك المؤتمرات.

وأكد أن مصر ينظم بها سنويا قرابة الـ 100 مؤتمر الوهمى، خاصة بمجالات الريجيم والرشاقة والتجميل، وهناك إعلانات عن تلك المؤتمرات، وتخصص طائرات لنقل المشاركين لقضاء الـ«ويك إند».

وشدد على ضرورة أن تتقدم الشركة أولاً لوزارة الصحة، بطلب لعمل مؤتمر طبى، موضحا الغرض منه، حتى لا تترك حياة المصريين مشاعا بين يد بعض معدومى الضمير، ولمجابهة أى مصالح مشتركة محتملة بين أطباء وزارة الصحة، وأطباء شركات الأدوية، وأشار إلى أن المؤتمرات الوهمية تتم فى الغالب دون وجود ممثل من الوزارة.

وذكر أن إحدى شركات الأدوية، نظمت حفلا بإحدى القرى السياحة، ظهرت به الراقصة جوهرة فى فيديو أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى، مؤخرا، وبعد وصول صور الحفل، تمت مخاطبة وزارة الصحة، التى قالت إنها سوف تتواصل مع الشركة، وجاء رد الأخيرة بأنها مجرد فقرة فنية، وأغلقت القضية.