"الفجر" تخترق الغوطة الشرقية وتكشف جرائم وانتهاكات النظام السوري

عربي ودولي

انتهاكات النظام السوري
انتهاكات النظام السوري


النظام يمنع دخول جميع مستلزمات الحياة
الحصار يتسبب في انتشار الكثير من الأمراض
بعض الناس تأكل كل يومين وجبة واحدة
ينقصنا الكثير من الكوادر الطبية والمواد والأدوية
أطباء اليونيسيف يتجاهلون مايحدث وكأنهم لايعلمون
قتلوا 3 ممرضات من زملائي أثناء قصف المشفى
قصف مستمر للأحياء السكنية والمدارس والمشافي وروضات الأطفال والأسواق
الناس يموتون ولا يسمح النظام لهم بالخروج للعلاج

يمارس النظام السوري وحلفاؤه، أعتى حملاته الإجرامية على الغوطة الشرقية، فلا تزال الصور المرعبة تنساب أمام أعيننا، يظهر من خلالها الناس، ما بين موؤد، وقد دفن حيًا تحت الأنقاض، ومنهم من نزلت عليه صواعق الطائرات، فسحقته كأن لم يكن شيئًا، تتسارع إليهم فرق الإنقاذ، علّها تنقذ ما تبقى منهم على قيد الحياة، وقد طالتهم الجروح والآلآم من كل ناحية.

"الفجر" كعادتها طارت إلى الغوطة الشرقية، لتكشف الأحداث، وتكشف الستار عن ما يدور في أرض الواقع، فكان حوارها بين أروقة المستشفيات في الغوطة، مع إحدى الطبيبات، التي تُدعى أماني بلّور، التي درست طب الأطفال في جامعة دمشق، وتعمل الآن في مستشفيات الغوطة لمعالجة الأطفال المصابين من جرّاء القصف الشديد.

وإلى نص الحوار:-

هل هناك أي دور لمساعدات المنظمات الأممية تجاه سكان الغوطة المحاصرين وكيف تقيّمين هذا الدور؟
بالنسبة للمساعدات الأممية تدخل إلى الغوطة الشرقية بفترات متباعدة، وتنتظر طبعًا إذن النظام ليسمح لها بالدخول، تدخل كميات قليلة من المواد الغذائية لاتكفي لجزء من السكان، وتدخل كميات أدوية ومستهلكات طبية قليلة جدًا جدًا، وهناك الكثير من المواد الطبية والأدوية لاتقوم بإدخالها أبدًا، وخاصة المتعلقة بالجراحة والتي نستخدمها في إسعاف المصابين.


هل الحالات تقتصر فقط على الأطفال أم أنه يشمل الجميع ؟
الحالات سواء سوء التغذية أو الأمراض، تشمل الجميع هنا، أطفال وكبار.

ما هي أغلب الأمراض التي تأتي من جرّاء الحصار وكيف يعاني الأطفال؟
بسبب الحصار وعدم توفر أبسط مقومات الحياة، وعدم توفر الخدمات، تنتشر الكثير من الأمراض خاصة الأمراض الانتانية، "هي الأمراض المُعدية عن عوامل مِعدية كالجراثيم والفيروسات والفطريات والطفيليات" لأن المياه ملوثة وغير نظيفة، والخضروات التي تزرع في الغوطة تسقى بمياه الصرف الصحي، وهذا يسبب الإسهالات والقيئ كثيرًا، وخاصة عند الاطفال، إضافة لأن الناس يستخدمون أحراق الحطب والمخلفات للتدفئة والطبخ.

وتنتشر الأمراض التنفسية والتحسسية، كثيرا مانشاهد الأعراض التنفسية عند الأطفال من سعال وضيق نفس ورشح، إضافة إلى حالات الربو التي زادت بشدة، وكثير من الرضع الصغار حديثي الولادة يموتون بسبب الاستنشاق من كثرة المفرزات الناتجة عن التحسس من روائح الدخان.


ماذا عن توافر الأدوية التي تعالجون من خلالها المرضى؟
الأدوية بشكل عام غير متوفرة، يعاني المرضى بشكل كبير من عدم توفرها، وخاصة الاطفال، تتفاقم لديهم الأعراض وتسوء حالتهم، كثيرًا مايعود إلينا المرضى ويراجعوننا عدة مرات ولا يجدون الدواء، الأدوية المتوفرة قليلة وغالية الثمن، النظام يمنع دخول الأدوية والمواد الطبية إطلاقا.


ماذا عن المستشفيات التي تعالج تلك الحالات، هل تتوافر، وما مدى جاهزيتها؟
تتوفر المستشفيات والمراكز الطبية بإمكانيات محدودة جدًا، ينقصنا الكثير من الكوادر الطبية والمواد والأدوية، الغوطة فيها 400 ألف شخص ولا يوجد طبيب قلبية ابدًا مثلا، يوجد طبيب أوعية واحد فقط، علمًا أن الاصابات الوعائية كثيرة وغيرها من الاختصاصات.

ما هي أشد الحالات قسوة التي مرت عليك أثناء العلاج؟
بالنسبة لأشد الحالات قسوة، هناك الكثير من الحالات، التي لا استطيع نسيانها، مثلا قام النظام بقصف مدرسة أطفال ابتدائية وكان المصابين كلهم اطفال بعمر واحد، كانت إصاباتهم شديدة جدًا، أحدهم اسمه عبد الرحمن بترت ساقيه نتيجة الإصابة ولايزال حيا، لا استطيع أن أنسى كيف كان عندما أسعفوه الينا نصف جسد بدون ساقين، أيضًا أحد الأطفال يدعى قاسم بعمر سنتين، أصيب بقذيفة قتلت أمه وأصابته في وجهه أدت الى تشويه وجهه الجميل، ولدي الكثيير من الحالات التي لاتنسى.


يتردد أن فريق اليونيسيف لا يعرف ما يتعرض له الأطفال السوريون في الغوطة، فما حقيقة ذلك؟
تكلمت مع أحد الأطباء من اليونيسيف والموجودون في دمشق على مسافة قريبة من الغوطة، وتجاهلوا مايحدث وكأنهم لايعلمون، وسألوني اسئلة سخيفة، علمًا أن أصوات الطيران الحربي تملأ دمشق وأصوات الإنفجارات، والصواريخ والقذائف التي تطلق على الغوطة، تصدر من دمشق.


ماذا عنكم أنتم الأطباء ومعاناتكم، وبماذا تشتكون وتريدون؟
نحن كأطباء، نعاني بشدة من رؤية المرضى كل يوم وهم بحاجة إلى إجراءات أو أدوية لاتتوفر لدينا، بعضهم يموتون ولا يسمح النظام لهم بالخروج للعلاج، مات الكثير منهم، علمًا أن الامم المتحدة على علم بهم ولم تتدخل لإخلاءهم، نعاني من نقص الأجهزة الطبية والكوادر والأدوية، نعمل بظروف صعبة جدا، جميع مشافينا تحت الأرض، كثيرًا ماتتعرض المشافي للقصف، مثلا المشفى الذي أعمل به تعرض للقصف عدة مرات وقتل فيه ثلاثة ممرضين.

نرى هياكل الناس وعظامهم ظاهرة، فصفي لي بعضًا من هذه المشاهد وكيف يتصرفون في ظل هذا الحصار المميت؟
بالنسبة لحالات سوء التغذية هي أكثر مانعاني منه، منذ أكثر من 5 سنوات الغوطة محاصرة، يكون هناك بعض طرق التهريب في بعض الأحيان، وأحيانا يسمح النظام لأحد التجار بإدخال مواد غذائية ولكن باسعار غالية جدًا، ومرات يغلق جميع الطرق فلا نجد مانأكله، كثيرًا مانرى الناس والأطفال يأكلون من القمامة، وبعضهم يأكل كل يومين وجبة واحدة، نرى الكثير من الأطفال لديهم تقزّم بسبب سوء التغذية المزمن.


ينفي النظام السوري دائما بأنه لا يوجد أي من أنواع الحصار في الغوطة، فبماذا تَردّين عليه؟
لا يستطيع النظام إنكار جرائمه وحصار 400 ألف شخص بينهم أكثر من 100 الف طفل، ونحن نطالب دائما بدخول الأمم المتحدة وجميع المنظمات الحقوقية والإنسانية للتأكد والإطّلاع على أحوال الناس هنا.

ما هي الأساليب التي يستخدمها النظام في حصار الغوطة؟
يطبق النظام حصاره على الغوطة فيمنع دخول وخروج الناس، ودخول المواد الغذائية والطبية واللقاحات والوقود وجميع مستلزمات الحياة، لايوجد هنا كهرباء ولا مياه صالحة للشرب ولا وقود للتدفئة ولا غاز للاستعمال المنزلي، نعيش هكذا منذ 5سنوات، ويقوم بقصف مستمر للأحياء السكنية والمدارس والمشافي وروضات الأطفال والأسواق، غارات جوية وصواريخ وقذائف حتى السلاح الكيميائي استخدمه ضدنا، يموت الكثير من القصف والجوع.

لماذا يتخوف النظام كل هذا الخوف من تلك المنطقة كي يمارس جميع هذه الجرائم؟
يتخوف النظام من الغوطة لعدة أسباب أهمها قربها الشديد من العاصمة دمشق، ووجود الثوار فيها يهدد وجوده، وهي من أوائل المناطق التي ثارت على النظام، إضافة إلى أن النظام يريد أن يخمد الثورة ويقضي على جميع المعارضين له ولو قتلهم جميعًا، وهو يعلم أن جميع من في الغوطة هم شهود على جرائمه ولذلك يريد القضاء عليهم.