بالتواريخ.. التفاصيل الكاملة لهجوم تركيا على إقليم عفرين

تقارير وحوارات



ترجع العملية العسكرية التي تشنها تركيا على مواقع قوات سوريا الديمقراطية المحيطة بمدينة عفرين، والتي دخلت في قرابة الشهر، بحجة القضاء على الإرهابيين، ولكنه في حقيقة الأمر، تخوف تُركيا أن يتمكن أكراد سوريا من إقامة كيان جُغرافي مُتصل على حدود تركيا قبالة المحافظات الجنوبية التي تقطنها أغلبية كُرديَّة.

 

تهديد تركيا

شنت تركيا العملية العسكرية على مواقع مدينة عفرين السورية، في 19 يناير الماضي، حيث أعلن وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي، أن القوات المسلحة التركية ستنفذ عملية عسكرية في عفرين، لكن توقيتها متعلق بإنجازها في الوقت الأكثر فاعلية ونجاحًا، قائلًا: "ستتم إزالة كافة خطوط الإرهاب شمالي سوريا، على الرغم من تصريحات أمريكية طالبت أنقرة بعدم اتخاذ هذه الخطوة".

 

وبالفعل وصلت حافلات تقل أعدادًا من المقاتلين المنتمين لفصائل من المعارضة السورية إلى المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا تمهيدًا لمشاركتهم في المعركة القادمة.

 

بداية العملية

وفي 20 يناير، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب متلفز في مدينة كوتاهية، أن القوَّات المُسلَّحة التُركيَّة بدأت فعليًا في عمليتها العسكرية، لطرد المقاتلين الأكراد من مدينة عفرين، ولن تتوقف عند عفرين وحسب، بل ستكون مدينة منبج - التي يسيطر عليها الأكراد - هي التالية، قائلا: "سنطهر دنس الإرهاب الذي يحاول تطويق بلادنا حتى حدود العراق".

 

تداعيات العملية

 وكانت صحيفة يني شفق التُركيَّة قد نقلت عن مصادر عسكريَّة تفاصيل العملية في عفرين، وكشفت أن قائد العملية هو قائد الجيش الثاني الفريق "إسماعيل متين تمل"، الذي كان له دور بارز خلال عملية درع الفرات، مشيرة إلى أن العملية سيشارك فيها لواءان من القوات الخاصة، وأنها عبارة عن عملية محاصرة مدعومة بغطاء جوي، وأنه من المخطط أن يُحاصر المقاتلين الأكراد غربًا من الإسكندرونة وشمالًا من كلس، وشرقًا من أعزاز، ومن تل رفعت وإدلب جنوبًا.

 

العملية العسكرية خلال يناير

وبالفعل، قصفت المدفعية التركية يوم 20 يناير، ودمرت 108 أهداف عسكرية تابعة لتنظيمي وحدات حماية الشعب وتنظيم داعش، في 7 مناطق شمالي سوريا، وتضمنت النقاط المستهدفة مخابئ وملاجئ ومستودعات ذخيرة تعود للتنظيمين المذكورين.

 

وفي 21 يناير، أعلنت السلطات التركية أن 15 منطقة حدودية هي مناطق أمنية خاصة لمدة أسبوعين، وبعدها سقطت 4 صواريخ أطلقت من سوريا على بلدة كلس، مما ألحق أضرارًا بمنازل، بحسب وكالة الأناضول، التي قالت إن 3 صواريخ من تلك المُطلقة ألحقت أضرارًا بمنزلين في حين سقط الرابع على أرض فضاء في وسط المدينة، ولم يسقط ضحايا جرَّاء هذا الأمر.

 

وفي اليوم الثالث أيضًا، تمكنت القوات التركية والجيش السوري الحر من السيطرة على 12 قرية وبلدة وأربعة تلال في منطقة بلبل شمال عفرين، كما سيطرة الجيش السوري الحر على منطقة جبل "برصايا"، في محيط عفرين.

 

كما استولى الجيش، على قرى شنكل وبالي وأده ومنلين بالإضافة إلى مناطق ريفية تتضمن كيتا وكوردو وببنو، على أن القيادي في الوحدات الكردية محمد نوري نفى ما قيل، وقال إن القوات الكردية تمكنت من صد الهجوم التركي والسوري الحر وإجبار الجُنُود على التقهقر.

 

فيما أثَّرت حالة الطقس الرديئة على مُجريات المعارك في اليوم الرابع منها، إذ حالت الأمطار والضباب دون تنفيذ غارات جوية تركية، كما أعاقت تقدم القوات على الأرض.

 

وفي 24 يناير، أغارت الطائرات المُقاتلة التُركيَّة على مواقع عند سد 17 نيسان في منطقة ميدانكي بريف عفرين، واستهدف الجيش التركي - الذي كان يواصل تأمين الحدود - قرى في ناحيتي جنديرس وراجو شمال غرب عفرين، قبل أن يشن الجيش السوري الحر هجومًا بريًا عليها.

 

فيما أعلنت قيادة أركان الجيش في تركيا يوم الأحد 28 يناير، أن حصيلة خسائر القوات الكردية حتَّى التاريخ المذكور بلغت 484 مُقاتلًا، وأن القوات التركية اشتبكت اشتباكًا عنيفًا مع الأكراد في بلدة راجو غرب مدينة عفرين، رافقه قصفٌ تُركي لمواقع ومرابط وحدات حماية الشعب باستخدام المروحيات والمدفعية الثقيلة، فضلا عن عن مقتل اثنين من الجنود الأتراك وإصابة 11 آخرين، مما يرفع الخسائر التركية إلى خمسة عساكر.

 

وتمكن الجيش السوري الحر، يوم 30 يناير، من السيطرة على قرية الخليل في محيط مدينة عفرين قرب تلة السيرتيل في ناحية راجو، وذلك بعد اشتباكات عنيفة اندلعت على عدة محاور في محيط عفرين بين الجيش السوري الحر والقوات التركية من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردية من جهةٍ أخرى.

 

وفي 31 يناير، أعلن الجيش التركي قصفه 22 هدفًا وأن 63 عنصرًا من المسلحين الأكراد قُتلوا، وبذلك ارتفع عدد القتلى والجرحى في صفوف المسلحين الأكراد إلى 712 منذ بدء العملية العسكرية.

 

وعثرت القوات التركية وأفراد الجيش السوري الحر في قرية قسطل جند على شبكة أنفاق ومخابئ، تحت سطح الأرض بأربعة أمتار، وتبين أن المسلحين الأكراد أنشأوا شبكة الأنفاق والمخابئ هذه بهدف الاختباء من الغارات الجوية التي تنفذها المقاتلات التركية ضدّ مواقعهم.

 

العملية العسكرية خلال فبراير

واستمرارا للعملية العسكرية التركية في عفرين، وصل الجيش السوري الحر في 1 فبراير الجاري، إلى سفوح جبل دارمق الذي يقع مقابل قرية "غُل بابا" بولاية كلس جنوبي تركيا، وتمكن من السيطرة على ناحية بلبل الاستراتيجية، شمالي عفرين، بالإضافة إلى قريتي كار وزعرة، ومعسكر "إلهام" القريب من بلبل، وبذلك وصلت مساحة الأرض التي سيطر عليها الجيش الحر إلى 91 كيلومترًا مُربعًا.

 

وعادت قيادة الأركان التركية وأصدرت بيانًا يوم الجمعة 2 فبراير، قالت فيه إن عدد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية وعناصر تنظيم داعش الذين قتلوا في إطار هذه العملية، وصل إلى 823 عنصرًا.

 

وخسر الجيش التركي أكبر عدد من الجنود مُنذُ انطلاق العمليَّة حتى 3 فبراير، إذ أطلق المقاتلون الأكراد قذيفة صاروخية على دبابة تركية فقتلوا كامل طاقمها البالغ عددهم 5 جنود، كما قُتل جُنديان آخران بشكلٍ مُنفرد في ذات اليوم.

 

 ورد الجيش التركي على هذه العملية بضرباتٍ جوية، وأعلن تدمير مخابئ للمقاتلين الأكراد ومخازن سلاح، كما تمكنوا من السيطرة على جبل دارمق الاستراتيجي ورفعوا العلم التركي على قمته.

 

وفي يوم الثلاثاء 6 فبراير، قتل جندي آخر وإصابة 5 آخرين في هجوم على نقطة مراقبة تحت الإنشاء في إدلب.

 

وأعلن الجيش السوري الحر سيطرته على خمس قرى جديدة جنوب غرب وغرب مدينة عفرين بعد معارك مع وحدات حماية الشعب الكردية، وذلك يوم 9 فبراير، وقال إن تلك القرى هي: نسرية ودوكان وإشكان غربي وجقلا فوقاني في ناحية جنديرس جنوب غرب عفرين، وجقلا الوسطاني بِناحية شيخ حديد غربي عفرين.

 

 كذلك عاودت الطائرات التركية، قصف المواقع الكردية بعد توقف لأيام، وقالت رئاسة الأركان التركية إن مُقاتلاتها شنَّت سلسلة غارات على مقار عسكرية قيادية تابعة للوحدات الكردية في أطراف مدينة عفرين دمَّرت خلالها 19 موقعًا للوحدات الكردية، وأن عدد المُقاتلين الأكراد مُنذُ بداية العمليَّة العسكريَّة بلغ 1062 مُقاتلًا.

 

وفي 11 فبراير، أصدرت قيادة الأركان التركية بيانًا، قالت فيه إن عدد المُقاتلين الأكراد الذين قتلوا مُنذُ انطلاق العمليَّة وصل إلى 1266 مُقاتلًا، وأنَّ 11 جنديًّا لديها قُتلوا قبل يوم، اثنان منهم قُتلا في المروحية العسكريَّة التي سقطت، والتسعة الآخرون خلال العمليات العسكريَّة الدائرة.

 

وفي 16 يناير، أعلن الجيش التركي أن خسائر قوات سوريا الديمقراطية وصلت إلى 1551 مُقاتلًا ما بين أسرى وجرحى وقتلى.

 

وأوردت وسائل إعلام تُركيَّة، أن جُنديين و5 مُقاتلين سوريين أُصيبوا من جراء قذيفة هاون استهدفت مركزًا لشرطة الحدود في منطقة قره خان يوم السبت 17 فبراير.

 

تهديد "أردوغان"

واستمرار لنبرة التهديد التي يشنها "أردوغان"، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء إن الجيش التركي سينتقل في الأيام المقبلة إلى فرض حصار على مدينة عفرين شمال سوريا.

 

وأضاف أردوغان في كلمة أمام البرلمان التركي، أن ذلك سيمنع وصول إمدادات الأسلحة للوحدات الكردية في عفرين من خارج المنطقة وسيحرمها من فرصة مواصلة المفاوضات مع أي طرف.

 

وبحسب أردوغان، فإن الجيش التركي تمكن حتى اليوم من تحييد 1715 "إرهابيا"، مقابل سقوط 32 قتيلا من الجيش التركي وقرابة 60 قتيلا من الجيش السوري الحر.

 

إعراب المجتمع الدولي عن قلقه

ومن جهته، أعرب المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، عن قلقه إزاء هذه العملية، وحدثت مظاهرات ضد العملية في تركيا، وهدد أردوغان بـ"ثمن باهظ" لمن احتج على الهجوم العسكري.

 

"حماية الشعب الكردية" تحمل روسيا المسؤولية

فيما حمَّلت وحدات حماية الشعب الكردية، روسيا المسؤولية عما تعرضت له عفرين من قصف وهجمات تُركيَّة، فقالت: "نعلم جيدًا أن الجيش التُركي ما كان له أن ينفذ هذا الهجوم دون مُوافقة القوى الدولية وعلى رأسها روسيا التي تنشر قواتها في عفرين، وعليه فإننا بقدر ما نحمل دولة الاحتلال التُركيَّة مسؤوليَّة هذه الهجمات، فإننا نحمل رُوسيا أيضًا مسؤولية هذه العملية، ووزر أي مجزرة قد يتعرض لها المدنيون".