نائب رئيس هيئة البترول الأسبق: 3 مليارات دولار سنويا بعد الاكتفاء الذاتي من "ظهر".. والسيسي صاحب الفضل "حوار"

تقارير وحوارات



السيسي صاحب الفضل الأكبر في الإنجازات البترولية وأهمها حقلي "ظهر" "أتول"

دور السيسي محوري في مجال تأمين احتياجات مصر من المنتجات البترولية 

مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا عند تحقيق الاكتفاء الذاتي من حقل ظهر 

فترة إدارة شريف إسماعيل لـ"البترول" من أزهى الفترات و"الملا" سار على دربه

"الملا" أول من طبق اللامركزية بقراره إنشاء جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز

اعتراض تركيا على التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط لا قيمة له 

تعيين الحدود بين مصر وقبرص خطوة صائبة من القاهرة وصفعة لتركيا

رفع الدعم بالكامل عن المنتجات البترولية مفيد لاقتصاد مصر ولأمنها القومي

مصر ستحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، عام ٢٠١٨


تطورات سريعة يشهدها ملف الطاقة بمصر، منذ إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، خطة الإصلاح الاقتصادي وما تضمنه ذلك، من تحريك أسعار المواد البترولية، وفق توصيات البنك الدولي، بدأت مصر في جني ثمار تلك الخطة، بحسب خبراء ومتابعين.

تلك التطورات كان لا بد من متخصص في مجال الطاقة، يحلل ويشرح ملامحها ومآلاتها، بخاصة في الفترة الرئاسية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي، وعلى مشارف فترة رئاسية ثانية، يستكمل فيها السيسي تنفيذ ختطه الإصلاحية.

المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، والخبير البترولي، والرئيس التنفيذي السابق لشركة مصفاة الشرق الأوسط للنفط "ميدور"، تحدث إلى "الفجر" عن مآلات تلك التطورات، والإنجازات التي تحققت في ملف الطاقة، خاصة بعد اكتشاف أكبر حقل غاز طبيعي في الشرق الأوسط "ظهر"، وتأثيراته على الاقتصاد المصري، فضلًا عن الصراع الذي تريد تركيا فرضه في البحر المتوسط، ورؤيته لاهتمام الدولة والنظام القائم بملف الطاقة.. وإلى نص الحوار:

 

هناك اهتمام كبير من الرئيس عبد الفتاح السيسي بقطاع الطاقة في مصر وهو ما أعلنه في كثير من اللقاءات التي يعقدها فما هي نتائجه؟

الرئيس السيسي صاحب الفضل الأكبر في الإنجازات كافة التي حدثت مؤخرًا من اكتشافات جديدة عملاقة ممثلة في حقل "ظهر"، وحقل "أتول"، وتنمية الحقول كافة التي توقفت نتيجة عدم الوصول لاتفاقات عادلة مع الشركاء الأجانب وأهمها حقول شمال الإسكندرية وغرب الدلتا بالبحر المتوسط.

كل تلك الاكتشافات ما كان لها أن تستمر بشكل قانوني دولي، إلا بعد سرعة الإنجاز المهم بترسيم الحدود مع قبرص، وإيداع الاتفاقية، الأمم المتحدة، ما حدى بمصر الوقوف بهذا الشكل الصلب القوي، في عدم قدرة أي طرف خارجي على النزاع حول أحقيته في هذا الكشف العملاق.

وللرئيس السيسي بُعد آخر في ترسيم الحدود، مع المملكة العربية السعودية، في مياه البحر الأحمر، والتي تبعها إجراءات فعالة من قطاع البترول، بإسناد تلك المناطق لشركتين عالميتين متخصصين في عمليات الدراسات الجيولوجية والبحث السيزمي، تمهيدًا لطرح تلك المناطق بعد تقسيمه لقطاعات على الشركات العالمية للبحث والتنقيب.

ووقوف الرئيس ودعمه للمهندس شريف إسماعيل، لتعديل المعادلة السعرية لشراء حصة الشريك الأجنبي للغاز المستخرج من المياه العميقة، ذات التكلفة العالية، وكذا التزامه للشركاء الأجانب بضمان سداد قطاع البترول المتأخرات الخاصة بالشركاء الأجانب والتي شكلت نوعًا  من التقاعس أدى إلى تأخر التمويل وبالتالي انخفضت الإنتاجية.

دور الرئيس السيسي دور محوري بناء في مجال تأمين احتياجات مصر من المنتجات البترولية من الإنتاج المحلي، لذا كان له الدعم الكبير لمشروعات تكرير الخام وصناعة البتروكيماويات لتعظيم القيمة المضافة علاوة على تأمين الاحتياجات المستقبلية للأجيال القادمة.

 



هناك مساعٍ تركية لخلق صراع في البحر المتوسط بخاصة بعد تعيين الحدود بين مصر وقبرص وما تلاه من اكتشاف حقل ظهر.. فكيف ترى ذلك؟

تحاول تركيا كما تعودت مؤخرًا، تأجيج الصراع على محاور الدول المجاورة لها ومنها قبرص واليونان، بخاصة بعد التدخل العسكري المباشر في سوريا وموقفها مع العراق، لذا كان لا بد من تأجيج الصراع في المياه الاقتصادية للدول المجاورة، وكان تدخلها في منع حفارات بحرية تابعة لشركة "إيني" الإيطالية، تعمل مع قبرص، من منطلق إثبات أحقية شعب شمال قبرص التركية، والتي تعتبر نفسها وكيلة عنه، للدفاع عن حقوقه، ومن هنا جاء اعتراضها على اتفاقية ترسيم الحدود المصرية القبرصية.

 

وهل لتركيا الحق في منع التنقيب عن البترول في البحر المتوسط؟

اعتراضها لا قيمة له من ناحية القانون الدولي، على اعتبار أن قبرص دولة مستقلة ذات سيادة، وعضو بالأمم المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي، فاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، تم وضعها كاتفاقية دولية بالأمم المتحدة، ولا يمكن لأحد الاعتراض عليها، وبالتالي فإن الصراع يمكن أن يستمر فيما بين أنقرة ونيقوسيا، حول المياه الاقتصادية لكلا الدولتين، وتداخل الجزء الشمالي لقبرص التركية، كأحد التداعيات التي تنشط هذا التأجج أما مصر فلا يمكن لأحد الاقتراب مياهها الاقتصادية علي الإطلاق.

 

الكثيرون أشادوا بخطوة مصر نحو تعيين الحدود البحرية مع قبرص مقابل أصوات معارضة له.. ففي أي المعسكرين تضع نفسك؟

بالقطع كانت خطوة صائبة من مصر؛ لإقرار اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص، وإيداعها الأمم المتحدة كاتفاقية دولية معتمدة، في توقيت مناسب تمامًا، مع الاكتشافات الغازية الضخمة في أقصى شمال المياه الاقتصادية المصرية، مع قبرص.

لنا أن نتخيل الموقف، إذا لم توقع تلك الاتفاقية، وتم اكتشاف حقل ظهر، واعترضت تركيا على الاكتشاف، بدعوى أنه يقع في المياه الاقتصادية القبرصية، وأحقية دولة شمال قبرص التركية، المعترف بها دوليا فقط من تركيا، وتم اللجوء للتحكيم الدولي، والذي يستغرق وقتًا قد يتعدى ثلاث سنوات، وبالقطع تتوقف معها عمليات الحفر، فيتوقف التمويل من قبل المؤسسات المقرضة، كما لنا أن نتخيل موقف الغاز في مصر، ومتطلبات الشعب الملحة له بكميات كبيرة، لمعادلة متطلبات التنمية الشاملة بالبلاد.

 

كان لكل من الرئيس مبارك والمجلس العسكري والإخوان والسيسي اتجاه نحو ملف الطاقة.. فما هي ملامح ذلك الاتجاه؟

ملف الطاقة والدعم يأتي في الدرجة الأقصى للأهمية، لمن يتولى الحكم في مصر، ففي عهد حكم حسني مبارك، شهد تغيرات كثيرة في مفهوم الطاقة والدعم، حيث قامت حكومة عاطف صدقي في عهده، بتخفيض دعم المنتجات البترولية، كل منتج على حدة كنوع من الإصلاح الاقتصادي، وبلغ سعر البنزين ما يفوق السعر العالمي، ثم توقف فجأة وحدث ثبات لأسعار المنتجات البترولية، لفترات طويلة حتى جاءت فاتورة الدعم محملة على خزانة الدولة، وهنا بدأ في زيادة سعرية مخففة لكافة المنتجات البترولية، فيما عدى البنزين ٨٠ واسطوانة البوتاجاز باعتبارهما وقود الغلابة.

وشهد عهد "مبارك" بداية الاكتشافات الضخمة للغاز الطبيعي، وبلغ الإنتاج أقصاه عام ٢٠١٠ محققا ٦.١ مليار قدم٣/ اليوم، وكانت هناك مؤشرات إيجابية بوجود مخزونات باحتياطيات كبيرة في المياه العميقة بالبحر المتوسط لذلك وافق على تصدير الغاز للأردن وسوريا ولبنان عبر خط الغاز العربي، علاوة على إسرائيل كما تم إسالة الغاز الطبيعي وتصديره عبر دمياط وأدكو ، إلا أن الزيادة السنوية للاستهلاك من المنتجات البترولية كانت نسبها عالية للغالية ما تسبب في زيادة فاتورة الدعم عامًا بعد عام، فتم اللجوء لاستيراد كميات كبيرة من الزيت الخام عبر الكويت والسعودية علاوة على زيادة الحاجة إلى استيراد المزيد من المنتجات البترولية ما ساهم في اضطراب الموقف المالي لقطاع البترول.

وصاحبت ثورة يناير ٢٠١١ هوجة ثورية أثرت بالسلب على المصانع والوحدات الإنتاجية وصاحبتها فوضى واضطرابات شعبية مربوطة بنوع من البلطجة في الشارع المصري مما حدى بالشركات الأجنبية، بإيقاف عمليات تنمية الحقول، وكذا إيقاف تام لمشروعات البحث والاستكشاف الجديدة أثرت سلبًا بانخفاض حاد في إنتاج الغاز الطبيعي.

وتلك الفترة، شملت فترة حكم المجلس العسكري والإخوان والتي شهدت أقصى درجات الاضطراب في السوق الداخلي، ففي فترة حكم الإخوان  نتيجة افتقادهم الرؤية السليمة لإدارة منظومة الطاقة، حيث شهدت تلك الفترة ازدحامًا شديدًا منقطع النظير، على محطات التموين والخدمة لعدم كفاية الإنتاج لمتطلبات السوق، كما لم يتم اتخاذ أية إجراءات لجذب الاستثمار لعمليات البحث والاستكشاف والجلوس معهم لبث الطمائنينة في نفوسهم، ولكم من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبوها لقلة الخبرة كانت بوضع تطبيقات رقابية (الكارت الذكي) في ظل أزمة نقص توافر المنتج.

وجاءت فترة حكم الرئيس السيسي بالجلوس مع الشركاء الأجانب بعد إعادة الأمن والأمان للشارع المصري، وسيطرة الجيش بقواته على أي اختلال في منظومة الأمن وحماية الاستثمار، وتم الاتفاق على إعادة سداد مديونيات الشركاء الأجانب المتأخرة، بجدولة زمنية محددة، كما تم تعديل المعادلة السعرية لشراء حصص الشركاء الأجانب بما يحقق صالح الطرفين وتأكدت تلك الوعود وبدأت عجلة التنمية والبحث والاستكشاف تعود إلى عهدها السابق، وتأكدت تلك الإنجازات باكتشافات ضخمة للغاز الطبيعي، وصولًا لمرحلة الاكتفاء الذاتي قريبًا، كما بدأ قطاع البترول، بالتخلص من أعباء الدعم القاسي والذي بلغ ١٣٠ مليار جنيه سنويا للوصول إلى إلغاء تام لدعم الطاقة خلال ٥ سنوات، طبقًا لما تم الاتفاق عيه مع صندوق النقد الدولي، وبما يتفق مع خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.



استيقظ المصرييون على خطوة رفع أسعار المواد البترولية.. وكانت صادمة للبعض منهم.. فهل كانت خطوة مفيدة للدولة أم شرًا لا بد منه؟ وهل نتوقع انخفاض الأسعار مستقبلًا؟

بالقطع رفع الدعم بالكامل عن المنتجات البترولية، مفيد لاقتصاد مصر، وهذا نفس المنهج المتبع لمعظم الدول العربية، سواء البترولية أو الأخرى، لاعتبارات كثيرة منها أن انخفاض أسعار المشتقات البترولية، يشجع عمليات التهريب للدول المجاورة الأعلى سعرًا لذات المنتج، وهو ما تعرضنا له من تهريب معظم المنتجات البترولية لغزة والسودان وليبيا وللخارج عبر الموانئ المصرية، بعد إعادة تسميتها وخلطها بالمياه وخلافه، وهذا في حد ذاته إهدار لموارد الدولة، ومن ناحية أخرى فإن الوصول للأسعار غير المدعمة، سيؤدي إلى ترشيد الاستهلاك الترفي، كما سيحافظ على استعمال المنتج البترولي في موضعه الصحيح، وأكبر الأمثلة تجدها في اسطوانة البوتاجاز، فهو الأرخص سعرًا محليًا لدعمه من الدولة، ولكنه الأغلى قيمة من حيث الاستيراد من الخارج، ولذلك يستخدم وقودًا لقمائن الطوب وخلافه، بديلًا للغاز الطبيعي الأعلى سعرًا محليًا.

لا شك أن أسعار المنتجات البترولية والدعم، مرتبط بالأسعار العالمية للنفط، متمثلَا في أسعار خام برنت، وكلما ارتفع، ارتفعت الأسعار محليًا والعكس، وهناك في المقابل صراع بين المنتجين أعضاء منظمة "أوبك" والمستهلكين وبدائل الطاقة وسيستمر الصراع صعودَا وهبوطًا لأسعار النفط إلى أن يتغلب طرف على الآخر في سوق العرض والطلب.

متى تتحول مصر إلى مركز للطاقة ومُصدر لها؟

تتمتع مصر بمركز جغرافي متميز كونها الرابط بين الشرق والغرب، من خلال قناة السويس، وكذلك من خلال خط أنابيب شركة سوميد لاستقبال خامات الخليج العربي، وشحنها من سيدي كرير بالإسكندرية، إلى أوروبا وأمريكا، في اتجاه واحد من الشرق للغرب فقط.، وتعتبر القدرات التخزينية الضخمة بالسخنة وسيدي كرير، مركزًا لتداول النفط من الشرق للغرب، وهناك تطوير كبير فيما يخص المنتجات البترولية، ومن خلال معامل التكرير المصرية في السويس والإسكندرية ربطًا بشبكة من خطوط الأنابيب، ما يساهم في تسهيل مرونة الحركة بين الشرق والغرب، من خلال الموائئ البترولية المنتشرة بالسويس والسخنة والإسكندرية والدخيلة.

ومن ناحية الغاز الطبيعي، وهو أهم المؤشرات لتحول مصر لمركز إقليمي دولي لتداول الطاقة عالميًا، فكون مصر هي الدولة الوحيدة بمنطقة شرق البحر المتوسط، من حيث قدرتها على إسالة الغاز الطبيعي وتصديره مسالًا عبر موانئها بدمياط وإدكو وتوافر شبكة قومية داخلية لتداول الغاز الطبيعي بين شمال مصر وجنوبها وشرقها وغربها، وقدرتها على استقبال الغاز الطبيعي مسالًا من الخارج شرقا لعبوره وتصديره غربًا، أما أكبر المزايا التي تعطي لمصر هذا المركز، هو قرب كافة استكشافات الدول المجاورة من المياه الاقتصادية المصرية، وبالتالي فإن أنسب وسائل نقل الغاز وأرخصها تكلفة هو في ربطها بالتسهيلات المصرية.

وهناك اتفاقات بين مصر وقبرص واليونان ودول الاتحاد الأوروبي، على مد خط غاز بحري من مصر لإمداد أوربا بالغاز الطبيعي، من خلال إنتاج القاهرة الوفير في القريب، وكذا الدول المجاورة وهناك تنبؤات بوجود احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي بمنطقة شرق المتوسط.

كما أن تحديث قوانين الاستثمار المصرية، بهدف جذب الاستثمار الخارجي، أعطى لمصر الفرصة السانحة لضخ استثمار خارجي بالاستفادة من وفرة الغاز الطبيعي للدول المجاورة لمصر داخل الأراضي المصري.

كل تلك الإمكانيات تعطي لمصر، دون شك، مركزًا دوليًا لتداول الطاقة ومُصدرًا لها.


يعتبر حقل ظهر من أكبر حقول الغاز في الشرق الأوسط.. فما الانعكاس الإيجابي لإنتاجه على الاقتصاد المصري من حيث العملة الصعبة والمشتقات البترولية التي يحتاجها المواطن؟

دائما الاكتشافات الغازية يصاحبها مشتقات بترولية أخرى كالبوتاجاز والمتكثفات الخفيفة وهي تنحصر في منتجي النافثا (البنزين الخام) والكيروسين، وتلك المشتقات تمثل قيمة مضافة في تأمين جزء من احتياجات مصر من المنتجات البترولية.

وبالفعل حقل ظهر هو أكبر احتياطي لكشف غازي بمنطقة البحر المتوسط، بكميات تم تقديرها ٣٠ تريليون قدم مكعب، وبدأ الإنتاج المبكر في ديسمبر ٢٠١٧، بكمية ٣٥٠ مليون قدم٣/اليوم، وسيصل الإنتاج في منتصف ٢٠١٨ إلى مليار قدم٣/اليوم، وفي نهاية المرحلة الثانية إلى أقصى إنتاجية بمقدار ٢.٧ مليار قدم٣/اليوم، ولتقييم انعكاسه الإيجابي على الاقتصاد المصري، فأنسبها في الفرصة البديلة، فأسعار الاستيراد تبلغ حاليا ٩.٥ دولار للمليون وحدة حرارية، خلاف عمليات إعادته للحالة الغازية وتدفعيه في الشبكة القومية.

وبالتالي فإن مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا، عند تحقيق الاكتفاء الذاتي من حقل ظهر في نهاية العام الجاري، يزداد بعد الوصول إلى الحد الأقصى للإنتاج في نهاية ٢٠١٩.

وفيما يخص الأثر الإيجابي الآخر لاكتشاف حقل ظهر، فينحصر في تأمين احتياجات التنمية الشاملة للمرحلة المقبلة، دون مخاطر تذبذب الأسعار العالمية للغاز الطبيعي حال عدم توفره محليًا ربطًا بنصوص الاتفاقية والتي بلغت أسعار الغاز عام ٢٠١٣ ما يوازي ١٨ دولارًا للمليون وحدة حرارية.

كما ينعكس إيجابا أيضا في جذب العديد من الشركات العالمية الكبرى لتوقيع اتفاقيات بحث وتنقيب في المناطق المجاورة بالمياه الاقتصادية المصرية، وبالتالي جذب المزيد من الاستثمارات وأمل كبير في المزيد من الاكتشافات الغازية.

 

متى تحقق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز؟

ستحقق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، عام ٢٠١٨، وليس بنهاية عام ٢٠١٨.

 

البعض رأى أن حقل ظهر هو بداية الاكتشافات المصرية لحقول الغاز.. برأيك هل يمكن أن نجد حقول غاز أخرى مساوية لحق ظهر من حيث المساحة والإنتاج؟

بالقطع هناك مؤشرات قوية على اكتشافات غازية أخرى، في القريب العاجل، وذلك في ضوء توقيع ٨٧ اتفاقية بحث واستكشاف مؤخرًا، وفي دراسات المساحة الجيولوجية الأمريكية والتي تشير إلى أن احتياطي دلتا النيل، غير المكتشفة تبلغ ٢٢٣ تريليون قدم ٣ ونحو ١.٧ مليار برميل من الزيت الخام، ونحو ٦ مليارات برميل من المتكثفات، وتعتزم الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، طرح ٩ مناطق برية وبحرية، ما يؤكد تفعيل عمليات البحث والتنمية بشكل مستمر وفعال.

 

مستحقات الشركاء الأجانب العاملين في البترول صداع أرق الدولة عقب ثورة يناير.. فمتى ينتهي؟

هناك تفاهم كبير بين الشركاء الأجانب ووزارة البترول، بقيادة حكيمة متزنة يتمتع بها وزير البترول المهندس طارق الملا، والذي استطاع الوصول إلى جدولة زمنية لسداد متأخراتهم بالاتفاق مع وزارة المالية، ودعم كبير من الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لإثبات التزام مصر بتعهداتها مع الشركاء الأجانب، وحتى يتجنب قطاع البترول، تقاعس الشركاء في تدبير المزيد من الأموال اللازمة لعمليات البحث والتنمية لزيادة الإنتاج من الزيت الخام والغاز الطبيعي.

 

جدوى توجه مصر إلى تحويل المازوت منخفض القيمة إلى منتجات خفيفة عالية القيمة؟

معامل التكرير ذات الربحية ارتبطت بمنظومة ترابط العمليات التحويلية للمنتجات منخفضة القيمة إلى منتجات مرتفعة القيمة، وتزداد القيمة المضافة لمعامل التكرير، إذا ما ارتبطت عمليات التصنيع بها بالمزيد من العمليات التحويلية، ونظرًا لانخفاض ربحية معامل التكرير البسيطة والتحويلية البسيطة كان التوجه لعمليات التحويل العميق وتتلخص تلك العمليات في تحويل المازوت ذو القيمة المنخفضة إلى منتجات خفيفة مثل البوتاجاز والبنزين ووقود النفاثات والسولار علاوة على الفحم البترولي والكبريت كمنتجات ثانوية منخفضة القيمة وترتبط ربحية  تلك المشروعات بسعات التشغيل الكبيرة دون المنخفضة السعة، علاوة على الارتباط الراسخ بأسعار الخام العالمية، فكلما ارتفعت أسعار الخام زاد الفارق بين متوسط أسعار المنتجات الخفيفة وسعر مازوت التغذية، وارتفعت الربحية والعكس صحيح.

 

كيف تقيم فترة إدارة المهندس شريف إسماعيل، رئيس وزراء مصر، لوزارة البترول وقتها، وللإدارة الحالية للمهندس طارق الملا من حيث الرؤية والإنجازات؟

فترة إدارة المهندس شريف إسماعيل لوزارة البترول، تعتبر من أزهى الفترات التي تطلبت قرارات حاسمة لانتشال الوزارة من أزمات تموينية طاحنة لعدم توافر أرصدة كافية من المنتجات البترولية، كما كانت الوزارة وقطاع البترول يعانيان من عدم قدرتهما على تدبير تمويل دولاري لشراء منتجات بترولية من الأسواق العالمية أو الزيت الخام، وفي ظل ضرورة اللجوء لاستيراد الغاز الطبيعي لإدارة عجلة الصناعة التي توقفت جزئيًا لعدم كفاية إنتاجنا من الغاز الطبيعي.

أدار "إسماعيل" الوزارة بهدوئه المعهود، وبدراسة متأنية وبسرعة اتخذ قرارات قوية كانت تشكل صعوبة على سابقيه، ولكنه اتخذها وعرضها على الرئيس السيسي الذي تفهم الموقف جيدًا وقاما بعدة مبادرات قوية باللجوء للأشقاء العرب لتدبير تمويلات لشراء جزء من احتياجات مصر من خلال تلك التعاقدات.

كما تولى أصعب القرارات الخاصة بتعديل أسعار شراء حصة الشريك الأجنبي من الغاز الطبيعي والتوافق من كبرى الشركات العالمية العاملة بمصر، بوعود ملزمة لحل مشكلة سداد المتأخرات والتي كان لها الأثر الإيجابي على تفعيل نشاط البحث والتنقيب، والتي نتج عنه اكتشاف حقل ظهر العملاق.

المهندس طارق الملا، وزير البترول الحالي، سار على نفس نهج سلفه، واتبع نفس السياسة دون إجراء تعديلات في السياسة البترولية المتبعة لإثبات الذات، ولكنه سار بالنمط الأوروبي باستكمال أعمال السياسة الناجحة الجاري اتباعها، وكان له إسهامات متعددة في مجالات مختلفة بهدف تفعيل العمل بقطاع البترول، عن طريق تحديث قطاع البترول المصري ليتواكب مع المراحل المتقدمة التي تم اتخاذها مع تحول مصر كمركز إقليمي دولي لتداول الطاقة، كما اتخذ قرارًا في منتهى الأهمية وغير مسبوق بإنشاء جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز في مصر وهذا نوع من اللامركزية للقرار وتفعيل دور القطاع الخاص المصري في جميع أنشطة الغاز بدءًا من استيراده من الخارج وحتى تداوله داخليا وخارجيا، كما اتسمت شخصيته بالهدوء والتقرب لجميع الشركاء الأجانب دون تمييز، ما أعطى لقطاع البترول مصداقية كبرى الشركات العالم