"إمام المسجد الحرام": لا تزال الأمة بخير وإن تغيرت الأحوال وكثر الاختلاف

السعودية




استهل إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل غزاوي خطبته بحمد الله والثناء عليه، وقال: عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء) رواه البخاري ومسلم، وعن سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللهُ عَنْه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: "الذين يَصلُحون إذا فسد الناس" وفي رواية أُخْرَى، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: “ناس صالحون قليل فِي ناسِ سوء كثير، ومن يعصيهم أكثرُ ممن يطيعهم”.

وأَضَافَ: “قد تحقق مَا أخبر عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحققاً بيناً لا خفاء فيه؛ فقد بدأ الإسلام غريباً ثم ظهر وعلا وعز أهله ودخل الناس فِي دين الله أفواجاً، ثم عادت غربته مرة أُخْرَى واشتدت وتجلت مظاهرها بوضوح، وهذه الغربة – عباد الله – ازدادت شَيْئاً فشَيْئاً بِسَبَبِ دخول فتنة الشبهات والشهوات على الناس، حتى استحكمت مكيدةُ الشيطان وأطاعه أكثر الخلق فعظمت الفتن والابتلاءات وتغيرت الأحوال والتبست الأمور، ولكن مع هذا فطريق الخلاص وسبيل النجاة من الفتن معلوم قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَادِرُوا بِالْأَعْمَال فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْل الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا. رواه مسلم.

أيها المسلمون: إن هناك حكمةً عظيمةً لابتلاء المؤمنين بالغربة ألا وهي تمييز الخبيث من الطيب ومعرفة الصادق من الكاذب وتبيين المؤمن من المنافق، وبذلك يتساقط الأدعياء وأهل الباطل ويثبت أهل الحق، قَالَ الله تَعَالَى (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ…) وقال عز من قائل (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُون، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).

وَتَابَعَ فضيله: قَالَ شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ :”ولا يقتضي هذا أنه إذا صار غريباً أَيْ الإسلام أن المتمسك به يكون فِي شر، بل هو أسعد الناس؛ كما قَالَ فِي تمام الحديث: (فطوبى للغرباء) وطوبى من الطيب؛ قَالَ تعالى:(طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنَ مَآبٍ) فإنه يكون من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لما كان غريباً وهم أسعد الناس”. مُوَضِّحاً بِأَنَّهُ عندما يقل الناصر ويعز المعين، يَأْتِي دور الغرباءِ المصلحين الذين يقومون بأمر الله ولا يجدون مؤيداً ولا ظهيراً من الناس بل صدوداً ومعاداة، فإنهم والحَالَة هذه يعظم أجرهم وترتفع عند الله منزلتهم.

أيها الإخوة :لهؤلاء الغرباء صفات خَاصَّة تدل على تميزهم وخيرتهم وثباتهم على مبدئهم وعلو همتهم وقوة إرادتهم.
وبين فضيلته صفاتهم التي تستفاد من الأحاديث الواردة فِي الغربة تمسكهم بالسنة عند رغبة الناس عنها وزهدهم فيها، وفي المقابل ترْكُ مَا أحدثه الناس من محدثات، وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقاً فلغربتهم بيْن الخلق يعُدُّونهم أهلَ شذوذ وبدعة لكن يكفيهم شرفاً تمسكهُم بدين الله وثباتُهم وأن الله ضاعف أجرهم؛ فعن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ :قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(يَأْتِي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر) رواه الترمذي.

وَتَابَعَ فضيلته: من صفاتهم التي صَرَّحَت بها الأحاديث أنهم يُصلحون أنفسهم عند فساد الناس، ويَلزمون الحقَّ ويعَضُّون عليه بالنواجذ، ويستقيمون على طاعة الله ودينه، كما أنهم كذلك يُصلحون مَا أفسد الناس من السنة والدين وينهون عن الفساد فِي الْأَرْض، وهي صفة الغرباء فِي كل زمان ومكان، قَالَ تعالى (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد فِي الْأَرْض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا مَا أترفوا فيه وكانوا مجرمين) ولا يمنعهم عدم قبول الناس للحق من القيام بِدَوْرِهِمْ قَالَ أويس القرَني رَحِمَهُ اللهُ :إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً، والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذونا أعداءً، ويجدون على ذلك من الفساق أعواناً، حتى والله لقد رموني بالعظائم، وايم الله لا يمنعني ذلك أن أقوم لله بالحق.

أيها المسلمون :إن أوصاف الغرباء المذكورة فِي الأحاديث تدلُّنا على أنهم ليسوا أناساً صالحين فحسب بل هم مصلحون أهل بصيرة وغَيْرة ودعوة وإِصْلَاح، وليسوا ممن عاش لنفسه واهتم بخاصته وانعزل عن مخالطة الناس بِسَبَبِ مَا أصابه من اليأس والقنوط والاستسلام للواقع بل هم من الخيرة الذين امتدحهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله:(الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يتحمل أذاهم) رواه الترمذي وابن ماجه.

وَنَوَّهَ فضيلته بأنهم يدعون من ضل إِلَى الهدى ويصبرون منهم على الأَذَى ويتضح من أحاديث الغربة أنه ينبغي لأهل الحق عند غربة الإسلام أن يقوموا بِدَوْرِهِمْ فِي الإِصْلَاح ويزدادوا نَشَاطاً فِي بيان أحكام الإسلام والدعوة إِلَيْهِ ونشر الفضائل ومحاربة الرذائل والدفاع عن السنة والتحذير من البدع والمحدثات، وأن يشمروا عن ساعد الجد وأن يستقيموا على الدعوة ويصبروا عليها يرجون مَا عند الله من المثوبة، وعليهم أن يستقيموا فِي أنفسهم على ذلك حتى يكونوا من الصالحين عند فساد الناس ومن المصلحين لما أفسد الناس قَالَ تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) ولما سألت زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟) قَالَ: (نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ) رواه البخاري، فالمانع والحائل من تزول العذاب وحلول الهلاك هو الإِصْلَاح لا مجرد الصلاح، فيجب أن يكون الإِنْسَان صالحاً فِي نفسه مصلحاً لغيره.

وَأَشَارَ فضيلة الشيخ غزاوي إِلَى أنه لا تزال الأمة بخير ولله الحمد، وإن تغيرت الأحوال وكثر الاختلاف فهناك من هو على الجادة يعمل على نصرة الإسلام ويضحي بالغالي والرخيص من أجل إعلاء كلمة الله، وشعاره (من للإسلام إن لم أكن أنا) وهولا ينتظر أن يتحرك غيره لنصرة الدين حتى يتحرك هو، ولا أن يَطلبَ منه أحد أن يقدم لأمته ودعوته، بل هو مبادر يعد نفسه هو المؤتمن على دين الله والمسؤول عن إِصْلَاح المجتمع ورد الناس إِلَى مَا كَانُوا عليه من الهدى ودين الحق.

عباد الله: إن مِمَّا يفهمه أكثر الناس عند سماع أحاديث الغربة وأحاديث الفتن وتغير الأحوال كحديث (ما من عام إلا والذي بعده شر منه) وحديث (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كَثِيراً) يفهمون من ذلك أن هذا مسوغ لاسْتِمْرَار الأمة فِي ضعفها وذلتها وهوانها وبقاء أهلها على الخنوع والانهزامية والانكسار والإِحْبَاط وغاب عنهم أو نسوا أن هناك أحاديثَ أُخْرَى تدل على عزة الأمة ودورهِا الرائد ومستقبلِها الباهر كما فِي قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مثَلُ أمتي مثَلُ المطر لا يُدرى أوله خير أم آخره) رواه الترمذي من حديث أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْه وقوله: لا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ) أخرجه البخاري ومسلم من حديث معاوية رَضِيَ اللهُ عَنْه وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( بشر هذه الأمةَ بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين فِي الْأَرْض..) رواه أحمد من حديث أبي بن كعب وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها (رواه أبو داود، فهذه النصوص مكملة لتلك وموضحة لها ولا تعارض بينها بحمد الله.

معاشر المسلمين: إن مَا يصيب الأمة من أزمات وضعف ونكبات، وما يمر بها من محن وهزائمَ وابتلاءات مَا هو إلا تذكير وتَنْبِيه لها لتُفيق من رقدتها وتستيقظَ النفوسُ من سباتها وغفلتها؛ لِأنَّ هذه الأمة المباركة قد تمرض وقد تضعف وتتردى أوضاعها وتعصف بها الفتن وتشتد أزمتها، كما هي الحال فِي الأزمنة المتأخرة، لكنها بالرغم من ذلك كله لا تموت ولا تبيد، بل تظل كما وصفها الله (خير أمة أخرجت للناس) فهي الأنفع والأصْلح لأمم الْأَرْض لأنها تحمل رسالة عالمية، تفيد كل الناس، مهما كَانُوا، وأينما كَانُوا، ومقدار أفضليتها مرتبط بمقدار نفعها لغيرها.

أيها الإخوة فِي الله :لقد أحاط أعداء هذه الأمة برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن معه من المؤمنين فِي المَدِينَة، إحاطة السوار بالمعصم، فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أصحابه يحفر الخندق، ويعدهم بكنوز فارسَ والروم، فتشربت النفوس المؤمنة هذه البشائر، وتفاءلت رغم تفاقم الأزمة، ومع تلك الشدة والضيق فقد تحقق وعد الله (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً، وكفى الله المؤمنين القتال) واستمرت هذه الأمة المرحومة فِي مسيرتها تتجاوز العقبات، وتحَقَّقَت لها بِفَضْل الله تلك الأمجادُ والفتوحات فِي عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من خلفاء بني أمية وبني العباس، حتى جاءت الكارثة المغولية، وما حدث من رزية فِي بغداد كانت من أعظم مَا حل بالمسلمين من المذابح والنكبات فِي تاريخهم، حتى جرت أزقة بغداد بأنهار الدم وَحَتَّى اختلف العلماء فِي عدد القَتْلَى حيث أوصله بعضهم إِلَى ثماني مئة ألف، فأصاب الناس الإِحْبَاط، ورأوا أن راية التوحيد قد نُكست وشوكة الإسلام قد انكسرت، وَحَتَّى قيل إن العالم الإسلامي لن تقوم له قائمة بَعْدَ ذَلِكَ ولكنها سنوات يسيرة جِدّاً وينبض قلبُ الأمة الحي، وتتحرك روحُها الدافقة، وتنهض عزيمتُها الصادقة، فيتحول الضعف إِلَى قوة، والذلة إِلَى عزة، لتَكسر شوكة التتار الوثنيين ويبطل الاعتقاد الذي كان سائداً بأن جيش التتار لا يهزم، وينحصر المد التتري، ويقضى على أكابر مجرميه، ويدخل أهل بلاد التتار فِي دين الله أفواجاً، وبعدها بسنوات عادت الحَمْلَات الصليبية، واحتلت بيت المقدس، ودمرت وقتلت وسبت فِي بلاد الشام خلقاً لا يحصيهم إلا الله تبارك وتعالى، ولكن بعد سنوات أَيْضاً هيأ الله بِفَضْله القائد صلاحَ الدين الأيوبي فعادت الأمور إِلَى نصابها وحفظت مقدسات المسلمين واندحر العدو الأثيم.

ومما يثبته التاريخ أنه جاءت فترات ركود وجمود فِي العالم أعقبتها أزمنة حركة وتجديد وازدهار بظهور الأئمة المجددين والعلماء المصلحين.

واستهل فضيلته خطبته الثَّانِية: أيها الإخوة إن من المتقرر عند أهل الإسلام أن الله قد تكفل بحفظ دينه وظهوره حتى تبقى حجته قائمة على العباد، قَالَ الله تَعَالَى: (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً)، وهذا الظهور ليس فِي زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحسب بل فِي كل الأزمان فعن ثوبان رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ :قَالَ رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْض، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا..) رواه مسلم، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا)، وهذا كله دليل واضح على أن الدين محفوظ مهما اندرست معالم الحق وانمحت رسوم السنة وأن الغربة قد تقع ثم تزول ويعود الدين إِلَى قوة ونشاط وانْتِشَار.

ووظيفة هذه النصوص وأمثالِها إشاعة الأمل فِي النفوس وزرع بذور التفاؤل فِي الأرواح التي آلمها ما حل بالمسلمين من المصائب وخيم عليها اليأس والقنوط، وهي بشائر أَيْضاً تثبت اليقين فِي القلوب وتستحث الهمم من أجل مزيد من العمل للدين. إن مَا شهده التأريخ مُنْذُ بزوغ فجر هذا الدين العظيم من مؤامرات للقضاء عليه أمر لم يتعرض له أَيْ دين آخر وأي ملة أُخْرَى من محاولات الاجتثاث والإقصاء والتشويه، ومع ذلك نرى هذا الدين – بِفَضْل الله – لا يزداد إلا انْتِشَاراً وقبولاً لأنه هو دين الفطرة الذي ارتضاه الله للناس.

وحث فضيلة الشيخ غزاوي أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كونوا على يقين أن أمر الله غالب ودينَه منصور وغربتَه زائلة فأقيموا دين الله وتمسكوا به وكونوا من أنصاره، ويا دعاة الحق ابذلوا المزيد من الجهود فِي سبيل إِصْلَاح مجتمعاتكم والدعوة إِلَى الحق وتبصير الناس بدينهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويا أيها المصلحون ويا أيها المربون احرصوا على النشأ علموهم عقائد التوحيد الصحيحة ومنهجه السليم وحذروهم من الاعتقادات الباطلة والتصورات المنحرفة والمناهج الزائغة والأفكار الضالة وادعوهم إِلَى فضائل الإسلام وحذروهم من الرذائل والآثام.

ويا شباب الإسلام ويا فتيات الإسلام، اعتزوا بدينكم وتمسكوا بتعاليمه القائمة على الوسطيةِ والاعْتِدَال، ولا تَبعُدوا عنه وتسلكوا غير سبيله فتكونوا سبباً فِي غربته.، ويا نساء المسلمين استشعرن المكانة المرموقة لكن فِي الإسلام فتمسكن بتعاليمه السمحة وتجملن بآدابه وقمن بدوركن فِي التربية والإِصْلَاح واحذرن دعاة الضلالة والهوى.

وختم فضيلته خطبته قَائِلاً :أناشدكم الله لو أن كل أب وكل أم وكل مرب وكل معلم وكل راع وكل مؤتمن قَامَ بالدور المنوط به وأدى الأمانة التي حملها هل يَحْصُل ما نراه من تغير ومخالفات؟ هل قَامَ كل واحد منا بِدَوْرِهِ بما يخلي تبعته ومسؤوليته أمام الله؟ فكل امرئ حسيب نفسه، وكل إِنْسَان على نفسه بصير، والله الموعد.