ما المقصود بـ"القتل صبرًا" في الإسلام؟

إسلاميات



كان خبيب بن عدي الصّحابي الجليل من الأنصار، رجل عالم بالدّين انتدبه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لتعليم المشركين الإسلام والقرآن مع عددٍ آخر من الصّحابة، فغدر بهم في طريقهم المشركين فقتلوا عدداً منهم وأسروا عدداً آخر.

فأُخذ الصّحابي الجليل أسيراً إلى مكّة وابتاعه هناك قومٌ كان بينهم وبينه ثأرٌ قديمٌ، فقد كان خبيبٌ رجلاً شجاعاً قدّم أعظم النّماذج في الفداء في غزوة بدر و قتل عدداً من المشركين وكان ممّن قتله رجل من بني الحارث فوجدوا فرصتهم حين أسر وأُتي به إلى مكّه للأنتقام لقريبهم.

أُخذ الصّحابي الجليل خبيب وفي نيّة القوم قتله ولمّا أرادوا قتله وجدوا أنّهم في الأشهر الحرم وقد كان المشركون يمتنعون عن القتال والقتل فيه فحبسوه في بيتٍ يسكنه رجل مع أهله حتّى تنقضي الأشهر الحرم وعند انقضائها أُتي به رضي الله عنه ونصبت له خشبةٌ على شكل الصّليب وقدّم فطلب رضي الله عنه الصّلاة فكان أول من سنّ الصّلاة حين القتل فأذنوا له وكره الإطالة حتّى لا يظنّوا أنّه يطيلها جزعاً، وسألوه يا خبيب أتحبّ أن تكون في بيتك آمناً مطمئناً و يكون محمدٌ مكانك فكان جوابه بلسان المحبّ العاشق لنبيّه، ما أحبّ أن أكون بين أهلي ولو شيك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيكةً واحدةً.

فقدّم رضي الله عنّه ووضع على الصّليب في مشهدٍ مهيب رافعاً رأسه مطمئن الجنان مرتاح الأركان فأنشد مترنماً، ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أشلاء شلوٍ ممـــزع، فاستشهد رضي الله عنه و كان قتله صبراً . 

فقل الصّبر، فقتل الصّبر هو وصفٌ لطريقة القتل وليس للقتل نفسه فليست محصورةٌ بالمسلمين بل هي لفظٌ عامٌ لجميع النّاس بل جميع الخلق حتى البهائم، وقد نهى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أن يقتل الرّجل صبراً وهذا من كمال الدّين ورحمة التّشريع .