برلمانية تتقدم بطلب عاجل بشأن الإلزام بتعيين المرأة في الوظائف القضائية (صور)

أخبار مصر



تقدمت النائبة نادية هنري، بطلب عاجل للدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، بشأن تعجيل نظر مشروع القانون المُقدم منها بشأن الإلزام بتعيين المرأة في الوظائف القضائية بجهات وهيئات القضاء على اختلاف أنواعها وبجميع درجاتها إنصافا للحقوق التي كفلها الدستور والقانون وحسما لكل جدل.

وجاء نص الطلب:-
الدكتور رئيس مجلس النواب
تحية تقدير لشخصكم الكريم
اتصالا بالطلب المُقدم مني في 7/2/2018 بشأن استعجال مناقشة مشروع القانون المُقدم مني ومن عشر السادة أعضاء مجلس النواب المُوقر بشأن الإلزام بتعيين المرأة في الوظائف القضائية بالجهات والهيئات القضائية.

وبمناسبة ما تداوله برنامج العاشرة مساءاً الذي يُقدمه الإعلامي وائل الإبراشي على قناة دريم الفضائية والذي تناول قضية تعيين المرأة بالقضاء على أثر صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة في الطعن 30105 لسنة 60 قضائية بجلسة 15/4/2017 فيما تضمنه من عدم ملاءمة عمل المرأة بالقضاء والسابق تناوله في طلبي السابق المؤرخ 7/2/2018.

وقد ادعى بعض المتحدثين بالبرنامج حُجج ساقوها محاولة لإنكار هذا الحق والواجب الدستوري، من جانب، ومحاولة لابتداع معوقات تحول دون تعيين المرأة بجهات وهيئات القضاء المصري من جانب أخر، وكان خلاصة ذلك فيما يلي:

1) أن المادة 11 من الدستور تتعارض مع المادة 2 من الدستور لتعارض عمل المرأة بالقضاء مع أحكام الشريعة الإسلامية التي قررت هذه المادة أنها المصدر الرئيسي للتشريع.

2) أن المادة 11 من الدستور تُخاطب مجلس النواب لكي يُنظمها في نصوص تشريعية.

3) أن الحمل وإجازة الوضع والنقاب هم المُعوِّقْ لعمل المرأة بالقضاء.

ما تقدم أوجد لزاماً - أهمية التعرض لهذه الحجج بالرد، منعاً لمحاولات الهروب - مما اعترى الحكم من مخالفة الدستور والقانون – من خلال تعريض حق المرأة في العمل بجميع الوظائف القضائية إلى خلاف ديني ومذهبي، يُعيدنا إلى مشهد التطرف الذي كان أهم أسباب قيام ثورة 30 يونيو 2013، ونوجز الرد على النحو الأتي:

أولا: بالنسبة لادعاء تعارض المادة 11 مع المادة 2 من الدستور لتعارض عمل المرأة بالقضاء مع أحكام الشريعة الإسلامية:

بادئ ذي بدء أن المادة (227) من الدستور تنص على أن: " يُشكّل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجا مُترابطاً، وكلاً لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة. "

ومفاد هذا النص أن الأصل في النصوص الدستورية أنها تُفَسَّرْ بافتراض تكاملها باعتبار أن كلاً منها لا يَنْعزِلْ عن غيره، وإنما تجمعها تلك الوحدة العضوية التي تُستَخْلَصْ منها مَراميها، ويتعيَّن بالتالي التوفيق بينها بما يزيل شُبهة تعارضها ويَكْفُل اتصال معانيها وتضاممها، وترابط توجهاتها وتساندها، ليكون ادعاء تماحيها لغواً، والقول بتآكلها بهتاناً.

(المحكمة الدستورية العليا - القضية رقم 14 لسنة 8 ق "دستورية" بجلسة 15/4/1989)

 ومن ثم فإن لا مجال للقول بوجود تعارض بين نصوص الدستور، ومنها نصا المادتين 2 و11، وتأكيداً على ما سبق، ما يلي:

1-    إن المادة 11 "الفقرتين الأولى والثانية" من الدستور تنص على أن: " تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور.

وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. "

وإذ كان الأصل - كما يُقرر الأصوليون - أن النص القانوني يكون واضح الدلالة على المراد منه، وليس أجدر بهذا الأصل من النص الدستوري نص أخر. والقاعدة انه متى كانت عبارة النص واضحة لا لبس فيها، فانه يجب أن يعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متي كان واضحاً جلي المعني قاطعاً في الدلالة على المراد منه.

(محكمة القضاء الإداري - الدعوى رقم 291 لسنة 48 ق جلسة 22/10/2000)

ومما لا شك فيه أن المادة 11 من الدستور واضحة الدلالة على أن المراد منها - بما ليس فيه مجالا للبس ولا التأويل - أن تكفل الدولة للمرأة حقها في التعيين في جهات وهيئات القضاء، دون تمييز ضدها.

وتنص المادة 53 "الفقرتين الأولى والثانية" من الدستور على أن: " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.

التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. "

ومما لا شك فيه أن المادة 53 من الدستور واضحة الدلالة على أن المراد منها - بما ليس فيه مجالا للبس ولا التأويل – هو تحقيق المساواة بين المواطنين، دون تمييز ضدهم بسبب الجنس، وهو نص عام سبقه تخصيص الدستور للمرأة نص خاص يضمن لها توليها جميع المناصب في الدولة بما فيها جميع الوظائف القضائية.

2-    ان المادة 2 من الدستور تنص على أن: " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. "

وفي هذا الشأن تضمنت ديباجة الدستور أن: " نكتب دستوراً يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنته مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن. "

وفي تفسير هذه القاعدة قضت المحكمة الدستورية العليا بإن: " قضاء المحكمة الدستورية العليا مطرد على أن ما نص عليه الدستور في مادته الثانية - بعد تعديلها في سنة 1980 - من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إنما يتمخض عن قيد يجب على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحراه وتنزل عليه في تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل، فلا يجوز لنص تشريعي، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادؤها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلا. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. "

(المحكمة الدستورية العليا - القضية رقم 8 لسنة 17 ق "دستورية" بجلسة 18/5/1996 مكتب فني 7 الجزء رقم 1 صفحة 656)

متى كان ذلك، وكانت صلاحية المرأة لولاية القضاء بكافة صوره - تحقيقاً وحسماً – من الموضوعات التي لم يرد بشأنها أحكاما قطعية في ثبوتها ودلالتها، وإنما هي من المسائل الذي اتسع فيها دائرة الاجتهاد.

الموقف الشرعي من قضية تعيين المرأة في القضاء:

ولا يفوتني الإشارة إلى أن المؤسسات الدينية الإسلامية حسمت هذه المسألة بإصدار فتوى في 22/10/2002 موقعة من كل من فضيلة شيخ الأزهر، وفضيلة مفتي الجمهورية، ووزير الأوقاف ردا على وزير العدل بشأن تحديد الموقف الشرعي من قضية تعيين المرأة في القضاء جاء نصها على أنه: " لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء "

خلوة المُداولة:

كما تجدر الإشارة كذلك إلى أن لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية في 27/1/2015 انتهت إلى: " فعملك كوكيل للنيابة الإدارية حلال شرعًا، وما تقتضيه طبيعة العمل أحيانًا من إغلاق باب الحجرة مع السماح بالدخول لأي أحد في أي وقت ليس حرامًا ما دامت الريبة مأمونةً ولا يُعَدُّ ذلك من الخلوة المحرمة. "

ثانيا: أن المادة 11 من الدستور تُخاطب مجلس النواب لكي يُنظمها في نصوص تشريعية:

نوجز الرد بالتنويه بأن المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم ١ لسنة ٣٢ ق بجلسة ١٤/3/٢٠١٠ قررت أن " عبارة يعين عضوا في مجلس الدولة تنطبق على كل من يحمل الجنسية المصرية " وذلك إجابة مباشرة وصريحة من المحكمة الدستورية العليا على طلب رئيس الوزراء - عندما ثار خلاف بين المجلس الخاص للشئون الإدارية لمجلس الدولة والجمعية العمومية للمجلس بشأن تطبيق هذين النصين فيما يتعلق بمدى جواز تعيين السيدات في وظيفة مندوب مساعد بالمجلس - تفسير البند (1) من المادة (73) من قانون مجلس الدولة الذى ينص على أنه : يشترط فيمن يعين عضواً في مجلس الدولة (1) أن يكون مصرياً متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة".

ومما تجدر الإشارة إليه أن إعمال المحكمة الدستورية العليا لسلطتها في مجال التفسير التشريعي المنصوص عليه في قانونها وعلى ما جرى به قضاؤها يخولها تفسير النصوص القانونية تفسيراً ملزماً للناس أجمعين، نافذاً في شأن السلطات العامة ، والجهات القضائية على اختلافها ، تكشف فيه عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص ، وحقيقة ما أراده منها، وتوخاه بها ، محدداً لدلالتها تحديداً جازماً لا تعقيب عليه ، ولا رجوع فيه، وقوفاً عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها ، بلوغاً إلى حسم ما ثار من خلاف بشأنها ، حتى تتحدد نهائياً المراكز القانونية للمخاطبين بأحكامها ، على ضوء هذا التفسير الملزم.

(يراجع في ذلك طلب التفسير رقم ١ لسنة ٣٢ ق بجلسة ١٤/3/2010)

ثالثا: أن الحمل وإجازة الوضع والنقاب هم المُعوِّقْ لعمل المرأة بالقضاء:

أن المرأة تعمل قاضية بالمحكمة الدستورية العليا، وبالقضاء العادي، وبالنيابة الإدارية، وبهيئة قضايا الدولة، ولم يقف الحمل أو إجازة الوضع المُحددة قانوناً حائلا دون قيامها بولايتها القضائية على أكمل وجه مثلها في ذلك مثل الرجل.

بالنسبة لحصول المرأة على إجازة الوضع وفترة الحمل:

نشير إلى أن قانون السلطة القضائية – باعتباره القانون الأساسي المنظم لحقوق وواجبات وضمانات أعضاء جهات وهيئات القضاء على اختلافها – نظم الإجازات التي يجوز أن يحصل عليها القاضي ومنها إجازة المرض وقرر كذلك جميع الإجازات المُقررة لموظفي الدولة مثل إجازة الحج وغيرها مما نظمته تشريعات الخدمة المدنية.  

بالنسبة لتعارض ارتداء النقاب مع وجوب علم المتقاضين بقاضيهم:

1-    أن تشريعات التقاضي أوجبت قواعد تتعلق بضمانات الحياد، ومنها علم المتقاضين بالقاضي الذي يفصل في دعواهم، وهو ما يُشكل واجبا على القاضي بألا يأتي من جانبه بما يحجب عن الناس هذا العلم، وإلا كان قضاؤه باطلا.

2-    إن البين من قرار وزير العدل رقم 2625 لسنة 1977 قد نظم الزي الرسمي للقضاة وأعضاء النيابة والمُحدد بما يجب ارتدائه أثناء الجلسات ويُعد مانعاً لارتداء غيره أو الخروج عليه.

مع الإشارة إلى إمكانية النص قانونا على ما تضمنه قرار وزير العدل بما يُحقق الانضباط والمظهر اللائق للقضاء في المحاكم والنيابات. 

وبناء على ما سبق عرضه يتضح وبجلاء الإخلال بحق المرأة في التعيين في الوظائف القضائية بجهات وهيئات القضاء، بل امتداد هذا الإخلال إلى تعريض المرأة للإهانة والتمييز ضدها في شغل هذه المناصب بالمخالفة للمادة 11 من الدستور.

وإذ تنص المادة 5 من الدستور على أن: " يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته، على الوجه المبين في الدستور. "

وتنص المادة 224 "الفقرة الثانية" من الدستور على أن: " تلتزم الدولة بإصدار القوانين المُنفذة لأحكام هذا الدستور."

الأمر الذي يستدعي سرعة تدخل مجلس النواب بإصدار تشريع يحمي هذا الحق الدستوري الأصيل للمرأة ليترجم نصوص الدستور في هذا الشأن من مجرد حقوق نظرية إلى فائدة عملية.

لذلك أطلب من سيادتكم تعجيل نظر مشروع القانون المُقدم مني ومن عشر مجلس النواب المُوقر بشأن الإلزام بتعيين المرأة في الوظائف القضائية بجهات وهيئات القضاء على اختلاف أنواعها وبجميع درجاتها انصافا للحقوق التي كفلها الدستور والقانون، وحسما لكل جدل.