جزاء الصابرين في القرآن والسنة

إسلاميات



يُمكن إجمال ما جاء في القرآن والسنّة في جزاء الصابرين بالآتي:

الصبر بابٌ لتكفير الذنوب والسيّئات والآثام: 
إنّ الصبر يُعدّ من أوسع أبواب تكفير الخطايا والذنوب، وقد رُوي أنّ - النبي صلى الله عليه وسلم - قال: (ما يصيبُ المؤمنَ من وصبٍ، ولا نصبٍ، ولا سقمٍ، ولا حَزنٍ، حتَّى الهمَّ يُهمُّه، إلَّا كفَّر به من سيِّئاتِه).

وروى البخاري بسندٍ صحيح أن - النبي صلى الله عليه وسلم - قال: (ما مِن مصيبةٍ تصيبُ المسلِمَ إلَّا كفَّرَ اللَّهُ بِها عنهُ، حتَّى الشَّوكةِ يُشاكُها)، فكلّ ما يُصيب المؤمن من البلاء ويَصبر عليه يُكفِّر عنه ذنوبه، وطالما هو صابرٌ لما أصابه ازداد أجر صبره. 

البلاء للصابر دليلٌ على أن الله راضٍ عنه: 
إنّ مَن يبتليه الله بالمَصائب والهموم والأوجاع والأسقام فإنّما ساق له الأجر والمغفرة إن كان من أهل الصبر والإيمان؛ حيث إنّ المَصائب من أكبر وأهمّ أبواب تكفير الذنوب، وكلّما ازداد البلاء وازداد معه صبر العبد أصبح أكثر قرباً من الله - عزَّ وجل - وقد رُوي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من يُرِدِ اللَّهُ بِه خيرًا يُصِبْ مِنهُ)، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً في روايةٍ أخرى: (إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالَى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضِي فله الرِّضا ومن سخِط فله السُّخطُ).

وقد روي أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِه وولدِه ومالِه حتَّى يلقَى اللهَ تعالَى وما عليه خطيئةٌ).

بالصبر يَزداد المُسلم قرباً من الله تعالى: 
إذا اختار الله لأحد عباده المتّقين مَنزلةً رفيعةً ثم لم يبلغها بالعمل الصالح فإن الله حتى يجعله يُدرك تلك المنزلة سيَبتليه بمرضٍ يُصيبه أو يُصيب حبيباً له فيصبر على ذلك فيؤجر ويَزداد قرباً من الله حتى يبلغ تلك المنزلة، وقد رُوي في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إنَّ العبدَ إذا سبقت له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغْها بعمله ابتلاه اللهُ في جسدِه أو في مالِه أو في ولدِه ثم صبَّره على ذلك حتى يُبلِّغَه المنزلةَ التي سبقت له من اللهِ تعالى).

وروي كذلك عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً قالَ الأَنبياءُ ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ؛ يُبتلَى الرَّجلُ علَى حسَبِ دينِهِ، فإن كانَ في دينِهِ صلبًا اشتدَّ بلاؤُهُ، وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ ابتليَ علَى قدرِ دينِهِ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي علَى الأرضِ وما علَيهِ خطيئةٌ).

الصبر دليلٌ على قوّة وصدق الإيمان: 
وذلك لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لِأَمْرِ المؤمنِ؛ إنَّ أمرَهُ كلّه له خيرٌ، وليس ذلك لأحَدٍ إلَّا للمؤمنِ؛ إنْ أصابَتْه سرَّاءُ شَكَرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضَرَّاءُ صَبَرَ فكان خيرًا له)، فإنّ المؤمن إن صبر على قضاء الله وقدره، وعلمَ يقيناً أنّ ذلك إنّما أصابه بأمر الله ومَشيئته، فسيكون ذلك الصبر دليل صدقِ إيمانه وقوّة عقيدته، وإن أصابَه خيرٌ فإنّه سيَعلم أنّ الله عزّ وجل هو من هَيّأ له ذلك الخير، ولذلك فإنّه سيشكُر الله على ما أنعمَ به عليه من نعم، وبالتالي يكون ذلك أيضاً خيراً له.

الصبر أفضل ما يُعطَى العبد: 
رُوي أنّ أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: (إن ناسًا من الأنصارِ سألوا رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فأعْطَاهم، ثم سألُوهُ فأعْطاهم، حتّى نَفِدَ ما عندهُ، فقال: (ما يكون عِندَي من خيرٍ فلن أدَّخِرَهُ عنكم، ومن يستعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَستَغنِ يُغنِهِ اللَّهُ، ومَن يتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ مِنَ الصَّبرِ).