مي سمير تكتب: أردوغان الصديق غير الوفى للجميع

مقالات الرأي



أفقد تركيا احترام العالم


لا يعرف الرئيس التركى، ولاء لأحد إلا لنفسه، هكذا وصف ستيفان ريتشير، الباحث السياسى الألمانى، رجب طيب أردوغان، فى تحليل حمل عنوان «أردوغان الصديق غير الوفى للجميع»، نشره على موقع المركز البحثى «ذا جلوبالسيت»، حذر فيه من خطورة أردوغان على السياسة العالمية واصفاً إياه بأنه يطلق القذائف لإشغال الأوضاع الدولية لتنفيذ سياساته المجنونة. ستيفان ريتشير هو الناشر ورئيس تحرير مجلة ذا جلوباليست، المتخصصة فى الاقتصاد والسياسة والثقافة العالمية، والتابعة لمركز الأبحاث الأمريكى الذى يحمل نفس الاسم.


أدار ريشتر، شركة اتصالات استراتيجية عالمية، مقرها فى واشنطن، تولت تقديم المشورة للوزراء والرؤساء التنفيذيين للحكومات، إلى جانب البنوك العالمية والشركات الدولية والمنظمات والمؤسسات حول العالم، وبهذه الصفة، عمل مستشاراً لوزارة الاقتصاد الألمانية لشئون أمريكا الشمالية ونائب المستشار الألمانى فى أوائل التسعينيات، عندما نجح فى تشكيل حملة «الولايات الاتحادية الجديدة»، والتى تم تصميمها لخلق صورة ديناميكية جديدة لألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة.


1- جنون العظمة

تبدأ المقالة بالإشارة إلى أن أردوغان رجل معقد لحد كبير، ومغرور بالقدر الكافى لكى يعتقد أنه قادر على إدارة المشهد الدولى وفقاً لرغباته وتحريك الدول ضد بعضها كما يريد.

لا يريد أردوغان إدراك حجمه الحقيقى الصغير للغاية، ولهذا يعتقد ريتشير أن الرئيس التركى لا يخدم أمته بشكل جيد، لأن أردوغان تسبب فى تقليص قدر الاحترام الذى كانت تحظى به تركيا فى العالم.

يزعم أردوغان، أمام العالم أنه يرغب فى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من المشكلات ولكن هذه الرؤية بعيدة عن التحقق بفضل تورطه فى مشاكل وصراعات مع دول المنطقة تقريباً، من مصر إلى سوريا ومن إيران إلى العراق، ومع عدم انزعاجه من فشله الكامل فى الوفاء بوعده، فإن أردوغان - مع ميله إلى العظمة غير المتناسبة - خلق توترات كبيرة مع الدول الكبرى خارج جواره المباشر.

على سبيل المثال، كان أردوغان يحب روسيا، ثم تعهد بإذلالها، ثم أعلن أنه يحبها مجدداً وهو ما ينطبق على الولايات المتحدة، وكان من المفترض أن يكون صديقاً كبيراً لها، وعندما لم تسلم غريمه فتح الله غولن، وصف الولايات المتحدة بكل أنواع الأسماء.

يصف ريتشير، الرئيس التركى بأنه يعمل مثل تاجر سجاجيد، رخيص، الأمر الذى ترك طعماً كريهاً فى أفواه العديد من الزعماء فى جميع أنحاء العالم. وحسب المقالة فإن أردوغان يتعامل مع الجميع وفق منطق الصفقة التجارية.

فى هذا الإطار لم تتلق ألمانيا معاملة أفضل من الدول الأخرى، مع تسليط الضوء على أردوغان، الذى لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، فوصف برلين بأنها تتصرف مثل نازيين جدد، وفى نمطه الثنائى الكلاسيكى، عندما رأى أردوغان النتائج الاقتصادية للازدراء الذى لا أساس له تجاه ألمانيا، قال لوزرائه فى مناسبات كثيرة إنه يحبها.


2- تمزيق احترام تركيا

فى ظل الغرور الكبير التى يعانى منه أردوغان، وتعظيمه غير الواقعى لدوره فى الأحداث الدولية، حيث يعتقد أنه العقل المدبر وراء الأحداث العالمية، استطاع تقليص حجم الاحترام الذى كانت تتمتع به تركيا.

الرئيس التركى محاصر بمجموعة من الرجال الذين يحرصون على تمجيد كل قراراته، ما أفقده أى إحساس بالواقع، ولا المحيطين به، وعدم قول الحقيقة له، خوفاً من الإطاحة بهم على أقل تقدير ونتيجة لذلك، لا يرى أردوغان أن تركيا تحولت فى الواقع إلى دولة يتلاعب بها الجميع. الرئيس الروسى فلاديمير بوتين هو أوضح مثال، فهو يحتقر أردوغان إلى حد كبير بينما يعتقد الأخير أنه ند لرئيس إحدى القوى العظمى بالعالم وفى الحقيقة يتلاعب بوتين بالرئيس التركى، الراغب دائما فى لفت الانتباه.

فى هذا الإطار انتقد ستيفان ريتشير طريقة تعامل الدولة الغربية مع الرئيس التركى، مشيرا إلى أنها ليست مقيدة إلى حد كبير، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها تبالغ فى خيارات تصرفات أردوغان خارج حلف الناتو والغرب.

ومن المؤكد أن الرئيس التركى، يمكنه الانتقال إلى خيارات دعم أخرى، ولكن أيا منها لن توفر لتركيا الثروة والاندماج فى تقسيم العمل الدولى الذى يمكن للغرب أن يفعله.

ولهذا السبب، بدلا من الاستمرار فى محاولة التعامل مع سياسات أردوغان وأخطائها، محاولة لاختراق الأدغال، فمن المؤكد أن الوقت قد حان للتكلم بشكل أكثر وضوحاً ومباشرة إلى أردوغان، وإبلاغه أن خياراته الحقيقية محدودة جداً وأن صبر الجميع بدأ ينفد، وأن سياسته المكشوفة فى تحريك الدول ضد بعضها هى لعبة هواة.

يرى الكاتب أن تركيا تتمتع بوزن منخفض للغاية، حتى يكون لها تأثير حقيقى فى نتائج اللعبة الدولية، ورغم ذلك هناك البعض الذى لا يزال يعتقد العكس مثل ألمانيا التى ترى أنها مقيدة فى مواجهة أردوغان، ويمكن ان تستمر هذه الفكرة 10 سنوات مقبلة قبل أن تدرك أن مصلحتها مساعدة المسلمين الليبراليين الواقعين تحت تهديد خطير من جانب أردوغان.


3- تحالفات غير شريفة

حاليا، وعد أردوغان، بتخليص المنطقة برمتها من أى إرهابى، لكنه يترجم الصفة إلى حزب العمال الكردستانى، حيث شنت تركيا أكثر من 25 عملية عسكرية ضد الأكراد فى الـ 25 سنة الماضية.

يذكر أنه فى 20 يناير الماضى، شنت تركيا عملية عسكرية لتطهير محيط المنطقة الحدودية «عفرين» فى شمال غرب سوريا، من القوات الكردية، وخرجت تقارير صحفية تؤكد على تحالف تنظيم القاعدة مع تركيا فى هذه الحرب.

أفادت التقارير بأن جماعة هيئة تحرير الشام، «جبهة النصرة سابقاً» التابعة لتنظيم القاعدة، تقاتل بجانب قوات أردوغان، وانضم الجيش التركى وحلفاؤه من الجيش السورى الحر، وتنظيم القاعدة لمهاجمة المقاتلين الأكراد فى منطقة عفرين وفقاً لتقارير من مصادر موالية للقاعدة وأنقرة.

وتقول جميع التقارير - بما فيها تلك التى أطلقتها صحيفة هيئة تحرير الشام نفسها - إن تنظيم القاعدة يعمل فى الريف الجبلى بالقرب من بلدة دارت عزة ضد الجناح الجنوبى للقوات الكردية، كما نشر الجناح الإعلامى للهيئة تقريراً جاء فيه أن الميليشيات أعادت نقطتين بالقرب من بلدة قلعة سمعان.

وهذا يعنى أنه حتى فى إطار القدرة الدفاعية، فإن الجماعة المسلحة التى تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، تعمل داخل الأراضى الواقعة تحت الضم المباشر للجيش التركى، أى أنه فى الوقت الذى يزعم فيه أردوغان القضاء على الإرهاب يتحالف الرئيس التركى مع إرهابيين لتحقيق أهدافه.