أطفال تائهون بين التدين والإلحاد

العدد الأسبوعي

أطفال - أرشيفية
أطفال - أرشيفية


قارنوا كتب الفلسفة بكتب الدعاة.. فشعروا بـ"الضياع"

طلاب إعدادى الأكثر استعدادًا للإلحاد.. والأسرة والمدرسة والمجتمع «"مبيرحموش"


التفكير ليس جريمة، والتدبر فيما حولنا فرض إلهى، ولكن كيف أصبح ذلك بابًا غير مأمون الدخول؟ هذه هى الإشكالية التى لم يسلم منها بعض البالغين، فقرروا باقتناع تام أن يطرقوا أبواب الإلحاد، ولكن الغريب هذه الأيام وغير المعتاد هو أن يغرق أطفال لم تتعد أعمارهم الـ15 ربيعًا فى تلك الدوامة.

مؤخرًا.. تواصلنا مع مجموعة من هؤلاء الأطفال الذين اعترفوا فى دوائرهم المغلقة بالإلحاد، للوقوف على أسباب ذلك ومعرفة دوافعهم الحقيقية، التى اعتقدنا فى البداية أنها قد تكون تماشيًا مع الموضة أو تهربًا من الالتزامات الدينية، ولكن فوجئنا بحقيقة واحدة، وهى أن هؤلاء الأطفال رغم حداثة أعمارهم إلا أن لهم أسئلة منطقية عجز المجتمع عن إجابتها، فقرروا سلوك طريق جديد، قد يراه البعض انحرافًا عن الحق، لكنه كفل لهم شيئًا مما سعوا وراءه.. وهو المنطق.

قال نادر، 15 عاما، طالب فى الصف الأول الثانوى، إنه اقتنع بالإلحاد قبل 3 سنوات، وتحديدًا أثناء دراسته فى الصف الأول الإعدادى، عندما اصطدم بوجهات نظر فلسفية رأى أنها أكثر منطقية عما ورد ذكره فى كتب الأديان السماوية الثلاثة، مثل نظرية التطور والانفجار الكونى العظيم، من هنا بدأ الشك فى كل النصوص الدينية يتسرب إليه، ومنذ بدأت أقرأ الفلسفة فهمت أن الأخلاق مجرد نظريات.. وليست ثوابت، على عكس ما أكدته الأديان السماوية.

وحينما راودتنى الشكوك حول الدين ونصوصه بدأت أبحث عن ملحدين لأتحدث معهم، لكنى قررت أن أخذ خطوة الإلحاد قبل أن أعرفهم بنفسى، وكانت الفلسفة هى الداعم الأكبر لى فى ذلك الطريق، وبالفعل قررت الخروج عن الدين، وتقمص زملائى وأساتذتى دور الداعية عسى أن ينجحوا فى هدايتى، بكلام غير مقنع بالمرة، وتطور الأمر إلى أن جاءت لى مديرة المدرسة لتتحدث معى، واضطررت إلى نفى إلحادى تماما، وأكدت أننى مؤمن حتى لا أتعرض للعنف والإهانة. وتابع نادر: انعكس ما حدث بالمدرسة على المنزل، خاصة بعدما انتشر خبر إلحادى، ما تسبب لى فى مشاكل أسرية كارثية، واستعمل أهلى العنف ضدى وضربونى بقوة، واتهمونى بأننى شاذ، تصورت فى البداية أنهم غاضبون فقالوا «أى كلام» ولكنى فوجئت بهم يجردونى من ملابسى ليكشفوا علىّ حتى يتأكدوا من أننى لست شاذًا، ولم أنس مطلقا كل هذا العنف الذى تعرضت له من والدى وإخوتى، وتطور إلى أن أحضر أهلى شيخا لى، حتى يقنعنى بما قال الله ورسله، وعندما فشل فى إقناعى قال لهم إنى ممسوس وعليّ جن.

أما خالد، 16 عاما، طالب فى الصف الأول الثانوى، فقال إنه اتخذ قرار الإلحاد منذ ما يقرب من عامين، أى عندما كان عمره 14 عامًا، وفى بداية الأمر سألت نفسى أسئلة جدلية وفلسفية فى الكثير من الغيبيات، ولم أجد إجابة مقنعة أو منطقية، سواء من الشيوخ أو من العائلة، لكن لم تكن لدى الجرأة أن آخذ خطوة الإلحاد وعدم الإيمان بوجود إله.

وأكد لـ«الفجر» أنه راض تماما عن أفكاره ومقتنع بها وخصوصًا خطوة الإلحاد التى اتخذها، لكن وارد جدا أن يكون مخطئ، وأنه مستعد أن يستقبل أى فكر ويناقشه، فهو مجرد شخص يشك ويفكر، فلو استطاع شخص أن يقنعه بأفكار عكس أفكاره سيترك الإلحاد إلى غير رجعة.