قصة كفاح من قلب الصعيد (فيديو وصور)

محافظات

محمود فرغل
محمود فرغل

محمود فرغل.. ميكانيكى بـ"يد واحدة"

7 سنوات قضاها فى ورشة "عم شحاتة" غيرت حياته بعد بتر يده بماكينة "فرم اللحمة"

بين المحن والمنح تختبئ ألطاف الأقدار، لكن قليلين هم من يستطيعون الخروج من ضيق الأولى إلى رحابة الثانية، وأكبر دليل على ذلك هو قصص نجاح وكفاح ذوى الاحتياجات الخاصة، فليس من قبيل الصدفة أن نرى وراء أغلبهم حكايات إنسانية يتجلى فيها الإصرار والعزيمة والإرادة.

لكن الغريب فى القصة التى يسردها لنا بطلها اليوم، هو طلبه من الأصحاء بألا يركنوا إلى الظروف، وأن يستغلوا كمال صحتهم لتحقيق ما قد يعجز غيرهم عن تحقيقه..

محمود فرغل، 21 عاما، أحد أهالى مدينة ملوى، بجنوب محافظة المنيا، يعانى من إعاقة جسدية، بعد بتر يده اليمنى، استطاع بإرادته القوية أن ينتصر على إعاقته بعدما قرر العمل كـ«ميكانيكى كاوتش»، ليثبت أن المعاق ليس ذلك الشخص الذى يعانى من مشكلة فى جسده، وإنما المعاق هو من لا يستطيع أن ينتج ولا يريد ذلك.

7 سنوات من عمره، قضاها فرغل داخل ورشة «عم شحاتة»، تلك التى تبنته وهو ابن 14 عاما، استطاع من خلال عطف صاحب الورشة عليه أن يتحدى إعاقته، التى أصيب بها منذ طفولته، إثر تعرضه لـ«بتر يديه اليمنى»، أثناء لهوه بماكينة «فرم اللحمة».

مر محمود فرغل بفترة صعبة جدًا بعد الحادثة التى تعرض لها، ما تسبب له فى العديد من المشاكل النفسية، حيث عانى من الاكتئاب، فامتنع عن ذهابه للمدرسة خوفا من نظرة أصدقائه الأسوياء إليه، وشيئًا فشيئًا هدأ وقرر أن يتحدى الإعاقة، فخرج يطرق أبواب سوق العمل، ليس ذلك فحسب، بل قرر أيضًا أن يستكمل دارسته، وفى هذه الأثناء احتوته ورشة الحاج شحاتة، فعمل هناك وتعلم حرفة.

لم يتأقلم الشاب الصغير مع أوضاعه بسهولة، وأثر انفصال والديه عن بعضهما، على حالته المادية والاجتماعية، فقرر أن يعيش هو وشقيقه الأكبر داخل منزل والده، ومع سفر شقيقه، أصبح محمود وحيدا، عليه أن يتعلم الاعتماد على نفسه فقط، فلم يعد هناك من يعتنى به، «الفجر» قابلته وسمعت منه الحكاية التى قد يعتبرها البعض دليلا.. على الأصحاء الاهتداء به.

يقول فرغل: «نسيت الإعاقة علشان أعرف أعيش.. كان نفسى أتعلم ولكن مع الظروف التى قدرها الله لى راودتنى فكرة التسرب من التعليم، ولكن بعد فترة من الإحباط قررت أن أنسى إعاقتى تماماً، وبدأت استكمال تعليمى وتحدى الظروف، وأطلب من العواطلية أن يستغلوا نعم الله عليهم، ربنا أكرمهم بأن يعيشوا فى أتم صحة بأعضاء كاملة، دون حرمان، فإذا كنت تريد أن تعيش رجلاً عليك أن تصرف على نفسك من عرق جبينك، أنا والحمد لله زى الفل، لكن نفسى اللواء عصام الدين البديوى، محافظ المنيا، يوفر لى وظيفة من ضمن المعاقين فى الدولة؛ لكى أعيش حياة مطمئنة ولا أخاف من المستقبل».