سر دموع المصريات أمام سفارات الغربة

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


قهر وغربة وإقامات محددة

زوج يجبر زوجته على العودة إلى مصر وترك عملها للاحتفاظ بحضانة أطفالها

قدرة "الخارجية" وسفاراتها على مساعدة النساء فى مواجهة الزوج الظالم تقتصر على تزويدها بجواز سفر


خارج مصر، تعانى المصريات أضعافًا مضاعفة لما تعانيه السيدات داخل مصر، لأن المرأة التى تعانى من الغربة ومن أزمة البحث عن الرزق، تشعر بأنها مجرد إنسان من الدرجة الثانية خصوصاً فى الدول العربية التى تتعامل مع المغترب باعتباره أقل من أهل البلاد الأصليين، وفى هذه الحالة تكون سفارات مصر هى باب النجاة المتاح أمام المرأة المقهورة فى الغربة، خصوصاً إذا وجدت بقية الأبواب مغلقة فى وجهها خصوصًا مع وجود مشكلات متعلقة بشكل أساسى.

أهم المشكلات التى تعانى منها المصريات هى تحديد إقامة الزوجة، وذلك عن طريق منع سفر الأولاد، حيث يستغل الأب أن الإقامة داخل مصر هى شرط أساسى لحصول الأم على حضانة الأطفال، فتضطر الزوجة لإنهاء حياتها العملية فى الدولة العاملة بها والعودة إلى مصر للحفاظ على حضانتها لأطفالها وهو ما تعرضت له «منى» التى كانت فى قطر وفوجئت بزوجها الذى قام منع سفر أولادهما وحدد إقامتهم بمصر، وكان أمامها خيارات إما التنازل عن حضانتها لأطفالها أو ترك وظيفتها والعودة مرة أخرى لمصر، ولم يفلح لجوءها للسفارة خاصة أن القوانين فى دولة قطر تنص على أن الحضانة محددة بإقامة الأم فاضطرت منى إلى الاستجابة للقوانين والعودة إلى القاهرة من أجل أطفالها والإنفاق عليهم أيضاً.

منى قالت إن القوانين لم تنصفها وكانت حضانة الأطفال وسيلة ضغط من الزوج ضدها، ولم تفلح محاولاتها فى اللجوء للسفارة المصرية فى قطر خاصة أن القوانين لم تكن فى صفها فخضعت للأمر الواقع واضطرت للتنازل عن وظيفتها مقابل عدم ترك أطفالها.

فى حالة مها التى تعمل صيدلانية، كانت القوانين هذه المرة فى صالحها، حيث حصلت على حكم بالنفقة ضد زوجها فى مصر ولكنها لم تستطع تنفيذه وعندما أتتها فرصة للسفر للعمل بالخارج، أقامت دعوى بالمملكة العربية السعودية وهى الدولة التى يعمل بها الزوج وتمكنت من تنفيذ حكم النفقة على الزوج لأن القوانين فى السعودية تلزم الزوج بسداد النفقة أو الحبس ولا تستغرق الدعوى وقتاً طويلاً كما هو الحال فى مصر، حيث يستلزم تنفيذ الحكم الصادر فى دعوى النفقة أكثر من 3 جلسات ويتم إجراء تحريات تستغرق من 4 أشهر إلى سنة وفى حال عدم سداد الزوج يتم رفع دعوى حبس لعدم السداد تستغرق عامًا أى أن الزوجة تظل عامين أو أكثر للحصول على النفقة، وهو عكس ما يحدث فى السعودية التى تمكن الزوجة من الحصول على نفقتها فى أسرع وقت ممكن.

وقال محمد الجندى، المحامى، إن المرأة تتعرض لتعسف فى الدول العربية بشكل عام ويتم التعامل معها على أنها مواطن درجة ثانية، وفى الواقع العملى لا يكون هناك أى دور من قبل السفارة التى لا تحرك ساكناً تجاه المشكلات التى تتعرض لها المرأة فى هذه الدول.

ومن بين النماذج التى تعرضت لقهر نتيجة القوانين المجحفة ولم تنصفها وزارة الخارجية أو السفارات امرأة متزوجة من رجل سعودى، سافرت ابنته من زوجته المصرية لرؤية والدها، وفوجئت الأم باحتجاز ابنتها التى تدرس فى المرحلة الثانوية وأودعها الأب فى أحد الملاجئ نكاية فى الزوجة وانتقاماً منها، ورفض عودة ابنتها مرة أخرى إلى مصر، فلا هو تركها تعود لوالدتها ولم يتركها تسكن تحت رعايته وتركها فى ملجأ، وحاولت الزوجة كثيراً استعادة نجلتها ولجأت لوزارة الخارجية وللسفارة السعودية فى مصر، ولكن لم يحرك أحد ساكناً ولا تزال الفتاة حبيسة فى الملجأ كل هذا انتقاماً من والدتها وإرضاء لزوجته الأخرى فى ظل سلبية تامة من وزارة الخارجية والسفارة التى كان موقفها سلبيًا تجاه هذه القضية.

فى بعض الحالات يكون دور السفارة إيجابياً بحسب «رقية»، التى تعرضت للإهانة والضرب من قبل الزوج المقيمة معه فى دولة السعودية فلجأت إلى السفارة المصرية فى الرياض التى قامت باستخراج جواز سفر لها وقامت بتحرير محضر للزوج بالمطار بالتعدى على الزوجة وبالفعل تم حبسه لمدة أسبوعين.

ولجأت رقية للسفارة لحل مشكلتها مع سعودى فى الثلاثين من عمره، والذى تزوجته بعد تخرجها فى كلية التربية، وتم عقد الزواج وسافرت لتلحق بالزوج فى بلده لتكون الصدمة الكبرى وتفاجأ بأنها ليست الزوجة الوحيدة فى هذا المنزل، فهذا الزوج متزوج من سيدتين، إحداهما مغربية الجنسية والأخرى تحمل الجنسية السعودية، وما كان من الفتاة إلا الرضا بالأمر الواقع ومحاولة التأقلم مع هذا الواقع الصادم.

ولكن رقية لجأت إلى السفارة المصرية فى السعودية بسبب قيام الزوج بإلحاقها للعمل بشهادتها كمدرسة فى أحد المدارس هناك وكان يستولى على راتبها بالكامل، وكان يفعل الشىء نفسه مع زوجته المغربية ولكنه لم يكن ليجرؤ على فعل ذلك مع زوجته السعودية الجنسية خوفاً من المحاسبة القانونية حال قيامه بذلك نظراً لأنها تعيش فى بلدها وتحتمى بقوانينها.

وبعد مرور عدة أشهر على هذه الزيجة لم تحتمل «رقية» الضرب والإهانة والاستيلاء على أموالها ورفضه مساعدتها لأهلها بأى أموال نظراً لأنه كان يأخذ الراتب كل شهر، ولا يترك لها أى شىء منه ولم تجد رقية حيلة للهروب من هذا الجحيم سوى اللجوء للسفارة للعودة إلى مصر مرة أخرى، وطلب الطلاق والتخلص من هذا الجحيم الذى استغرق سنوات والذى يبدأ بالإعلان الدبلوماسى بعدم مخاطبة القضاء والنيابة العامة وبعدها يرسل لمكتب التعاون الدولى ثم السفارة واستغرق هذا الأمر ثلاثة أشهر خاصة أن الزوج ليس لديه محل إقامة فى مصر بالإضافة إلى عدم إمكانية تنفيذ أحكام النفقة فى مصر على الزوج غير المصرى.

حالة أخرى ولكنها كانت الأسوأ لفتاة تدعى «عزة» فرغم صغر سنها تزوجت سريعاً عن طريق توكيل من شقيق العريس لتسافر الزوجة إلى دولة قطر لتفاجأ بأن الزوج ليس شاباً كما قيل لها وأنه فى عمر والدها ومتزوج بأخرى ولديه ثلاثة أبناء فى عمرها، وكانت الحياة مع هذا الزوج العجوز جحيمًا بسبب سوء المعاملة التى تعرضت له من قبل الزوج وزوجته وأولاد وبعد الزواج بـ5 أشهر ادعت عزة أنها تريد العودة إلى مصر ولجأت للسفارة للعودة مرة أخرى لمصر.

وقالت مها أبوبكر، عضو لجنة المرأة بنقابة المحامين، إن هناك كثيرًا من المشكلات المتعلقة بالأحوال الشخصية وهى أن تطبيق القانون يكون طبقاً لكل بلد ما يعنى أن المرأة تخضع للقوانين التابعة للبلد المقيمة فيها وقد يكون بعضها منصفاً لها والبعض الآخر مجحف وظالم، مشيرة إلى أن مكتب التعاون الدولى يقتصر على الإعلان الدبلوماسى فى حال وجود تحرى حول الزوج المقيم خارج مصر، فيتم إجراء التحريات من خلال المكتب بالدولة المقيم بها الزوج.

ولفتت أبوبكر، إلى أن هناك دولاً موقعة على اتفاقية التعاون القضائى وبعض الدول لم توقع على هذه الاتفاقية ما يضطر المدعى لإقامة دعوى جديدة حتى فى حال حصوله على حكم قضائى فى الدولة المقيم بها، لافتةً إلى أن من بين الدول الموقعة على اتفاقية التعاون القضائى الإمارات والسودان بينما خرج الأردن من هذه الاتفاقية.