اصغر بائع كتب بمعرض الكتاب.. "اجتهاد وعلم وابتسامة رضا"
عندما تطأ أولى خطواتك بـ"سور الأزبكية" داخل معرض الكتاب، تستمع لأصوات البائعين تتعالى؛ فكل شخص يريد الترويج لبضاعته وجذب أكبر عدد من رواد المعرض، وسط هذا الزخم وتزاحم الأصوات يفاجئنا صوت طفل يبلغ من العمر 11 عامًا، ينادي على بضاعته من أجل كسب لقمة العيش، وترتسم على وجهه براءة الأطفال المليئة بمتاعب ومشاغل الحياة لتجعله طفلًا مميزًا عن غيره من الأطفال فيما هم في عمره.
يستغل الطفل محمود شريف، إجازته الدراسية في
نص العام، في مساندة والده بالعمل كبائع كتب في كشك والده داخل سور الأزبكية بمعرض
الكتاب، ولم يتوقف عند 15 يومًا الذي يقام خلالهم فاعليات المعرض فقط؛ بل يمارس مهنة
البيع بمكتبه والده المقامة بمنطقة عزبة النخل طوال أيام السنة.
الطفل صاحب الـ11 عامًا، هو أكبر أشقائه الثلاثة،
ولديه عائلة تعمل بأكملها في مجال بيع الكتب والمكتبات، ويدرس في الصف الخامس الإبتدائي.
مل الطفل من قضاء إجازته الصيفية، في اللعب الذي يأخذ قسط كبير من يومه بدون فائدة، ليطلب من والده اصطحابه لمكتبته، في الإجازات، لممارسة العمل مثل غيره من أقاربه، حقا يعد تفكير كبير على عمر هذا الطفل ولكنه كان ملاذًا أمنًا له بدلًا من صحبة أصدقاء السوء.
تميز ذلك الطفل في بيع الكتب، داخل سور الأزبكية،
وأمام الآلاف من الرواد، من خلال مراقبة والده في السنوات الماضية، حيث كان حريصًا
على استماع زبائن والده وهم يرددون أسماء الكتب التي يريدوها، ومع التكرار استطاع أن
يحفظ أسماء تلك الكتب وأين يأتي بها والده.
لم يكن الأمر جميل مثل ضحكته الظاهرة بشكل دائم
أمام زبائنه، فيواجه هذا الطفل الكثير من السخرية والاستهزاء من بعض رواد المعرض؛ يقول
محمود: "لما بنادي على كتاب عنوانه بالانجليزي الناس بتتريق عليّ، وعشان البيع
يمشي بتجاهل".
من الصعب أن تجد طفل في عمر محمود الشريف يعلم
جيدًا معني كلمة "الرضا بما قسمه الله له"، فعند سؤاله ماذا تتمنى أن تصبح
في المستقبل؟؛ يجيب: "أنا مش محدد، كل اللي يكتبه ربنا خير، ولو اتمنى شيء فهو
أن املك مكتبة خاصة بي".