"أعجوبة نقل الجبل المُقطم".. دراسة قبطية تُحدِد بدقةٍ موقع الجَبَل مَحل المُعجزة من واقع شهادات المؤرخين

أقباط وكنائس

أعجوبة نقل الجبل
أعجوبة نقل الجبل المُقطم


 الكتاب يُعيد قراءة المُعجزة وِفقًا لأقدم مصادرها التاريخية، ويَتَضَمَّن وثائق ومخطوطات نادرة تُنشَر لأول مرة


ينطلق معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام وفي جعبته العديد من الدراسات والأبحاث الجادة التي تستهدف إثراء المجتمع فكريًا وثقافيًا، ويشهد المعرض سنويًا بزوغ نجم باحثين جُدد من خلال كتاباتهم وأبحاثهم في شتى المجالات.


على هامش فعاليات المعرض صدَر للباحث في التاريخ الكنسي "شريف رمزي"، كتابه السادس الذي يَحمل عنوان "أعجوبة نقل الجبل المُقطم - قراءة جديدة في مخطوط سيَر البيعة المقدسة".


الكتاب الذي يوصَف بالجرئ، يُناقِش النصوص التاريخية التي دوِنَت من خلالها المُعجزة، والتي تُمَثِّل حدثًا هامًا في تاريخ الكنيسة القبطية، ويَنفَرِد باحتواءه على وثائق ومخطوطات نادرة تُنشر لأول مرة.


وعن الصعوبات التي واجهته على مدى عامين هى مدة البحث، يقول الباحث "شريف رمزي": لم يكن من السهل أبدًا  الاطلاع على ذلك الكَمّ من الوثائق النادرة المُتمَثِلَة في مخطوطاتٍ يعود زمن نسخها لعدة قرون، وهى برغم ذلك ماتزال حبيسة الأَرفُف والأدراج في بعض الأديرة والمتاحف والمكتبات المُنتشرة حول العالم، ولم يسبق أن سُلِطّ عليها الضوء من قبل، ناهيك عن الحصول على نُسخٍ منها، وهو أمر لا يحظى بترحيب أو تعاون من جانب المسؤولين عن تلك المؤسسات.


وناشد "رمزي" المسئولين بالكنيسة العمل على إتاحة الفرصة للباحثين والدارسين للاطلاع على المخطوطات القديمة الموجودة بالأديرة في صورتها الإلكترونية، موكدًا أن المادة الفكرية والتراث الأدبي الذي تَتَضَمَّنه تلك الوثائق حق لكل دارس وباحث ولكل أبناء الكنيسة، وأن الوقفية تتعلق بالأوراق ولا تنسحب إلى ما فيها من أفكار.


ولَفَتَ الباحث الانتباه إلى أنه لا يتناول الحدَث بالنفي أو بالتأكيد، ولا يطرح أية إشكالية حول حدوث المعجزة من عدمه، إنما يُناقش الروايات التاريخية والنصوص الأدبية التي آرَخَت للمعجزة، والكيفية التي كُتِبَت بها، لإزالة الالتباس والفهم الخاطئ الذي أحدثته بعض تلك الروايات، وفي الوقتِ نفسه هى مُحاولة لتوثيق كل ما كُتب قديمًا وحديثًا عن المُعجزة ومُجمل الآراء التى قيلت بشأنها.


وآضاف: لقد لعب التواتر الشفهي دورًا لا يُستهان به في تَطَور تلك الرواية التاريخية التي نعرفها اليوم عن معجزة نقل الجبل، ربما إلى الحَد الذي جعل البعض في غنى عن الرجوع إلى المصادر الأصلية لتوثيق ما يُنقل إليه أو عنه من معلومات، ولعل ذلك هو ما يُفسر وجود  تفاصيل -لم تتطرَّق لها الكتب والمخطوطات- يتناقلها الناس دون أى سند تاريخي، لكن وبرغم الالتباسات التاريخية التي تُحيط بالقصة، فإن التواتر القوي الذي وصلتنا من خلاله، ورسوخها في التراث الكنسي وفي الضمير القبطي على مدى عشرة قرون، يُعد دليلًا يقطع بصحتها من الوِجهةِ التاريخية، إذ لا يُمكن لهذا التواتر القوي وهذا اليقين الراسخ والمُتجذِّر في نفوس المسيحيين، أن يأتي من فراغ.


وآشار "رمزي" إلى أن كتابه أصبح بالفعل مُتاحًا للقُراء من خلال أكثر من دار نشر ومكتبة مسيحية، فضلًا عن طرحه بمعرض القاهرة الدولي للكتاب أواخر شهر يناير الحالي.


وعن الباحث وكتابه، يقول نيافة الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير القديس أنبا مقار، الذي تصَدَّرَ تقديمه صفحات الكتاب: "الأخ شريف يُمثِّل عينةً مباركةً من المؤرخين وقارئي النصوص، استطاع أن يلمَّ بالموضوع من كافة نواحيه، واستطاع أن يقرأ ويحلل دون تحيز، ذاكرًا لنا الكثير من كتب التاريخ، ومن المصادر القديمة، ومقدمًا لنا مثالًا عن كيفية قراءة النصوص القديمة والحكم عليها".


أما الدكتور صموئيل القس قزمان معوض الباحث بقسم القبطيات بجامعة مونستر الألمانية، والذي تولى المراجعة التاريخية للكتاب، فيقول: "معجزة الجبل المقطم معروفة لكل الأقباط، صغيرهم قبل كبيرهم، تناقلتها الأفواه عبر الأجيال، بكل فخر واعتداد، إلا أن أغلب من يعرف هذه المعجزة يجهل مصادرها التاريخية المُدونة وكيف وصلتنا. في هذا الكتاب القيّم يُقدم المؤلف تأصيلًا تاريخيًّا لهذه المعجزة وأقدم المخطوطات التي دَوَنَتها، ثم يقوم بدراسة كل تفاصيل الحدث من شخوص وأماكن وتواريخ، وكيف تطورت بعض التفاصيل عبر الزمن؛ كل ذلك بمثابرة ودِقة وحيادية، مع الرجوع للكثير من المصادر والمراجع التاريخية. إنها دراسة مُتميزة تستحق الانتباه وتُنبئ بباحث نابه أثق أنه ما زال في جعبته الكثير ليقدمه لنا".