طارق الشناوي يكتب: هل يتحمل دريد لحام المعتقلات السورية؟

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


قرأت حواراً أجراه فى دمشق زميلنا فى الأهرام، جودة أبوالنور، للفنان الكبير دريد لحام، كان دريد هو العنوان الوحيد للفن السورى قبل انتشار الفضائيات، ولكن مع الزمن وتحديدا فى عام 2006 استطاع جمال سليمان أن يُحدث طفرة فى أعقاب بطولته لمسلسل (حدائق الشيطان)، ليصبح نجما جماهيريا بعد أدائه شخصية مندور أبوالدهب، ومن بعدها فُتح الباب أمام العديد من نجوم سوريا ليحتلوا مكانة خاصة عربيا وليس فقط مصريا، وتلك هى ميزة الانطلاق المصرى، لديكم كاظم الساهر كان قد حقق نجاحا طاغيا قبل أن يغنى فى مصر، ولكن بعد انطلاقه من (المحروسة) تضاعف النجاح، وهى ليست (شوفينية) ولكنها الحقيقة التى تفرض على مصر أن تظل تفتح أبوابها للفنان العربى، رغم الأصوات النشاز التى ترتفع أحيانا، ومع الأسف نستمع الآن إليها، قوة مصر الناعمة تتحقق فقط عندما تواصل احتضانها للفنان العربى.


ما هو موقف دريد من الفنانين الذين يعارضون النظام السورى، وعلى رأسهم جمال سليمان الذى لم يكتف بهذا القدر، بل يتواجد فى صفوف المعارضة وصار له دور سياسى فى المفاوضات الدائرة لتحديد مستقبل سوريا؟ جمال يرى أن لا حل للأزمة إلا برحيل الأسد، بينما دريد يؤكد أن بقاء الأسد هو الضمان الوحيد لبقاء وحدة سوريا، قال دريد إنه التقى قبل عامين بجمال على مدى ساعتين فى القاهرة، ومشاعر الصداقة بينهما لم تتأثر بتباين وجهات النظر، وهو لايزال قادرا على أن يضع خطا فاصلا بين الصداقة والرأى السياسى، وهو ما كرره أيضا عند حديثه عن أصالة، رغم أنها منذ عامين، وهى تفضل الصمت السياسى، تقف فى المنطقة الرمادية، بعد أن رأت الكثير مما كانت تعتقد أنه مسلمات قد تغير على أرض الواقع، دريد قال فى الحوار إنه على استعداد أن يستقبل على الحدود أى فنان سورى معارض يخشى العودة لوطنه، إما أن يذهب معه إلى بيته أو يذهب معه إلى المعتقل.

هل يجازف الفنان السورى المعارض ويذهب إلى سوريا، وإذا وجد دريد فى استقباله فهل ينجو من بطش السلطة بمعارضيها، هل يتحمل دريد بعد أن تجاوز الثمانين المعتقلات السورية، وما أدراك ما المعتقلات السورية؟!


وأنا فى طريقى قبل نحو أسبوع إلى الكويت لحضور مهرجان (القرين) الثقافى، جاءنى خبر رحيل الشاعر والكاتب الصحفى والفنان التشكيلى الكبير مجدى نجيب، بعدها بأيام قرأت خبر رحيل الكاتب الكبير صبرى موسى، وكأن أول ما حرصت عليه بمجرد عودتى أن أكتب عن العملاقين، خاصة أننى لست فقط مقدرا لإبداعهما، ولكن لأن كلاً منهما يحتل فى أعماقى مساحة دافئة.

فوجئت بعد النشر بأن الذى رحل هو الصحفى الكبير بمؤسسة أخبار اليوم مجدى نجيب، وليس الشاعر، رغم أن مجدى نجيب الشاعر أيضا صحفى، وأن الخبر الذى تم تناقله عبر (الميديا) تم توضيحه بعد ذلك، والعزاء قطعا لعائلة مجدى نجيب الصحفى وإلى أسرته الكبيرة فى أخبار اليوم.

أنا أوضح فقط ولا أبرر الخطأ، وأعتذر لشاعرنا الكبير ومحبيه وأسرته، لقد سألتنى السيدة الفاضلة زوجته: لماذا لم تكتب عنه قبل شائعة الرحيل؟ قلت لها: فى كل عيد ميلاد تحتفل به محطة الأغانى أتحدث عنه وعن إبداعه بما يستحقه، فهو قامة وقيمة، منحه الله الصحة والعافية والعمر الطويل، وأدخل الله الصحفى مجدى نجيب الجنة، بقدر ما أعطى للصحافة، وبقدر ما تحمل فى سنواته الأخيرة من عذاب المرض.