3000 مريض بضمور العضلات.. "فئران تجارب" شركات عالمية

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


تكلفة العلاج 225 مليون دولار.. والدواء غير مرخص فى مصر

الحق فى الدواء: الطبيبة مجرد مندوبة تسويق لكورس دوائى لصالح شركات دواء أجنبية

الطبيبة المعالجة: العقاقير حاصلة على موافقة من منظمة الصحة العالمية.. و"الصحة" ترفض ترخيصها


يبحث المريض عن علاج لمرضه مهما كلفه الثمن، فلا أغلى من الصحة، ولا أهم من الإحساس بالقوة وعدم الاحتياج للغير، وضمور العضلات أحد الأمراض التى قد يُستعصى علاجها داخل مصر، فالمصاب به لا يتحرك ولا يقدر على البلع ويتنفس بصعوبة، ورغم كل ذلك يعتبر علاجه حكرًا على «الأغنياء فقط».

هو أحد الأمراض الوراثية، التى تحدث نتيجة وجود خلل فى الجينات الوراثية للمريض، ويحدث بصورة فجائية بلا مقدمات أو مؤشرات تدل عليه، وأثير حوله ضجة كبيرة فى البرلمان خلال الفترة الماضية، وأيضًا فى الأوساط الطبية، طالت العديد من الاتهامات معالجى المرض من الأطباء المصريين، بعملهم كمندوبين لتسويق عقاقير علاج المرض لصالح شركات دواء أجنبية.

ضجة الوسط الطبى حول المرض بدأها محمود فؤاد، مدير مركز الحق فى الدواء، الذى توعد بشن حرب على إحدى طبيبات علاج أمراض الضمور، أشار إليها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، مؤكدًا أن الطبيبة تعمل كمندوبة تسويق لكورس دوائى لعلاج أمراض الضمور لصالح شركات دواء أجنبية، واعدًا بكشف تفاصيل كاملة لتلك العمليات خلال أيام.

فؤاد اختصنا بكشف التفاصيل الخفية عن الطبيبة وهويتها، فهى الدكتورة «رشا.ش»، أحد أكبر أطباء علاج الضمور العضلى فى مصر،َ تقدمت إحدى مرضاها بشكوى لمركز الحق فى الدواء ضدها، تتلخص فحواها فى عروض منها لكورسات علاجية مقدمة من شركة أدوية عالمية، لتوفير العلاج لابنها من خلال كورس علاجى يستمر لمدة عام، تصل تكلفته إلى 75.000 دولار.

رئيس مركز الحق فى الدواء أضاف لـ«الفجر»، هناك شكوك تحوم حول الطبيبة فى عملها بطرق غير مشروعة فى عمليات التجارب السريرية، التى من المفترض ألا تتم إلا تحت إشراف وزارة الصحة، وذلك بعد علمه بإنشائها مركزا يتخصص فى إحصائها لحالات مرضى الضمور فى مصر، وأشار إلى أن هناك ثلاثة أنواع من العقاقير التى يسوق لها مندوبو الشركات الأجنبية فى مصر، كعلاج فعال للضمور العضلى، أحدها لم يتم الانتهاء من اكتشافه بعد، وهو «exon45».

وهناك شبهات حول الدكتورة رشا فى تورطها لتصدير إحصائيتها للشركات المصنعة لهذا الدواء؛ لاستعمالها كتجارب سريرية فى صناعة العقار الجديد، أما العقاران المتوفران فى الأسواق العالمية من إنتاج نفس الشركة هما «exon50» و»exon55»، وأكد فؤاد أن تقصير الدولة فى رعاية حالات الضمور العضلى خلق مناخا مناسبا لمندوبى الشركات الأجنبية؛ لاستغلال الحالات المرضية كفئران تجارب لمنتجاتهم الجديدة، وكمصدر دخل مربح لمنتجات لابد من فتح أسواق جديدة لتسويقها، وقد تكون غير صالحة.

واجهت «الفجر» الدكتورة رشا بما نسب إليها من اتهامات لتدافع عن نفسها، ومن خلال موقعها على الإنترنت المعد لرصد المرضى، والذى كتب فى وصفه «السجل المصرى لمرضى الضمور العضلى»، ويحوى الموقع رقم هاتف للتواصل، فطلبنا الرقم المكتوب، رد على اتصالنا صوت رسالة مسجلة بمواعيد عمل العيادة، من السبت إلى الخميس، ويرجى ترك رسالة صوتية.

قلت فى رسالتى لها بأن لدى حالة تريد العلاج بعقار exon45، وقبل أن ننتهى من التسجيل جاءنا اتصال الطبيبة، تأكدنا من هويتها، فهى من تتولى هاتف العيادة بعد رحيل السكرتارية، وعرفت نفسها بأنها استشارى مخ وأعصاب متخصصة فى علاج الضمور العضلى، وأنها طبيبة تقوم بتشخيص الحالة، لكن دون توفير أدوية، فأجبتها: «لكن أنا عرفت إن حضرتك ممكن توفرى لى الدواء ده»، وكان ردها تأكيدا لما سبق: «أنا مش عارفة مين اللى قال لحضرتك أنى بوفر أدوية، أنا مهنتى طبيبة، مهمتها الكشف على المرضى وعلاجهم».

وبعد جدال طويل.. كشفنا لها عن هويتنا الصحفية، وذكرنا لها الاتهامات دون أن نكشف عن هوية متهمها، فتحدثت عن موقفها من كل اتهام، قالت إن لجنة الصحة بالبرلمان انتدبتها فى جلسة خاصة لشرح أمراض ضمور العضلات، لدراسة الأدوية العالمية وبحث سبل دخولها عن طريق وزارة الصحة إلى مصر؛ وذلك لكونها خبيرة فى هذا المرض، مشيرة إلى أنها كانت فى رحلة بحثية لرصد طرق علاج المرض فى مدينة نيوكاسل بإنجلترا، ووجدت العقاقير «exon50 « و»exon55» حيث كانت هى المستخدمة فى العلاج.

وتابعت خبيرة أمراض ضمور العضلات، هناك مندوبون لتلك الشركات فى مصر لتسويق منتجاتهم على الأجهزة الرسمية والمستشفيات، وعقدوا مؤتمرات طبية لاستعراض العقار واستبيان مميزاته، مستطردة أن العقاقير حاصلة على موافقة من منظمة الصحة العالمية fpa، وأوضحت أن أمراض ضمور العضلات أكثر من 50 نوعا، تتشابه فى أعراضها، فمنها الوراثية، وبعضها ظهر له علاج منذ فترة قريبة، ووافقت عليه منظمة الصحة العالمية، وأثناء التشخيص لمرض الضمور العضلى يبدأ بالكشف الظاهرى وفحص رسم العضلات، وللتعرف أكثر على المرض يكون من خلال التحاليل الوراثية، وهذه تتم فى ثلاثة أماكن حسبما أشارت الطبيبة فى مركز متخصص بمصر الجديدة وبمستشفى مصر للطيران والمركز القومى للبحوث.

وعن التهمة الأولى لتسويق الدواء، قالت: سبب الأزمة أم لحالة أصرت على معرفة «هل يوجد علاج لابنها أم لا»، ولكونى طبيبة طمأنتها ملتزمة بالقواعد المهنية، مؤكدة لها وجود علاج ولكنه مكلف، أصرت على الحصول عليه، وكانت مبادرتى لها بأنى سأراسل الشركات المختصة للحصول عليه، فشركات الأدوية لا تعطى أى عقار للمرضى إلا بتوصية من الأطباء.. واستطردت: «مش جزائى أنى ساعدت حد وطبقت المهنية أنى أتهاجم بالشكل ده».

أما فيما يخص اتهامها بحصر مرضى الضمور المصريين من خلال مركزها واستغلالها فى التجارب السريرية وتسريبها إلى شركات الأدوية العالمية، فقالت إنها أشارت إلى هذا الأمر فى مجلس النواب، فالسجل منشأ لحصر المرضى بالفعل، لكن بموافقتهم ويتم بسرية تامة والحالة الوحيدة لخروجه هو المساعدة فى أعمال تفيدهم داخل القطر المصرى وقدمته لمجلس النواب للمساعدة فى إنشاء الصندوق الداعم للمرض، ويضم السجل 3000 مريض منهم 700 مريض بالدوشام.

ويعد الدوشام من أخطر أنواع الضمور العضلى، ولم تتوفر حتى الآن لعلاجه سوى عقاقير قليلة، ويستخدم فى الكشف عن الدوشام تحليل الطفرة الوراثية، وهى عملية لمعرفة علاقة التكوين الجينى لأشخاص وأسباب أمراضهم من خلال تحليل الـDNA، مثل: أخذ عينة لعاب، أو تحليل الدم، مع وجود احتمال التعرض لمرض بسبب تشكيلة جينية معينة، عن طريق الوراثة، ويستخدم هذا التحليل عند إجراء فحص ما قبل الزواج، للتأكد من أن الطرفين لا يحملان أيا من الأمراض الوراثية.

وفى النهاية، طالبت الدكتورة رشا وزارة الصحة بسرعة الاستجابة لمطالب مجلس النواب بدخول العقار المعالج لمصر، فكونه حاصلا على الموافقات العالمية إذا فهو من حق كل مريض، وأثنت على مبادرة لجنة الصحة فى مجلس النواب بإنشاء صندوق لعلاج مرضى الضمور العضلى بنفس فكرة صندوق تحيا مصر، وترى أنه خطوة مهمة تجاه حل أزمة آلاف المرضى المصريين، مشيرة إلى أن الشركة المنتجة للدواء هى شركة سارتا، وحتى اليوم لم يدخل أى عقار منها إلى مصر.