معلومات عن زُبَيدة زوجة هارون الرشيد

منوعات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


تعد ثاني امرأة في قصر الخليفة العباسي هارون الرشيد، بعد والدته "الخيزران"، عرفت "زُبَيدة" بالورع ورجاحة العقل، وسخائها وعطفها على الفُقراء، وبذل النّفيس في سبيل الله، ولا أدلّ على هذا من عين الماء التي حملت اسمها عين زبيدة

تزوّج الرّشيد زبيدة سنة 165هـ في خلافة المهديّ في بغداد، واستولدها محمّداً الأمين، فأحبّته حُبّاً كبيراً حمَلَها على إعدادِه لخلافة أبيه، وكأيّ امرأة في بلاط الحُكم، رَغبتْ زبيدة في أن تؤول الخلافة إلى ولدها الأمين الهاشميّ العربيّ النَّسب، على حساب أخيه -من أبيه- المأمون، ولا سيّما بعد بوح الرّشيد لها بِنِيَّته العَهد في الحكم من بعده إلى غير ولدها الأمين، فطفِقت تُجادِله وتَلومه.

زبيدة هي أمّ جعفر زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المُطّلب بن هاشم، زوجة هارون الرّشيد، وابنة عمّه.

اسم زبيدة لقبٌ غلب عليها؛ فاسمها الحقيقيّ هو أمَة العزيز، وإنّما سمّاها جدّها المنصور زُبَيدة وهي طفلة يُلاعبها؛ لبَضَاضتها ونضارتها.

كانت زبيدة كاتبةً، مُحِبّةً للعمران، عَطوفةً على أهل الفقر والعلم، وقد وصفها ابن تغري بردي بقوله: (أعظم نساء عصرها ديناً، وأصلاً، وجمالاً، وصيانةً، ومعروفاً.

ولقد تركت على طريق الحجّ مرافقَ ومنافعَ عمّت الجميع قرونًا، فكان ممّا صحّ من آثارها الجليلة التي عادت على المسلمين بالنّفع سقايتُها أهلَ مكّة الماءَ بعد أن كانت بدينار، فضلاً عن ذلك فقد أَجْرَت في مكّة عينَ ماءٍ عشرةَ أميالٍ إلى الحرم بحطّ الجبال ونحت الصخر، من أقصى وادي نعمان شرقيّ مكّة، وأقامت لها الأقنية حتّى أبلغتها مكّة، وذلّلت الطّريق للماء الذي سُمِّي عين الشَّماس أو عين زبيدة، كلّ ذلك بمليون و700 ألف دينار.

وفي القرن الثّامن الهجريّ وصف اليافعيّ في (أعلام النّساء) عين الشَّماس بأنّها: (ذات بنيان مُحكَم في الجبال، تقصُر العبارة عن وصف حُسنه... آثارُها باقية ومُشتملة على عمارة عظيمة عجيبة).

لم يقفِ الأمر عند العين فحسب؛ فمن آثار زبيدة أيضاً المصانع، والبِرَك، والآبار، والمنازل التي من بغداد إلى مكّة، وممّا يُنسَب إليها بناءُ مسجد زبيدة أمّ جعفر في بغداد، وكان قريباً من مسجد معروف الكرخي، وكان هذا المسجد واسعاً وطيد البُنيان قويّ الأركان، غير أنّه لم يبقَ من ذلك المسجد إلا خبر زبيدة.

كانت زبيدة ورِعةً؛ يُسمَع من غرفتها صوت القرآن الكريم كدويّ النحل، فضلًا عن أنّها كانت تصِل الفُقَراء، وتجود بالمال عليهم وعلى العلماء وأرباب التّقوى والصلاح، وذكر المُؤرّخون أنّها دفعت في إحدى حجّاتها ألف ألف دينار.

ووصل ما دفعته في ستّين يومًا إلى 45 ألف درهمٍ، فأرسل إليها أحد موظّفيها الحساب، فأنكرت عليه ذلك وقالت: (ثواب الله بغير حساب).

أدرك زبيدةَ الموتُ في جمادي الأولى سنة 216هـ في بغداد، ولكن لم يُعرَف تاريخ ميلادها على وجه الدِّقة.