رامي رشدي يكتب: صراع المشايخ على حق الوصاية الدينية بقانون تقنين الفتاوى

مقالات الرأي



خلاف بين البرلمان والأزهر والأوقاف حول الصلاحيات وحق الإشراف


«لابد أن ينتهى القانون فى فترة الانعقاد الحالى لمجلس النواب».. بهذا الهدف تعمل اللجنة الدينية بالبرلمان على الانتهاء من قانون تقنين الفتاوى، لكن هناك مشكلة جوهرية تكمن فى تفاصيل القانون، هى عدم اتفاق الأطراف المعنية بالأمر «الأزهر الشريف ممثلا فى هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الافتاء المصرية، ووزارة الأوقاف» على الصياغة واللوائح والمواد الخاصة بالقانون، والخلاف على أى منهم سيكون له الوصاية على الآخر فى مسألة تقنين الفتاوى، خصوصا أن كلا من الأطراف الثلاثة له قائمة بمن يتصدون للفتوى فى وسائل الإعلام، وإن كان ذلك فى حكم العدم بالنسبة للناس الموجودين على الأرض وفى الشارع والمساجد والمترددين على الأزهر والإفتاء والأوقاف للحصول على صك الفتاوى من المؤسسات الدينية.

المشكلة يديرها أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية داخل البرلمان، خصوصا أن الخلاف مع ممثلى المؤسسات الــ3 يصب عنده. كما تجتمع اللجنة الدينية مع ممثلى المؤسسات للوصول إلى الصياغة النهائية لقانون تقنين الفتاوى.

ممثلو الأزهر باللجنة الدينية، طالبوا بأن يكون هو المنوط به الإشراف على قانون الفتاوى وتقنينها، وأن يكون لهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، حق الإشراف على مفتى وباحثى الإفتاء، وأئمة ومشايخ الأوقاف.

تلك المطالب رفضتها دار الإفتاء بشكل قاطع، خصوصا أنها المنوط بها مسألة تنظيم الفتاوى والرد عليها، وعرضت تجربتها التى اعتبرتها رائدة فى مجال تجديد الخطاب الدينى، خصوصا فى مسألة الرد على الفتاوى الإلكترونية والمكتوبة والشفوية، والتواصل مع الآخر، وداخليا وخارجيا.

وتكررت التجربة مع ممثلى وزارة الأوقاف، الذين رفضوا أن يكون لكل من الأزهر والإفتاء الوصاية على الفتاوى، خصوصا أن أئمة وواعظى الأوقاف، هم الموجودون على أرض الواقع، ويختلطون بالناس فى المساجد فى صلاة الجمعة، وفى الدروس والصلاة، ويجب أن تطلق يديهم فى مسألة الفتاوى، فى نفس اللحظة لم تصل اللجنة الدينية بالبرلمان إلى ترضية مناسبة للأطراف المتصارعة.

فى حين نأت جامعة الأزهر بأساتذتها وعلمائها المتخصصين فى علوم الدين عن هذا الصراع، وأعلنوا دعمهم لجامعة الأزهر، حيث أشاد الدكتور محمد عبدالعاطى، عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات، بقوانين تقنين الفتوى، مؤكدا أنها خطوة فى محلها.

وأوضح أنه لا بد من إعطاء التخصص لأهله، وأن يكون أهل الذكر هم أهل الفتوى، وهم الذين يسألون، وأن المؤسسات الدينية هى صاحبة الحق فى إصدار الفتاوى العامة، لافتا إلى أن الأمور الدينية يجب أن تكون تابعة للأزهر، وفقا للدستور.

وحصلت «الفجر» على نصوص المشروع المقدم للبرلمان، والذى دار عليه جدل واسع، حيث تنص مادته الأولى على: «يحظر بأية صورة التصدى للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو دار الإفتاء المصرية، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون».

وتنص المادة الثانية على: «للأئمة والوعاظ ومدرسى الأزهر الشريف، وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، أداء مهام الوعظ والإرشاد الدينى العام، بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم، ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة».

أما المادة الثالثة فتنص: «تقتصر ممارسة الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام على المصرح لهم من الجهات المذكورة فى المادة الأولى.

ويعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العود تكون العقوبة هى الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه».

وفى المادة الرابعة: «ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من اليوم التالى لانقضاء شهر من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية».

فى نفس الوقت وخارج هذا الصراع، أكد مجلس النواب أن مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، يعد من أهم القوانين المتوقع مناقشتها خلال الفترة المقبلة، مشددا على أهمية صدور قانون تجريم الكراهية، لأن كل ذلك يصب فى صالح قضية تجديد الخطاب الدينى. 

وقال الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشئون الدينية، إن اللجنة أنجزت مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، والذى كان مقدما من الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة، وتأمل اللجنة أن تعرض الأمانة العامة مشروع القانون على الجلسة العامة فى أقرب وقت ممكن.

 وأضاف «العبد»، أن قانون تنظيم الفتوى سيكون له دور فى ضبط الفتوى، لأنها تحتاج إلى ضبط وإتقان، لأن مواجهة الفتاوى المتطرفة أمر ضرورى، مؤكدا أن اللجنة تواصل اجتماعاتها الأيام المقبلة، بشأن الحوار حول قوائم الإفتاء التى أعلنت فى الأونة الأخيرة من قبل بعض المؤسسات مثل دار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والتى قال عنها الدكتور أسامة العبد، فى اجتماع سابق، إنه كان من باب أولى أن تسبق هذه القوائم دراسة وتمعن وتدقيق من المؤسسات الدينية قبل الخروج بها، والأصل أن الجميع لا يستطيع الخروج من تحت مظلة الأزهر الشريف، أو دار الإفتاء، أو الأوقاف، ولهذا كان لزامًا عقد اجتماع موسع والاتفاق على الصيغة التى سيتم تخريج هذه القوائم بها، وإعلانها لوسائل الإعلام متضمنة أسباب الاختيار.