د. بهاء حلمي يكتب: الجامعات المصرية.. وتكنولوجيا المستقبل

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


أطلق "كلاوس شواب" رئيس المنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس مصطلح «الثورة التكنولوجية الرابعة» التى تتمثل فى الاعتماد على الإنسان الآلى «الربوتات»، وطالب المجتمع الدولى بالتعاون حول كيفية توجيه هذه التكنولوجيا التى ستكون لها انعكاسات وآثار شديدة على الإنسان فى حالة إحلال الربوتات بدلاً من البشر فى الوظائف ومجالات العمل المختلفة، وذلك على حد تعبيره.

وقد حظت فعاليات القمة العالمية للحكومات التى عقدت فى شهر فبراير الماضى بدبى بأكبر قدر من الأطروحات العلمية التى ناقشت التحديات المستقبلية كالعولمة والتعليم والصحة والتنمية المستدامة واستشراف المستقبل، كما ضم المتحف الذى عقد على هامش القمة نماذج من الابتكارات والتصاميم المستقبلية فى شكل روبوتات تتمتع بالذكاء الاصطناعى، وبالتالى فإن الثورة التكنولوجية المقبلة ستكون الروبوتات عنوانها الرئيسى، وبناء على ذلك بادرت دبى بإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعى فى إطار الاهتمام بتكنولوجيا المستقبل.

وعبر عدد من العلماء فى مؤتمر لشبونة بالبرتغال عن التوجس من استخدام الذكاء الاصطناعى فى المستقبل لأنه يشكل «حلمًا وكابوسًا» فى ذات الوقت، فالحلم سيكون بتحقيق ثورة تكنولوجية كبرى تجلب الإيجابيات إلى عالمنا، والكابوس يتمثل فى إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعى والربوتات لتدمير الحضارة البشرية، وبالتالى فيمكن يكون أسوأ أمر يحدث فى التاريخ نظرًا للمخاطر الموازية فى حالة عدم الاستعداد لمواجهة هذا المستقبل الذى يمكن مشاهدة ملامحه فى أفلام الخيال العلمى واستخدام الروبوتات الفتاكة والمدمرة فى الحروب، أو توسيع نطاق النزاعات أو وقوعها فى أيدى الجماعات الإرهابية أو حملها مواد نووية، كما أن أثرها سيكون مباشرًا على الأيدى العاملة البشرية فى المجالات المختلفة، إضافة إلى الخطر الأعظم وهو ترك حرية تقييم واتخاذ القرارات للربوتات بناء على المعطيات التى تحللها وفقًا لقاعدة المعلومات الخاصة بها.

ويشير الواقع إلى حرص دول العالم المختلفة على تطوير أنظمتها اعتمادًا على تكنولوجيا المعلومات وصناعة الربوتات والطائرات بدون طائر رغم تلك المخاطر والمحاذير السابق بيانها، ومن ثم فإن تكنولوجيا المستقبل قادمة لا محال وبأسرع مما نتوقع، مما قد يؤدى إلى تغيير شكل وأنماط الحياة البشرية فى ضوء استخدامات الذكاء الاصطناعى، فى الوقت الذى تعانى فيه مصر من عدم إمكانية استيراد بعض المعدات اللازمة للكشف عن المفرقعات لمواجهة الإرهاب.

وبينما نجح طلاب المدارس والجامعات فى دول العالم فى عمل الربوتات من خلال الاستعانة بشبكة الإنترنت ولا تواصل مع أقرانهم فى الدول المختلفة، إضافة إلى المهرجانات والمنافسات والمعارض الدولية اليت تستقبل المبتكرين والمنافسين أيًا كانت أعمارهم، ما خلق بنك للأفكار متاحًا للجميع، إلا أننا قد لا نكون متقدمين فى هذا المجال، ولابد من تأهيل العقول وتشجيع أبنائنا على الابتكار والإبداع.

وهنا يأتى دور ومسئولية الجامعات والمعاهد المصرية التى يقع عليها عبء استشراف تكنولوجيا المستقبل، وتكريس كل الجهود للانفتاح الفكير والمعرفى وطرح موضوعات وأفكار الذكاء الاصطناعى ودمج التقنيات للطلاب للبحث والدراسة لا سيما بالكليات والمعاهد المتخصصة لفتح مجال الخيال العلمى بشكل عملي، على أن تكون مشاريع التخرج هى الربوتات على غرار المتبع فى الدول المتقدمة، ومن المنطقى تطويع العلم لخدمة البشرية وأمن المجتمع لذلك يتوجب على المؤسسات العلمية دراسة و تلبية احتياجات القوات المسلحة والشرطة من تكنولوجيا المستقبل مع الوضع فى الاعتبار بابتكار الربوتات الذكية متناهية الصغير لتكوين وحدات عسكرية تعمل بالذكاء الاصطناعى سواء أكان فى العالم الافتراضى أم على الأرض قبل أن يفاجئنا المستقبل أو أن تقع تلك التكنولوجيا فى أيدى العصابات الإرهابية المدعومة والممولة من قوى الشر والظلام.