زاهى حواس: من يهاجموننى أقزام كتبى أطول منهم

العدد الأسبوعي

زاهي حواس
زاهي حواس


أكد أن هرم خوفو ما زال مليئًا بالأسرار

رافضو المعارض الخارجية أعداء للوطن.. وآثار المخازن لا تصلح للعرض


داخل مكتبه الذى يشبه حجرة تراثية، مئات الكتب الزاخرة بكنوز الحضارة المصرية القديمة، وصور شخصية تسجل المواقع الأثرية التى اكتشفها، فيبدو كأنه صديق لآلهة المصريين القدماء، "الفجر" تحاورت مع عالم الآثار المصرى الأشهر عالمياً بين علماء المصريات، الدكتور زاهى حواس، وسط كتبه وأبحاثه، التى ترقد فوقها قبعته الشهيرة، فى حديث ممتلئ بالمعلومات والتفاصيل عن كثير من القضايا الشائكة للآثار وبعثات التنقيب، والمنح المقدمة للوزارة، والسياحة الدينية، والمعارض الخارجية، والاتجار فى الآثار وملف الآثار المستردة.. وإلى الحوار:


■ رفضت الاعتراف بكشف البعثة العاملة فى مشروع «سكان بيراميدز» بهرم خوفو؟ كيف تفسر موقف هذه البعثة؟

- يجب الإشارة إلى أهم كشف استطعت الوصول إليه بالهرم عندما أرسلنا «روبورت» فى تسعينيات القرن الماضى، إلى حجرة الدفن بالهرم وشاهدنا بواسطته حجارة الهرم المتشابكة، كما أرسلنا الروبوت إلى الحجرة الثانية المسماة خطأً «حجرة الملكة» فوقف أمام مقبض من النحاس، فاستطعنا بالتعاون من ناشيونال جوجرافيك الذين صنعوا روبورتا ثالثاً دخل عبر هذا الباب فرصدت الكاميرا المثبتة به باباً ثانياً ثم وجدنا باباً ثالثاً بمقبض نحاس وتمكنا من الاتفاق مع البعثة الانجليزية لمعرفة ما خلف الأبواب ولم نحدد موعدا حتى الآن للبحث عما وراء هذه الأبواب.

وتحدثت فى كتابى أنا والعالم مارك لينر، بعنوان، «الجيزة» عن البعثة الأولى لـ«سكان بيراميذ» والتى كانت مشتركة بين فريق مصرى وآخر يابانى، والمؤتمر الذى عقدته البعثة شرق الهرم وتحدثت فيه عن اكتشافها ارتفاع حرارة بعض الأحجار بـ5 درجات مئوية عن باقى أحجار الهرم وعثورها على فتحة أمام الباب، وتبين عند معاينة تلك الأحجار أنه تم ترميمها عام 1939، بمعرفة المصريين باستخدام الأسمنت.

والحقيقة باختصار أن البعثة العاملة فى الهرم حالياً لديها أجهزة وتكنولوجيا حديثة جداً وتتقن استخدامها، ولكنها لا تعرف كيفية ترجمة النتائج التى تصل لها الأجهزة لأنهم لا يعرفون شيئاً عن الآثار ولهذا شكل الدكتور خالد عنانى، وزير الآثار، لجنة برئاستى تضم 3 علماء أجانب من أهم العلماء المتخصصين فى الأهرامات لمتابعة أعمال البعثة وتفسير نتائج كشوف الأجهزة، من فجوة داخل الهرم وأخرى ضخمة بجوار البهو العظيم، وأقر جميع علماء البعثة بأن هذا ليس كشفاً لأن الفجوات من أساسيات بناء الأهرامات.

وما نشرته مجلة «ناتشر» العلمية عن فجوة بحجم طائرة تسع 90 راكباً، كلام عار تماماً عن الصحة وغير علمى وللأسف الشديد هناك تجاوزات كثيرة من البعثة.


■ ماذا كان سيكون رد فعلك إن كنت مسئولاً عن البعثة التى صرحت عن كشف دون الرجوع لوزارة الآثار؟

- كنت أوقفت عمل البعثة فوراً عقاباً لهم.


■ هناك اتهامات موجهة للبعثات الأجنبية بنشر خرافات عن الأهرامات وقارة أطلنطس؟

- لا يمكن لبعثة علمية التورط فى مثل هذه الخرافات، والشىء الوحيد الذى يمكن لوم علماء الآثار عليه هو عدم حديثهم إلى عامة المواطنين وانشغالهم بكتابة المقالات بالمجلات العلمية ويمكن أنا الوحيد اللى برد وبتكلم.


■ هناك حديث حول اهتمام إسرائيل بالشرقية، بعد فشل محاولتهم فى الهرم؟

- قديماً ربما حاولت بعض البعثات العمل فى هذا الاتجاه، ولكن تم إيقافهم فوراً، واعتقد أنه لا وجود فى مصر لبعثات لها ميول صهيونية، قبل كده كانوا بيحاولوا، لكن الأمن القومى دلوقتى مفتح عينه وباتت البعثات لا تدخل الى مصر إلا بعد موافقته للتأكد تماماً من أهداف هذه البعثات.


■ البعض وجه لك اتهامات وانتقادات كثيرة لعلاقتك بالبعثات الأجنبية فبماذا ترد؟

- هذه الاتهامات والانتقادات صادرة عن مجموعة من الحاقدين الفشلة، ولست مهتماً بالرد عليهم، لأن كتبى كافية ولو وضعتها فوق بعض لباتت أطول وأعلى من الأقزام الذين يتحدثون عنى ويكفى حصولى فى 2017 على 6 جوائز عالمية، وأنى ضمن أهم 100 شخصية فى العالم، دا قبعتى الشهيرة» تباع بـ75 دولارا فى كثير من دول العالم، فهل انشغل بالرد على هؤلاء الذين لم يسهموا فى العلم ولو بكتاب واحد.


■ هناك اتهامات لوزارة الآثار بإهدار مبالغ ضخمة فى مشروعات ترميم؟

- من يردد هذا الكلام أيضاً فشلة لم يرمموا ولو فخارة، وليس لهم أى مشروعات تذكر فى الترميم، ووجود أخطاء فى الترميم وارد فى جميع دول العالم وليس دليلا على إهدار المال العام، ولكن يمكن التحقيق فى أى واقعة ومحاسبة المقصر.


■ بعض الخبراء يقولون إن وزارة الآثار لا تستفيد من المنح الأجنبية ولكن الدول المانحة تستفيد أكثر فما تعليقك؟

- طبيعى جداً أن تستفيد الدولة المانحة من المنحة التى تقدمها، وهذا لا يمنع أننا أيضاً نستفيد بتطوير مواقع وترميم آثار فالفائدة متبادلة.


■ رغم كل ما لدينا من كنوز لا تزال السياحة الثقافية تعانى فما تفسير ذلك؟

- هذا أمر طبيعى خاصة مع ضعف الدعاية لها فى الخارج وهناك إجراءات كبيرة يجب اتخاذها حتى تعود السياحة من جديد، مثل تنظيم قوافل سياحية للعالم، وزيادة المعارض الخارجية، وبذل الآثريون جهوداً لجذب السياح حيث تعاقدت مع شركة أمريكية لإلقاء محاضرات حيث ترسل هذه الشركة، 120 سائحا شهرياً إلى مصر.


■ هناك أثريون يرفضون المعارض الخارجية ويطالبون بأن تكون من المستنسخات وليس القطع الأصلية خوفاً على الآثار من النقل فكيف ترى هذا الرأى؟

- يوم ما نبطل نعمل معارض خارجية سنخسر خسارة إعلامية ضخمة وسياحة كبيرة لأن سياحة المعارض تحقق مكاسب خيالية، وجميع متاحف العالم تتعامل بهذا الشكل، مثل متحف لوفر أبوظبى، والذى استعار آثاره من لوفر فرنسا، وكذلك المتحف البريطانى وعندما كنت مسئولاً أقمت معرضا خارجيا لتوت عنخ آمون، وصلت أرباحه لـ140 مليون دولار لصالح مصر، مولت إنشاء معمل المتحف الكبير، بجانب الدعاية لمصر وتنظيم المعارض الخارجية يجب أن يكون وفق شروط ولكن من يطالب بمنعها غير وطنى.


■ البعض يخشى من تهالك الأثر الموجود بالمخازن فهل هناك حل؟

- وقت أن كنت مسئولاً تم إنشاء 60 مخزنا متحفيا للآثار، شيدتها القوات المسلحة، وهى من حمت القطع الأثرية من البلطجية أثناء ثورة 25 يناير، وأغلب الموجود بالمخازن لا يصلح للعرض حيث لم نجد قطعاً لائقة للعرض بالـ24 متحفا التى أنشأناها.


■ لماذا لم تهتم الدولة بالسياحة الدينية ومسار العائلة المقدسة قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى؟

- بالعكس الدولة طوال الوقت مهتمة بالسياحة الدينية وسبق ورممنا المعابد اليهودية والكنيسة المعلقة وكنائس وأديرة البحر الأحمر، ولكن الرئيس السيسى أعاد هذه النهضة.


■ البعض انتقدك عندما تحدثت عن وجود إرهاب فى سيناء منذ 7000 سنة وعند شذوذ الملك بيبى الثانى فبماذا ترد ؟

-اللى بيهاجم ده مش بتاع آثار ولا يعرف حاجة عنها، وبدو سيناء اعتبروا أننى أتهمهم والحقيقة أن هناك مقبرة فى سيناء تخص قائدا عسكريا نقش عليها كتابات قال فيها القائد إنه كان يهاجم أحد البؤر الإرهابية التى احتمت داخل قلعة.

أما الملك بيبى، فتوجد بردية باللوفر وأخرى بالمعهد الشرقى بشيكاغو، تتحدث عن رجل كان يراقب الملك ويقول إنه كان يشاهده وهو يتوجه لبيت رئيس الجيش ثم يلقى طوبة على البيت فيخرج له قائد الجيش ويدخله فيظل عنده 4 ساعات، ثم يقول الرجل إنه لا يتهم الملك بشىء، وعرضت محتوى البردية لأؤكد أن المصريين رفضوا الشذوذ منذ القدم.


■ ما تقييمك لأداء الوزير خالد العنانى؟

- أرى أنه أفضل وزير جاء بعد ثورة يناير، وهو يؤدى عمله بشكل جيد و«بيدى العيش لخبازه» عشان كده نجح عكس من سبقوه.


■ هل يمكن أن تقبل العودة لمنصب وزير الآثار؟

- لا.


■ لماذا؟

- لدىّ أهداف وواجبات أخرى وأريد الانتهاء من نشر كتب لى عن الحفاير وإن لم انشرها سينساها العالم، ولدى ارتباطات لإلقاء محاضرات وإجراء أبحاث، كما لم يعد لدى رغبة فى العودة للمنصب.


■ كيف ترى دعوات استعادة آثارنا من الخارج؟

- قبل عام 1983 كان القانون يبيح الاتجار فى الآثار، وبالتالى هناك آثار خرجت بطرق شرعية لا يجوز قانوناً المطالبة بها، أما التى خرجت بطرق غير شرعية فواجبنا إثبات ذلك واستردادها، أما استعادة آثارنا جميعها من الخارج فهو بمثابة الحلم فضلاً عن كوننا لسنا مستعدين لحمايتها والحفاظ عليها وفق الإمكانيات المتاحة فحتى الآن آثار الصحراء تتعرض للانتهاكات.


■ بعد كل ما كشفته فى كتابك الجيزة عن الأهرامات هل تعتقد أن هناك أسرارا لم تكتشف بعد داخل الأهرامات؟

- بالطبع الهرم ملىء بالأسرار لأنه ليس مجرد مقبرة وإنما يمثل قوة ومجد الملك تحديداً هرم خوفو والذى اعتبره مليئا بالإبداع.