"الفجر" تفتح الملف الشائك.. إيدز الأطفال

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


موجودون فى الشوارع وينتقمون من المجتمع بنقل المرض إلى آخرين

صغير يصاب بالمرض ويتوفى بعد رفض الأطباء علاجه.. وأب يخفى إصابة نجله لتسهيل رعايته

طبيبة نفسية: أغلب المرضى مراهقون.. وممارسة "الشذوذ" سبب رئيسى للإصابة


إذا لاحظ الناس أن أحدهم مصاب بنزلة برد، فإنهم يبتعدون عنهم خوف العدوى، وقضاء بضعة أيام فى السرير ومعاناة الألم الخفيف للمرض المعروف، للجميع والذى يزور الجميع طيلة عمرهم، ولذا من الطبيعى أن يبتعد هؤلاء عن المصاب بفيروس الإيدز، ويصبح الأمر مأساوياً إذا كان المريض طفلاً، رغم أن الفيروس لا ينتقل سوى بالحقن أو الممارسة الجنسية غير الآمنة.


مصيبة المرضى الأطفال، ليس معاناتهم من الإصابة ولكن رفض الأطباء سواء بالمستشفيات الحكومية أو الخاصة علاجهم، وتسويف إعطائهم العلاج، فى حال أقر ذوو الصغار بإصابة أبنائهم بالفيروس، فيكون مصيرهم رفض إجراء أى فحوصات أو حتى الإقامة بالمستشفى.

"الفجر" ترصد حكايات أطفال حملوا المرض ومعاناتهم وذويهم فى رحلة البحث عن علاج يخفف من آلامهم عند اشتداد المرض عليهم، والتى وصل بعضها إلى حد الموت بعد رفض الأطباء علاجها لحملها المرض.


1- الأطباء يمتنعون عن علاج مريض الإيدز

"محمد" طفل كان فى الـ14 عاماً، أصيب بفيروس الإيدز، حسب والدته، عقب تردده على وحدة الغسيل الكلوى بالمستشفى الميرى فى الإسكندرية، لإصابته بمرض فى الكلى، موضحة أنه تم نقل دم إليه وترجع أن هذا الأمر أدى لإصابته بالفيروس، حيث كان يذهب بصفة دورية إلى المستشفى الميرى، وفور اكتشاف الأطباء إصابته، منعوه من الدخول وامتنعوا أيضًا عن التعامل معه، كما رفض بعض أطباء العيادات الخاصة أن يعالجوه، "فى مرة ابنى تعب وروحنا لدكتور "ع.ع" أول ما شاف التحاليل وعرف إنه عنده فيروس الإيدز رمى الورق وقام يرش على إيده منظف".

وتضيف والدة الطفل إن حالة ابنها أصبحت أكثر تدهورًا خاصة أنه احتاج إلى إجراء عملية فى الأوعية الدموية، وسط رفض أغلب الجراحين إجراء عمليات جراحية للمرضى الحاملين لفيروس الإيدز، خاصة التى ترتبط بتخصصات مثل الأوعية الدموية لخوفهم على حياتهم وانتقال العدوى إليهم، وهو ما أدى إلى تدهور حالته واصابته بـ"الإكزيما" وامتلأ جسده بالمياه أسفل الجلد، حتى توفى بعد صراع مع مرضه.


2- أب يخفى إصابة ابنه للحصول على علاج

"كعب داير" هكذا وصف "أ.إ" والد الطفل "إبراهيم"، 8 سنوات، والمصاب بفيروس الإيدز، معاناته فى رحلة علاج ابنه، والتى بدأت بإصابته منذ أكثر من عامين بالتهاب فى الغدد اللمفاوية وارتفاع شديد فى درجة الحرارة، ما تطلب نقله إلى أحد المستشفيات الذى قرر أحد أطبائه أن الطفل بحاجة إلى إجراء عملية جراحية وكيس دم، وبعدها اكتشف أنه أصيب بفيروس نقص المناعة.

ويضيف والد الطفل إبراهيم، إنه أصيب بصدمة شديدة عقب اكتشافه مرض ابنه، وأجرى تحاليل فى أكثر من مكان للتأكد من الإصابة، وجميع النتائج كانت إيجابية، لتبدأ بعد ذلك رحلته الصعبة بعد أن اتهم المستشفى بالتسبب فى مرض ابنه، الذى كان يعانى من حساسية الصدر والنزلات المعوية المتكررة بسبب نقص مناعته، ما يجعله يعتاد دائمًا الذهاب إلى مستشفيات.

ويروى أنه أصيب فى يوم بامتداد معوى، ما استدعى التدخل الجراحى، لكن أحد المستشفيات الخاصة رفض بعد أن علم بإصابته بالفيروس، وهو ما تكرر فى عدد كبير من المستشفيات، إلى أن تم تحويله إلى مستشفى "أم المصريين"، مستكملًا: "الوضع بالمستشفى سيئ رغم أنه يقبل دخول مرضى الإيدز إلا إنه لم يقبل دخول ابنى فيه خوفا من تدهور حالته الصحية".

وأضاف إنه لجأ إلى حيلة عدم مصارحة الأطباء بحمل ابنه للفيروس حتى يقبلوا احتجازه بالمستشفى وتلقيه العلاج، مختتمًا: "بنعيش لحظات صعبة لما بخرج بابنى مكسور النفس من عند الدكاترة اللى بيرفضوا الكشف عليه لعلاجه".


3- "الشذوذ الجنسى" والمراهقون

إلهام محمود- طبيبة نفسية، كشفت أن هناك أعدادا كبيرة من الأطفال فى سن المراهقة لا تتخطى أعمارهم الـ16 عاما من البنات والأولاد يترددون على عيادتها بعد اكتشافهم الإصابة بفيروس الإيدز، موضحة أنهم حملوه بسبب ممارسة الشذوذ الجنسى، وأنهم يكتشفون الإصابة بعد معرفتهم بحمل الطرف الآخر فى الممارسة للفيروس ما يجعلهم يسارعون إلى إجراء تحليل للتأكد من كونهم مصابين بالإيدز أم لا.

وتضيف الطبيبة النفسية، أنه بسبب ارتفاع سعر تحليل اكتشاف حمل الفيروس يلجأ المتشككون فى الإصابة إلى التبرع بالدم حتى يكتشفوا الحقيقة، وبعدها تبدأ رحلتهم للعلاج النفسى من السبب الذى أدى إلى إصابتهم بالإيدز، موضحة أنهم هم وأسرهم يصابون بصدمة كبيرة.

وتوضح أن أغلب الحالات تعانى بسبب رفض الأطباء علاجهم بالمستشفيات الخاصة لأن جميعها تغلق الأبواب فى وجوههم، ما يجعلهم يضطرون لقبول الأمر الواقع والذهاب إلى المستشفيات الحكومية لإجراء التحاليل الدورية، حيث يرفض الأطباء مقابلتهم ولا يجدون سوى الجلوس مع أخصائى اجتماعى ليس له أى علاقة بكيفية علاج مريض ولو بالأنفلونزا، ما يجعلهم عاجزين عن تلقى العلاج فى أى وقت يحتاجون له فيه.

وعن أبرز حالة مصابة بفيروس الإيدز تعاملت معها الطبيبة قالت إنها لطفل فى الـ15 من عمره، كان مارس الشذوذ مع أحد أصدقائه واكتشف إصابته بالإيدز بعدها، حينما تعرض لوعكة صحية احتاج على إثرها إجراء تحليل للدم، منوهة إلى أن الأطباء نصحوا أسرة هذا الطفل بعدم تناول أى أدوية.

وأضافت أن الطفل كان يجد صعوبة بالغة فى تلقى العلاج وقبول الأطباء التعامل معه، بالإضافة إلى رفض المستشفيات دخوله للاحتجاز بها فى حال تدهور حالته، وفى إحدى المرات ارتفعت درجة حرارته بصورة مبالغة وذهب إلى عدد كبير من المستشفيات لكنها رفضت استقباله، فذهب إلى مستشفى الساحل فتم استقباله واحتجازه بعد إخفاء إصابته بالفيروس.

وتابعت أنه بعد أن اكتشف الأطباء إصابته بالفيروس تم وضعه فى غرفة وعاملوه وكأنه كائن غريب حيث تركوه دون علاج أما العاملون فكانوا يتركونه دون مساعدة أو حتى تنظيف للسرير الذى ينام عليه، ولتأخر حالته لم يصدر الأطباء قرارا بخروجه من المستشفى، حتى توفى فيها.


4- "أطفال الشوارع" قنبلة تنتظر الانفجار

هشام عبده- طبيب متطوع فى أحد مراكز مكافحة الإيدز- قال إن فيروس الإيدز ينتشر بشكل كبير جدًا بين البالغين، ومن الملاحظ أيضًا تزايد الحالات المصابة بين الأطفال، لكن لا توجد أرقام أو إحصائيات صحيحة أو موثقة لأعداد حاملى المرض من كل فئة، مرجعًا السبب إلى عدم قدرة المواطنين على اكتشافه.

وغالبية إصابات أطفال الشوارع تأتى بسبب معيشتهم وسط التلوث وتعرضهم للاغتصاب وللإدمان من خلال الحقن الملوثة والعلاقات الجنسية الشاذة، ما يجعل هناك بيئة خصبة لانتشار المرض بينهم.

وأوضح أن هؤلاء الأطفال يتعايشون مع المرض لفترات طويلة دون علمهم، والتى قد تصل إلى عشر سنوات، خاصة أن أعراضه الأولى تكون أشبه بحالات البرد والأنفلونزا، تختفى وتعود أكثر من مرة، مشيرًا إلى أن عدم تلقيهم العلاج لا يؤثر على أعمارهم، ولكن الكارثة فى انتقال الفيروس من خلالهم لأطفال آخرين معهم فى البيئة ذاتها.

ويعتبر الطبيب، أن هؤلاء الأطفال قنبلة موقوتة قابلة للانفجار فى أى وقت، خاصة أنهم كارهون للمجتمع الذى ينبذهم، ما يجعل لديهم دافعا فى نقل الفيروس لأى شخص خاصة فى ظل عدم وجود قواعد بالمستشفيات لدخول المرضى بها، وقال: "أى مريض داخل يعمل عملية يطلبوا منه تحاليل عن فيروس سى وفيروس بى ويتناسون تحليل الايدز ودا يمكن يتسبب فى انتشار المرض بشكل سريع جدا".

وكانت الإدارة المركزية للشئون الوقائية بوزارة الصحة، أعلنت فى نوفمبر الماضى عن فحص 2778 مصاباً بالإيدز منذ يناير وحتى سبتمبر 2017، لافتة إلى أن عدد المتعايشين مع المرض فى مصر 8 آلاف و564 مصاباً، بينهم 82% من الرجال، و18% من السيدات، وأن 75% من المصابين بين 15 و50 عامًا، فلم تشر أى إحصائية عن أعداد المصابين بالمرض من الأطفال.