د.رشا سمير تكتب: «كشف حساب» روايات 2017

مقالات الرأي



نجاح بعضها لم يتخطَ عناوين أغلفتها

قبل أن تُطوى صفحة عام على وشك الرحيل بكل ما يحمل من أحداث متلاحقة ومواقف متنافرة، وقبل أن يأتى عام 2018 بكل ما يحمل من نجاحات وإخفاقات وأمنيات وأحلام.

ما بين هذا العام وذاك، وما بين حروف كُتبت وسطور سُطرت ومواثيق عُقدت، من بين أشخاص كُتب لهم النجاح وآخرون كُتب عليهم الفشل، وفئة كُتب عليها القتال وشرذمة قررت الانسحاب، من بين كل المعارك وبعض الحواديت وآلاف الرحلات.. تبقى الكلمة وتسطع الحروف.

الإنترنت أصبح شبحًا يطارد دور النشر والكتاب والروايات الأجنبية تتصدر المشهد

الكلمة.. بين سطور الروايات ونغمات الأغنيات، أو حتى فى حوارات الأفلام، هى الحدث الوحيد القادر على البقاء من عام إلى عام، وحتى آخر الأعوام، فما زلنا نتذكر أغنيات حليم وأشعار رامى وأبيات نزار وكتابات محفوظ.

ما زالت الكلمة هى الذكرى والمعنى والقيمة، هكذا تعودنا أن نختتم كل عام باستفتاء على كل المواقع عن أهم الأغنيات والأفلام والفنانين والأحداث السياسية وطبعا أهم الروايات.

مصر أصبحت بسبب الوضع الاقتصادى الحرج وما تكبده أبناء الطبقة الوسطى من صدمات إثر تعويم الجنيه فى حالة أدبية حرجة، فالحالة الاقتصادية انعكست على ظروف حياتهم المعيشية، ففى حين ارتفعت كل الأسعار انخفض سعر الإنسان، وفى ظل غلاء المعيشة والمأكل والملبس احتل الكتاب الورقى ذيل قائمة أولويات أى مواطن كادح.

ولأن الطبقة الوسطى مازالت على جهاز التنفس الصناعى فى محاولة بائسة للبقاء، وهى فى الواقع الطبقة التى لا تدعى الثقافة، بل تمارسها بحق، فقد انخفضت مبيعات الكُتب الورقية فى حين اتجه القراء إلى الرصيف، حيث الكُتب المزورة التى لم يستطع اتحاد الناشرين، ولا حتى الدولة متمثلة فى وزارة الداخلية والثقافة أن يقضوا على تلك الظاهرة التى من الممكن أن تتسبب فى كارثة، ليس فقط كارثة اقتصادية للناشرين والأدباء ولكن كارثة سياسية، لأن الكُتب الأجنبية التى تُزور هى كتب لكبار الأدباء، مثل جون جرين وباولو كويلو وإليف شافاك وج.ك.رولينج وغيرهم، ومن حق الدول التى ينتمى إليها أولئك الكُتاب أن يرفعوا قضايا ضد مصر أمام المحاكم الدولية إذا أثبتوا تزوير كتبهم!

إذن هى كارثة حقيقية، ولا أعلم مدى صعوبة أن يواجهها اتحاد الناشرين والوزارات المعنية، كما اتجه القراء أيضا إلى الإنترنت الذى أصبح متاحا للجميع من خلال قراصنة المواقع، كى يرفعوا الروايات بعد صدورها بأيام من على صفحات الإنترنت.. إذن، تعددت الأسباب وركود الكتاب واحد!

لم تتميز 2017 بصدور العديد من الأعمال الروائية بالشكل المتعارف عليه فى السنين الماضية، وهذا بالطبع يرجع إلى خوف دور النشر من المجازفة بأعمال قد لا تحقق المبيعات المطلوبة، فالناشرون ما زالوا يبحثون عن تقديم الأعمال المتميزة الباقية ولكنهم دون شك يبحثون فى المقام الأول عن الربح، فالنشر هو تجارتهم وهذا حقهم دون شك، فاليوم أصبح الحصان الرابح هو الشىء الوحيد المسموح بالرهان عليه، والحصان الرابح إما هو عمل مختلف هناك إجماع على نجاحه أو روائى له اسم يضمن للناشر البيع حتى لو كتب وقال «ريان يا فجل»، وما أكثر الفجل!

1- جولة بين إصدارات بعض دور النشر

إصدارات دار الساقى: «فى أثر غيمة» حسن داوود، «موت صغير» محمد حسن علوان- الفائزة بجائزة البوكر 2017، «الحى الخطير» محمد بنميلود، «حشيش سمك برتقال» هدى عمران، «ثلاث خطوات إلى المشنقة» جان دوست، «منزل بورقيبة» إيناس العباسى «حوض السلاحف» رولا حسين.

دار تويا للنشر والتوزيع: «الحياة على سطح البطيخ»، «بيلى»، «بالطو وفانلة وتاب»، «زهرة الشيخ عشق»، «غير قابل للنشر»، «كل الطرق تؤدى لـ60 داهية»، «حواديت السعادة»، «الورقة 2»، «يا ليلة العيد أنستينا»، «لروح أمه».

دار الشروق للنشر: «كتابى» عمرو موسى، «موسم صيد الغزلان» أحمد مراد، «ضارب الطبل» أشرف الخمايسى، «شوارع السماء» وجدى الكومى، «رقص طفيف» محمود عبده، «نسيت كلمة السر» حسن كمال، «بدون سابق إنذار» أنيسة حسونة، «غربة عرب» يوسف زيدان.

الدار المصرية اللبنانية: «خبيئة العارف» عمار على حسن، «تاهيتى» عمرو حسن، «سألقاك هناك» رشا سمير، «اليد الدافئة» يحيى يخلف، «البلاط الأسود» ناصر عراق

«يكفى أننا معا» عزت القمحاوى، «مذكرات عفريت» أحمد سالم.

2- الصورة فى المُجمل

خارطة النشر فى المُجمل ما زالت بين أيدى ثلاث أو أربع دور نشر كبيرة، هى التى تتحكم فى سوق النشر من خلال مبيعاتها وكتابها ووجودها فى المعارض وقوة أعمالها، فما زالت دار الشروق تصارع من أجل البقاء، بعدما تعثرت الدار فى العامين السابقين، ربما بسبب الحالة الاقتصادية، أو ربما لأن المهندس إبراهيم المعلم رجل قرر أن يجرب مشاريع أخرى بجانب النشر، مثل إصدار جريدة «الشروق» والمشاركة السياسية وانتخابات النوادى، فانشغل عن النشر قليلا.

ولكن فى عام 2017 استعاد سوق النشر بإصدار العمل الذى أثار جدلا وإقبالاً كبيراً وهو «كتابى» للأستاذ عمرو موسى، وكما عودنا الكاتب أحمد مراد أيضا فقد أصدرت له دار الشروق كعادتها فى نهاية العام روايته الأخيرة «موسم صيد الغزلان» وعلى الرغم من الدعاية الأولية التى صاحبت صدور الرواية والإعلان الذى كانت بطلته شيرين رضا، فإنها وبكل أسف رواية حطمت ما تبقى من آمال قرائه الذين مازالوا يتطلعون لحالة السحر التى أطلقها فى أول أعماله «تراب الماس»، ثم توارى السحر من خلال عثرات الكاتب المتتالية، فى 1919 وأرض الإله، وأخيرا موسم صيد الغزلان، حتى أن الروائية ميرال الطحاوى صرحت بأنه اقتبس عنوان إحدى رواياتها القديمة، فهل هى صُدفة تلك التى توقع أحمد مراد دائما فى قفص الاتهام باقتباس الأعمال؟!

وما زالت الدار المصرية اللبنانية متربعة على عرش النشر فى مصر، ولا ينافسها فى ذلك سوى دار الساقى، التى تتربع على عرش النشر مع دار الآداب والعلوم فى لبنان والوطن العربى، الفارق الوحيد أن دار الساقى تصب تركيزها على الكُتاب العرب من كافة الجنسيات، وبالتالى فهى تفتح للقارئ نافذة مختلفة على الوطن العربى بمشكلاته وحكاياته الشيقة، كما أن الساقى تعودت أن تحصد نصيب الأسد فى الجوائز العربية، وتأتى بعدها الدار المصرية اللبنانية.

الحقيقة، فوز رواية «موت صغير» لمحمد حسن علوان بجائزة البوكر كان فوزا مستحقا أعاد للبوكر مكانتها التى كانت قد تراجعت فى الآونة الأخيرة، كما استطاعت الدار المصرية اللبنانية أن تعيد الشباب إلى قراءة أدب إحسان عبدالقدوس، من خلال إعادة طبع العديد من أعماله، بل الأغرب الإقبال العظيم من الشباب على كلاسيكيات الدار من جبران خليل جبران إلى المنفلوطى والعقاد، وهى خطوة تحتسب ثقافيا للأستاذ محمد رشاد صاحب الدار الذى يسعى جاهدا لإحداث توازن بسوق النشر المصرى.

ولا تزال أيضا دار تويا للنشر هى الدار التى قدمت الشباب فى عناوين غريبة وهزيلة على الرغم من مبيعاتها العالية، فمن الحياة على سطح البطيخ إلى شورت وفانلة وتاب، ما زالت العناوين تبدو ساخرة وأحيانا ساذجة، إلا أن إقبال الشباب المخيف على أكشاك البيع فى معرض الكتاب يبدو أيضا ظاهرة مخيفة، وهى السبب الرئيسى فيما يقال عن مصر، بأنها تخلت عن عهد التربع على عرش الثقافة العربية بأقلام مثل نجيب محفوظ ويوسف السباعى إلى عناوين ركيكة ومحتوى أكثر سذاجة.

3- روايات أثارت الجدل

أصبحت إثارة الجدل هى الهدف لبعض الكُتاب، الذين يضعون أعينهم على المبيعات أو الانتشار أو حتى الجدل لمجرد الجدل، دون النظر إلى المحتوى الحقيقى للكتاب أو قيمته الفعلية، فى عام 2017 أثارت بعض الكتب الجدل فاحتلت مواقع التواصل الاجتماعى وأصبحت حديث المدينة بلا أسباب، فعلى سبيل المثال وليس الحصر:

سندريللا سكريبت- بقلم: هبة السواح.. دار رواق للنشر

كتاب أعتبره ظاهرة، بلا تفسير أو مبرر، صدر عن دار الرواق للنشر، الإقبال عليه كان ظاهرة غريبة، إلى درجة جعلت أصحاب المكتبات مندهشون؛ لأن محتوى الكتاب ضعيف جدا، ولكن الناشر كتب على الغلاف أنها الطبعة الـ35، وهو مالم يستطع نجيب محفوظ تحقيقه فى مجمل أعماله! «فالعدد أصبح فى الليمون».

ملخص الكتاب يقول: «الواقع إن سر العيشة الفل هو السؤال اللى حيّر الملايين، السؤال اللى هنجاوب عليه من خلال صفحات الكتاب، السؤال اللى لو معندكيش إجابة عليه يبقى إنتى غالبًا ماشية فى مسار غلط عشان توصلى مكان انتى مش عايزه تروحيه، يبقى انتى عايشة زى ما المجتمع بيقولك وخلاص، بتدورى على السعادة والنجاح فى حدود القالب اللى مجتمعك حطك فيه، سواء كان اسمه كليات القمة أو العربية الشيك أو الجوازة اللى «شكلها» حلو وخلاص، مشدودة بين اللى بيقولك إنك دورك فى الحياة إنك تتجوزى وتخلفى وبس وبين اللى بيقولك اتمردى على الرجالة كلها بلا وجع دماغ!».

لا أحد حتى الآن يعلم سر خلطة نجاح تلك القصة، هل سببه الشباب الباحث عن الوجبة الخفيفة، أم انحدار الذوق العام، أم قدرة الكاتبة على الوصول إلى الفتيات؟!.

ولاد المَرة- بقلم: ياسمين الخطيب.. صادرة عن دار ميريت

منذ أعلنت الفنانة التشكيلية ياسمين الخطيب عنوان أولى تجاربها الكتابية قامت الدنيا عليها ولم تهدأ، وهو فى اعتقادى الشخصى النجاح الوحيد الذى حققته الرواية، فالعنوان مثير وصادم، أختير ليقلب السوشيال ميديا.. ثم.. ثم لا شىء.

الكتاب عبارة عن مقالات سياسية ونسوية واجتماعية، أشاد البعض بالأسلوب وهاجم الكل المحتوى، حتى أن الكتاب لم يزد على 130 صفحة، وهو ما يؤكد فكرة أنه مجرد محاولة لم تتعد عنواناً قادراً على البيع، وصف القراء على المواقع الاجتماعية الكتاب بأنه مجرد فضفضة أو مقالات قررت الكاتبة جمعها، إذن فالجنازة حارة والميت عنوان!

فى غُرفة العنكبوت- بقلم: محمد عبدالنبى.. صادرة عن دار عين

الغريب أن كاتب الرواية تخرج فى جامعة الأزهر وتسلل بروايته إلى خبايا المنطقة المحرمة فى مصر، وهى عالم الشواذ وما يعانونه ومشاكلهم بكل قبح، يكتب الروائى عنهم وكأنه واحد منهم، يبدأ من حيث قضية الشواذ الشهيرة التى ضُبطت فى مركب عائم، ثم بقليل من الأحداث وكثير من الوصف وكثير من الألفاظ الخارجة أيضا تستمر الرواية، وتحدث المفاجأة التى أحدثت زلزالا فى الأوساط الأدبية وهى وصول الرواية إلى القائمة القصيرة بجائزة البوكر وسط دهشة الجميع، لتصبح تلك الرواية عنوانا جديدا إلى عناوين كثيرة أثارت الجدل فى 2017.

4- جولة سريعة بين العناوين

«يكفى أننا معًا» – عزت القمحاوى – الدار المصرية اللبنانية

رواية تجمع بين قلبين تفصل بينهما سنواتٌ من الشجن والتجلّى، عبر لغة رصينة ونسيج سردى متين، وإحساس رشيق يكاد يلمس تخوم الروح، يحلّق فى فضاء تلك العلاقة الاستثنائية، بين محامٍ مخضرم سرقته دوامات الحياة، فلم يخرج منها إلا بصروحٍ أقرب إلى الأوهام، وفتاةٍ محاطةٍ بإحباطات الفقد مندفعة بلهفة الفضول إلى علاقةٍ تبدو لمن يراها من الخارج غير منطقية، تاركةً للواقع فرصة أن يقول كلمته الأخيرة!.

هذه الرواية هى الخامسة لعزت القمحاوى.. كما أنها وصلت للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد لعام 2017.

«الوشم الأبيض» – أسامة علام – دار الشروق

الرواية الثالثة لأسامة علام، بعد روايتين فارقتين ومجموعة قصصية مميزة، يخوض فيها عالمًا جديدًا وإن كان يجمع بين واقعية الرواية السابقة، والعوالم الغريبة العجيبة فى روايته الأولى.

فى «الوشم الأبيض» يتقاطع قدر طبيب مصرى مهاجر إلى كندا مع فتاة كندية فاتنة، حياتها مليئة بالغرابة، لتبدأ رحلتهما فى البحث عن أسباب مقنعة لوجودهما فى العالم الذى يتقيدان فيه بجذورهما العرقية، وما بين مدينة «مونتريال» وواحة «سيوة» وبيت منسى فى غابة على حدود قرية صغيرة تدور أحداث قصة حبهما الغريبة.

«متحف العاهات» – المغربى أنيس الرافعى – دار العين

رباعية قصصية تضم مجموعات أنيس الأربع السابق صدورها من قبل، «اعتقال الغابة فى زجاجة»، و«الشركة المغربية لنقل الأموات»، و«أريج البستان فى تصاريف العميان»، وأخيرًا «مصحة الدمى»، التى كانت قد وصلت للقائمة القصيرة فى جائزة الملتقى للقصة القصيرة.

تتميّز قصص «الرافعى» بأنها ليست مجرد «حكايات» بل هى أشكال مختلفة للتجريب تنتج معانى متنوعة ومختلفة تتصل اتصالاً مباشرًا بالواقع، ولذلك نجد عنده باستمرار اهتمام بالشكل المغاير والمختلف الذى يمكنه من سرد قصة وحكاية مختلفة.

«كتاب النوم» – هيثم الوردانى – دار الكرمة

يعد هذا الكتاب بحثًا أدبيًا ممتعًا وعميقًا فى الوقت نفسه، يقارب النوم من خلال ثلاثة محاور عريضة، هي: الهوية، والسياسة، واللغة، ساعيًا للاقتراب بحذر من النوم من دون إيقاظه، متلمسًا فى ذلك الأمل الذى يتشكل فى قلب الظلام ويجعلنا قادرين على بدء يوم جديد، وطامحًا إلى رسم صورة تفى بتعقيدات النوم بعيدًا عن اختزاله فى الأحلام، أو الاكتفاء بوصمه بالسلبية أو الزيادة عن الحاجة. قالت عنه الشاعرة «إيمان مرسال»: «لم أقرأ فقرة فى «كتاب النوم» إلا وفكرت فى اللغة العربية من جديد. كيف يستطيع «الوردانى» أن ينفض التراب عن الكلمات، أن يُسكنها أسئلته وصمته بهذه الخفة، بهذا الجمال!»

«صوت الغراب» – عادل عصمت – الكتب خان

سردية روائية على لسان البطل الذى يحكى عن «تاريخ عائلته من منظور النساء»، فيحكى عن عمته التى مات حبيبها، وماتت هى بعده «فى غرفة مظلمة»، وعن أمه التى «كانت مخاوفها أكبر من أن تتخلى عن رائحة الينسون». وعن أخته «مريم» التى لم يغفله الحديث عنها منذ حكاية مولدها، فهى تشبه عمته، ربما ليس فى طبيعة الأحداث التى مرت بها عمته، وإنما فى أنها «حرة»؛ و«ابتسام» هى الأخرى التى ربما ظن أنها دمرت دليل وجوده، بعد أن مات الجنين الذى حملته داخلها منه.

«أخيلة الظل» – منصورة عز الدين – دار التنوير

فى «أخيلة الظل» نحن أمام لعبة افتراضات وتخيلات لا يتضح تمامًا من يديرها: كاميليا؟ أولجا؟ أم راوٍ خفى يحرك الجميع بين مدن واقعية وأخرى متخيلة، ويجوس فى ذاكرة الشخصيات التى تشبه الأوانى المستطرقة؟ هكذا تقدم الرواية سردية تتشكل من التمازج بين الوعى والذاكرة، الحلم والواقع، الماضوى والآنى فى لعبة سردية مثيرة؛ لعبة كتابة متبادلة، تتخللها قصص ومرويات يكتبها أبطال اعتادوا تبادل حكاياتهم. ومن مقعد خشبى على ضفة نهر الفلتافا فى براغ، ينفتح صندوق حكايات، تُنسَج منها مرويّة ذات إرث ثقافى متنوّع.

«سيرة سيد الباشا» – أحمد الفخرانى – بيت الياسمين

بعد أن حصلت روايته «ماندورلا» على جائزة ساويرس مؤخرًا، يقدم «أحمد الفخرانى» روايته الجديدة التى يحكى فيها قصة المعرفة المحرمة، هذا الكتاب الملعون الذى يمكنك مصادفته فى طريقك، وعندما تفتحه، تحل عليك لعنات الدنيا، كيف قد تؤدى المعرفة بصاحبها إلى الجنون والشطط التام؟ سيد الباشا عاطل مثل أى عاطل، يكتشف عالمًا سريًا كامنًا وراء لعبة على الإنترنت، الحياة أمامه مليئة بالاحتمالات، المقهى الذى يمضى فيه وقته الضائع، ليس إلا واجهة لشبكة كبيرة من المقاهى المتصلة بعالم سرى.

«حائط غاندى» – عزة رشاد – دار كيان

مجموعة قصصية جديدة للكاتبة عزة رشاد، بعد روايتها التى لاقت نجاحًا كبيرًا «شجرة اللبخ»، تعود فى هذه المجموعة إلى العوالم التى احترفت الكتابة عنها، والتقاط لحظات إنسانية شديدة الخصوصية والتعبير عنها ببراعة، نقرأ من المجموعة: الباب القديم مُقشَّر ولا يبلغ الأرض، بل يترك مسافة تكفى لتسريب الصوت.. الصراخ الذى يترجَّع فى أذنيكِ مهددًا بانفجارهما. لأول مرة ترَين هذا القبح! عورة الخشب فى الباب المتهالك الذى استباحته كل كفٍ وتركت عليه عرَقها وبَصْمَتَها وغبار خلاياها! كيف لم ترينها طيلة هذه السنوات!

«كل هذا الهراء» – عز الدين شكرى فشير – دار الكرمة

يعود الكاتب وأستاذ العلوم السياسية إلى الكتابة الروائية بعد روايته الأخيرة باب الخروج التى كانت قد أثارت جدلاً واسعًا كونها تنبأت بالانقلاب العسكرى الراهن، يعود إلى «أمل وعمر فى الفراش» فى هذه الرواية المزلزلة، التى يحكى فيها عن أمل التى تستيقظ فى الفراش مع عمر، الذى بالكاد تعرفه وفى الساعات المتبقية حتى موعد طائرة أمل مساء اليوم التالى، نكتشف من خلالهما جوانب من مصر الأخرى، القابعة تحت السطح فى خليط من اليأس والأمل لا ندرى إن كان سيدفعها للانفجار أم يقتلها كمدًا.

كانت تلك هى جولة سريعة بين صفحات روايات وأعمال صدرت فى 2017 ربما حققت بعض النجاح أو بعض الفشل ولكنها فى النهاية ستظل دوما عنوانا لهذا العام بكل ما يحمل من حلو ومر.. وأمنياتى للعام المقبل أن يحمل معه أعمالاً أخرى كثيرة ومثيرة لا تعرف سوى النجاح عنوانا.