رامي رشدي يكتب: تفاصيل صراع الأزهر والسلفيين على ملف الملحدين

مقالات الرأي



■ الأزهر والأوقاف والسلفيون يختلفون على كل شىء.. لكنهم يتفقون على مكافحة الإلحاد

■ الدعوة السلفية تستغل الملف لاستعادة السيطرة على مساجد وزوايا المحافظات


4 ملايين ملحد فى مصر، هذا الرقم انتهت إليه دراسة إحصائية رصدت ظاهرة الملحدين فى البلاد، كما أشار الدكتور أحمد الطيب فى بعض تصريحاته إلى أن عدد الملحدين وصل لنحو 3% من السكان، معتبراً أن الإلحاد ليس موضوعاً هامشياً ولكنه واحد من التحديات التى تواجه الدولة، والغريب أن الجهات الثلاث نشطت بشكل كبير فى هذا الملف وفى المقابل تكشف تحركاتها أنها تتجاهل محاربة الإرهاب، رغم أنه الخطر الأكثر تهديداً للدولة والمجتمع.

وتبقى المعضلة الحقيقية فى هذا الملف فى إدارته، وكيفية مواجهته والتعامل معه والوصول للملحدين، وهذا الملف الذى تم إسناده بالكامل إلى المؤسسة الدينية، فى الوقت نفسه دخلت الدعوة السلفية على الخط، حيث أعلن ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بالإسكندرية، أن السلفيين يعملون بكل طاقتهم لمواجهة الملحدين والحد من خطورتهم، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، ولكن لا يخلو بيان أو فتوى أو موقف معلن للدعوة، إلا زج بالملحدين وأن السلفيين مكلفون بالتعامل معهم.

ما بين إعلان السلفيين وتصريحات المؤسسة الدينية، عن ملف الملحدين، الذى بات صراعا مكتوما وغير معلن بين الأزهر والأوقاف من ناحية والسلفيين من ناحية أخرى، حول التعامل مع هذه الظاهرة، حسب رؤيتهم، الذى لم يؤت ثماره بعد أو تظهر نتيجة واضحة فى التعامل معها، ولم يعلن أى من المؤسسات الثلاث عن الوصول لأى نتائج، كما لم تعلن أى جهة منهم عن وجود تنسيق بينهم أو عمل مشترك حيث يعمل كل منها بمنعزل عن الآخر.

تتعامل المؤسسة الدينية بفرعيها «الأزهر والأوقاف» مع هذا الملف إعلامياً بإطلاق تصريحات ونشر بيانات، وإن كان تعامل الأوقاف فى هذا الملف يعتبر الأنشط فى الشارع عنه من الأزهر، وفقاً لخطة موضوعه تمت بالتنسيق بين وزارتى الأوقاف والشباب والرياضة منذ نحو 3 سنوات، تعتمد على التواصل مع الشباب وتنظيم بعثات طرق أبواب تتلخص مهمتها فى قيام عدد من الأئمة والوعاظ، بمخاطبة الشباب فى الشوارع وعلى المقاهى وتحذيرهم من خطورة الإلحاد ومناقشة منطلقاته ومحاولة نشر المفاهيم الدينية الصحيحة والوسطية بينهم، وبالفعل قامت الوزارة بنشر صور لوعاظ وأئمة على المقاهى وانتهى الأمر عند تلك الصور، فلم تخرج علينا وزارتا الأوقاف أو الشباب لتعلن عن نتائج البعثات.

وفى نفس الوقت ووفقاً للخطة المعلنة التى أعلنت عنها وزارة الأوقاف بقيام الأئمة والوعاظ بالعمل على ملف الإلحاد فى خطب الجمعة وتخصيص خطب بأكملها لمناقشة الموضوع وتحذير الناس منه ومن خطورته على المجتمع، بجانب الدروس والعظات التى يقوم أئمة الأوقاف بتدريسها خلال أيام الأسبوع فى المساجد ما بين صلاتى المغرب والعشاء، ولكن لم تعلن الوزارة أيضاً عن أى نتائج ملموسة.

وبالسؤال عن النتائج التى توصلت لها الأوقاف فى هذا الملف، كانت الإجابة صادمة من جانب أحمد ترك، وكيل الوزارة الذى قال لـ»الفجر» :»نحن نعمل وفقاً لخطة موضوعة بين الأوقاف والشباب وبإشراف من الأزهر والكنيسة ونتائجها لم تحدد بعد والعمل مستمر فى هذا الملف».

إجابة الأوقاف الرسمية الصادمة حولت قبلتنا نحو الأزهر، المشرف على هذا الملف، خصوصا بعد تصريحات الدكتور أحمد المالكى، عضو المكتب الفنى لمشيخة الأزهر، الذى قال نصاً، إن مصر تحتل المرتبة الأولى فى نسبة الإلحاد على مستوى الوطن العربى، وطالب الأسر بالعمل على احتواء أبنائها لمواجهة تلك الظاهرة، وأن مواجهتها لا تقتصر فقط على الأزهر، وإن كان بدوره يعقد مؤتمرات وندوات لمناقشة ظاهرة الإلحاد والعمل على التواصل مع الشباب.

بهذا الكلام انتهت تصريحات عضو المكتب الفنى لمشيخة الأزهر، ولكن على أرض الواقع لم تؤت تلك الندوات ثمارها ولا نتائجها، هذا بالإضافة للحلقات التى نشرها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، عن ملف الإلحاد وكيفية التعامل معه ومواجهته، بالإضافة لحديث الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء عن دور الأزهر لمواجهة تلك الظاهرة بالتنسيق مع الكنيسة، ولكن للأسف الظاهرة تزيد وأصبحت أمرا معروفاً فى ساحات محاكم الأسرة حيث تطالب زوجات وأزواج بالخلع بسب إلحاد الشريك الثانى.

ورغم تشدق السلفيين وعلى رأسهم الدكتور ياسر برهامى وقيادات حزب النور، بالعمل على هذا الملف، والتصدى لتلك الظاهرة، لكنهم على أرض الواقع يستفيدون من هذا الملف للسيطرة على المساجد والزوايا الموجودة فى دلتا وصعيد مصر، بحجة التصدى لها.

خصوصاً أن كل الجلسات واللقاءات التى تعقدها الدعوة السلفية وحزب النور مع شبابها، يؤكد القيادات على العمل فى الشارع ومع الناس على مواجهة الإلحاد، ويكتفى السلفيون بنشر البيانات الرسمية التى يتم الزج بهذا الملف وعمل السلفيين على محاصرته دون ذكر أى نتائج تذكر له.

تجلى ذلك فى كلمات برهامى التى لم تحسم الجدل الدائر بين أبناء الدعوة السلفية وشباب حزب النور، حيث زادت من حيرة وشتات الأعضاء والشباب خصوصاً أنهم لم يستطيعوا حزم أمرهم فى معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتلك المعضلة الرئيسية التى تساءل حولها شباب الدعوة للوصول إلى إجابات عن تحركهم فى الفترة المقبلة.

برهامى طالب من شباب الدعوة والحزب، بالتركيز على العمل الدعوى فى تلك الفترة المهمة والانشغال بالمهام الأساسية للدعوة السلفية فى العمل الدعوى والتطوعى، والعمل على توسيع القواعد فى القرى والنجوع والمدن من خلال الحراك الاجتماعى والعمل الدعوى والتطوعى.

ولكن مصادر قريبة من مشايخ وعلماء الدعوة السلفية، أكدوا أنهم لم يحسموا أمرهم بعد فى كيفية التحرك على الصعيد السياسى خلال المرحلة المقبلة، وإن كانوا يستعدون بخريطة قوية وكبيرة تساهم فى استعادة كثير من شعبية الحزب والدعوة السلفية خلال فترة الحراك السياسى المقبلة.

ولكن المعضلة الحقيقية التى يقف عندها القائمون على الدعوة والحزب هى كيفية القضاء على الخلافات الشديدة بين المشايخ وقيادات حزب النور خلال الفترة الماضية والتى وصلت لمرحلة إعلان العصيان والتمرد والانشقاق عن الدعوة السلفية وحزب النور مثلما حدث مع كثير من القيادات، وتلك هى المعضلة الحقيقية التى يعمل عليها المشايخ فى الفترة الحالية.

ولكن وفقاً للمعلومات التى حصلنا عليها من داخل الدعوة السلفية، فإن السلفيين سيدعمون الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حالة إعلانه الترشح لفترة رئاسية جديدة، وأنهم لن يدعموا مرشحا آخر ضده، ولكنهم لن يشاركوا فى دعوات أو مبادرات تطالب الرئيس السيسى بالترشح لفترة رئاسية مقبلة، خصوصاً أن كثيرا من الشباب والأعضاء لا يريدون التحرك بدون الحصول على المباركة من المشايخ وقيادات حزب النور، وإن كان هناك بعض التحركات للشباب فهى محسوبة عليهم فقط.

أحد المقربين من الدكتور برهامى قال إن الرجل وقيادات الدعوة السلفية سيكون لهم دور ما فى الانتخابات الرئاسية المقبلة وفى دعم ترشح الرئيس السيسى ولكنهم لن يعلنوا عنه حالياً خصوصاً أنهم يعملون حالياً على بعض المهام المسندة إليهم من توسيع القاعدة السلفية والعمل فى المناطق التى تسيطر عليها جماعة الإخوان فى محافظات الوجه البحرى والصعيد، بالإضافة للعمل على مواجهة ملف المد الشيعى، وظاهرة الإلحاد التى انتشرت فى الفترة الأخيرة، وتلك هى الملفات التى تعمل عليها الدعوة السلفية وحزب النور حاليا، وتلقى قبولاً لدى مؤسسات الدولة.