محمد علي يكتب: الأوسكار لـ"طوفان" أحمد زاهر

الفجر الفني

بوابة الفجر


منذ عرض أولى حلقاته حقق نجاحًا غير متوقع حتى لأبطال وصناع هذا العمل، الذي يعتبر طفرة في الدراما المصرية ومكتمل الأركان من شركة إنتاج قوية ومجموعة من النجوم الذي يعتبر كل نجم منهم قادر على أن يحمل بطولة عمل بذاته فقط، بالإضافة إلى مخرج كبير مثل المخرج خيري بشارة؛ آلا وهو "الطوفان".

 

كما يقولون هو "اسم على مسمى" هو طوفان درامي أشبع صناعه وجمهوره الذي عاد بعد سنوات لم نرى بها العائلة تتجمع لمشاهدة مسلسل، ولكن "الطوفان" أستطاع أن يحقق ذلك ويجذب الجمهور ويصبح حديث الشارع المصري ينتظرون حلقاته وأحداثه الجديدة متشوقين لمعرفة النهاية.

 

جميع أبطال العمل كما كتبت في السطور السابقة هم نجوم أقوياء في الدراما والسينما، ولكن سأضطر للتحدث عن نجم مميز ومختلف أعتبره عمود من أعمدة الأساس للعمل، ليس في "الطوفان" فقط وإنما في أي عمل يقدمه هو حريص دائمًا على الاختلاف والتنوع ولا يقدم شخصية تشبه أي شخصية قدمها قبل ذلك فهو متجدد دائمًا ويحمل من الموهبة ما لا ينفذ ولا يقل فهو في صعود دائم ونضوج فني ملحوظ في كل عمل جديد يقدمه هو النجم المبدع المتميز الفنان أحمد زاهر.

 

استطاع زاهر، أن يخطف قلوب الملايين منذ ظهوره الأول في العمل من خلال شخصية "عمر" المرحة الذي يحاول أن يسعد زوجته "تقى" التي تجسدها الفنانة هنا شيحة بشتى الطرق، ويتحاشى الخلافات معها حتى ولو كانت هي المخطئة، حيث تمنت أغلب الفتيات على مواقع "التواصل الاجتماعي" بزوج مثل "عمر" معتبرين أن أشباهه قليلين جدًا في حياتنا.

 

وتحتوي الشخصية على عدة تحولات بعد علمه بالثروة التي هبطت عليه بدون سابق إنذار ليتحول لشخصية مبذرة تنتقل من مستوى متوسط إلى الرفاهية الزائدة، والتي أثرت على حياته مع زوجته وأولاده بعد معرفته أنه من الممكن أن لا تأتي الأموال الطائلة التي ينتظرها هو وإخوته مما أثرت على شخصيته وتحول لشخص آخر، وتستمر الشخصية في تحولات صعبة حتى مشهد النهاية والذي بذل بها جهد واضح وصريح في دور يعتبر من أصعب الأدوار التي قدمها في مشواره الفني المليء بالنجاحات.

 

أخرج زاهر، طاقات مكبوتة لم يظهرها أي مؤلف أو مخرج في أعماله السابقة، ولكن استطاع سيناريست العمل وائل حمدي ومحمد رجاء، أن يفرزا هذه الطاقات عندما أهدوه هديتهم "عمر" واكتملت قيمة الهدية عندما وظفها المخرج الكبير خيري بشارة بطريقة تليق بالشخصية والتي تعتبر شخصية العمر ونقطة تحول وانطلاقة جديدة له ستجبره على الاختيار بصعوبة في أعماله القادمة.

 

أعجز عن سرد كلمات في تفاصيل شخصية "عمر" الذي قدمها ببراعة من إحساس وريأكشنات ومشاعر ولوك وإيفيهات حيث قدم لنا شخصية مكتملة الأركان على طبق من ذهب ليستمتع بها المشاهد ويستدعي تركيزه في كل حركة يقوم بها في مشهد من مشاهده، حيث أبهرنا جميعًا بإعطاء كل تفصيلة في الشخصية حقها الكامل حتى ولو كانت صغيرة، عندما شاهدنا شخصية "آدم" الذي جسدها في مسلسل "اختيار إجباري" وحقق نجاحًا كبيرًا، أكدنا أنه قدم أصعب شخصياته التي لا تحمل ريأكشنات توضح حالة الشخصية وهو شيء صعب للغاية أن تظل بريأكشن وجه واحد في سعادتك وحزنك وعملك.

 

ولكن استطاع أن يغير وجهة نظرنا مرة أخرى ليؤكد أنه قادر على إبهارنا بريأكشنات غير متوقعة وأؤكد أنه لا أحد سيكون قادر أن يعطى الشخصية كما أعطاها "أحمد زاهر" الذي ظهرت على وجهه ملامح الحزن والاكتئاب بعد ما حدث لزوجته "تقى" كما لمس مشاعرنا في دموع الندم ومشاهد اعترافه لـ"تقى" بقتل أمه حيث أدمعت عيناي من صدق مشاعره، ليصدمني بمشهد نهايته التي انهمرت عيناي في البكاء لمشاعره الفياضة وريأكشناته العميقة التي تعاطفت معها رغم أخطائه الجثيمة ولكن صدق مشاعره وإحساسه في الأداء لم يعطيني الحق في إدانته وحول مشاعري إلى تعاطف مع ما حدث له.

 

لقد استطاع زاهر أن يحقق هدفًا ذهبيًا في مرمى الدراما المصرية بـ"طوفان" مشاعر وأحاسيس وإتقان مبهرة لمست القلوب وأنتظرها الملايين على مدار 46 حلقة من التميز والإبداع سيفتقدها الجمهور بعد أن قدموا لنا عبرة لن ننساها وستظل في أذهان الجميع لسنين مديدة.

 

وفي النهاية أحب أن الفنان أحمد زاهر، رغم مواجهته لصعوبات في حياته وظروف مرضه التي أبعدته عن الساحة الفنية لسنوات، إلا أنه عاد كـ"وحش" ينقض على فريسات مختلفة تحاول أن تشبع رغباته التي توقفت لسنوات، وهو ما يشير إلى قوة هذا الإنسان الفنان الخلوق القادر على تحدي أصعب الظروف للوصول إلى حلمه وتقديم ما ينال احترام وإعجاب الجمهور.

 

زاهر، يستحق تكريم من نوع خاص، ولن أبالغ إذا صرحت أنه يستحق أوسكار أفضل ممثل صادق فهو مكانه بجوار نجوم هوليوود الذي لا يقل ولا يختلف عنهم في أي شيء غير الجنسية، ومن المؤكد أننا سنرى أدوارًا قادمة له تظهر طاقات مكبوتة لأنه سيحرص بعد نجاح شخصية "عمر" على انتقاء أدواره بعناية وأعتقد أنه لن يقدم إلا شخصيات صعبة للغاية تحمل العديد من التحولات، لأن كل فنان عندما يصل إلى مرحلة معينة أفرز بها طاقات تمثيلية جديدة، سيحرص على تقديم ما هو مختلف وجديد عليه ليؤكد للمشاهد أنه يسير على خطوات ثابتة ولن يكرر نفسه مرة أخرى.