في ذكرى ميلادها.. نبوية موسى رائدة التعليم التي استخدمته لنهضة مصر

تقارير وحوارات

نبوية موسى
نبوية موسى


إحدى رائدات التعليم والعمل الاجتماعي خلال النصف الأول من القرن العشرين، وهي أول ناظرة مصرية، وكانت من رائدات العمل الوطني وتحرير المرأة والحركات النسائية المصرية القرن الماضي، إنها الكاتبة "نبوية موسى".

 

ولدت نبوية موسى محمد بدوية في 17 ديسمبر 1886 بقرية كفر الحكما بندر الزقازيق، محافظة الشرقية، كان والدها ضابطًا بالجيش المصري برتبة يوزباشي، وكان يمتلك في بلدته بمديرية القليوبية منزلًا ريفيًا كبيرًا وبضعة فدادين يؤجرها حين يعود لمقر عمله، سافر إلى السودان قبل ميلادها بشهرين، فنشأت يتيمة الأب ولم تره كما تقول إلا في المنام.

 

مغامرتها للالتحاق بالتعليم

تولى أخيها الأكبر محمد رعاية شئون الأسرة لسفر والدهم إلى السودان، وانقطاع أخباره، معتمدين على معاش الأب وما تركه من أطيان، عاشت هي ووالدتها وشقيقها محمد موسى، الذي يكبرها بعشر سنوات، في القاهرة لوجود أخيها بالمدرسة، الذي علمها القراءة والكتابة واللغة الإنجليزية في المنزل، وعلمت نفسها مبادئ الحساب، وعندما بلغت الثالثة عشرة من عمرها تطلعت لاستكمال تعليمها، غير أنها لم تجد أي مساندة من عائلتها، فتقدمت للالتحاق بالمدرسة السنية للبنات سرًا عام 1901لمعارضة أسرتها،حيث سرقت ختم والدتها، لتقدم هي لنفسها بدلاً من ولية أمرها، وباعت سوارًا من الذهب لتكمل به مصاريف الالتحاق بالقسم الخارجي بالمدرسة التي بلغت مصاريفها "سبعة جنيهات ونصف دفعة واحدة"، كما ذكرت في كتابها  "حياتي بقلمي" الذي يحوي سيرتها الذاتية.

 

أول ناظرة مصرية

انتدبتها الجامعة الأهلية المصرية عقب افتتاحها عام 1908، مع ملك حفني ناصف، ولبيبة هاشم لإلقاء محاضرات بالجامعة تهتم بتثقيف نساء الطبقة الراقية.

 

وفي عام 1909، تولت نبوية نظارة المدرسة المحمدية الابتدائية للبنات بالفيوم، وبذلك أصبحت أول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية، نجحت من خلالها في نشر تعليم البنات بالفيوم.

 

وبعد ثمانية أشهر من العمل تعرضت خلالها لمتاعب ممن ينظرون إلى المرأة المتعلمة نظرة متدنية، رشحها أحمد لطفي السيد ناظرة لمدرسة معلمات المنصورة، وهناك نهضت نبوية بالمدرسة نهضة كبيرة حتى حازت المركز الأول في امتحان كفاءة المعلمات الأولية.

 

لم تتوقف مسيرة كفاح نبوية موسى عند التعليم، بل اتخذت من الكتابة والأدب سبيلا لتحرير المرأة المصرية، وألفت كتابًا بعنوان "المرأة والعمل"، تناولت فيه التحديات التى تواجه المرأة في العمل آنذاك، كما أنشأت مطبعة ومجلة أسبوعية نسائية باسم "الفتاة" وصدر أول عدد لها عام 1937.

 

أزمتها مع حزب الوفد

واستمرت المجلة تصدر لمدة خمس سنوات، ولكن توجهها السياسي  تسبب في عداء شديد مع حزب الوفد، واستطاعوا أن يقنعوا الإنجليز أن نبوية من الوطنيات المشتغلات بالسياسة فتم نقلها إلي القاهرة وأعيد تعيينها في المعارف بوظيفة وكيلة معلمات بولاق ثم تم ترقيتها في 1916م ناظرة لمدرسة معلمات الورديان بالإسكندرية، وظلت في هذه الوظيفة حتي عام 1920.

 

إصرار وتحدي

في حين لم يكن لنبوية موسى عمل فعلي في الوزارة، أخذت موسى منحى آخر؛ حيث بدأت تكتب في الصحف وتنشر مقالاتها في جريدة الأهرام. انتقدت نبوية في مقالاتها نظم التعليم في وزارة المعارف الأمر الذي أثار ثائرة المستشار الإنجليزي للمعارف فمنحها إجازة مفتوحة مدفوعة الأجر، واستغلت نبوية هذه الإجازة فسافرت إلي الإسكندرية عام 1920م، ونجحت بالاتفاق مع أعضاء جمعية ترقية الفتاة في تأسيس مدرسة ابتدائية حرة للبنات في الإسكندرية تولت إدارتها وأثبتت كفاءة ونجاحًا كبيرين. كما قامت في عام 1920 بنشر كتابها عن المرأة والعمل دافعت فيه عن حقوق المرأة، وشاركت أيضاً في الحركة النسائية وسافرت ضمن الوفد النسائي المصري إلي مؤتمر المرأة العالمي المنعقد في روما عام 1923، وأثار ذلك خصومها فتم نقلها إلى القاهرة بوظيفة كبيرة مفتشات.

 

مناضلة مصرية

ولم تكن الشاعرة نبوية موسى بأقل حالا من المناضلة والمفكرة، فتبقى كلماتها فى وصف أبطال مصر: "يا مصرُ يا فخر المدائن والقرى.. كم لجّ دهرك فى العناد وأكثرا! يا أم "آمـون" غدوت بحاجةٍ.. لذكائه المخبوء فى جوف الثّرى".