اتفاقية تضم 400 مليون مواطن.. 3٫5 مليار دولار فقط حصاد مصر من عضوية «الكوميسا» فى 19 عامًا

العدد الأسبوعي

مؤتمر الكوميسا 2017
مؤتمر الكوميسا 2017


■ لماذا غاب وزير الصناعة عن حضور مؤتمر شرم الشيخ.. وأسباب غضب نواب الشئون الإفريقية 

■ طارق عامر يهاجم المصدرين ويطرح فكرة العملة الموحدة

■ بدء تمويل 42 شركة لرواد الأعمال.. وإطلاق أول مشروع للنقل الصناعى بداية العام


شهدت مدينة شرم الشيخ على مدار أيام، خلال الأسبوع الماضى، حالة طوارئ واستنفار أمنى، استعدادا لاستضافة مؤتمر «الكوميسا»، الذى عقد تحت عنوان «التجارة والاستثمار لإفريقيا ومصر والعالم»، برعاية ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى.

المؤتمر كشف خلال مناقشة التحديات التى تواجه الدول المشاركة فى اتفاقية الكوميسا، - السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقى- عن انتباه الحكومة المصرية لمشكلة عدم الاستفادة من تلك الاتفاقية.

ومصر عضو فى الكوميسا منذ عام 1998، وتهدف الاتفاقية إلى إلغاء جميع القيود التجارية بين الدول الأعضاء، من أجل إنشاء وحدة اقتصادية، وفتح الأسواق.

لم تستفد مصر من مزايا الاتفاقية بسبب تراجع صادراتها للقارة السمراء، مع ضعف وتوتر العلاقات السياسية بينها وبعض الدول الإفريقية، بالإضافة إلى مشاكل النقل والشحن والتأمين، وعدم الترويج للصادرات المصرية، وضعف المشاركة فى المشروعات التنموية والاستثمارية، وضعف تواجد شركات التأمين والبنوك المصرية.

تضم الكوميسا 19 دولة، وهى أكبر تجمع اقتصادى إفريقى يضم 400 مليون نسمة، ورغم ذلك تقدر صادرات مصر إلى إفريقيا بنحو 3.5 مليار دولار فقط، مقارنة بحجم التبادل التجارى فى القارة، حيث تصل صادراتها إلى 110 مليارات دولار، وتسجل وارداتها 100 مليار دولار.

وخلال كلمته بالمؤتمر تبنى الرئيس السيسى استراتيجية جديدة، تهدف إلى إعادة العلاقات مع الدول الإفريقية، مؤكدا انتماء مصر للقارة السمراء.

1- غياب «قابيل» ونواب البرلمان

شهد المؤتمر مشاركة زعماء ورؤساء الحكومات الإفريقية، و40 وزيرا من 24 دولة إفريقية، وأكثر من 500 جهة إفريقية ودولية، ونحو 1500 مستثمر، وعدد كبير من وزراء الحكومة المصرية والمسئولين والشخصيات العامة، ورجال الأعمال، أمثال نجيب ساويرس، وأحمد هيكل، وأحمد السويدى، وأحمد أبو هشيمة، وسميح ساويرس، وغيرهم. بينما تغيب المهندس طارق قابيل - وزير التجارة والصناعة، رغم أنه المسئول الأول عن التجارة مع القارة السمراء، وهو أيضا المسئول عن الاتفاقيات التجارية، ولا ترتبط مصر بعلاقات مؤسسية مع التجمعات الاقتصادية فى إفريقيا إلا بالكوميسا، وهى إحدى المشكلات التى تعوق نفاذ الصادرات المصرية إلى دول القارة، حيث وصل الوزير العاصمة الأرجنتينية على رأس وفد مصرى رفيع المستوى، للمشاركة فى فعاليات المؤتمر الوزارى الحادى عشر لمنظمة التجارة العالمية، يوم الجمعة الماضى، ثانى أيام مؤتمر الكوميسا.

كما لم يشارك وفد برلمانى فى أعمال المؤتمر، رغم استحداث لجنة نوعية بمجلس النواب خاصة بالشئون الإفريقية، وأكد نواب باللجنة أنه لم توجه لهم دعوات من الأصل، فى حين أنهم المختصون بدراسة جميع التشريعات والموضوعات المتعلقة بالقارة، وشريك فى وضع تشريعات وإجراءات تفعيل توصيات المؤتمر.

2- مبادرات لطارق عامر

وأسهمت مشاركة الرئيس السيسى بأعمال المؤتمر فى نجاحه، وتحقيق نتائج إيجابية، خاصة مع وجوده فى جلسات مختلفة، مما كان سببا فى مزيد من الاهتمام الإقليمى والعالمى، وانعكس ذلك على إشغالات فنادق شرم الشيخ، التى ارتفعت من 35% إلى 60%، خلال فترة انعقاد المؤتمر. ولم يكن لمصطفى مدبولى - وزير الإسكان، القائم بأعمال رئيس الوزراء، مساهمة قوية، على عكس طارق عامر - محافظ البنك المركزى، الذى تسبب وجوده فى إثارة الجدل كالعادة، حيث صاحب وجوده عدد من رؤساء البنوك ونوابهم، مثل هشام عز العرب - رئيس البنك التجارى الدولى، وهشام عكاشة - رئيس البنك الأهلى، ومحمد الإتربى - رئيس بنك مصر وغيرهم.

وقبل شهر من مشاركة المحافظ، استعد البنك المركزى من خلال ورشة عمل حضرها 60 عضوا من ممثلى اتحاد المستثمرين، والغرف التجارية، واتحاد الصناعات، وجمعية رجال الأعمال، لتنشيط الربط الإلكترونى بنظام المقاصة، وتسوية المدفوعات بين الدول الأعضاء فى اتفاقية الكوميسا.

وأطلق البنك المركزى بالفعل المرحلة الأولى من نظام تسوية المدفوعات للقطاع الخاص من خلال البنوك المركزية، فى شهر مايو الماضى، لدعم وتسهيل عمليات نقل الأموال بين أعضاء الكوميسا، من أجل مزيد من تحسين عمليات التبادل التجارى، حيث إن ضعف تواجد البنوك المصرية فى إفريقيا يعد أحد أهم عوائق نفاذ الصادرات.

وتشترك كل دولة فى النظام عن طريق بنكها المركزى، وكانت المدفوعات تتم فى السابق عن طريق أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية.

وشهد «عامر» توقيع بروتوكول تعاون بقيمة 500 مليون دولار، بالتعاون مع البنك الإفريقى للتصدير والاستيراد «إفريكسيم بنك» لصالح بنك تنمية الصادرات المصرى، خلال اليوم الثانى من فعاليات المؤتمر، منتقدا أداء قطاعات التصدير، وعدم استغلال الفرصة الحالية.

وأشار عامر، على هامش التوقيع إلى أنه أعطى كل ما يمكن لتسهيل عمل المصدرين، والكرة الآن فى ملعبهم.

وكشف عامر عن استحداث إدارة جديدة بالبنك المركزى لفتح آفاق تعاون جديدة مع إفريقيا، قائلا إن هناك دراسة لإصدار عملة إفريقية موحدة، وتسبب هذا المقترح فى جدل برلمانى كبير، فالبعض يراه فكرة مهمة، والآخر يراها خيالية.

من جانبه علق النائب أحمد فرغلى - عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، على الفكرة واصفا اياها بالصعبة، مشيرا إلى أن عدد الدول الافريقية 53 دولة، مختلفة اقتصاديا، والأمر يتطلب خطوات تدريجية وترتيبات.

ورفض الدكتور محمد فؤاد - عضو لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الفكرة واصفا إياها بالخيال المستحيل، نتيجة للتأخر فى التقارب الاقتصادى مع دول القارة، وضعف حجم التبادل التجارى.

3- يوم لرواد الأعمال

خصص المؤتمر لأول مرة، أول يوم من فعالياته لرواد الأعمال المصريين والأفارقة، ومناقشة مشكلة التمويل، وغيرها، حيث إن تسهيل التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أسرع طرق انطلاق الشركات الناشئة فى إفريقيا.

قال الدكتور شهاب مرزبان - كبير مستشارى الشئون الاقتصادية لوزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، فى تصريحات لـ «الفجر»، إن رأس مال شركة مصر لريادة الأعمال التى أطلقتها وزارة الاستثمار، لدعم الشركات الناشئة 500 مليون جنيه.

وطالب عبد الحميد شرارة - المدير التنفيذى لمؤسسة رايز أب، لريادة الأعمال، الحكومة بتحفيز صناديق الاستثمار الدولية، لتضخ أموالها فى مصر، خاصة بعد الإجراءات الاقتصادية التى تم اتخاذها، وإقرار قانون الاستثمار، بالإضافة إلى وضع استراتيجية عامة لتوحيد الجهد الحكومى فى دعم مجال ريادة الأعمال.

وكشف أحمد صبرى درويش - رئيس مجلس إدارة كابيتال كوميونتى للاستثمار، عن إطلاق مشروع شركة «انقل» للخدمات التكنولوجية، مع بداية العام الجديد برأس مال 50 مليون جنيه، لخدمة القطاع الصناعى عن طريق توفير عربات التريلا، والأوناش، من خلال تطبيق فى الهاتف المحمول.

4- البيزنس المصرى

قال أحمد عبد الصبور - عضو المجلس التصديرى للصناعات الطبية، وصاحب شركة تصنيع مستلزمات الأجهزة الطبية لـ «الفجر»، إنه يجرى التواصل مع رجال أعمال أفارقة، لمواجهة سيطرة الصينيين والأتراك والهنود.

ولفت إلى أنهم قاموا بفتح فرع فى كينيا، لتسهيل نفاذ الصادرات لعدد كبير من دول إفريقيا، مضيفا أن الفترة المقبلة ستشهد الاهتمام بدول مثل السودان، وغانا، وكوت ديفوار.

وأشار محسن عادل - نائب رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، إلى أن الأخيرة واحدة من أكبر البورصات الإفريقية، ولذلك يمكننا نقل الخبرات المصرية فى ايجاد بدائل للتمويل للأسواق الإفريقية، وأيضا التعاون مع البورصات الإفريقية لتحقيق التكامل.

وأوضح المهندس أحمد السويدى - العضو المنتدب لمجموعة السويدى إليكتريك، ورئيس الجانب المصرى بمجلس الأعمال المصرى الأثيوبى لـ «الفجر»، أن مصر لا تعطى القارة السمراء حقها، رغم أهميتها، ووجود فرص استثمارية هائلة بها، موضحا أن القارة تحتاج كل شىء، مثل الكهرباء، والصرف الصحى، والطرق، وتصدير المنتجات، والصناعة.

وتوقع خالد أبو المكارم- رئيس لجنة وزارة الصناعة والتجارة لتنمية الصادرات لإفريقيا، أن يشهد العام الجديد طفرة كبيرة فى حجم التبادل التجارى بين مصر وإفريقيا، مشيرا لاجتماع تم مع وفود دول، مثل رواندا، ونيجيريا، وبروندى، والكاميرون، وجرى الاتفاق على فتح مجالات جديدة للاستثمار.

ولفت إلى أن رجال الأعمال المصريين، واجهتهم مشكلة ارتفاع تكلفة النقل الداخلى للدول الحبيسة فى القارة، ويتم العمل على حلها عن طريق الاتفاق مع بعض الشركات الداخلية مثل ميناء دبى.

5- حصيلة مصر من المنتدى

خرج المؤتمر بـ 5 توصيات مهمة، وتوقيع 8 مذكرات تفاهم واتفاقيات تمويلية بقيمة تقترب من 3 مليارات دولار، على رأسها توقيع اتفاقية الشريحة الثالثة من قرض البنك الدولى بقيمة 1.150 مليار دولار، بعد زيادتها بقيمة 150 مليون دولار.

وتضمنت الاتفاقيات توقيع بين البنك الإفريقى للتصدير والاستيراد، مع بنك تنمية الصادرات المصرى، على توفير تمويل بقيمة 500 مليون دولار، لدعم استثمارات الشركات المصرية لأفريقيا والصادرات.

وأبرم بنك مصر اتفاقيتى تمويل، الأولى مع بنك الاستثمار الأوروبى، بقيمة 250 مليون يورو، لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والثانية مع البنك العربى الإفريقى بقيمة 50 مليون دولار، لدعم الصادرات المصرية لإفريقيا.

ووقع بنك الاستثمار القومى منحة مقدمة من بنك الاستثمار الأوروبى بـ 400 ألف يورو، لدعم دراسات الجدوى الخاصة بمحطة تحلية غرب الإسكندرية، فيما وقعت وزارة الكهرباء اتفاقية بقيمة 400 مليون دولار، مع إحدى الشركات الخاصة لإقامة مشروع إنشاء محطة للرياح.

وشهد اليوم الثالث من المؤتمر، توقيع اتفاق بين وزارة التعليم العالى، وجامعة ريجينت، الجنوب أفريقية المتخصصة فى إدارة الاعمال والتجارة، لإنشاء فرعا لها بمصر، ووقعت مجموعة التجارى وفا بنك، والبنك الإفريقى للتصدير والاستيراد، مذكرة تفاهم لوضع إطار أوسع للتعاون بنطاق القارة السمراء.