فيديو حاول تفخيخ قمة السيسى وبوتين.. الدواعش الروس يهددون «القيصر» وحلفاءه من سيناء

العدد الأسبوعي

السيسى وبوتين
السيسى وبوتين


بالتزامن مع زيارة الرئيس الروسى فيلاديمير بوتين، إلى القاهرة، صباح الإثنين الماضى،كانت المفاجأة فى انتظار الجميع.. داعشى روسى يظهر فى فيديو يزعم أنه من سيناء، ويتوعد خلاله، بلغة روسية طليقة، بـ«طرد كل الروس الكفار من مصر، قبل تحرير سائر بلاد المغرب منهم».

الفيديو الذى بثته قناة «تلجرام دريركتورات 4» الروسية، حظى باهتمام وسائل الإعلام والقنوات الروسية تحديداً بشكل كبير، بسبب توقيت صدوره، والرسائل المستهدفة منه لكلا الجانبين الروسى والمصرى.

وعلق عليه المراقبون فى موسكو بأنه يعد «مؤشرًا مباشرًا ليس فقط لتوجه الروس الملتحقين بتنظيم «داعش» إلى مصر ومنطقة شمال إفريقيا، بل أيضًا لاحتمال تهديدهم عودة السياح الروس إلى الربوع والمنتجعات المصرية».

وفقاً لمحللى «تلجرام دريركتورات 4»، فإن جودة فيديو الداعشى الروسى «المتدنية نسبيًا»وطبيعة إعداده، تدل على أنه «قد خصص للاستهلاك المحلى، أى لعناصر داعش الناطقين بالروسية فى مصر»، الأمر الذى يعزز احتمال انتقال أعداد كبيرة منهم إليها، بعد هزيمتهم فى سوريا والعراق، من وجهة نظر هؤلاء المحللين الروس، وذلك بعد أيام فقط من إعلان الرئيس الروسى بوتين القضاء على تنظيم داعش بشكل كامل فى سوريا.

يزيد من خطورة تلك التطورات بطبيعة الحال، أنها جاءت فى أعقاب التصريحات الأخيرة والمفاجئة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان على هامش اجتماع بالكتلة البرلمانية لحزبه، العدالة والتنمية بأنقرة، من أن «الإرهابيين الذين غادروا الرقة قد أرسلوا إلى مصر لاستخدامهم هناك فى صحراء سيناء».

وبالتزامن أيضاً مع ما كشفت عنه هيئة الإذاعة البريطانية مؤخراً، بشأن صفقة سرية سمحت لنحو 4 آلاف مسلح من تنظيم داعش، بعائلاتهم، مع الأسلحة والذخيرة، بمغادرة مدينة الرقة السورية فى قوافل كبرى، تحت إشراف التحالف الدولى، وبتنسيق أمريكى تام فضلا عن المقاتلين الأكراد، الذين سيطروا على المدينة.

واعتمدت بى بى سى فى تحقيقها الصادم، بعنوان «سر الرقة القذر» على شهادات سائقى شاحنات وحافلات نقلوا بأنفسهم المئات من مقاتلى «تنظيم الدولة»مع عائلاتهم، بعلم من التحالف الدولى بقيادة أمريكا، وميليشيات قوات «سوريا الديمقراطية»، العملية التى استلزمت استخدام  نحو 50 شاحنة و13 حافلة وأكثر من 100 سيارة لإجلاء الإرهابيين فى رحلة بدأت فى 12 أكتوبر الماضى واستمرت 3 أيام، ونقلت أطنانا من أسلحة وذخائر التنظيم.

وكان قد حضر إبرام الصفقة ضباط أمريكيون وبريطانيون، بحسب بى بى سى، وخرج بموجبها مجموعة من أهم قيادات ومقاتلى «داعش»، انتقلوا بعد ذلك إلى أنحاء سوريا المختلفة، ووصل عدد منهم إلى تركيا.

مع العلم أن «قافلة الرقة»، قد نقلت مقاتلين أجانب، من دول مختلفة، بينها «فرنسا، وتركيا، وأذربيجان، وباكستان، واليمن، والسعودية، وتونس، ومصر».

وهو الكشف الذى ينذر بتهديدات مؤكدة لدول المنطقة برمتها، بخلاف دول أوروبا نفسها، فيما كشفت دراسات أمنية وبحثية أن أعداداً تقترب من ألف مصرى، قد عادوا إلى مصر بالأساس على دفعات سابقة، بعد اشتراكهم فى المواجهات المسلحة لصالح داعش، وقد انخرط عدد منهم فى العمليات ضد الدولة المصرية فى سيناء خلال العامين الماضيين، كما تنظر المحاكم المصرية  بالفعل الآن قضايا للعائدين من سوريا وليبيا.

وسبق أن طلبت مصر رسمياً من التحالف الدولى قبل سقوط داعش، ومن القوى الفاعلة فى سوريا والعراق، ومن اللواء حفتر فى ليبيا، تسليم الإرهابيين المصريين المقبوض عليهم فى تلك البلدان إليها.

أيضاً سبق وأن أثار سقوط القيادات الإرهابية المصرية فى تنظيمات مثل جبهة النصرة وداعش،بشكل متوالٍ، ممن يملكون التمويل والخبرة والعلاقات والإهتمام بضرب الدولة المصرية، والقدرة أيضا على التواصل وتوجيه العناصر الإرهابية على الأرض فى مصر، وكذلك استهداف وقتل مايزيد على 15 منهم خلال الشهور الماضية ،التساؤلات بشأن صحة التحليلات الغربية القريبة من دوائر صنع القرار هناك، حول حقيقة الدور الذى تلعبه مصر فى سوريا لصالح أمنها القومى، وإذا ما كانت مصر قد أرسلت قوات نخبة خاصة إلى هناك بهدف تنفيذ عمليات نوعية تستهدف القيادات الإرهابية المصرية  فى سوريا على وجه التحديد، فى تنظيمات داعش والنصرة وأحرار الشام.

وهى معلومات، إن ثبتت صحتها، فإنها تعنى أن مصر تحاول أن تقطع الطريق بقدر الإمكان على تلك القيادات والعناصر الإرهابية، وتسعى للقضاء على خطر «العائدون الجدد» القادم من منبعه، قبل ارتداده إلى أراضيها، بعد أن عانت قبلاً من ويلات دفعات «العائدون من أفغانستان»، ومن بعدهم تنظيمات «العائدون من ألبانيا» و«العائدون من البوسنة والهرسك» و«العائدون من الشيشان» فى مطلع التسعينيات.

نفس الاستراتيجية الأمنية «الوقائية» من خطر ظاهرة «العائدون»، بحسب أحمد كامل البحيرى، الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تنفذها روسيا، التى بررت تدخلها فى سوريا بأنها تدافع عن أمنها الوطنى، باستهداف القيادات والعناصرالإرهابية الشيشانية والداغستانية ودول الاتحاد السوفيتى السابق من قيادات وأعضاء داعش ونظرائه من التنظيمات الإرهابية فى سوريا، وقد أعلن مدير المخابرات الروسية ألكسندر بورتنيكوف، الثلاثاء الماضى عن وجود خطورة حقيقية من إرهابيين عائدين يحاولون اختراق الحدود الروسية لتنفيذ هجمات فى الكريسماس والانتخابات الرئاسية 2018.

فى كل الأحوال تدرك مصر جيداً أن تداعيات الإرهاب فى المنطقة أصبح يهدد أمنها القومى بشكل مباشر، وأنها قد أصبحت بؤرة جذب جديدة لـ»لإرهاب العابر للحدود»، سواء كان «وافداً» عبر المقاتلين الأجانب، أو فى صورة «هجمة مرتدة» من الإرهابيين المصريين العائدين إليها بشكل متصاعد، بعد سقوط خلافة البغدادى فى سوريا والعراق، وأن تكلفة  ذلك قد تكون عمليات أخرى على نمط مذبحة «مسجد الروضة» الأخيرة ببئر العبد على سبيل المثال.

ما أصبح حتمياً معه من وجهة النظرالمصرية انتهاج استراتيجية استباقية، على المستوى الإقليمى، لحماية أمنها الداخلى، ما يعنى ضرورة دخولها فى تعاون مشترك مع دول أخرى نافذة فى المنطقة، لتحقيق مصالحها، وفى تلك النقطة تحديداً يظهر أهمية التعاون الروسى المصرى، على المستويين المعلوماتى والأمنى، فى ملف الإرهاب إقليمياً، وفى الملف السورى على وجه التحديد، حيث تتوافق المصالح، ووجهات النظر المصرية الروسية إلى حد كبير فى إدارة الملف السورى، للوصول إلى حل للأزمة يضمن وحدة الأراضى السورية فى النهاية، دون تقسيم.

وقد أكد الرئيس السيسى دون مواربة، فى قمته الاثنين الماضى مع بوتين: «فى سوريا، اتفقت رؤانا على عدد من المواقف الأساسية، على رأسها استمرار عملنا المشترك للحفاظ على مناطق خفض التوتر وتوسيعها، لتهيئة الظروف المناسبة للمفاوضات السياسية، وفى هذا السياق، تناولنا الجهود الناجحة التى أفضت لإنشاء وفد تفاوضى موحد من منصات المعارضة السورية المختلفة». وهو ما يؤكد تكامل الدورين المصرى الذى يلعب دور المفاوض مع قوى المعارضة المسلحة على الأرض، إسلامية وغير إسلامية، وكذلك الدور الروسى الضامن لتلك المفاوضات.

كما سبق وأن كشف عمرو الديب الباحث السياسى فى جامعة «نيجنى نوفجورود»الروسية، فى تصريحات منسوبة له أيضاً، إن ما كشف عنه رئيس جهاز الأمن الروسى حول وجود تعاون بين أجهزة الأمن والمعلومات المصرية، وأجهزة الأمن الروسية، يوضح أن الحرب التى تخوضها كل من روسيا ومصرهى حرب واحدة، فالخطرالإرهابى الكبير على البلدين يدفعهما للتعاون فى مجال مكافحته.