بدأت ببلاغ عن واقعة رشوة تخص موظف محكمة.. صدفة أوقعت قاضى الجنايات المرتشى

العدد الأسبوعي

محكمة - أرشيفية
محكمة - أرشيفية


■ حصل على 600 ألف جنيه من برلمانى سابق وممثل مغمور.. ورسائل المحمول تكشف عن واقعة ثالثة

■ القاضى للنائب السابق: «هاخد كام فى الموضوع».. والأخير يرد: «400 ألف فى الأولى و100 ألف للثانية»

■ «النيابة العامة» تسجل مكالمات القاضى بعد إذن من «القضاء الأعلى»

حصلت «الفجر» على التفاصيل الكاملة لقضية تورط رئيس الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات الزقازيق، فى الحصول على 600 ألف جنيه رشوة، لإصدار 3 أحكام قضائية بين «البراءة والمخفف» فى 3 جنايات قتل.

القاضى هو المتهم الرئيسى فى القضية، بجانب عضو مجلس شعب سابق عن الحزب الوطنى المنحل، بدائرة منيا القمح، بالاشتراك مع 7 آخرين، بينهم ممثل مغمور، نجل شقيق الفنانين الراحلين حمدى وعبدالله غيث.

القضية حملت رقم 55 لسنة 2017 جنايات أمن الدولة العليا، تضم 9 متهمين، وهم «صابر. ن. غ»، قاضى بمحكمة استئناف المنصورة، و«سويلم. ه. ر»، 51 سنة، صاحب شركتى العاشر للحراسة و«إس إم للمقاولات العامة»، و«السيد. م. ع»، 25 سنة، تاجر، بالإضافة إلى «حسين. ص»، 52 سنة، محامى، و«مصطفى. ص. ع»، 49 سنة، صاحب معرض سيارات، و«عاطف. ف»، 60 سنة، صاحب شركتى «كومباك» للصناعات الهندسية والاتحاد العربى للعبوات»، و«نايف. أ. ج»، 62 سنة، عضو مجلس شعب سابق عن الحزب الوطنى المنحل عن دائرة منيا القمح بمحافظة الشرقية، و«عبدالرحيم. س. ف»، 57 سنة، موظف بمحكمة استئناف الإسماعيلية، و«أحمد. ر. غ»، 71 سنة، ممثل.

1- 400 ألف جنيه ثمن براءة القاتل

وجهت نيابة أمن الدولة، إلى المتهمين اتهامات بأنهم خلال الفترة من يوليو حتى 25 سبتمبر الماضى بدائرة قسم شرطة مدينة نصر أول، قام المتهم الأول رئيس محكمة جنايات بدائرة محكمة استئناف المنصورة، بطلب رشوة مقابل إصدار 3 أحكام قضائية ما بين «البراءة والمخفف» فى 3 قضايا قتل».

وطلب القاضى من المتهم الثانى، 400 ألف جنيه، أخذ منها 300 ألف جنيه مقابل تبرئته وشقيقه «فريج» المتهمين فى القضية رقم 8824 لسنة 2013 جنايات مركز أبوحماد والمنظورة وذلك بواسطة المتهمين الخامس والسادس والسابع.

كما طلب القاضى المتهم من المتهم الثالث، رشوة 100 ألف جنيه، ليحكم بعقوبة مخففة على شقيق الأخير «عمرى»، المتهم فى القضية رقم 10953 لسنة 2013 جنايات منيا القمح، وذلك بواسطة المتهمين السابع والتاسع.

وطلب القاضى المتهم أيضاً، من المتهم الرابع، 100 ألف جنيه مقابل الحكم بعقوبة مخففة على كل من «عيد وعبدالله. س. ر»، المتهمين فى القضية رقم 1427 لسنة 2013 جنايات أبوحماد، وذلك بواسطة المتهم الثامن.

كما وجهت نيابة أمن الدولة لبقية المتهمين التوسط والعرض والوعد وتقديم رشوة لموظف عمومى «رئيس محكمة»، لأداء عمل من أعمال وظيفته، ولإصدار أحكام بالبراءة وأحكام مخففة لصالح ذويهم ومعارفهم، وفقا لما هو مذكور سلفا.

2- أمين السر يقدم القاضى لـ«الرقابة الإدارية»

تم اكتشاف الواقعة من خلال أيمن السيد محمد حسونة، 36 سنة، سكرتير بمحكمة جنايات الزقازيق، ويعمل أمين سر الدائرة التى يترأسها القاضى المتهم حيث فوجئ فى يوليو الماضى، بأن المتهم الخامس، يعرض عليه رشوة مقابل إمداده بمعلومات عن القضية والتلاعب فى أوراقها للحصول على حكم ببراءة المتهم الثانى وشقيقه من تهمة القتل.

توجه أمين السر على الفور إلى هيئة الرقابة الإدارية، ليبلغ عن الواقعة، والتقى بعضو الهيئة، الذى طلب منه مسايرة المتهمين للإيقاع بهم متلبسين، حيث أثبتت تحريات ضابط الهيئة عن صحة الواقعة، وحصل على إذن من النيابة بتسجيل المكالمات الهاتفية بينهم ولقاءاتهم.

وأكدت تحريات ضابط الرقابة أن الشخص المجهول هو القاضى رئيس الدائرة»، فعرض الأمر على النيابة العامة التى استصدرت إذناً من مجلس القضاء الأعلى، بمباشرة إجراءات التحقيق ضد «القاضى» وتسجيل محادثاته الهاتفية وتصوير لقاءاته مع المتهمين.

3- تصوير لقاء القاضى كشف عن قضيتى الرشوة

تولت النيابة العامة تسجيل مكلمات القاضى المتهم، وتصوير لقاء جرى بينه والمتهم السابع عضو مجلس الشعب السابق، فى 15 أغسطس 2017، وهو اللقاء الذى تم تسجيله وتصويره بالاستعانة بالمساعدات الفنية وتحت إشرافها المباشر.

وتضمن التسجيل المصور بالصوت والصورة، حديثاً بين القاضى والمتهم الآخر بشأن القضية رقم 8822 لسنة 2013 جنايات أبوحماد، والمنظورة بالدائرة التى يترأسها الأول، حيث قرر المتهم السابع قبول دفع 400 ألف جنيه للقاضى مقابل الحكم بالبراءة.

وطلب المتهم الأول «القاضى»، إحضار إحدى شاهدات النفى بالجلسة المزمع انعقادها فى 16 أغسطس الماضى، للإدلاء بشهادتها فى القضية، فأبلغه الأخير بمثول الشاهدة أمام المحكمة بجلسة سابقة، وتقاضيها رشوة مقابل شهادتها وأن حضورها مجدداً يتطلب دفع رشوة أخرى لها، فاتفقا على تقديم دفاع المتهم الثانى حافظة مستندات بالجلسة تتضمن أقوال تلك الشاهدة السابق إبداؤها بالقضية.

كما تضمن اللقاء حديثا بين القاضى والمتهم الآخر حول القضية رقم 10953 لسنة 2013 جنايات منيا القمح، حيث سأل «الفاضى»، عن حجم الرشوة ليحكم بعقوبة مخففة على المتهم «عمرى» فرد عضو مجلس الشعب السابق، برغبته فى دفع 100 ألف جنيه، وهو ما لاقى قبولاً لدى القاضى، فاتفقا على اللقاء فى 16 أغسطس عقب انتهاء القضية الأولى.

وتضمنت المحادثات سؤال القاضى المتهم لعضو مجلس الشعب السابق، «هاخد كام فى الموضوع»، فكان رد الأخير عليه، «400 ألف جنيه فى القضية الأولى و100 ألف جنيه عن القضية الثانية».

4- هاتف القاضى يكشف عن واقعة الرشوة الثالثة

عقب تصوير اللقاء بالصوت والصورة، قامت النيابة العامة بإلقاء القبض على القاضى المتهم واتخاذ إجراءات التحقيق معه، وبتفتيشه تم اكتشاف الرشوة الثالثة، حيث تضمن هاتفه رسالتين نصيتين واردتين من هاتف المتهم الثامن، ونصهما «عيد الذى يخصنى المحبوس... ويخلص بدلاً من عبدالله الغائب».

5- البرلمانى السابق يعترف: القاضى معروف بسوء سمعته

اعترف المتهمون تفصيليا بالواقعة، وكانت أبرز الاعترافات من عضو مجلس الشعب السابق والذى أقر بتوسطه والمتهمين الخامس والسادس، فى تقديم الرشوة للمتهم الأول مقابل الحكم ببراءة كل من المتهم الثانى وشقيقه، وتوسطه فى تقديم رشوة للمتهم ذاته مقابل القضاء بعقوبة مخففة قبل المدعو «عمرى» وذلك فى قضيتين.

وأوضح عضو مجلس الشعب السابق المتهم، أنه تعرف على المتهم الأول عام 1999، وعلم بسوء سمعته ودأبه على تقاضى رشاوى من المتقاضين فى القضايا المنظورة بالدوائر محل عمله.

وأضاف إنه وعلى إثر صلة تربطه بالمتهم التاسع الممثل المغمور وهو عمدة إحدى القرى بنطاق مركز منيا القمح، اتصل به الأخير وطلب منه التوسط لدى المتهم الأول للقضاء بعقوبة مخففة على «عمرى» فى إحدى القضايا.

وتابع أنه فى يوليو الماضى، التقى المتهمين الخامس والسادس ووقف منهما على إصدار المتهم الأول، القاضى المتهم، قراراً بحبس المتهم الثانى احتياطياً على ذمة إحدى القضايا وخلال اللقاء تواصلوا مع المتهم الثانى بمحبسه وطلب منه الأخير التوسط فى عرض رشوة 300 ألف جنيه، على المتهم الأول مقابل براءته وشقيقه فى القضية وفوضه فى تحديد مبلغ الرشوة المعروض على القاضى.

وأشار البرلمانى السابق إلى أنه التقى المتهمين الخامس والسادس بمزرعة الأخير بمدينة العاشر من رمضان، حيث سلمه الأول 300 ألف جنيه كدفعة أولى، لتسليمها للمتهم الأول حيث اتصل به والتقيا بمسكنه بعزبة غلاب التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية.

وطلب القاضى 500 ألف جنيه مقابل براءة المتهم الثانى وشقيقه فى القضية، فقدم له عضو مجلس الشعب 300 ألف جنيه كمقدم، ووعده بسعى المتهم الثانى لاستكمال باقى الرشوة، كما طلب القاضى، خلال اللقاء 100 الف جنيه مقابل إصدار عقوبة مخففة على «عمرى».

وأشار عضو البرلمان السابق إلى أنه فى 15 أغسطس الماضى التقى «القاضى» بمدخل مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، اتفقا خلاله على تحديد مساء اليوم التالى لتسليم باقى الرشوة، وكذلك باقى رشوة أسرة «عمرى» حيث تواصل مع المتهم السادس واتفق معه على تقديم 400 ألف جنيه للقاضى»، كإجمالى قيمة الرشوة،حيث تسلم الأخير الدفعة الثانية وقدرها 100 الف جنيه من المتهم السادس لتسليمها إلى القاضى، حيث تم ضبطهما والمبلغ قبل تسليمه.

6- موظف المحكمة: سلوك القاضى معروف

من أبرز اعترافات المتهمين ما قاله «عبدالرحيم. س»، الموظف بمحكمة استئناف الإسماعيلية، والذى اعترف بتوسطه فى تقديم المتهم الرابع رشوة للقاضى مقابل الحكم بعقوبة مخففة على كل من «عبدالله وعيد. س. ر»، المتهمين فى القضية رقم 1427 لسنة 2103 جنايات أبوحماد.

وأوضح الموظف تفصيلاً أنه تعرف على القاضى المتهم، بمناسبة عمله كعضو يمين لإحدى دوائر الجنايات بمحكمة استئناف المنصورة، وامتدت علاقتهما بعد تحرك المتهم الأول وتوليه رئاسة الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات الزقازيق، ووقف من خلال علاقتهما على أنه دائم الحصول على الرشاوى مقابل إصداره أحكامًا لصالح المتهمين.

وأنه فى أغسطس الماضى تواصل مع المتهم الرابع والتقاه بمكتبه المجاور لدار سينما مصر بمدينة السويس، حيث طلب منه الأخير التوسط فى تقديم رشوة للقاضى، مقابل الحكم لصالح المدعو «عبدالله. س. ر»، المتهم فى إحدى القضايا المنظورة أمام القاضى والمقرر نظرها فى 16 أغسطس، هو ما لاقى قبولا لديه، لذلك تسلم من المتهم الرابع صورة من القضية وتوجه للقاء القاضى المتهم بأحد المقاهى بمدينة نصر، حيث نقل إليه استعداد المتهم الرابع لتقديم الرشوة، وسلمه صورة القضية، فطالع أوراقها وطلب 100 ألف جنيه، فتواصل الموظف مع المتهم الرابع، وأعلمه بطلب القاضى المتهم، فوافق الأخير على المبلغ.

وفى 15 أغسطس اتصل المتهم الرابع، بالموظف وطلب منه إبلاغ القاضى بالحكم لصالح المدعو «عيد»، المحبوس احتياطياً على ذمة القضية بدلاً من المدعو «عبدالله. س. ر»، «الهارب»، فأرسل المتهم، رسالة إلى القاضى عبر هاتفيه ثم علم بالقبض عليه فى اليوم التالى.