مى سمير تكتب: كريستوفر ديفيد ستيل.. قصة الرجل الذى فضح ترامب

مقالات الرأي



كان مسئولاً عن فرقة إعدام إنجليزية فى أفغانستان

حملة «هيلارى» تدفع مليون دولار لكشف علاقة منافسها بموسكو

يواجه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، كابوساً مفزعاً يهدد رئاسته بعدما أقر مايكل فلين، مستشاره السابق للأمن القومى، بتقديم بيانات غير صحيحة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالية بشأن اجتماعات عقدها مع السفير الروسى فى واشنطن قبل انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، كما وجهت لجنة التحقيق التى يترأسها روبرت مولر، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى، اتهامات رسمية لفلين فى إطار التحقيق فى مزاعم تدخل روسيا فى الانتخابات الأمريكية، عام 2016.

المؤكد أن كوابيس ترامب تتضمن عادة صورة كريستوفر ديفيد ستيل، ضابط المخابرات البريطانية، المسئول عن إعداد الملف الذى كشف علاقة ترامب بموسكو، وإذا كان الملف يتضمن كثيرا من المزاعم المثيرة، فإن قصة إعداد هذا الملف لا تقل إثارة، فى هذا الإطار نشرت مجلة «فانتى فير» الأمريكية تحقيقاً كاملا عن قصة «ملف ترامب» وقصة الرجل الذى كتبه، ديفيد ستيل.

1- عميل من طراز خاص

تم تعيين ستيل من قبل المخابرات البريطانية «MI6»، بعد تخرجه مباشرة من كامبردج، وفى البداية التحق فى مكتب الخارجية والكومنولث فى لندن من 1987 إلى 1989، وفى الفترة من 1990 إلى 1992، عمل ستيل تحت غطاء دبلوماسى كعميل للمخابرات البريطانية فى موسكو.

ولا يعد ستيل مجرد عميل استخباراتى أو جاسوس بريطانى عادى، إذ كان أحد عملاء المخابرات البريطانية الذى ورد اسمه فى قائمة ضمت 115 اسماً حاولت الحكومة البريطانية منع وسائل الإعلام من نشرها من خلال ما يعرف باسم «تنويه الدفاع والأمن لوسائل الإعلام» المنشور عام 1999، ما يعكس أهمية العمل الذى كان يقوم ستيل به لصالح المخابرات البريطانية.

عاد ستيل إلى لندن فى عام 1993، وعمل مرة أخرى فى وزارة الخارجية حتى وصوله إلى باريس فى عام 1998، حيث خدم تحت غطاء دبلوماسى حتى عام 2002، وفى عام 2003، تم إرسال ستيل إلى أفغانستان كجزء من فريق رفيع المستوى من المخابرات البريطانية مكلف بمهمة قتل أو إلقاء القبض على عناصر من طالبان، وبحلول عام 2006، كان ستيل يتولى رئاسة ملف روسيا فى الـ MI6.

ظلت خبرة ستيل فى روسيا مهمة حيث خدم كضابط كبير تحت قيادة جون سكارليت، رئيس جهاز المخابرات البريطانية من 2004 إلى 2009، كما تم اختيار ستيل كضابط مسئول للتحقيق فى قضية مقتل العميل الروسى المنشق ألكسندر ليتفينينكو فى عام 2006.

2- ستيل أسس شركة تخصصت فى تقارير عن أنشطة روسيا

بعد تقاعده فى 2009، شارك ستيل مع زميله ضابط المخابرات المتقاعد، كريس بوروز، فى تأسيس وكالة الاستخبارات الخاصة «أوربيس بوسينيس إنتليجانس»، ومقرها فى جروسفينور سكوير جاردنز، قرب قصر باكنجهام، وبين عامى 2014 و2016، أصدر ستيل أكثر من 100 تقرير حول القضايا الروسية والأوكرانية، والتى تمت قراءتها داخل وزارة خارجية الولايات المتحدة، وكان ينظر إليها على أنها ذات مصداقية من قبل مجتمع الاستخبارات فى الولايات المتحدة.

وفى عام 2017 أنشأ ستيل شركة جديدة تدعى «تشاوتون» القابضة، بالتعاون من جديد مع زميله كريستوفر بوروز، وتتمتع شركة ستيل بسمعة طيبة فى مجال التحقيقات الدولية وشاركت هذه الشركة فى عدد من التحقيقات الشهيرة بما فى ذلك التحقيقات المتعلقة بفساد منظمة الفيفا خاصة فى عمليات التصويت لتنظيم كأس العالم لكرة القدم لعام 2018 و2022.

3- هيلارى تدفع مليون دولار لمعرفة سر تقارب بوتين وترامب

بدأت علاقة كريستوفر ستيل بقضية دونالد ترامب، واتصالاته مع المخابرات الروسية أثناء انتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة، وفى سبتمبر 2015، استعان موقع ذا واشنطن فرى بيكون، وهو موقع محافظ، بخدمات شركة «فوسيون جس»، وهى شركة أبحاث سياسية خاصة فى واشنطن العاصمة، لإجراء بحث عن عدد من مرشحى الحزب الجمهورى الذين يخوضون انتخابات الحزب التمهيدية بمن فيهم ترامب، ولم يكن البحث متعلقا بروسيا، وانتهى بعد أن أصبح ترامب المرشح الرئاسى.

فى وقت لاحق استأجرت حملة هيلارى كلينتون واللجنة الوطنية الديمقراطية من خلال مارك إلياس، محاميهما بشركة المحاماة الدولية «بيركنز كوى»، شركة فوسيون جس، لاستكمال التحقيق بشأن ترامب واستعانت الشركة الأمريكية بعميل المخابرات البريطانية كريستوفر ستيل، وشركته للتحقيق فى أنشطة ترامب المتعلقة بروسيا.

ووفقا لشبكة «سى. إن. إن»، تولت حملة هيلارى واللجنة الوطنية الديمقراطية تمويل التحقيق حول ترامب والذى أسفر عن إنتاج ما أصبح يعرف باسم ملف ترامب، وفى المجموع، دفعت شركة «بيركنز كوى» ما يقرب من مليون دولار إلى شركة فوسيون جس، التى دفعت منها 168 ألف دولار إلى شركة أوربيس.

وفى يوليو 2016، قدم ستيل، بمبادرة منه، تقريراً كتبه إلى أحد موظفى مكتب التحقيقات الفيدرالية المتواجد فى روما، وهو نفس العميل الذى عمل ستيل معه فى التحقيق المتعلق بفضيحة الفيفا، وبحلول أوائل أكتوبر 2016، أصيب العميل البريطانى ستيل، بالإحباط إزاء بطء معدل التقدم الذى حققه مكتب التحقيقات الفيدرالية، ووقف الاتصال بالأخير.

وفى سبتمبر 2016، عقد ستيل سلسلة من الاجتماعات مع صحفيين من نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وموقع ياهوو، ومجلة نيويوركر ومحطة «سى. إن إن»، وفى أكتوبر 2016، تحدث ستيل عن اكتشافاته إلى ديفيد كورن من المجلة الأمريكية السياسية الشهيرة «ماذر جونز»، حيث قال إنه قرر تقديم ملف ترامب الذى أعدته شركته إلى مسئولى المخابرات البريطانية وكذلك المخابرات الأمريكية بعد أن توصل إلى أن هذه المادة لا يجب أن تكون فقط فى يد المعارضين السياسيين لترامب، فالحقائق التى يتضمنها الملف تتعلق بالأمن القومى لكلا البلدين.

وكانت مقالة كورن التى نشرت فى 31 أكتوبر، أول من أشار علناً إلى ملف ترامب، رغم أن المادة لم تكشف عن هوية ستيل، ولم تنشر المجلة الملف نفسه، كما لم تفصح عن المزاعم الذى تضمنها الملف، حيث لم يتم التحقق منها، واكتفت بالإشارة إلى وجود مثل هذا الملف.

بعد انتصار ترامب فى نوفمبر 2016، لم يعد المشروع يهم الديمقراطيين، ولكن على ناحية أخرى كان العميل البريطانى يدرك خطورة القضية ولهذا واصل ستيل العمل مع شركة «فوسيون جس» على الملف، رغم إدراكه أن حملة هيلارى كلينتون والحزب الديمقراطى لن يدفعوا له أى أتعاب مقابل هذه الجهود.

وبعد الانتخابات، أصبح ملف ستيل عن ترامب وروسيا واحدا من أسوأ أسرار واشنطن التى شغلت الصحافة العالمية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص.

وفى 18 نوفمبر 2016، التقى السير أندرو وود، السفير البريطانى لدى موسكو فى الفترة من 1995 إلى 2000، السيناتور الأمريكى جون ماكين، فى منتدى هاليفاكس الدولى للأمن فى كندا، وأخبر ماكين عن الملف وما يحتويه من المواد التى تم جمعها عن علاقة ترامب بروسيا.

وفى أوائل ديسمبر، حصل ماكين على نسخة من الملف من «ديفيد ج. كرامر»، مسئول سابق فى وزارة الخارجية الأمريكية يعمل فى جامعة ولاية أريزونا، وفى 9 ديسمبر 2016 التقى ماكين شخصياً مع مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية جيمس كومى لتمرير المعلومات.

وفى 11 يناير 2017، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن عميل المخابرات البريطانية كريستوفر ستيل، هو المسئول عن الملف المثير للجدل حول ترامب، واستشهدت المجلة بأشخاص وصفتهم بالـ«مطلعين على المسألة»، رغم أن وجود هذا الملف كان معروفاً بين الصحفيين منذ شهور فى تلك المرحلة التى لم تفصح فيها الصحف عن اسم ستيل لحمايته، وكانت جريدة «الديلى تليجراف» أشارت إلى أن الحفاظ على سرية كاتب ملف ترامب أصبحت مهددة لمجرد أن محطة «سى. إن. إن» الأمريكية كشفت عن جنسيته.

بعد الكشف عن اسم ستيل، أشارت جريدة «الاندبندنت»، إلى أن ستيل غادر منزله فى إنجلترا قبل عدة ساعات من نشر اسمه ككاتب الملف، حيث كان يخشى انتقام السلطات الروسية منه، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، أنه غادر منزله بعد الكشف عن اسمه فى تقرير «وول ستريت جورنال»، وقال كريستوفر بوروز مدير شركة «اوربيس» وشريك ستيل، إنه لن يؤكد أو ينكر أن شركته أنتجت الملف.

وفى 7 مارس 2017، أعرب بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى عن رغبتهم فى الاجتماع أو الاستماع إلى شهادة من ستيل الذى عاد إلى الظهور بعد أسابيع من الاختباء، وظهر علناً على الكاميرا وقال: «يسرنى حقاً أن أعود إلى هنا للعمل مرة أخرى فى مكاتب اوربيس فى لندن».

وفى مطلع يناير 2017، تم تقديم موجز من ملف ترامب إلى الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت باراك أوباما، والرئيس المنتخب دونالد ترامب، فى اجتماعات مع مدير المخابرات الوطنية جيمس كلابر، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالية جيمس كومى، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان، ومدير وكالة الأمن القومى الأميرال مايك روجرز.

فى 10 يناير 2017، كان موقع «بوزفيد» أول منصة إعلامية تنشر الملف الكامل عن علاقة ترامب بروسيا والمكون من 35 صفحة.

وذكر ينيت، وهو موقع إخبارى إسرائيلى على الإنترنت، أن المخابرات الأمريكية نصحت المخابرات الإسرائيلية بالحذر من مشاركة المعلومات مع إدارة ترامب القادمة، إلى أن يتم التحقيق فى إمكانية التأثير الروسى على ترامب، وفقاً لتقرير ستيل.

من 35 صفحة أن روسيا تمتلك معلومات ضارة أو محرجة حول ترامب التى يمكن استخدامها لأغراض الابتزاز لضمان إجبار الرئيس الأمريكى، على التعاون مع الحكومة الروسية، حيث يتضمن الملف ادعاءات حول فضائح عاطفية لترامب فى روسيا بجانب علاقات مالية فى موسكو.

ويدعى الملف كذلك أن ترامب حصل على دعم روسيا، بتأييد مباشر من الرئيس الروسى بوتين، بهدف خلق انقسامات بين التحالفات الغربية، كما يشير الملف إلى وجود اتصالات متعددة بين المسئولين الروس وعدد من أعضاء الحملة الانتخابية لترامب.