عبد المسيح ممدوح يكتب: ليلة حزينة

ركن القراء

عبد المسيح ممدوح
عبد المسيح ممدوح


في صباح يوم خميس حزين استيقظ على مكالمة تليفونية مع صديقة كان قد اتفق على موعد سابق معها، وقتها ذهب مسرعا لغرفة والده ليخبره بأن يفعل له شيئا ما خاص به، وكانت اللحظة غير المتوقعة، حين نادى عليه بصوت منخفض ولم يرد لأكثر من مرة ولا يوجد رد نهائيا.

 

ذهب لسريره وأمسك بيده ووقتها علم، ماذا حدث لوالده، وكأن صاعق كهربي صعقه، وقتها اسودت الدنيا أمامه وشبه غاب عن الوعي للحظات، سال نفسه ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف الآن وخصوصا أن كان لا يوجد غيري أنا وهو فقط في المنزل في هذا الوقت الحزين بسبب سفر والدتي وأخي للمنيا لقضاء بعض الأمور الخاصة؟

 

وقتها تذكرت ما قاله لى خلال أسبوع كامل كنت معه وكان يمهد لي الطريق بشكل غير مباشر وكان دائما بجانبي في آخر أسبوع حتى الجامعة كنت من المفترض اتقابل أنا وزميلي كان يرفض ويذهب معي وينتظر المحاضرات وينتظرني.

 

حتى قالها لي بشكل واضح في آخر يوم: "ما خلاص خلصت" وكأنه كان يعلم ما سيحدث.

 

وقتها عجزت عن البكاء ولكني كنت في صمت تام ولا أنطق بأي شيء بسبب الصدمة لأني كنت أنا وهو سهرانين قبلها ولا يوجد أي شيء يدل على أن هذا سيحدث نهائيا بل أنني متفق معه على النزول في الصباح لقضاء شيء خاص بي مع أحد الصديقات.

 

لم أستطع نسيان هذا اليوم، تفاصيله بشكل واضح ودقيق لا زالت أتذكرها بكل ما دار حتى الكلمات مع بعض ما كانوا حولي وبجانبي.

 

سبحان من جعلني أتماسك وأن أستطيع أن اتمالك أعصابى وأن أتصل بأحد الأقارب، بالفعل استطعت أن أفعل ذلك بكل تماسك.

 

وقتها دار في ذهني العديد من الأسئلة التي لا يوجد لي إجابة عليها، لماذا كان يمهد لي الطريق أنا تحديدا ويعرفني بشكل شبه مباشر في بعض المناقشات بيننا في آخر أسبوع؟ لماذا يحدث هذا وأنا بمفردي معه ولا يوجد أحد آخر؟ لماذا أنا تحديدا؟

 

بعد حدوث هذه المصيبة، علمت بشكل واضح أن الشخص يعرف ما يخبئه له القدر ويعلم ما سيحدث له وتذكرت كل شيء بيني وبينه في آخر أسبوع.

 

لم انس تعبك معي ولا ما فعلته لأجلي لم أنس ياأبى من أنت وما قدمته لي منذ ولادتي، لا أستطيع غير أن أتذكرك بكل شيء عظيم حدث بيني وبينك منذ ولادتي "حقيقي هتوحشني كتير"، لكن لا أستطيع أن اعترض على إرادة الله، أتمنى لقائك قريبا لأنه لم تعد الحياة مريحة ولا ذات قيمة حقيقية بل أصبح كل ما يحدث بها عبارة عن متاعب وحزن وألم.

 

أعلم أنك بمكان أفضل من هنا بكثير ولكن لا أستطيع أن أتخيل الحياة بدونك ولا بدون "مناكفتنا والرخامة والهزار والتريقة" ، أعلم أنك في راحة أفضل حتى البعض يحسدونك على موتتك لكني أيضا اشتاق إليك كثيرا وأتمنى أن أكون معك في القريب العاجل.