د. بهاء حلمى يكتب: صياغة استراتيجية جديدة للتعامل مع تقارير حقوق الإنسان «1- 2»

مقالات الرأي

د. بهاء حلمى
د. بهاء حلمى


إن جعل مصر موضوعا للملاحظات الدولية والتلقين المستمر فى مجال حقوق الإنسان يرجع لسببين رئيسيين، الأول خارجى وهو اجراء تقوم به بعض الدول والقوى الخارجية التى نجحت الإرادة المصرية فى إفشال مخططاتها، وتزداد معدلات تلك الملاحظات وتوقيتاتها كلما حققت مصر تقدما ملموسا سواء كان فى مجال مكافحة الإرهاب أو فى مجال خطط الإصلاح والتنمية الاقتصادية أم فى النجاحات المستمرة على الصعيد الدولى نتيجة الجهود المبذولة لاستعادة مصر دورها المؤثر إقليميا وعالميا فى ظل استمرار تماسك الجبهة الداخلية على الرغم من كلفة سياسات الإصلاح الاقتصادى، ومحاولات الجماعة الإرهابية للنيل من قناعة وقدرة الشعب المصرى فى مواجهة التحديات للعبور نحو مستقبل واعد للأجيال القادمة، وهو أمر معلوم ويتم التعامل معه وفق رؤية وطنية تحقق الصالح العام.

وبالضرورة فلن تنقطع منظمات ولجان حقوق الإنسان الدولية عن إصدار تقاريرها المنحازة للقوى الدولية التى تستثمرها وتضفى عليها رؤيتها لتصبح مرجعية وآلية سياسية يتم فرضها لخفض أو حجب المساعدات التى تشكل حقا أصيلا بمقتضى اتفاقية السلام مع إسرائيل بغض النظر عن مدى أهميتها ومدى تأثيرها على القرار الوطنى، ومثال ذلك رضوخ الإدارة الأمريكية لتخفيض بعض المبالغ المخصصة فى إطار برنامج المساعدات الأمريكية لمصر سواء من خلال تخفيض بعض مكونات الشق الاقتصادى من البرنامج أو تأجيل صرف بعض مكونات الشق العسكرى بدعوى عدم إحراز تقدم على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية، أم لاستخدامها فى محاولة فرض عزلة دولية للتأثير السياسى والاقتصادى على البلاد ومثال ذلك محاولات التأثير على قرار الاتحاد الأوروبى فى 2016م.

والسبب الثانى داخلى يرجع لاستمرار الفكر التقليدى لبعض مؤسسات الدولة فى سياستها بعدم ايلاء الاهتمام الكافى لهذه التقارير، وعدم الرد على مضمونها، وتركيز الآلة الإعلامية المحلية فى حشد الرأى العام الداخلى ضد منظمات حقوق الإنسان وتوجهاتها وتمويلها وتقاريرها وعدم حيادها، فى الوقت الذى تتجاهل فيه الدولة الرأى العام الدولى ما يؤدى إلى عدم تحسين الصورة الذهنية عن حقوق الإنسان فى مصر على الأخص بعد يونيو 2013م، كما يمكن تفسير ذلك على عدم وجود إرادة حقيقية لتغيير تلك الأوضاع.

الأمر الذى يدعو إلى الحاجة لبلورة رؤية استراتيجية جديدة للتعامل مع تقارير حقوق الإنسان الدولية، وعلاج مسألة ضعف دور المجلس القومى لحقوق الإنسان على الصعيدين الدولى والوطنى والتى ظهرت جليا عندما أرسلت 16 منظمة حقوقية مصرية يوم 9 مارس 2016 خطابا للمفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة حول تردى حالة حقوق الإنسان فى مصر متضمنا ملفات أساسية شملت »القتل خارج القانون- عنف الشرطة- السجن والتعذيب وإساءة المعاملة- حرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع..إلخ«، وتوصياتها لوقف تدهورها المستمر، ولم نسمع وقتها من المجلس القومى لحقوق الإنسان المستقل عن مدى مصداقية تلك الأوضاع وخطة عمله وما تم انجازه منها، وبالمناسبة نلاحظ تركيز تقرير هيومن واتش الأخير على تلك الملفات أيضا، كما نلاحظ غياب رؤية وتقارير مجلس حقوق الإنسان عما تضمنه تقرير منظمة هيومن واتش من ملاحظات متعلقة بالتعذيب بالسجون وغيرها، واقتصر الدور على ابداء عضوين أو أكثر عن رأيهما الذى تمثل فى انهما سبق وقدما النصح وعلى مصر تحمل التبعات الدولية لإقرارها قانون الجمعيات دون إشارة من قريب أو بعيد حول المسائل الواردة فى التقرير، وبعد أيام صرح رئيس المجلس بعدم وجود تعذيب فى السجون وقد وضح افتقاد المجلس لدوره المؤثر والمأمول.