رامي رشدي يكتب: كيف مرر "شومان" الإخوان بقائمة علماء الفتوى؟

مقالات الرأي

رامي رشدي
رامي رشدي


أعلن دعمه لاعتصام رابعة

■ استبعد المستشار الدينى للرئاسة وأمين "البحوث الإسلامية" وعمداء كليات الشريعة ورئيس "دينية النواب"


«القائمة مفتوحة ويمكن أن تضيف فيها من تشاء، وهى متاحة لدخول الجميع بشرط موافقة فضيلتك»، بتلك الكلمات القصيرة بدأ مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، كلامه مع الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أثناء زيارة الأول للأخير فى مقر المشيخة، مساء الاثنين الماضى، فى محاولة من مكرم، لتهدئة العاصفة التى انطلقت عقب قراره بوضع قائمة للعلماء المسموح لهم بالإفتاء فى وسائل الإعلام.

الزيارة وتصريحات مكرم، لم تحسم الجدل الدائر حول قائمة الفتوى لأنها كانت فجرت الموقف بين مشايخ الأزهر ووزارة الأوقاف، ورئيسى المؤسستين، خصوصا بعد قول مصادر لنا عن عزم الطيب ضم كلاً من الدكتور حسن الشافعى والدكتور محمد عمارة، للقائمة، رغم تعاطفهم الواضح مع جماعة الإخوان، ما يعنى أن مكرم، أصبح مرجعاً إعلامياً للأزهر، بعد ركوبه على موجة تجديد الخطاب الدينى والتصدى لمثيرى الفتن فى المشهد الإعلامى، وفى جميع الأحوال أصبح المشهد ملغوماً بسبب قائمة الفتوى المقدمة من الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، التى تتصارع فيما بينها منذ فترة بسبب نفس القضية «تجديد الخطاب الدينى».


1- لعبة الكراسى بين مكرم والطيب وجمعة

استطاع مكرم محمد أحمد، النفاذ إلى قلب المؤسسة الدينية، فى محاولة لتوسيع سلطاته بعد فشله فى فرض سيطرته على الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، وفى أقل من 5 أيام تنقل مكرم بين مكتب الطيب فى «الدراسة» ومكتب مختار جمعة، فى وسط القاهرة، ليعطى من يشاء من العلماء ويمنع من يشاء عن الظهور فى الفضائيات، ويلعب أيضاً فى القائمة مستغلاً الفجوة بين رؤوس المؤسسات الدينية، وهو ما تقبلوه فى العلن، وإن كانوا يرفضونه فى السر.

خلال لقاء مكرم والطيب، ليطلب قوائم بالمشايخ والعلماء المصرح لهم بالفتوى، تقبل الطيب الأمر، وبعد انصراف رئيس المجلس الأعلى للإعلام، قال الطيب لعباس شومان، وكيل المشيخة، الأمين العام لهيئة كبار العلماء: «جهز القايمة اللى هما عايزنها» وانصرف الطيب وترك الأمر برمته فى يد شومان.

وخرج مكرم من مكتب شيخ الأزهر متجها إلى دار الإفتاء المجاورة للمشيخة والتقى الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، وأبلغه بضرورة وضع قائمة نهائية لعلماء الإفتاء الذين سيتم السماح لهم بالرد على السائلين فى الفضائيات أو أخذ رأيهم فى القضايا الدينية المثارة، ونقل مكرم لعلام أن الطيب يضع قائمة من علماءء الأزهر، وأن عليه أن يضع قائمته هو الآخر، فرد عليه علام: «نحن لن نخرج عن كلمة الطيب وقائمتنا ستكون موحدة وبمباركة شيخ الأزهر».

مكرم أكمل رحلته وانطلق لوسط البلد حيث مقر وزارة الأوقاف، والتقى الدكتور مختار جمعة، الذى رحب بعرض مكرم وقال: «قائمتنا جاهزة ولكن لن تخرج قبل قائمة الأزهر»، فأنهى مكرم اللقاء وانصرف، وكان وزير الأوقاف يعلم يقيناً أن الطيب لن يرجع له فى قائمته، وانتظر حتى الإعلان عن قائمة الأزهر وضم المستبعدين منها.


2- قائمة شومان

وضع الطيب قائمة الفتوى، أمانة فى يد شومان، وهو أمر طبيعى لأن الأخير هو وكيل المشيخة، رغم أن الأخير مارس تصرفات كانت تؤيد جماعة الإخوان، وهو ما تكرر فى القائمة التى وصل نسبة الإخوان فيها لـ10 % منها، الخطير أن هذه الفضيحة جرت بتفويض مطلق من الطيب، وكعادة شومان، وضع المقربين منه فى القائمة واستبعد المغضوب عليهم وعلى رأسهم الدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، نظراً لوجود خلاف بينهما وصعود نجم الأخير فى الفترة الماضية، بالإضافة للدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، رئيس اللجنة الدينية فى البرلمان، كما استبعد أسامة الأزهرى، المستشار الدينى لمؤسسة الرئاسة، كما استبعد جميع عمداء الكليات الشرعية ورؤساء أقسام الفقه بالجامعة، كما استبعد جميع أعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، دون توضيح المعايير التى استند عليها فى الاختيار أو الاستبعاد، خصوصاً مع وجود 10 بالقائمة معروفين بتعاطفهم مع جماعة الإخوان، وإعلانهم تأييد موقف الجماعة فى أكثر من مناسبة، خصوصاً أن شومان نفسه أعلن تعاطفه مع اعتصام رابعة وله عدة تدوينات ومواقف معلنة مناصرة للاعتصام والقائمين عليه والمشاركين فيه.

المفاجأة لم تنته عند هذا الحد، ولكن شومان طلب من شوقى علام إرسال قائمة من المفتيين الموجودين داخل دار الإفتاء، دون تحديد معايير، فرد عليه علام بقائمة مكونة من الباحثين وأمناء الفتاوى، كنوع من سد الخانة فما حاجة دار الإفتاء لقائمة مفتيين وفتاويها ومواقفها يتم نشرها بجميع اللغات على مستوى العالم، من خلال الموقع الإلكترونى للدار، وبمجرد وصول قائمة دار الإفتاء إلى يد شومان اعتمدها فوراً ودون مراجعة، وحصل على توقيع الطيب عليها.


3- مختار جمعة يستغل خطايا شومان لصالحه

بمجرد خروج مكرم محمد أحمد، من مكتب مختار جمعة، وزير الأوقاف، الجمهورية، قال الأخير: «سأنتظر الهدايا القادمة من الآخر»، لأنه كان على يقين من أن شومان سيورط الطيب فى أزمة قائمة الفتوى، التى شكلها الأول على هواه، وبمجرد خروج قائمة الأزهر، سارع الوزير بالإعلان عن قائمته، وضم المستبعدين من الأزهر خصوصاً الذين يمثلون لجمعة ورقة رابحة، منهم أسامة الأزهرى المستشار الدينى لمؤسسة الرئاسة الذى استبعده شومان لعدم اقتناعه به، حيث سيصبح الأزهرى داعماً للوزير فى مؤسسة الرئاسة، ما يمكنه من البقاء فى المنصب، استعداداً للوصول إلى منصب شيخ الأزهر.

الرجل الثانى الذى سعى وزير الأوقاف لضمه بكل قوة إلى القائمة، هو الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية فى البرلمان، فرغم العلاقات الجيدة التى تجمع العبد والطيب، إلا أن شومان كان يحاول إثارة المشكلات بين الرجلين، حيث ساهم فى إقصاء العبد من رئاسة جامعة الأزهر، ثم استغل تفويض الطيب واستبعده من القائمة، وهو ما استفاد به جمعة، ووضع العبد فى قائمة الأوقاف، خصوصاً أن الأخير ورقة رابحة ساهمت فى حماية الوزير من طلبات الإحاطة التى يقدمها أعضاء مجلس النواب ضده، وآخرها المتعلقة بقراره بعقد دورات تدريبية لأئمة وخطباء المساجد، والتى لاقت اعتراضات شديدة من جانبهم، ولكن جلسة مناقشة طلبات الإحاطة تحولت لحفل إشادة للوزير بفضل دعم العبد.

ووقف مختار جمعة فى البرلمان للرد على طلبات الإحاطة التى قدمها النواب ولكن سبقها مجهود ضخم من العبد، باعتباره رئيس اللجنة الدينية فى البرلمان، حيث استطاع تهدئه الموقف لصالح الوزير الذى انتهت الجلسة التى تم إعدادها لمحاسبته بتصفيق حاد له من جانب النواب الذين أكدوا تأييدهم له فى تصحيح مسار الدعوى والخطاب الدينى، واعتبر جمعة أن العبد هو الورقة الرابحة له داخل البرلمان.

الورقة الثالثة الرابحة التى لعب عليها مختار جمعة هو الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محيى الدين عفيفى، والذى استبعده شومان أيضاً لأسباب لا يعلمها أحد سوى شومان، فرغم تواجد عفيفى يومياً فى الأزهر وحضوره جميع الاجتماعات التى ينظمها الطيب، ولكن جمعة عمل على ضمه أيضاً ليشكل ظهيراً له داخل المؤسسة الدينية خصوصاً بين علماء مجمع البحوث الإسلامية، الهيئة الفقهية الأعلى فى مصر، والتى تم استبعاد رئيسها من التصدر للفتاوى.


4- قائمة المستبعدين من الفضائيات

لم ينته دور مختار جمعة عند هذا الحد، حيث استطاع إنقاذ اثنين من العلماء من مقصلة شومان، وهما الدكتورة آمنة نصير والدكتور أحمد عمر هاشم، بجانب الدكاترة سعد الدين الهلالى، وأحمد كريمة وصبرى عبد الرؤوف ومبروك عطية، وخالد الجندى، رغم أن هؤلاء تصدروا المشهد على مدار عقود.