"الفيبر جلاس".. صناعة "بشواتي" لها مذاق خاص في ورشة "رجب فتحي" (فيديو)

تقارير وحوارات

صناعة الفايبر جلاس
صناعة الفايبر جلاس


على إحدى النواصي بمنطقة الفسطاط بمصر القديمة، يقف شابًا في العقد الثالث من عمره، داخل ورشته التي تمتلىء جدرانها بالفيبر المضىء (الفيبر جلاس)، ذات الألوان الزاهية التي تطغى على المكان، ممسكًا بيده أدواته التي يستخدمها في تشكيل لوحاته الفنية التي ينقشها على الأواني الفخارية التي تكسبها جمالأ فوق جمالها، ليعطيها طابع خلاب خاص بها يجعلها تسحر الناظرين، بدقة مُتناهية ينجزها أنامل حرفي ماهر لتخرج من قطعة الفخار العادي دٌرة ثمينة.

 

يقف "رجب فتحي".. في ورشته التي لا تتعدى عدة أمتار.. وبجواره عددًا من الأطفال لا تتعدى أعمارهم الخامسة عشر عامًا،  ليبدأ عمله برفقتهم من الثامنة صباحًا حتى التاسعة مساءً، يقضي كل هذا الوقت في المهنة التي أمضى عمره فيها، فمنذ نعومة أظافره وهو يعمل في صناعة الفخار والنقش عليه حتى طور منها إلى أن أصبحت بشكل مزخرف يتوافد عليه الكثير من أصحاب الطبقات الغنية.

 

صناعة حديثة العهد

وبتقدير لحرفته، قال الشاب الثلاثيني، إن صناعة الفيبر جلاس صناعة حديثة العهد، وينتج من منتجات كثيرة فى شتى نواحي الاستخدامات، موضحًا أن اعتماد تلك الصناعة على تشريب قماش بمواصفات خاصة مُصنع من الالياف يتم تشريبه بخامة "البولي استر" المعالج ليتصلب بعد وقت معين ليصبح نوع من البلاستيك الثابت المسلح بالالياف الزجاجية ليعطي خامة أو مادة صلبه لا تتأثر بالكسر.



مراحل التصنيع

وعن مراحل تصنيعه قال "فتحي"، إن أول مرحلة تكون عبارة عن تغطية قطعة الفخار المنقوشة بالفيبر جلاس وفردها في جميع أنحاء القطعة ودهنها بمادة شفافة ومعجون"مصنف" ليعطى مادة سميكة، لافتًا إلى أن القطعة تستغرق وقت حاولي ساعة في فصل الشتاء لصعوبة تنشفها بسرعة، أما في الصيف من الممكن تستغرق نصف ساعة لسهوله تنشفها مما يسهل دخولها في مراحلها المختلفة والتي تتمثل في خمس مراحل لانتهاء القطعة، وعن الطقم الكامل يستغرق خمسة أيام ويتكون من عشر قطع.



ارتفاع أسعار الخامات

أما عن التكلفة فيقول "فتحي" بصوت يملؤه الوجع، للأسف ارتفعت الخامات بشكل مضاعف، موضحًا أن تكلفة الطقم كاملا تصل إلى 300 جنيهًا، موضحًا أن القطعة الواحدة تأخذ ثلاثة كيلو "بولي استر" سعر الكيلو منه 38 جنيها، فضلاً عن خامات الشعر والذي ارتفعت أسعارها حاولي 5 جنيه لتصبح 30 جنيه، أما المصنف فهو مستورد ويصل سعره 80 جنيهًا.



الطبقات الغنية

ويوضح "فتحي"، أن الاقبال على هذا المنتج يكون في فصل الصيف من أصحاب الطبقات العليا، وفي الغالب لأصحاب الفلل، والمطاعم، والقرى السياحية، معللاً ذلك بأن أسعارها لاتتناسب مع الطبقات البسيطة، بالاضافة أن هذه القطع بحاجة لأماكن واسعة مثل الحدائق والمنتجعات الواسعة لتزينها، أما المنازل ليست بحاجة لها، فمن الممكن تكتفي بأشكال أخرى من الفخار العادي قبل طيه بالفيبر جلاس.



معاناته

وعن معاناته وهو يمارس المهنة من عمر 12عامًا، قال بعد أن أخذ نفس عميق وهو يمسح جبهته من العرق، ويسعل بشكل كاد أن يذبح صدره: " اتعودنا على المعاناة في هذه المهنة بالرغم أن الخطأ في استخدام المواد من الممكن أن يحرق ايدينا أو يصيبها بأمراض خطيرة، على طول لابسين قفاز" جوانتي" بلاستيك علشان نحمي نفسنا ومع ذلك بيتحرق من شدة المواد وخاصة البولي ستر.. ده غير الكحة اللي ممكن تعملنا ذبحة صدرية بس برضو خدنا عليها.. ودي لقمة عشنا ورزقنا صعب نغير مهنتنا ومهنة أجدادانا وابهاتنا واهي ماشية سيبنه على الله".



خطر المهنة على الأطفال العاملة

وبسؤاله عن خطر هذه المهنة على الأطفال، خاصة أن رائحة الخامات تملأ المكان ولا أحد يستطيع أن يقبع أكثر من بضع ساعات، طرق برأسه قليلاً، ويضيف بصوت متنهد: "المهنة لو معلمناش ولادنا ستنقرض، ولن يكون لها وجود في المستقبل، فبنعلمهم ونورثهم يمكن يطورا منها زينا وتكون أفضل وبدل ما نصدرها للبلاد العربية، نصدرها للغرب كمان.. والصحة من عند الله هو الحامي المعافي".