روان عصام تكتب: العلم حياة " قصة قصيرة "
...................
في لندن عام 1909 كان هناك صديقين الأول يدعى ثاتش و الأخر يدعى توماس و كانا في نفس العمر,لم يكن لديهم منزل بل كانوا يعيشون في حجرة صغيرة بجانبها الناس يلقون القمامة,برغم أن عائلتهم من أغنياء القوم و لكن ثاتش و توماس كانوا يقدرون العلم أكثر من المال,كانوا دائما يقولون (ان المال ما هو الا بوابة للحياة أما العلم فهو الحياة),ثاتش و توماس كانا صديقان مقربين منذ صغرهما و عندما بلغوا العشرين من عمرهم قد كرهت عائلتهم تفيكرهم الذائد في العلم و كيفية افادة البشرية,فذات يوم قرر ثاتش و توماس الابتعاد عن عائلتهم و الاستقلال بحياتهم و كانوا يظنون أن الناس سيقدرون ما سيفعلوه في المستقبل ولكن الناس دائما كانوا يسخرون منهم,فقررا العيش بعيدا عن البشرية التي أقنعتهم أنهم أغبياء و أن المال يشتري العلم كما يشتري كل شيء في هذه الحياة,فقررا أن يعيشا تحت الأرض في غرفة من صنعهم حتى لايرونهم الناس و يسخرون منهم,قررا أن يعملا على أنفسهم و يدهشوا هؤلاء الناس في المستقبل,و قد علم ثاتش و توماس أن النجاح يأتي من العمل الجاد وأن العمل الجاد لن يأتي الا بالارادة ولن تأتي الارادة الا بالثقة بالنفس و هي التي تحمل المرء الى القمة.
مرت السنين ولم يستسلم ثاتش و توماس من العمل و قد بلغوا الاربعين من عمرهما,ولم ينتهوا من هذا الاختراع الذين ينوون فعله و رغم تقدمهم في العمر كانت ارادتهم القوية قد قضت على كل مشاعر الحزن و اليأس داخلهم.
ومرت أعوام كثيرة وقد بلغوا الرابع و الخمسون من عمرهم و كلما يتقدموا في العمر تزداد ارادتهم يوما عن يوم ولم يفكروا في الاستسلام,ذات يوم قال توماس لثاتش: هل تعتقد يا ثاتش أن الناس سيقدرون هذا؟ فرد عليه ثاتش قائلا: لقد مرت أعوام كثيرة يا توماس,فهل تعتقد أن الخالق لن يقدر كل هذا الجهد,ففرح توماس بقول صديقه كثيرا و هذا ازداده حماسا وارادة.
وفي يوم من الأيام سمع ثاتش و توماس صوت في الخارج فقد فزع ثاتش و توماس كثيرا لأن لا أحد يعرف هذا المخبأ غيرهما,فانقض ثاتش من مقعده متجها نحو الباب في قلق وعندما فتح الباب فرأى طفلا رضيعا ضعيفا وكان بيده ورقة فأخذ توماس الورقة و أخذ يقرؤها وكانت تقول (اذا كنتم تقدرون العلم فستقدرون هذا الضعيف ), فقد أثر فيهما هذا الطفل الضعيف وقررا الاحتفاظ بالطفل.
ومرت سنين قليلة وقد بلغ الطفل السابعة من عمره,و وقاما بتسميته (أندرو)وقد قررا أن يكون هذا الطفل واصلة نجاحهم وأنه من سيقوم بتخليدهم و تقديم هذا الاختراع للبشرية.
و تمر السنين و كان ثاتش و توماس أكثر حرصا على تعليم هذا الصغير مبادىء العلم وحب الاستطلاع و القراءة ,فكانا حريصين على تعليمه للعلم أكثر من ارادتهم لانتهاء هذا الاختراع.
كان أندرو ذكيا للغاية وكان عندما يشاهد ثاتش و توماس يعملان على هذا الاختراع كان لديه الشغف أن يسأل عن كل شيء,لقد تعلم أندرو الكثير من العلم و قد أحب الأدب الانجليزي كثيرا وعلوم الحياة.
الأعوام تجري كالرياح و قد بلغ أندرو العشرين من عمره و بلغ ثاتش و توماس البعين من عمرهم وكانا مريضين للغاية ولكن لم يستسلموا وكانوا يكملون هذا الاختراع بكل شجاعة و مواجهة مرضهم بكل قوة ,ولكن وقع موتهم على أندرو كالصاعقة.
حزن أندرو لفراقهم كثيرا و كان يتذكر ارادتهم القوية التي كانت على وشك تغلبهم على المرض ولكنهم لم يستطيعوا ولكن أندرو كان كثير البكاء ولكن في لحظة تذكر كلمة توماس وثاتش المفضلة وهي (الموت بارادة حياة و العيش في اليأس موت),حركت هذه الكلمات مشاعر أندرو و قرر مواصلة ما تركه ثاتش و توماس له,وأخذ يعمل ليلا ونهارا وكلما يشعر بتعب يتذكر شغف ثاتش وتوماس في المواصلة و أخذ يتخيل في عقله أنه انتهى من هذا الاختراع وأن ثاتش وتوماس يبتسمان له.
تمر الأيام على أندرو بصعوبة و هو مازال يشعر أنه يريد أن يجهش بالبكاء لفراق معلميه اللذان كانوا أكثر من معلمين بالنسبة له,كان يذهب الى قبرهما و يتحدث معهما ويقول (لقد تركتموني وحيدا في هذه الدنيا,لقد كنتم أكثر من معلمين لي,لقد كنتم عائلتي,لقد علمتموني في مدرسة الحياة ولقد تركتم لي العلم الذي أصبح كل ما أملك الأن,وعدا مني أني لن أخذلكما,سوف تفتخران بي).
عندما كان يتحدث أندرو مع ثاتش و توماس كان يرتاح قلبه و كأنه يراهم و هذا يزداده حماسا و ارادة وقرر أن يضاعف عمله.
مرت الأعوام وبلغ أندرو الثلاثين من عمره وقد اقترب على الانتهاء من العمل على هذا الاختراع,كان أندرو عندما ينظر الى الاختراع يبتسم و يقول لثاتش و توماس (لقد تركتم لي علما أنتفع به).
وقد جاء اليوم المنتظر منذ سنوات في عام 1989,انتهى أندرو من هذا الاختراع وقد أسماه(ثاماس)نسبة الى معلميه ثاتش وتوماس, أحضر أندرو ناقلة كبيرة حتى ينقل هذا الاختراع الى وسط المدينة,عندما وصل أندرو الى وسط المدينه أخذ ينادي على جميع الناس,و عندما اجتمعوا حوله أخذ يقول:اليوم سوف نغير العالم,هذا هو ثمرة مجهود العالمان ثاتش وتوماس اللذان سخرتم منهما و هذا التمثال هو تخليدا لهما.
عندما نظر الناس الى هذا التمثال لم يفهموا قصده أنه سيغير العالم,التمثال طوله 100 مترا,يده اليمنى بها كتاب و مرتفعة لأعلى ويده اليسري بها القليل من المال ومنخفضة للغايه تكاد أن تلمس الأرض,قال أندرو بصوت مرتفع: العلم لا يقدر بثمن,العلم يرفع من شأن الفرد ويحمله الى القمة,لا تكونوا في جهالة واعملوا بجد و اجتهاد و لا تتكاسلوا عن فعل واجباتكم.
عندما انتهى أندرو من كلامه أغمض عينيه وأخذ يتخيل ثاتش وتوماس وهما يبتسمان له ,وفجأة أخذ الناس يصفقون قائلين: المجد لثاتش وتوماس.
عندما انتهى الناس من التصفيق ة تهنئة أندرو, ذهب أندرو الى قبرهما و أخذ يروي لهما ما حدث,وفجأة جاء من ورائه رجل وقال أحسنت يا بني!!!,فوجىء أندرو بهذا الرجل وقال له:من أنت أيها المسن؟,فقال له أنا (مايكل أورفند) والدك يا أندرو,فأخذ أندرو خطوات للخلف و قال له:ما....ماذا....تقول أنت!!!!,فقال مايكل: اسمعني يا بني أنا أكون الأخ الأصغر لثاتش,لم يكن أبي مؤمنا بقدرات ثاتش ولكني أردت أن أتعلم من أخي كثيرا ولكن أبي لم يسمح لي بالذهاب مع ثاتش ,لكن شغفي للتعلم لم يتوقف مع مرور السنوات,وعندما تزوجت أردت أن يولد ابني و يتربى على العلم فلم يكن أمامي غير أن أضعك أمام باب ثاتش وتوماس,سامحني يا بني ولكن لم أرد أن تكون مثلي.
فقال أندرو: أنا لن ألومك يا أبي,لولا أنك فعلت هذا لما كنت اليوم هنا وأقدم جهد ثاتش وتوماس,ان الناس ومنهم والدك يظنون أن المال سيحميهم من الفقر و الجوع ولكن لا يعلمون أن فقير العلم أجهل من فقير المال,أتمنى أن تفهم البشرية قيمة العلم و أن يتسلحوا به,أتمنى أن يكون الناس جميعهم مثل ثاماس.
