في ذكرى وفاته.. أسرار لا تعرفها عن ياسر عرفات

تقارير وحوارات

ياسر عرفات
ياسر عرفات



تحل اليوم 11نوفمبر، ذكري وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، حيث يعد أحد رموز حركة النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال، اسمه الحقيقي محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، عرفه الناس مبكرا باسم محمد القدوة، واسمه الحركي "أبو عمار" .

ولد في القاهرة عام "1929م"، لأسرة فلسطينية، والده عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، وجدته مصرية، وكان أبوه يعمل في تجارة الأقمشة في حي السكاكيني . وكان الولد السادس لأسرة تتكون من سبعة أفراد. 

ولد هو وأخوه الصغير فتحي في القاهرة، ونسبه من جهة أمه يتفرع من عائلة الحسيني، التي تعتبر من الأسر المقدسية المعروفة والتي برز بعض أفرادها في التاريخ الوطني الفلسطيني، قضى عرفات مراحل طفولته ومرحلة شبابه الأولى في القاهرة، حتي توفيت والدته زهوة أبو السعود، وهو في الرابعة من عمره بسبب قصور كلوي .

كانت علاقة "عرفات" بوالده معقّدة، فقد قالت شقيقته الكبرى، إنعام عرفات، لكاتب سيرة عرفات إنّ والدها كان يضربه بشدّة، كانت علاقته مع والده سيّئة جدّا، إلى درجة أنّه لم يحضر جنازته عام 1952، بل ولم يزر قبره في غزة أبدا.

بخلاف ذلك، بقيت أمه زهوة لديه كذاكرة بعيدة ودافئة، وبالفعل فقد سمّى ابنته الوحيدة فيما بعد على اسمها.

حياة عرفات في القاهرة
أنهى "عرفات" تعليمه الأساسي والمتوسط في القاهرة وفي سن السابعة عشرة من عمره قرر الدراسة في جامعة الملك فؤاد "جامعة القاهرة حالياً"، فدرس الهندسة المدنية، وتخرج في عام 1950، في أثناء حرب 1948 ترك عرفات الجامعة، وذهب إلى فلسطين مع غيره من العرب وسعى للانضمام إلى الجيوش العربية المحاربة لإسرائيل، وبعد ذلك حارب مع الفدائيين الفلسطينيين، ولكنه لم ينضم رسميا لأي منظمة.

ويذكر أنه فيعام 1948 كان يقيم عرفات في القاهرة، وكان حريصا على المشاركة في المعارك ضدّ إسرائيل. تجمّع هو وأصدقاؤه الفلسطينيون في نادي الشباب الفلسطيني، وقرروا أنّ كل من أراد القتال فلينضمّ لإحراق الكتب الدراسية. حرق عرفات كتبه، وانضمّ إلى الحرب. وقد شارك في المعارك على جنوب قطاع غزة.

كما أن "عرفات" كان قد انضم إلى الجيش المصري في حربه الرئيسية التي كانت في غزة، وفي بداية عام "1949م"، كانت الحرب تتقدم في الحسم لصالح إسرائيل، وفي تلك الأثناء عاد عرفات إلى القاهرة بسبب نقص الدعم اللوجستي.

رئاسة "عرفات" لاتحاد الطلاب بجامعة القاهرة 
عاد عرفات إلى الجامعة لدراسة الهندسة المدنية، وواصل نشاطه السياسي، فتم انتخابه رئيساً لاتحاد الطلاب الفلسطينيين في القاهرة من عام 1952 لعام 1956، بالاشتراك مع صلاح خلف المعروف باسمه الحركي "أبو إياد".
 
عرفات رقيباً في الجيش المصري
بعد أن أنهى دراسته في الجامعة استُدعي إلى الجيش المصري في أثناء العدوان الثلاثي على مصر لفترة قصيرة في الوحدة الفلسطينية العاملة ضمن القوات المسلحة المصرية برتبة رقيب، إلا أنه لم يشارك شخصيا في أرض المعركة، وبعد تسريحه هاجر إلى الكويت حيث عمل هناك كمهندس، وبدأ في مزاولة بعض الأعمال التجارية.

 
عرفات بطل فلسطيني و إرهابي بالنسبة لإسرائيل 
بدأ عرفات بتشكيل مجموعات من أصدقائه الذين لجأوا إلى الكويت قادمين من غزة، وتطورت تلك المجموعات حتى كوَّنت حركة عرفت باسم حركة فتح، وأول المؤسسين للحركة هم خليل الوزير، وصلاح خلف، وخالد الحسن، وفاروق القدومي. ولم يُعرف بالتحديد وقت تأسيس حركة فتح، إلا أن تأسيسها كان في الفترة ما بين عامي "1958-1960"، واسم حركة فتح هو اختصار معكوس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وبعد ذلك اسُتخدمت كلمة فتح ومعناها النصر على العدو كاسم خاص لحركة فتح.
 
 كان التتويج النهائي لعرفات كبطل عربي قومي بعد معركة الكرامة في آذار عام 1968، عندما كان الجيش الإسرائيلي في ذروة مجده. ورغم أنّ المعركة انتهت بمقتل 100 فلسطيني، ومئات الجرحى، وعشرات القتلى من الجيش الأردني، و 33 قتيلا فقط من الإسرائيليين - اعتُبرت المعركة هزيمة إسرائيلية واعتبر عرفات كمن قاد شعبه نحو النصر، وقد وقف إصراره ضدّ خنوع زعماء الدول العربيّة.

كان يُعتبر عرفات دائما في إسرائيل كإرهابي خطير، يطمح إلى قتل الإسرائيليين بشكل جماعي. حتى الاتفاقات مع إسرائيل لم تحسّن كثيرا من صورة عرفات في أوساط عامة الناس في إسرائيل. الأمر الوحيد الذي حسّن من صورته في إسرائيل هو برنامج ساخر من الدمى، سُمّي "هاحارتسوفيم" وسخر من السياسيين في إسرائيل. تم تقديم عرفات في البرنامج كعجوز محبوب ومرتبك ولكنه ماكر، وقد تحسّنت صورته في أوساط الإسرائيليين في السنوات التي تم بثّ هذا البرنامج فيها.

إسرائيل تتهم عرفات بقتل دبلوماسيين
في 1 مارس عام 1973، أعلنت الحكومة الأمريكية وإسرائيل أن ياسر عرفات مطلوب دولياً لإتهامه بالوقوف وراء قتل 5 دبلوماسيين وشخصًا آخر في الهجوم الذي نفذته منظمة أيلول الأسود على السفارة السعودية في الخرطوم. وفي الوثائق التي رفعت عنها الخارجية الأمريكية السرية في 2006، كُتب أن ياسر عرفات كان على علم بعملية الخرطوم وخطط لها ولتنفيذها بشكل شخصي، وقد رفض عرفات كل تلك الإدعاءات. وأوضح أن تلك العمليات كانت تتعلق بمنظمة أيلول بشكل مستقل. وطلبت إسرائيل من عرفات السيطرة على تلك المنظمة، وبالتالي ادعي أن تلك المنظمة تخلت عن عملياتها.
 

"أبو عمار" الرئيس الفقي
ولكن هناك بعض الأمور الغامضة التي لم يعرفها الكثير عن الراحل "عرفات"، فهو الرئيس الوحيد الذي توفى ولا يملك حساب شخصي باسمه، فقد رحل ولا يملك دينارًا واحدًا يورّثه لأسرته، فظل  طيله حياته يعمل جاهدًا على القضية الفلسطينية، ولم يسعى إلى أى شئ سوى أن يقف بجوار الفلسطينين، ولم يهدف إلى التوريث.

"سر كوفية عرفات"
وكان له أكبر الأثر في تعرّيف العالم بأسره ما هي "الكوفية"، الكوفية التي اقترنت بالنضال الوطني الفلسطيني وبالنضال العربي والأممي على الصعيد السياسي والإجتماعي والكفاحي المسلح، شكلت رمزًا وطنيًا ونضاليًا فلسطينيًا عرف في كافة بلدان العالم من خلال كوفية الرئيس ياسر عرفات، وطريقة لبسها الهندسي الذي يرمز الى خارطة فلسطين التاريخية ومن خلال الفدائي الفلسطيني.

أشهر ما قاله "أبو عمار"
ومن أشهر مقولاته، القضية ليست قضية "أبو عمار"، إنما قضية حياة الوطن وإستقلاله وكرامة هذا الشعب وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، لن ننحني إلا لله سبحانه وتعالى.
لا تهتفوا لي بل إهتفوا لفلسطين والقدس…بالروح بالدم نفديك يا فلسطين ,عالقدس رايحين شهداء بالملاين.
أنا جندي فلسطيني وقبلها كنت ضابط احتياط في الجيش المصري، وأنا لا أدافع عن نفسي فقط ، بل وأيضا عن كل شبل وطفل و إمرأة ورجل فلسطيني وعن االقرار الفلسطيني.
 
تدهور صحته
تدهورت الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني عرفات تدهوراً سريعاً في نهاية أكتوبر 2004، قامت على إثره طائرة مروحية بنقله إلى الأردن ومن ثمة أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى بيرسي في فرنسا في 29 أكتوبر 2004. وظهر الرئيس على شاشة الفضائيات مصحوباً بطاقم طبي وقد بدت عليه معالم الوهن مما ألم به.
 
التليفزيون الإسرائيلي يعلن خبر الوفاة
أعلن تليفزيون الاحتلال الإسرائيلي في 4 نوفمبر 2004 نبأ موت "عرفات" سريرياً وأن أجهزة عرفات الحيوية تعمل عن طريق الأجهزة الإلكترونية لا عن طريق الدماغ. وبعد مرور عدة أيام من النفي والتأكيد على الخبر من مختلف وسائل الإعلام، تم الإعلان الرسمي عن وفاته من قبل السلطة الفلسطينية في 11 نوفمبر 2004. وقد دفن في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله بعد أن تم تشيع جثمانه في مدينة القاهرة، وذلك بعد الرفض الشديد من قبل الحكومة الإسرائيلية لدفن عرفات في مدينة القدس كما كانت رغبه عرفات قبل وفاته.
 
موت طبيعي أم اغتيال
تضاربت الأقوال كثيرا في وفاة ياسر عرفات، إذ يعتقد بعض الفلسطينيين والعرب بأن وفاته كانت نتيجة لعملية اغتيال بالتسميم، أو بإدخال مادة مجهولة إلى جسمه، فيقول طبيبه الخاص الدكتور أشرف الكردي إن وفاة عرفات نتجت عن تسميمه، وطالب بتشريح الجثة، مؤكدًا أن تحليل عينات الدم لا يكفي وحده للكشف عن الإصابة بالتسمم، مشيرا إلى أن الأمر في حاجة إلى تشريح للجثة وتحليل عينات الأنسجة، للتأكد من السبب الحقيقي على وجه اليقين.

وتعليقا على تفاقم النزيف الدماغي لدى عرفات، قال الكردي إن هذا النوع من النزيف ينتج عما يعرف بتكسر الصفائح الدموية، الذي يسببه التسمم، أو الإصابة بالسرطان، أو الاستخدام الطويل والمتكرر للأدوية.