مى سمير تكتب: تقرير كندى تنبأ بـ«المشهد السعودى» من الصيف الماضى

مقالات الرأي



إيران وتركيا قد تستغلان «عاصفة المملكة» للعب دور قيادى بالمنطقة العربية

هل المملكة العربية السعودية على حافة انفجار أوضاعها الداخلية؟ هكذا تساءل الباحث ويليان كراديك، فى تقرير نشره مركز الأبحاث الكندى جلوبال ريسرش، فى الصيف الماضي.

التقرير أشار إلى أن المملكة التى كرست لعشرات السنوات مكانتها فى العالم العربى كقوة إقليمية ولاعب أساسى بين القوى الغربية ودول المنطقة، تعانى تبعات توتر المشهد الإقليمى خاصة مع تدخلها العسكرى فى اليمن، إلى جانب مشكلات اقتصادية تتبعها قضايا الإرهاب التى تهدد المنطقة بأكملها.

التقرير نبه أيضاً لوجود حالة غضب بين مواطنى المملكة بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادى وسياسة التقشف التى بدأت المملكة فى تطبيقها، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية الناجمة عن تقلبات أسعار النفط، متوقعاً أن تشهد المملكة عاصفة قادمة قد تحاول دول مثل إيران وتركيا استغلالها فى محاولة لاقتناص الفرصة ولعب دور قيادى فى المنطقة العربية.

رصد التقارير 5 أوجه مختلفة للوضع فى السعودية والتى من شأنها أن تساهم فى توتر المشهد الداخلي.

1- إصلاحات اقتصادية وسط انخفاض الدخل من البترول

شهدت السعودية مجموعة من القضايا التى ساهمت فى توتر المشهد الداخلي، حيث نشر موقع بلومبرج، فى إبريل 2017، أن المملكة اضطرت إلى زيادة علاوات وبدلات موظفى الدولة وذلك على عكس محاولتها إجراء إصلاحات حقيقية فى برامج التقشف، وأعلنت السعودية أن هذا الأمر كان نتيجة لارتفاع غير متوقع فى العائدات رغم أن المراقبين أشاروا إلى أن الاحتياطيات الخارجية للمملكة شهدت انخفاضا، فى ذلك الوقت الذى شهد فيه ائتمان ثلث أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، تخفضيات مع استمرار الخلافات بين هذه الدول بشأن سياستهم تجاه إيران.

ترجع مشكلات المملكة الاقتصادية فى جزء منها لانخفاض أسعار الطاقة، حيث أشارت جريدة الاندبندنت فى يناير 2016، إلى أن انخفاض أسعار الطاقة سيضع برامج الإنفاق السعودى فى مأزق، خصوصاً أن ثلث المواطنين من سن 15 إلى 24 عاماً بدون عمل.

من ناحية أخرى أشارت جريدة علوم البترول والهندسة، أن المملكة السعودية ستشهد ارتفاعاً فى إنتاج البترول مع عام 2028 ، ولكن فى المقابل أشار موقع ميدل ايست آي، إلى أن خبراء الولايات المتحدة قالوا إن صافى إيرادات المملكة النفطية بدأت فى الانخفاض فى 2006، واستمرت فى الانخفاض سنوياً بنسبة 1.4% من 2005 إلى 2015.

2- صراعات داخلية.. ولكن حرب اليمن وحدت الصفوف

حسب التقرير هناك كثير من الإشارات حول معاناة العائلة المالكة فى السعودية من عدد كبير من المشكلات الداخلية، حيث اشتعلت حالة من الغضب الداخلى مع تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، ولكن الوضع فى اليمن والحرب التى تخوضها السعودية ضد الحوثيين ساعدت المملكة على توحيد صفوف المواطنين خلف النظام الحاكم.

هذه الخطوة أيضاً ساعدت السعودية على اتخاذ خطوات استباقية ضد الدعم الإيرانى للمتمردين الحوثيين فى اليمن ومنع حالة عدم الاستقرار التى خلقها الربيع العربى من الامتداد إلى المملكة، وحسب التقرير فإن عدداً من القوى الإقليمية حاولت استغلال حرب اليمن من أجل التحرك فى محاولة أن تحل محل المملكة العربية السعودية كالقوة المهيمنة فى المنطقة.

3- تغيرات جيوسياسية ومحاولات تركية إيرانية للعب دور

الصراع فى اليمن ليس هو فقط الذى يثير قلق المملكة، فهناك المخاوف من التنظيمات الإرهابية وإمكانية تهديد المملكة بأعمال إرهابية فى ظل اشتعال المشهد فى منطقة الشرق الأوسط وتعدد التنظيمات الإرهابية فى مختلف الدول.

حسب التقرير فإن التنظيمات الإرهابية قد تتجه أنظارها إلى المملكة، كما حدث عندما تم استهداف مكة والمدينة مؤخراً، ويضيف التقرير: إن السعودية لعبت على مدار التاريخ دوراً محورياً فى المنطقة، ولكن المنطقة العربية تشهد تغيرات جيوسياسية عديدة تتضمن التغيرات التى تشهدها الاستراتيجية الأمريكية ومحاولات دول أخرى "إيران وتركيا" لعب دور محورى فى المنطقة العربية.

ويزداد الوضع توتراً فى ظل سياسة دولة قطر التى تحاول أن تضع نفسها فى قلب المشهد الدبلوماسى بالشرق الأوسط، وتمارس سياسات لا تصب فى مصلحة المملكة، وفى هذا الإطار تحافظ قطر على علاقات صداقة مع إيران وفى نفس الوقت توفر الفرصة والمكان لتنظيم مثل طالبان لكى يتمكن من التفاوض من خلالها.

حسب وثائق رسمية للولايات المتحدة تمول قطر التنظيمات الإرهابية مثل داعش والنصرة والقاعدة، ومع توتر العلاقات بين السعودية وقطر، وحسب تقارير أمريكية فإن قطر تحاول أن تنافس السعودية وتحل محلها، وحسب التقرير، فإن قطر تقف إلى جوار أنقرة وطهران بينما يوجد على الجانب المنافس مصر والسعودية والإمارات والبحرين.

ويضيف التقرير إن الولايات المتحدة لا تمانع المحاولات التركية للعب دور محورى فى المنطقة وترى أن تركيا قد تكون لاعباً مناسباً لتحقيق التوازن فى مواجهة النفوذ السعودى فى دول مثل باكستان، وهذه المحاولات التركية الإيرانية تشكل تحدياً للرياض خاصة مع إرسال تركيا جنودها إلى الدوحة لدعم قطر، مع التحديات الخارجية والتهديدات الإرهابية تسعى السعودية لضبط المشهد الداخلى لضمان ألا تؤثر هذه التغيرات الجيوسياسية على مكانتها بالمنطقة.

4- قوة عسكرية ومخاوف من وقوعها بالأيدى الخطأ

أكد التقرير أن تحقيق الاستقرار الداخلى فى المملكة السعودية هو قضية يحرص عليها المجتمع الدولى فى ظل الإمكانيات العسكرية الضخمة التى تملكها الرياض والخوف من أن تقع هذه الأسلحة السعودية فى الأيدى الخاطئة.

ويشير التقرير إلى التطورات العسكرية التى شهدتها المملكة فى الفترة الأخيرة بما فى ذلك عقود بقيمة 100 مليار دولار من الولايات المتحدة، والتعاون واسع النطاق مع الشركات الأمنية الدولية، إلى جانب اتفاقيات التعاون الذرى بين السعودية والصين والتى تمكن المملكة من بناء 16 مفاعلاً نووياً بحلول عام 2030، وفى هذا الإطار تحرص المملكة على المحافظة على سلامة شئونها الداخلية، وهذه القوة العسكرية تحتاج لاستقرار داخلى وتوحيد للصفوف السعودية.