الطيب يتهرب من لقاء المشايخ ليغسل يده من الإطاحة بجمعة

العدد الأسبوعي

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب والدكتور مختار جمعة


المؤيدون: السلفيون والإخوان وراء الأزمة وقرارات الوزير تصويب للخطاب الدينى 

الرافضون: يجب اختبار «جمعة» فى القرآن والأحاديث وتقديم استقالته حال رسوبه

"أجدد العهد أمام البرلمان، بأنه لن يصعد المنبر إلا من يصلح أن يخاطب الناس خطاباً رشيداً، فأنا لو خيرتنى بين أن يصلى الناس الجمعة ظهراً، أو يصلون الجمعة ويعبث أحد بعقولهم، فأنا أختار أن يصلوا الجمعة ظهراً"، بتلك الكلمات الرنانة بدأ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف كلمته التى ألقاها أمام البرلمان، مساء الاثنين الماضى، للرد على طلبات الإحاطة التى قدمها عدد من النواب الذين تضامنوا مع الأئمة الذين تظاهروا ضده فى الجامع الأزهر، رفضاً لقرارات الوزير بخضوع دعاة الوزارة لاختبارات واستثناء عدد كبير من القيادات والأئمة المعينين فى الاختبارات التى جرت فى عهده.
وقال "جمعة": "بالنسبة للأئمة الجدد، لن يخترق الوزارة إلا من هو مؤهل لصعود المنبر أو ليس لديه انتماءات متشددة على الإطلاق، لأن ما أصاب الخطاب الدينى من غير المؤهلين ليس أقل خطراً مما أصابه من غير المتخصصين، إذ إن النتيجة واحدة".
الوزير أضاف أنه يسعى لتدريب الأئمة على مستوى عصرى حديث، حيث تم اختيار قائمة من أفضل الأئمة، تدريبهم على مستوى عالٍ، فيما يتعلق بعلوم الشريعة، ومفاهيم الأمن القومى، واللغة الأجنبية، بهدف ضمان الجودة، مع الفصل بين واضعى المنهج وواضعى الاختبار، بهدف الوصول لتمنى الأسرة أن يشغل أحد أبنائها وظيفة الإمام، مشدداً على أنه لن يضار إمام أو موظف بالوزارة.
بمجرد انتهاء حديث جمعة، قابله النواب بعاصفة من الإشادة والتصفيق مؤيدين لقرارات الوزير الذى نجا من مظاهرات الأئمة المعارضين لقراراته، والذين تظاهروا ضده فى ساحة الجامع الأزهر، عصر السبت الماضى.
حيث علت هتافات "مش هنمشى جمعة يمشى" تلك الهتافات التى ملأت جنبات الجامع بالأزهر، وتعالت أصواتهم رفضاً لقرارات الوزير بعقد دورات تدريبية للأئمة يعقبها اختبارات لتحديد مستوياتهم، والمكافآت والحوافز الخاصة بهم.
مشايخ الأوقاف الرافضين للخضوع لقرارات الوزير جمعة، واعتبروها مخالفة للدستور والقانون، وتنال من كرامة ومكانه أئمة الوزارة، وقاموا بتصعيد مطالبهم بضرورة إقالة الوزير، وتفعيل المادة الخاصة بالأزهر بالدستور، ونقل تبعية القطاع الدينى لمشيخة الأزهر على أن يصبح الأئمة والمشايخ تحت الإشراف المباشر للدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.
وطالب الأئمة أيضا بضرورة تدخل الدكتور الطيب للحفاظ على كرامه ومكانة المشايخ والأئمة والوعاظ المنتمين لوزارة الأوقاف، ورفعوا أيضاً بعض المطالب الخاصة بهم والتى من شأنها تحسين أوضاعهم المالية والمعنوية، بتطبيق كادر خاص للأئمة وإنشاء نقابة للدعاة.
فى نفس الوقت الذى حضر فيه آلاف الدعاة والمشايخ فى صحن الجامع الأزهر، من مختلف المديريات التابعة للوزارة، لحضور الدورات التدريبية التى أعلن عنها الوزير وكان على رأس المديريات التى شهدت حضور لافتاً مديريات الجيزة والمنوفية وسوهاج والمنيا.
وأعلن الحاضرون تأييدهم الكامل لقرارات جمعة، قائلين إن الدورات التدريبية والاختبارات هدفها زيادة كفاءة المشايخ العملية والمهنية، وأنها تعمل على زيادة قدراتهم على مواجهة التطرف الدينى وفى مكافحة الإرهاب، معتبرين هذه الدورات التدريبية خطوة على طريق تصحيح المسار داخل المساجد التابعة للوزارة وتصحيحاً للخطاب الدينى.
واتهم المشايخ زملاءهم الذين تظاهروا فى صحن الجامع الأزهر بأنهم من الخلايا النائمة لجماعة الإخوان والسلفيين، المنتشرين فى الوزارة، ويعمل الوزير مختار جمعة على القضاء على ذيولها، التى سيطرت على القطاع الدينى داخل الوزارة.
وقال المؤيدون إن زملاءهم الذين استنجدوا بالأزهر وبالدكتور أحمد الطيب، وعقدوا اجتماعاً داخل الجامع محاولة خبثية من الإخوان والسلفيين للوقيعة بين شيخ الأزهر، والوزير، خصوصا أن الجميع يعلم بوجود خلافات بين الرجلين، كما اتهموا الرافضين بأنهم يحاولون دفع الطيب إلى اتخاذ خطوة لصالحهم للوقيعة بين الشيخين، رغم أن شيخ الأزهر لن يتدخل فى تلك الأزمة، لأن حلها الوحيد بعد اشتعال الفتنة بين المشايخ هو رحيل من أشعلها.
المشايخ المجتمعون فى الأزهر، قالوا فى المقابل إنهم لن يتراجعوا عن المطالبة برحيل جمعة، لأن قراراته ليست منصفة خصوصاً أنه استثنى قيادات ووكلاء الوزارة وعدداً كبيراً من المشايخ من تلك الاختبارات لأسباب مجهولة، رافضين اعتبار أى معارضة لقرارات الوزير دليل على انتمائهم للإخوان والسلفيين.
يروج مشايخ الوزارة أن الدكتور الطيب، غير راض عن قرارات الوزير وأنه يدعم الأئمة والمشايخ، خصوصاً مع غموض أسباب دعوة الأزهر، مساء الخميس الماضى، لجميع الوعاظ التابعين له، إلى لقاء مع الطيب، فى الجامع الأزهر، عقب صلاة الجمعة الماضى، وذلك بحضور الدكتور عباس شومان، وكيل المشيخة، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، حيث ألقى شومان خطبة فى الأئمة والوعاظ، وتسبب غياب الوعاظ عن خطبة الجمعة فى مساجدهم فى خلل كبير فى تلك المساجد، كان تسبب ضيق الوقت فى صعوبة استدعاء الأئمة الاحتياطيين.
وتمسك المشايخ بموقفهم مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن التصعيد ضد الوزير، إلا فى حالتين، الأولى رحيله عن المنصب، أو خضوعه بواسطة لجنة لاختبار فى حفظ القرآن كاملاً وحفظ الأحاديث النبوية والتفسير ومطالبين بتقديمه اعتذاراً فى حال رسوبه قبل تقديم استقالته، أما فى حال اجتيازه الاختبار سيخضع جميع الأئمة والمشايخ لتلك الاختبارات.
لم تنته الفتنة عند هذا الحد حيث سرّب عدد كبير من الأئمة الرافضين لقرارات الوزير معلومات مفادها أن عدداً من قيادات المشيخة على رأسهم الدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والمستشار القانونى لشيخ الأزهر محمد عبد السلام، حضروا مظاهرات الأئمة فى الجامع الأزهر، وهو ما لم يحدث، فى محاولة منهم لتصوير الطيب داعماً لهم.
وفى الوقت نفسه، قام عدد من مشايخ الأوقاف المتظاهرين بالجامع الأزهر، بتشكيل وفد منهم حيث طلبوا لقاء الشيخ الطيب فى مقر المشيخة، وزعموا أن مكتب الطيب وجه الدعوة لهم بالحضور للوقوف على حقيقة الأمر، وبالفعل حضر المشايخ للمكتب، لكنهم لم يلتقوا الطيب لسفره، ولكنه ظهر فى مكتبه صباح الأحد الماضى، وعقد لقاءات مع قيادات جامعة الأزهر برئاسة الدكتور محمد المحرصاوى، وأصدر قرارا بتعيين نواب رئيس الجامعة، وكأنه يريد غسل يديه من الفتنة بين الأئمة والوزير، وعدم توريط نفسه شخصياً فى تلك الأزمة.
الطريف وفى إطار الصراع المشتعل، قام الوزير بإصدار قرار بفتح باب التقدم وحضور الدورات التدريبية للأئمة، الاثنين المقبل، ما يعنى أن الصراع بين الوزير ودعاة الوزارة لم ينته بعد، وأنه مستمر خصوصاً أن مشايخ الأوقاف الرافضين يحاولون تنظيم اعتصام فى الجامع الأزهر ومقابلة الطيب.
على صعيد متصل ووفقاً لمصادر مطلعة فإن أيام الدكتور جمعة فى الوزارة باتت معدودة، حيث سيكون ضمن الوزراء الراحلين فى أى تغيير وزارى قادم، وسيكون خليفته فى المنصب أحد أعضاء هيئة كبار العلماء، بعد تزكية من الطيب.