تعددت المستشفيات.. والموت واحد!.. الإهمال الطبى يقتل 4 أشخاص بينهم طفلان فى بورسعيد

العدد الأسبوعي

اللواء عادل الغضبان
اللواء عادل الغضبان - أرشيفية


تعانى مستشفيات محافظة بورسعيد من الإهمال، رغم إعلان المسئولين.. وعلى رأسهم اللواء عادل الغضبان، المحافظ، تطور المنظومة الصحية وبناء مستشفيات جديدة ورفع كفاءة الموجودة بالفعل وتزويدها بأحدث الأجهزة.

لكن القائمين على قطاع الصحة بالمحافظة أغفلوا العامل الأساسى فى تلك المنظومة، ألا وهو العنصر البشرى المتمثل فى الأطباء وطاقم التمريض، وأكبر دليل على ذلك ما حدث مؤخرًا، حيث راح 4 أشخاص ضحية للإهمال الطبى ببورسعيد، فى واقعتين مختلفتين، كان أخرها وفاة اثنين من المرضى ومولود، أثناء إجراء عمليتين جراحيتين، بمستشفى التضامن التابع للتأمين الصحى بالمحافظة.

وأحال على إثر ذلك الدكتور علاء علوان، مدير عام التأمين الصحى بالمحافظة طبيب تخدير وطاقم التمريض والجراحة للنيابة العامة، الواقعة بدأت عندما استقبل المستشفى مريضين، أحدهما يبلغ من العمر 51 عاما، لإجراء جراحة البواسير، والأخرى سيدة فى الـ26 من عمرها، لإجراء عملية ولادة، وفارق المريضان والمولود الحياة، عقب إجراء الجراحتين.

وأكد مدير عام التأمين الصحى ببورسعيد لـ«الفجر» فى تصريح خاص، أنه شكل لجنة طبية لعمل تقرير تفصيلي؛ للوقوف على الأسباب الرئيسية لوفاة الحالات الثلاث، وأّحيل التقرير للشئون القانونية، وقرر بعدها إحالة الواقعة كاملة إلى النيابة العامة، بعدما أوضح تقرير اللجنة الطبية مواطن القصور المتسبب فى الوفاة.

وقال علوان، إن طبيب التخدير «أ.ال»، متعاقد مع التأمين الصحى، وفسخت إدارة التأمين التعاقد معه، بعدما تحفظت لجنة التحقيق الطبية على أمبولات التخدير، بالإضافة إلى إحالة طبيب التخدير وطاقم التمريض والجراحة أثناء الجراحتين للنيابة، ولم يتوقف عمل غرفة العمليات بالمستشفى، بإيقاف الأطباء والممرضين، حيث تعمل بشكل طبيعى وأجريت بها أربع جراحات مختلفة بشكل طبيعى منذ الإحالة.

لم تكن تلك هى الواقعة الوحيدة الشاهدة على انغماس مستشفيات المحافظة فى دوامة الإهمال الطبى، حيث شهد مستشفى بورسعيد العام خلال الأسبوع الماضى واقعة دخول أحد المرضى بدراجة بخارية لقسم الاستقبال، وبدون مقدمات أصبحت الواقعة حديث مواقع التواصل الاجتماعى، وأوضح الدكتور عادل تعيلب، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، أن لتلك الواقعة بُعدًا إنسانيًا، فالمريض كان مصابا بمغص كلوى، ويجلس على دراجة بخارية خاصة بالمعاقين، كونه من ذوى الإعاقة الجسدية.

وأضاف: رغم الخطأ الحادث بالواقعة، من دخوله بدراجته البخارية لقسم الاستقبال بالمستشفى، إلا أن رجال الأمن لو منعوه وحدثت مشادة وازدادت حالة المريض سوءًا لكان الأمر أشد قسوة، تم التعامل مع الحالة على الفور بوضعه على سرير متحرك وإخراج دراجته البخارية خارج المستشفى، وتم إسعافه وإجراء الخدمة الطبية اللازمة له.

وفى واقعة أخرى هزت وجدان المواطنين بالشارع البورسعيدى، ذبحت يد الإهمال الطبى والتسيب بمستشفى بورفؤاد العام الطفل آدم، الذى وافته المنية قبل بلوغه عامه الخامس، وذلك بعد جراحة تُعتبر من أسهل العمليات الجراحية، وهى استئصال اللوزتين، ليدخل غرفة العمليات على قدمه وسط أهله، ويخرج منها إلى المشرحة جثة هامدة.

تعود تفاصيل الواقعة إلى فبراير الماضى، عندما دخل الطفل آدم محمد السيد، ذو الـ5 أعوام إلى مستشفى بورفؤاد العام؛ لإجراء عملية استئصال اللوزتين، ترتب عليها حدوث نزيف حاد للطفل وخطأ فى التشخيص لهذا النزيف، ما أصابه بتوقف للقلب عقب فقدانه كميات كبيرة من الدم، وتوفى على إثر ذلك.

وروى أيمن الشبراوى، أحد أقارب الطفل، أن آدم دخل مستشفى بورفؤاد العام لإجراء عملية استئصال اللوز، وتبادل طبيب وطبيبة العمل داخل غرفة العمليات، ونحن لا نعلم ماذا يجرى، وانتهت العملية وذهبنا إلى المنزل، وبعد ساعات من إجراء العملية، أصيب الطفل بحالة من الإعياء، فعُدنا للمستشفى وازدادت حالته سوءًا وبدأ ينزف الدماء بشكل كبير، ولكن ما ‏أدهشنا أن مدير المستشفى أبلغنا بعدم وجود طبيب متخصص للأوعية الدموية، ولا بد من نقله لمستشفى آخر، وبدأوا فى التواصل مع مستشفى الجامعة بالإسماعيلية لإنقاذ آدم، وبعد الموافقة وإتاحة الفرصة لنقله كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة.

وأكد الدكتور عادل تعيلب، وكيل وزارة الصحة ببورسعيد، فى تصريح خاص لـ«الفجر»، أنه أصدر حينها قرارًا، بعدم إجراء الطبيبين لأى عمليات جراحية أخرى، لحين الانتهاء من التحقيقات، وذلك بعدما شكل لجنة برئاسة الدكتور ماهر شوقى، مدير إدارة المستشفيات ببورسعيد، وتبين من التقرير المبدئى وفاة الطفل بسبب نزيف ثانوى، وأوضح تقرير الطب الشرعى الذى يحمل رقم 287 لسنة 2017 والخاص بالقضية محل التحقيق، أن عملية استئصال اللوز، والتحاليل التى سبقت العملية والمضاد الحيوى الذى تناوله، هو إجراء طبى صحيح وفقاً للأصول الطبية، أما الخطأ الطبى فجاء بسبب التغيرات الحادثة لوضع استئصال اللوزتين.

وذكر التقرير، أن الطبيب مُجرى استئصال اللوزة اليمنى ليس مُجرى استئصال اللوزة اليسرى، وأنه لم يكن هناك نزيف من اللوز، وأوضح التشريح والفحص البثولوجى بموضع استئصال اللوزتين، وجود نزيف غزير من الناحية اليمنى أكثر من اليسرى وهذا هو الاختلاف الذى ظهر من وضع اللوزة اليمنى، واتضح بعد وجود شكوى الأهل بحدوث قىء دموى ونزول دماء غزيرة بعد أقل من 48 ساعة وأكثر من 8 ساعات، أن النزيف تفاعلى بسبب فك غرزة من غرز العملية من الناحية اليمنى، ويوجد خطأ طبى جسيم من الأطباء الذين تعاملوا مع الحالة فى التشخيص، حيث أفاد الطبيبان بعدم وجود نزيف بالمناظرة للحالة.

وتبين من تشريح جثة الطفل، أن المعدة مليئة بالدماء وذلك من جراء النزيف، ولذا كان يجب التأكد من نسبة الهيموجلوبين وصورة الدم الكاملة، لنقل الدم الطازج لتعويض النزيف، هذا بالإضافة إلى خطأ الطبيبة بعدم إخبار الأم منع إعطاء الطفل الأطعمة الصلبة، وبدلا من ذلك قامت الطبيبة بحث الأم لإعطاء الطفل طعاما وكان يجب تعويض الطفل بالسوائل والمحاليل، وبورود تقرير الطب الشرعى للنيابة العامة، أكد محمد الضو، محامى الطفل آدم، ضبط وإحضار الطبيبين، وبعد إجراء التحقيق معهما تم إخلاء سبيلهما بكفالة 20 ألف جنيه، وفى انتظار إحالة القضية للمحكمة والبدء فى درجات التقاضى.

وعقبت أمل، والدة الطفل آدم، التى تعمل ممرضة ببورسعيد، على ذلك بقولها: «ابنى قتلته يد الإهمال ‏بمستشفى بورفؤاد العام، ياريت الدكتورة «رشا.ر» اللى قامت بالعملية ودبحت ابنى ‏كانت عرفتنى الحقيقة، مكنتش هزعل منها أو هعملها أى مشكلة، بالعكس كنت شكرتها، لأنى كنت هلحق ابنى ‏وأسفره بره بورسعيد، قبل ما يتصفى ويفضل ينزف طول اليوم لحد ما يموت»‏.

وتابعت: «ابنى توفى يوم 8 فبراير.. يوم عيد ميلاده، وبدل ما نجيب ليه تورتة ونحتفل بيه زى ‏ما كان عايز، حضرنا كفنه، وربنا منتقم جبار لأنه كان أحن حد عليا، أفوض ‏أمرى إلى الله، ارتفاع تكلفة العملية الجراحية هى السبب وراء التوجه لمستشفى بورفؤاد العام، آدم هو ابنى الأصغر ولدى أيضًا عمر، 8 سنوات، وكانا يعانيان من التهاب اللوزتين، ودائما حرارتهما مرتفعة، سألنا على سعر العملية بالكامل وعرفنا أنها بـ2500 جنيه للواحد، يعنى الولدين هيحتاجوا 5000 جنيه، وإحنا مش معانا، فاضطررنا للانتظار 8 شهور حتى يتاح لنا مكان بالمستشفى».